منطقيا بدا أمر استئناف دوري كرة القدم للدرجة الأولى فقط بعيدا عن الاستيعاب من قبل كل متابع لما يدور على واقع البلد في كل الاتجاهات السياسية والأمنية والمعيشية، إلا عند قلة قليلة ممن يرتبطون بخيوط المصلحة صوب مواقع خاصة تتواجد فيها بعض الأسماء ذات العلاقة المباشرة المضادة لعناوين ما يدور في البلد من انتفاضة شعبية تبلورها ثورة الشباب المعتصمين لأكثر من خمسة شهور. فقرار الاستئناف الذي مازال يمر بمعوقات كثيرة أبرزها رفض عدد من الأندية العودة والاستئناف اكتسى عباية سياسية بحته، ووضع اتحاد كرة القدم في ورطة حقيقية قد تكون عاصفة في قادم الأيام في ركب قيادته العند، والسير في خطى ردة الفعل المباشرة وغير المحسوبة في التعامل مع الأحداث التي ستظهر يوما وراء آخر جراء الإصرار على متابعة خطى الاستئناف ولو من بوابة غير لائقة كما هو حاصل الآن. الجميع يتساءل عن السر في جزئية الإصرار والتزمت اللذين انتهجهما الاتحاد في ظل هذه الأوضاع المأساوية التي يمر بها الوطن، وخصوصا الطبقات المسحوقة والتي تعاني بنسبة أكثر في مشربها ومأكلها وأمانها.. حتى بدت الصورة يوما بعد آخر تتضح بأنها تخص السياسيين الذين تناثرت أفكارهم، وذهبت في اتجاهات بعيدة عن الحقيقة، حتى ظنوا أنهم بذلك يخلقون ظروف مناسبة ومواتية تخدم تطلعات ما بقى من النظام، وأنهم أيضا من خلال كرة القدم المعشوقة من قبل الجميع قادرون على إعادة بلورة الأمور على الشارع اليمني، وإظهار للناس بأن كل شيء على واقع البلد يسير بشكل طبيعي، وبدليل أن هناك مباريات وكرة قدم وجماهير.. وهو طبعا ما ينافى والحقيقة بشكل قاطع.. لأن ليس هناك سوى لاعبين يركضون وراء الكرة في الملاعب التي هي على بعد أمتار من شيء أهم يدور في البلاد بمصادر العباد.. والذي ظهروا ليقولوا كلمة مغايرة ترتبط بمعيشتهم التي ظلت حبيسة لدائرة على مدى ثلاثة عقود من الزمن. وحتى لا ندخل على خطوط أخرى لما نريد أن نتناوله!!.. دعونا في اتجاه قرار العودة، وتوقيته الذي كان يوم 2 يوليو، ثم أؤجل إلى يوم 7 من الشهر نفسه.. حينها نجد أن خطوة في اتجاه المجهول قد سارت من خلال ما شمل فيما يخص فريقي الرشيد وحسان اللذين تم تهبيطهما بداعي التخلف، بينما تم تجاهل فعل شعب حضرموت الذي تغيب أيضا مباراتين، وهو ما يضع الأمور في حسبة صعبة في تقدير نقاط تلك الفرق ومبارياتها في مشوار الدوري.. هل بإلغائها نهائيا أم باحتسابها لمن لم يواجهها بعد؟!!.. أم كيف!!.. تلك حسابات معقدة وسترمي بظلالها على واقع المنافسة، إضافة إلى عدم وضوح رؤى دوري الثانية الذي سيكون مشهدا آخرا في ورطة الاتحاد في قادم الأيام حتى وإن استهان بالأمر ووضعه على رفوف الانتظار وكأنه شيء جازع لن يغير في وعود السياسيين الذين يتحكمون في الأمر وكأنهم دائمون في مواقعهم. الاتحاد من خلال رئيسه الشيخ أحمد صالح العيسي بحاجة إلى رؤية حقيقية للوضع باتجاه خدمة الاتحاد نفسه قبل الأندية من خلال استقطاب كل الظروف تحت إمرته بعيدا عن وزارة الشباب ومن يقودها، أو الأندية التي ترتبط بالنظام ورئسه الذين تساقطت أقنعتهم أمام شعب بأكمله وليس أمام الرياضيين وحدهم.. فبوادر الأزمة أصبحت واضحة وفي حاجة إلى حنكة وليس تهور وردة فعل، وكأن الأمر مشهدا في معركة. فالأندية فاقدة لأقل مقومات العودة، وحلول صرف مليون نصف، والسماح لها بتسجيل عدد من اللاعبين لا يمكن أن يكون حلقة الربط بين هذه الأندية التي ركن لاعبيها إلى المنازل، فيما ذهب الآخرون إلى المنتخب المغادر غدا إلى تركيا.. فتلك الخطوات ما هي إلا مسميات بعيدا عن الواقع، وبعيدا عن خدمة أطراف كرة القدم اليمنية، وخصوصا الاتحاد وجمعيته العمومية التي تمثل للأندية الحصن المنيع لبقاء الاتحاد لأنها من اختاره ليكون منسق أمورها وأنشطتها.. ليكن الشيخ العيسي في موقع ريادي، بعيدا عن فلان وفلتان ممن سمتهم أزمات الوطن بأسماء مختلفة، ويرى الأمور من زاوية رياضية بحتة لا يكون فيها الوضع السياسي حاضرا، وليفهم من يصدرون توجيهاتهم بأن الدوري ما هو إلا نشاط رياضي يحقق أهدافه في أجواء هي غائبة اليوم، ولن يكون هذا الدوري حلقة في إطالة عمر النظام، فذلك مرهون بساحات الاعتصام التي قدمت وتقدم الشهداء قرابين لتحقق أهدافها التي تبنتها منذ اللحظة الأولى. خمسة أيام أو أقل هي الفيصل ليعيد الاتحاد قراءة الوضع الذي سيتولد في حال سار على خط موازي مع رغبات من لا يحب سماع أسمائهم عند غالبية أبناء الشعب، ممن ينحدرون من سلالة المتسلقين للمواقع السياسة في هذا التوقيت بالتحديد.. فالمشهد الذي تبنته أندية تعز لن يكون ممرا سهلا لتنطلق المباريات على صورة مضغوطة دونهم لن يكون الاتحاد إن استند على تلك الشخصيات قادرا على العبور حيث يريد دون ضوضاء وتشتت لأموره، وهو في الأساس في غنى عنها في مثل هذه الأوقات الصعبة.. فالاتحاد أمام فرصة لتهيئة المنتخبات الوطنية، ونسيان الساحة المحلية التي لن يكون بمقدور منتخباتنا اللعب فيها، فذلك أمر مهم، وأهم من مساعي تسيير دوري الأولى الذي لن يقدم ولن يؤخر شيء في أحوال البلاد التي بدا أن مسارها قد اتضحت معالمها، ولا يجب أن يكون اتحاد اللعبة الشعبية الأولى عنصرا مضادا فيه، ولو على استحياء.. فهل وصلت الرسالة!!.