الفساد حين يهاجم الشجعان .. الفريق سلطان السامعي نموذجًا    من هي الجهة المستوردة.. إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثي في ميناء عدن    مصابين بمصادمات بين محتجين وعناصر مسلحة في تريم    ناشطون يطلقون حملة إلكترونية للإشادة بالتحسن الاقتصادي ودعم القيادة الجنوبية    السقاف يتفقد مؤسسة 14 أكتوبر ويبحث سبل تعزيز التعاون الإعلامي    الريال اليمني بين مطرقة المواطن المضارب وسندان التاجر (المتريث والجشع)    صحيفة بريطانية : إجراءات حكومية جريئة وراء التعافي المفاجئ للعملة اليمنية    صنعاء تفرض عقوبات على 64 شركة لانتهاك قرار الحظر البحري على "إسرائيل"    إيران تدعم حزب الله في مواجهة خطة تجريده من سلاحه    الهيئة التنفيذية المساعدة للانتقالي بحضرموت تُدين اقتحام مدينة تريم وتطالب بتحقيق مستقل في الانتهاكات    الاتحاد الأوروبي يقدم منحة لدعم اللاجئين في اليمن    خبير طقس يتوقع أمطار فوق المعدلات الطبيعية غرب اليمن خلال أغسطس الجاري    طيار هيروشيما الذي لم يندم.. كيف تقتل 140 ألف إنسان بلا رحمة؟    أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض.    سون نجم توتنهام يصبح أغلى صفقة في الدوري الأميركي    سلة آسيا.. لبنان يكسب قطر    خسارة موريتانيا في الوقت القاتل تمنح تنزانيا الصدارة    آسيوية السلة تغيّر مخططات لمى    وفاة واصابة 7 أشخاص بصاعقة رعدية في الضالع    الفصل في 7329 قضية منها 4258 أسرية    وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تنعيان الشيخ محسن عطيفة    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    من الصحافة الصفراء إلى الإعلام الأصفر.. من يدوّن تاريخ الجنوب؟    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    أربع مباريات مرتقبة في الأسبوع الثاني من بطولة بيسان    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    اللجان الدستورية والخارجية والإعلام في مجلس النواب تعقد اجتماعات مع الجانب الحكومي    بسبب خلافات على الجبايات.. قيادي حوثي يقتحم صندوق النظافة في إب    موظفة في المواصفات والمقاييس توجه مناشدة لحمايتها من المضايقات على ذمة مناهضتها للفساد    تعز .. ضغوط لرفع إضراب القضاة وعدم محاسبة العسكر    عدن.. البنك المركزي يوقف ترخيص منشأة صرافة ويغلق مقرها    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    تقرير خاص : عودة الرئيس الزُبيدي إلى عدن تُحرّك المياه الراكدة: حراك سياسي واقتصادي لافت    همج العساكر يعربدون.. هل بقي شيء من عدن لم يُمسّ، لم يُسرق، لم يُدنس؟    الاتحاد الآسيوي يعلن موعد سحب قرعة التصفيات التأهيلية لكأس آسيا الناشئين    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    الجمعية الوطنية تستعرض مؤشرات التعافي الاقتصادي في الجنوب    ضمت 85 مشاركة.. دائرة المرأة في الإصلاح تختتم دورة "التفكير الاستراتيجي"    أما الدولة وسلطتها.. أو هائل سعيد وبلاطجته هم الدولة    الأبجدية الحضرمية.. ديمومة الهوية    خبير نفطي يكشف معلومات جديدة عن ظهور الغاز في بني حشيش ويحذر    زيدان يقترب من العودة للتدريب    اجتماع طارئ وقرارات مهمة لاتحاد السلة    حجة.. وفاة امرأة وإصابة طفلة بصاعقة رعدية    لا تليق بها الفاصلة    انتشال جثث 86 مهاجرًا وإنقاذ 42 في حادثة غرق قبالة سواحل أبين    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    فعالية احتفالية بذكرى المولد النبوي بذمار    أيادي العسكر القذرة تطال سينما بلقيس بالهدم ليلا (صور)    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحضارات والشعوب والآداب والفنون
نشر في أخبار اليوم يوم 10 - 08 - 2011

منذ أن وجدت الحضارات والشعوب صاحب وجودها آداب وفنون وأشكال تعبيرية وجمالية تعبر عن آمالها وآلامها وتؤرخ لنجاحاتها وإخفاقاتها وتدون آثارها وأخبارها، والأمة الإسلامية لم تكن بدعا من الحضارات والأمم فمنذ أن جاء الإسلام اصطنع لنفسه آدابا وفنونا طبعها بخصائص مضمونية ومعنوية على الرغم من احتفاظه بأشكالها وأوانيها، سيرا على هديه في أنه لم يأت ليجب ما قبله إلا إذا كان متعارضا مع منهجه في الحياة ورؤيته للإنسان والوجود.
عندما جاء الإسلام وجد العرب في جاهليتهم بلغوا الغاية في فنون القول والتعبير شعرا ونثرا، حتى إن الشعر هيمن على كل مجالات حياتهم واحتوش جميع حركاتهم وسكناتهم وعبر عن أدق خفقات قلوبهم وخلجات مشاعرهم، بل إنهم بلغوا به حد الإعجاز بيانا وحجة وموقفا حتى بلغت الكلمة مرتبة القداسة باعتبارها بدء الكون (وفي البدء كانت الكلمة) ولعل هذا من حكم القرآن الكريم في تحديه بلغاءهم وفصحاءهم وشعراءهم الإتيان بآية واحدة لأنهم كانوا فرسان الكلمة والبلاغة، وقد أدرك صلى الله عليه وسلم وهو العربي البليغ فائدة الشعر وخطورته ودوره الجهادي والإعلامي فوظفه أيّما توظيف للمنافحة في نشر الدعوة الجديدة فإلى جانب جهاد السيف والبناء كان جهاد الكلمة، كلمة القرآن أولا التزاما بالأمر الإلهي "وجاهدهم به جهادا كبيرا" ،ثم كلمة الشعر والخطابة التي كان فيها لشعراء الرسول صلى الله عليه وسلم وخطباءه القدح المُعلى و هذا من بركة تشجيعه صلى الله عليه وسلم للشعراء المسلمين وحثهم على الدفاع عن الإسلام ونشر مبادئه إعلاميا إذ أن الشعر كان إلى جانب كونه ديوانا للعرب وسيلة إعلامية ترفع أقواما وتخفض آخرين وهذا ما أدركه مشاهير الشعراء أنفسهم إذ نجد الحطيئة يطلب من كعب بن زهير أن يذكره في شعره ، ويبدو أن كعبا اشتهر في الجاهلية بأكثر مما اشتهر الحُطَيئة، يدل على ذلك ما يرويه ابن سلام من أن الحطيئة قال له: "قد علمتَ روايتي لكم أهلَ البيت وانقطاعي إليكم، وقد ذهبت الفحول غيري وغيرك، فلو قلت شعرا تذكر فيه نفسك وتضعني موضعا بعدك فإن الناس لأشعاركم أروى وإليها أسرع" فنظم كعب قصيدته التي يقول فيها:
فمَنْ للقوافي شانَها من يحوكها *** إذا ما ثَوى كعبٌ وفوَّز جَرْوَلُ
في فترة النبوة والخلافة الراشدة بعدها نجد قيم الإسلام وأخلاق الإيمان قد ترسخت في صدور الشعراء المخضرمين منهم والذين ولدوا في دوحة الإسلام، فانعكست في شعرهم قصائد حماس ودعوة للجهاد وفخر بمبادئ الإسلام وسمو شيمه ومدحا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتغنيا بفضل الله الذي أكرمهم بدينه أو حتى رثاء حارا للشهداء، وخلال هذه الفترة اختفت إلى حد كبير المفاخرات بالآباء والأنساب والمواقع وأيام العرب وحروبهم والهجاء الفاحش أو الغزل الفاضح حيث كانوا يردون ويصدرون عن كتاب الله الذي رسم المعالم ووضع الصوى للاقتداء والاهتداء، غير أنه وبعدما وقعت الفتنة الكبرى وما شهده تاريخ المسلمين من تحولات كبرى وفتن دامية وصراعات حامية، لم يكن الشعر ولا الخطابة وهما كما أسلفنا ديوان العرب وإيوانهم غائبين بل أسهما في كل ذلك إما تدوينا وتأريخا أو تأجيجا وتغذية لعصبيات قبلية وثارات أطلت برأسها فكان لكل حزب شاعره أو شعراؤه أو خطيبه أو خطباؤه فاصطبغت الخطابة والشعر بالفتنة فجاءت هجينة مختلطة النسب بين جاهلية لا تفصلهم عنها إلا أربعين سنة وبين إسلام راسخ في قلوب أولي السابقة هش في قلوب أعراب أو مؤلفة قلوبهم أو مسلمة الفتح، ولأن الشعر له حضور قوي فيصعب فصله باعتباره اللون الأدبي الأكثر حضورا وغزارة في ما أبدعه العقل المسلم عن مجالات الحياة الأخرى تأثرا وتأثيرا.
وبعد مضي أربعة عشرا قرنا ونيف وجدت الحركة الإسلامية نفسها وهي في مراحل إثبات الذات والتميز شكلا ومضمونا مطالَبة ببديل في مجالات الحياة كلها ومنها الفنون والآداب فبدأ الحديث عن أدب (إسلامي) وعن فن (إسلامي) وغناء (إسلامي) وكأن نعت وصفة الإسلامية كفيلان بالإجابة عن أسئلة عميقة وتحديات تطرح نفسها بإلحاح، فهل حقا يمكن الحديث عن أدب إسلامي؟ وما يميزه عن سائر ما ابتكره خلق الله؟ وهل هذا التمييز يكمن في المضمون أم في الشكل أم فيهما معا؟ وأي نموذج نستحضر أو نتبنى ونحن نؤسس لفن وأدب إسلامي جديد ؟أنستحضر النموذج النبوي الراشدي متمثلا في التجربة الفنية الأدبية السائدة آنذاك التي أثلها لنا ثلة من شعراء الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وخطباؤه أو ما طبعه صلى الله عليه وسلم من قطع شعرية أو نثرية بطابع القبول النبوي والأمثلة على ذلك كثيرة لعل من أشهرها قصة أبي زرع وأم زرع وقصيدة كعب ابن زهير بانت سعاد وأشعار سيدنا حسان وابن رواحة وخطب الصحابة وبلغاء العرب من أمثال علي وعمر وابن عباس رضي الله عن الجميع ؟أم أن هذه المرحلة لم تكن كافية لأسباب عديدة للحديث عن تجربة متكاملة إبداعا ونقدا.؟
أم ترانا نستلهم التراث الجاهلي أو الأموي و العباسي بأغراضه ومواضيعه وقيمه ومضامينه وأشكاله خاصة أنه قريب العهد وشديد الالتصاق بصدر الإسلام الأول إما سبقا أو لحوقا؟
في بداية القرن وإبان النهضة العربية وجدت الحركة الإسلامية نفسها وجها لوجه أمام تحد كبير، في محيط كان فيه لكل حركة فكرية أو تغييرية إيديولوجية إجابات وبدائل تنظيرا وإبداعا ونقدا فللشيوعيين أدبهم ونقدهم وفنهم، وللقوميين وللوجوديين والعبثيين والليبراليين وكذا ... وأمام استعمار جاءنا بضروب جديدة من الفنون كالرواية والقصة القصيرة والمسرح والسينما والتشكيل والتمثيل وأشكال أخرى من أشكال التعبير الجسدي كان لابد من تحديد الموقف أولا والموقع ثانيا ثم طرح بديل فني وأدبي يحمل رسالة الإسلام لكن بأي فهم وأي تصور وبأية أشكال وقوالب ولم يعدم رواد الحركة الإسلامية الأوائل رحمهم الله جميعا جوابا فكانت كتاباتهم تتلمس الجواب عند أمثال الرافعي وأرسلان والكيلاني وإقبال وباكثير والمودودي والندوي وسيد قطب.
خاصة أن الحركة الإسلامية لم تكن قد استكملت تصورها لقضايا أكبر وأشمل فما بالك بأدب أو شعر أو فن يراه بعضهم لهوا من اللهو أو نافلة لا تغني عن تقصير أو سهو وما وقفوا على كيف وظف رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعر وهو سلاح عصره في تبليغ كلمة الله للناس أجمعين وكيف علينا أن نوظف الشعر والقصة والرواية والمسرح في التعريف بإسلام غريب بين أهله وفي الدفاع عن قيمه وأخلاقه أمام تيارات الإلحاد والمادية والزندقة بنقاء فطرة وصفاء عقيدة ووضوح فكرة وبيان كلمة فكان لابد للأدب الإسلامي والفن الإسلامي كلمة وصوتا وصورة ونغما وهو جزء من تحول مجتمعي يشهده العالم الإسلامي مع بروز تيار الصحوة الإسلامية وخصوصا بعد نجاح الثورة في إيران التي أجبرت الكثير من المثقفين العروبيين والقوميين على الدخول في مراجعات فكرية وإيديولوجية لنظريات سادت واستحوذت حينا من الدهر إلى جانب انفتاح على التجربة الإنسانية باعتبارها كتاب الله المبثوث في الكون تعلما وبلاغا.
مجموعة الأدب العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.