نص كلمة الرئيس الزُبيدي في ذكرى إعلان عدن التاريخي    الحرب القادمة في اليمن    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    الرئيس الزُبيدي : نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    خبير اقتصادي بارز يطالب الحكومة الشرعية " بإعادة النظر في هذا القرار !    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    أبطال المغرب يعلنون التحدي: ألقاب بطولة المقاتلين المحترفين لنا    تحديث جديد لأسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    الحوثيون يعتقلون فنان شعبي وأعضاء فرقته في عمران بتهمة تجريم الغناء    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    ماذا يجرى داخل المراكز الصيفية الحوثية الطائفية - المغلقة ؟ الممولة بالمليارات (الحلقة الأولى)    مارب تغرق في ظلام دامس.. ومصدر يكشف السبب    ترتيبات الداخل وإشارات الخارج ترعب الحوثي.. حرب أم تكهنات؟    مأرب قلب الشرعية النابض    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    الكشف بالصور عن تحركات عسكرية خطيرة للحوثيين على الحدود مع السعودية    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    اخر تطورات الانقلاب المزعوم الذي كاد يحدث في صنعاء (صدمة)    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    وكلاء وزارة الشؤون الاجتماعية "أبوسهيل والصماتي" يشاركان في انعقاد منتدى التتسيق لشركاء العمل الإنساني    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    بعد منع الامارات استخدام أراضيها: الولايات المتحدة تنقل أصولها الجوية إلى قطر وجيبوتي    مارب.. وقفة تضامنية مع سكان غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الاحتلال الصهيوني    البنتاجون: القوات الروسية تتمركز في نفس القاعدة الامريكية في النيجر    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأقلمة على طريقة بن هادي..
أهو آخر العلاج بالكي أم استئصال ناعم للوحدة؟!
نشر في أخبار اليوم يوم 29 - 01 - 2014


ملف خاص/ وليد عبد الواسع- فتحي الطعامي
يؤكد كثير من المراقبين أن مخرجات الحوار الوطني, تضمنت قواصم عديدة فيها استهداف للشريعة الإسلامية وتمزيق للبلد وجعله تحت الوصاية الدولية.
ويبدي سياسيون وأكاديميون وناشطون مخاوفهم من مخاطر هذه الثغرات على مستقبل اليمن الذي يبدو اليوم في مفترق طريقين, إذا لم تشر بوصلة اتجاهه إلى اعتباره آخر العلاج بالكي, فقد يكون استئصالاً ناعماً للوحدة..
حق تقرير المصير
الذي يعطيه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليه في وثيقة جمال بن عمر في رقم (2) من الأسس والمبادئ (الشعب حر في تقرير مكانته السياسية، وحر في السعي السلمي إلى تحقيق نموه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي عبر مؤسسات الحكم على كل مستوى، وفق ما ينص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللذين وقعهما اليمن وصادق عليهما)، حيث ينص في المادة الأولى منه على الآتي: (1. لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها.. وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي...).
وذكر ذلك صراحة تقرير فريق الحقوق والحريات في الفقرة (189) التي تنص على ( للشعب اليمني الحق في تقرير مصيره كما يتجلى في الدستور والقوانين والمواثيق الدولية وهو بمقتضى هذا الحق حر في تقرير مركزه السياسي وحر في السعي لتحقيق النماء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي).
ويرى مراقبون أن مخرجات الحوار فيها تمزيق لأخطر وأهم المؤسسات (الجيش والأمن والقضاء والسلك الدبلوماسي) على أساس مناطقي والتهيئة للانفصال إذ تم النص في وثيقة بن عمر لحل القضية الجنوبية على تقسيم الجيش والأمن والقضاء والسلك الدبلوماسي على أساس مناطقي ومنها السلك الدبلوماسي, الذي ( يخضع اختيار السفراء للضوابط والمعايير المهنية وفقا لقانون السلك الدبلوماسي، وضرورة التمثيل العادل لجميع المناطق اليمنية مع مراعاة المناصفة بين الشمال والجنوب).
وكذا تمزيق الجيش والأمن والقضاء, فالفقرة (2) من المبادئ الدستورية تقول (يتم التمثيل في القوات المسلحة والأمن والمخابرات في المرحلة التأسيسية 50% شمال و50% جنوب على مستوى المراتب القيادية في الجيش والأمن والمخابرات ما عدا ذلك 50% سكان و50% جغرافيا).. وقد ورد في الفقرة (9) (خلال الدورة الانتخابية الأولى بعد تبني الدستور الاتحادي، يمثل الجنوب بنسبة 50% في كافة الهياكل القيادية في الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بما فيها الجيش والأمن التي يتم التعيين فيها بموجب قرارات يصدرها رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، ويمثل الجنوب كذلك بنسبة 50% في مجلس النواب).
بينما كان الواجب- حد مراقبين- في الحل العادل لجميع أبناء اليمن أن توضع معايير وضوابط مهنية لا مناطقية تعمق الشرخ الاجتماعي، ومن انطبقت عليه المعايير كان أهلاً للمسؤولية ولو كانوا كلهم من المحافظات الجنوبية، لأن المقصد تحقيق الهدف بأهل الكفاءة والأمانة وليست الصراع المناطقي الذي يمزق النسيج الاجتماعي ويؤدي إلى صراع دائم وشحن النفوس بالأحقاد والضغائن بين أبناء الدين و البلد الواحد، لكن أن يتم تمزيق الجيش والقضاء والأمن والسلك الدبلوماسي على أساس مناطقي هو جر البلاد إلى مربع المواجهات الأسوأ المؤدي إلى الانفصال والتشرذم.
فيدرالية موفمبيك
ليس بخافٍ أنَّ يمنًا موحَّدًا بكثافة سكانية كبيرة، وأرض شاسعة، وسواحل طويلة تمتد إلى 2400 كم، على بحر العرب، وخليج عدن، والبحر الأحمر، متنوّع الثروات، تتنامى فيه الحالة الإسلامية، وتزداد يومًا بعد يوم، وتتحكم بالحالة الاجتماعية فيه أعرافٌ قبلية ذات نزعة محافظة، وداعمة لقضايا الأمة الإسلامية، وتنطلق منه مواقف مؤثرة إقليميًّا وعالميًّا مناهضة للمشروع الصهيوأمريكي.. إنَّه لا يمكن أن يُطمئن المشروع الغربي المدمر في المنطقة، ولا الجهات الإقليمية الدائرة في فلكه؛ ولهذا التقى الهدف الصهيوأمريكي مع المخطط الصفوي في مؤامرة تقسيم اليمن والبدء بالخطوة الأولى (الفيدرالية).
واليوم وقد توافقت القوى السياسية في الحوار الوطني - التي لم يختارها الشعب - على التنكب عن الوحدة الاندماجية الأضمن والأقل كلفة وعدلت إلى المشروع الفيدرالي السياسي لا الإداري وبمباركة أميركية وتم الاتفاق على إنشاء نظام فيدرالي يتم فيه تقسيم اليمن إلى أقاليم بعد وحدة اندماجية، مقترح سيكون مآله وصمة عار في جبين كل من أقره أو وافق عليه في ظل وضع مهترئ وضعيف وقابل للتمزق والتشظي يحقق أهدافا لجهات خارجية تجعل من تقسيم هذا البلد المسلم بؤرة صراع وتوتر داخلية دائمة لا يأمن فيها الشعب على نفسه ولا ينعم بخيراته، وإنما تأمن فيها الدول الكبرى على مصالحها بإضعاف هذا الكيان وتتفرغ لنهب ثروات الشعوب كما هو حاصل في العراق الذي يجثم على ثروة بترولية كبيرة لا يستفيد منها أهلها نتيجة الشقاق والتنازع والتناحر والاختلاف.
من خلال بؤرة الصراع هذه تُؤمِن فيها إسرائيل محيطها بانشغال كل دولة بمشاكل أقاليمها وصراعاتها الداخلية المناطقية والطائفية كما هو حاصل أيضا في العراق ولبنان، وتبقي السياسة الاستعمارية على كيانات طائفية ومناطقية خارج نفوذ الدولة وسيطرتها لتبقى الدولة مفككة وضعيفة في ظل قوى متصارعة يحافظ الأجنبي على تكافؤها حتى يستمر الابتزاز والتدخل من خلالها، وأما إذا أضيف إلى هذا الوضع المهترئ إقامة النظام الفيدرالي فهو بمثابة صب الزيت على النار لتتم خطوات التقسيم والتفتيت والتمزيق للجسد الواحد ولكن بأيدي يمنية سيسجلها التاريخ ولكن في الصفحة السوداء.
ويرى باحثون أن للفيدرالية عيوبا وسلبيات من أهمها: زيادة في معاناة المواطن, نظرا لاختلاف التشريعات المحلية من إقليم لآخر فإنه يصعب استقرار المواطن خارج إقليمه وذلك بما قد ينتج من صعوبات، مثل الذي يحدث للطلبة والموظفين ذات الطبيعة الخاصة, وزيادة في النفقات المالية, إن تكلفة البرلمانات والحكومات والإدارات وازدواجها في الفيدرالية، هي أكبر من تلك التي يتم الصرف عليها في الدولة المركزية.. وتفتيت الوحدة الوطنية, يؤدي النظام الفيدرالي إلى تفتيت الوحدة الوطنية خاصة إذا كثرت الأصوات الداعية للانفصال في الأقاليم, بالإضافة إلى أن الفيدرالية ستؤدي إلى زيادة ارتباط المواطن بإقليمه على حساب اليمن مما يوجد فرقة بين أبناء اليمن بسبب التنافس على الموارد والمصالح والتي ممكن أن تؤدي إلى صراعات، فلا نعمل على تفتيت الوحدة الوطنية، ولا نهدر مال الشعب الذي يسببه تعدد الهيئات وازدواج السلطات ( وطبعا سيتحمل المواطنون هذه النفقات عن طريق فرض المزيد من الضرائب ). وضياع الوقت: لا يمكن تنفيذ قرارات البرلمانات والحكومات في الفيدرالية إلا بعد انتظارهم وانخراطهم في مفاوضات طويلة من قبل البرلمانات والحكومات في الأقاليم المختلفة, وحدوث الكثير من المنازعات والمشاكل وخاصة تلك المتعلقة بممارسة القضاء وذلك بسبب تعدد السلطات واختلاف التشريعات.
كما أن الصراعات بين الأقاليم سيجعل من اليمن تحت الوصاية الأجنبية الدائمة وتحت التهديد والاحتلال، بالإضافة إلى أن تعدد السلطات واختلاف التشريعات يؤدي إلى ازدواجية في القوانين ومنازعات في توزيع الاختصاصات بين الدولة الفيدرالية والأجزاء التابعة لها.
وغالبا ما يؤدي الازدواج التنفيذي والتشريعي إلى نشوء مشاكل بين الأجزاء المشكّلة للاتحاد أو بين هذه الأجزاء وبين الدولة الاتحادية, مع بقاء خطر تفتّت الدولة الفيدرالية إلى دويلات كلما قويت سلطات الأجزاء على حساب سلطة الحكومة الاتحادية، فلأي سبب إذن نؤسس دولة اتحادية (فيدرالية)؟
ويشير الباحثون إلى أن الفيدرالية تنشأ للأسباب الآتية : أن تكون هناك عدة دول مستقلة ،يوجد بينها مجموعة من العناصر المشتركة كوحدة اللغة أو التاريخ أو أن يكون هناك وحدة خطر خارجي يهدد كيان كل دولة من هذه الدول فتتجه في مثل هذه الحالات إلى إقامة اتحاد فيدرالي فيما بينها مستفيدة من العناصر المشتركة لتقوية موقفها في مواجهة الأخطار الخارجية وتحقيق أكبر قدر ممكن من مصالحها, وهذا ما حصل عند تشكيل الاتحاد الفيدرالي للولايات المتحدة الأميركية مثلاً، فهل ينطبق هذا على اليمن؟ فمن أجل مواجهة الأخطار الخارجية نمزق البلاد ونتراجع خطوة إلى الخلف عن الاندماجية إلى الفيدرالية كخطوة أولى من خطوات التقسيم؟!!
وأن تكون هناك دولة واحدة ولكنها- بسبب تعدد الديانات والأعراق- يصعب التوصل معها إلى مشروع سياسي يحفظ لجميع هذه التنوعات خصوصيات بشكل تفصيلي ما يهدد الدولة بالتفكك الذي لا ترغب هذه القوى والمكونات الدينية والعرقية بحدوثه فتعمد إلى البقاء ضمن ارتباط قانوني يسمى ( الاتحاد الفيدرالي )، كالهند التي يوجد فيها أكثر من 1500ديانة تريد كل ديانة أن تحافظ على خصوصياتها، فهل ينطبق هذا على اليمن، وكم عدد الديانات والأعراق في اليمن؟!.. وأن تكون مساحة الدولة شاسعة ومترامية الأطراف كالولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر خامس دول العالم من حيث المساحة، فمساحتها (تسعة ملايين ونصف مليون كم2 تقريبا بعد روسيا الاتحادية والصين وكندا والبرازيل؛ أي تبلغ مساحة الولايات المتحدة الأميركية 1.9 مليار فدان تقريباً، وقد بلغ عدد سكانها نحو 309 ملايين نسمة في عام 2013م، وولاية كاليفورنيا وحدها عدد سكانها يبلغ 37 مليون نسمة تقريبا أكثر من سكان اليمن ب12مليون نسمة, فاليمن اليوم بلد فقير منهك اقتصاديا ومتصارع سياسيا تتناوشه الفتن والصراعات معرض للتمزق هل علاج مشاكله بطعنة الفيدرالية الأخيرة
يسود الشارع اليمني على المستوى الشعبي والنخبوي, الكثير من التخوف لاعتماد النظام الفدرالي لليمن بديلاً عن النظام المركزي الحالي, خاصة بعد أن تم التوافق عليه في مؤتمر الحوار الوطني بين الأطراف السياسية.. ويوازي هذا التخوف عدم وعي لطبيعة النظام الفدرالي وحقيقة كيف ستكون عليه البلاد بعد هذا التحول..
في المقابل تبرز أصوات للنخب المثقفة والسياسية والأكاديمية المتخصصة ترى في أن النظام الفدرالي يعد مخرجاً حقيقياً لليمن مما تعيشه من أزمات على كل المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والخدمية..
شارع غير واعي بطبيعة النظام الفدرالي.. ومخاوف من عدم قدرتها على الصمود
العديد من المختصين أن النظام الفدرالي وفي ظل ما يعيشه اليمن حالياً من نزاعات، وعدم سيطرة الدولة على كثير من المناطق، فإن الفيدرالية هي الشكل الأكثر ملائمة، وقدرة على استعادة التماسك الاجتماعي، والتقليل من آثار التفكك الاجتماعي, الذي تشهده اليمن بفعل سياسات النظام السابق.. وإن النظام السابق (المركزية) أثبت أنه غير صالح لليمنيين فخلال العقود الماضية استأثرت مجموعة بسيطة بالثروة والسلطة والمناصب.. ويؤكدون أن الحكم الفدرالي (الأقاليم) سيعمل على تولية أبناء تلك المناطق (أبناء الأقاليم) في المناصب القيادية في الأقليم, والتاريخ أثبت أن الحكم الفدرالي هو أنجع نظام حكم يمكن أن ينجز فيه اليمنيون الكثير فهو يعمل على إقامة شراكة سياسية وتقاسم للسلطة والثروة بين أبناء المناطق..
الشرجبي: ضعف الدولة أحد مخاطر تطبيق النظام الفدرالي
الدكتور نبيل الشرجبي يقول إن الفيدرالية هي آخر اختراعات النظم السياسية وقد أتت للتغلب على الكثير من المشاكل وتجاوزها مثل عدالة التوزيع والمشكلات العرقية والدينية والاجتماعية وزيادة المشاركة في الحكم, و اليمنيون ربما تفاجأوا كثيراً من الوصول إلى إقرار مثل ذلك النظام وما زاد من ذلك التخوف هو السلوك الإعلامي للكثير من الأحزاب اليمنية التي صورت هذا النظام أنه خطير جداً وأن الهدف النهائي هو الانفصال وهذا خلق ردة فعل سلبية وقوية لدى المواطنين كما أن الفدرالية مازالت إلى اليوم مقتصرة على الفئة النخبوية ولم تتحول الى قبول لدى الجانب الشعبي وهذا ايضا زاد اكثر من المخاوف.
ويضيف" قد توجد مخاوف حقيقية من الفدرالية وخاصة أن اليمنيين فشلوا فيما هو أدنى وهو الحكم المحلي والشيء الثاني وهو الأهم من كل ذلك ضعف الحكومة والدولة بشكل عام وهو واحد من المخاطر على تطبيق النظام الفدرالي, هذا الضعف سوف يجعل الكثير من التوترات والمشكلات والنزاعات بكافة أشكالها قائمة, وربما بصورة أعنف ويمكن لكل هذه المشاكل أن تنتهي إذا وجدت دولة قوية وبدون وجود تلك الدولة, فلا يوجد أي ضمانات مهما كانت تستطيع أن تجعل الحاكم يتغلب على المشاكل القادمة من الفيدرالية".
طاهر: نريد دولة قائمة على العدالة والمساواة
الأستاذ/عبد الباري طاهر الأهدل- رئيس الهيئة العامة للكتاب قال (إن النظام السابق, المركزية) أثبت أنه غير صالح لليمنيين, فخلال العقود الماضية استأثرت مجموعة بسيطة بالثروة والسلطة والمناصب وأصبحت مسيطرة على كل مقاليد الحكم في البلد وعملت على تهميش وإقصاء الآخرين والسبب في ذلك يعود إلى النظام المركزي الذي استغلته هذه المجموعة القليلة وفي المقابل حرم غالبية اليمنيين من أن يكونوا حاضرين في العملية السياسية أو أن يكون لهم نصيب من العملية السياسية وحتى من المناصب السياسية المهمة في الدولة..
مضيفاً, ولأن الخلاف يكمن بأن أسرة بسيطة تعد بالأصابع استأثرت بكل شيء وحرمت اليمنيين من كل شيء, إلا من الفتات كما أنها حرمتهم من المشاركة السياسية وأقصتهم من مراكز القرار وهو ما يعكس أن الحكم المركزي لم يعد صالحاً ليستخدمه اليمنيون.. أما في الحكم الفدرالي فإنه يعطي كل المناطق وكل أبناء اليمن حق المشاركة السياسية وحق اتخاذ قرارات تتعلق بمناطقهم.. فأبناء الجنوب حينما يعطون حق إدارة أنفسهم سيعملون على معالجة الكثير من الاختلالات التي أوجدتها السلطة المركزية التي عاثت في البلاد بمشكلاتها ومشاكلها المتعددة والكثيرة.. وكان أبرز تلك المشاكل هو تهميش كل أبناء الوطن وفي مقدمتهم أبناء الجنوب الذين أصبحوا اليوم يعيشون حالة احتقان غير مسبوقة بسبب تلك الممارسات, لأنهم إن أعطوا حرية إدارة أنفسهم والتحكم بثرواتهم المحلية فإن الوضع لا شك سيتغير وسيكونون أكثر اهتماما بتطوير والارتقاء بمناطقهم..
وفي رده على المخاوف بأن يؤدي الحكم الفدرالي إلى زيادة التشظي والتفرقة تضاف إلى ما يعيشه اليمن من صراعات وتمزيق و مناطقية (قال الأستاذ عبد الباري طاهر) هذا الوضع- الذي نعيشه اليوم من تمزق وصراعات ونعرات طائفية ومناطقية سببه الرئيسي هو الدولة المركزية, التي قامت على البطش والإكراه ومصادرة حقوق الناس.. ونحن اليوم نريد دولة تقوم على العدالة والمشاركة السياسية والمساواة وأن يشعر الجميع أنهم شركاء في اتخاذ القرار وأنهم أصحاب أهمية في عمليات التغيير والتطوير في مناطقهم.. والحكم الفدرالي يقوم على الندية والمشاركة السياسية وعلى أن تقوم الأقاليم باختيار من يمثلهم من أبناء تلك المناطق..
علانه: اليمن غير مهيأ اليوم لتطبيق فكرة النظام الفدرالي
الأستاذ/ يحي علانه (الناشط السياسي وعضو مؤتمر الحوار المحلي بالحديدة) قال (أنا في الاتجاه الذي يرى أن النظام الفدرالي لا يتناسب مع الوضع اليمني, خاصة فيما يتعلق بالجانب المالي أو ما يعرف بالفدرالية المالية).. فالوضع المالي للأقاليم- التي سيعلن عنها قريباً- متدهور كون تلك الأقاليم المزمع إنشاؤها تعاني من افتقار الإمكانات في الموارد المالية, ناهيك عن أنه ستعاني في بداية الإعلان عنها من حالة تضخم في الجهاز الإداري, حيث سيتم إنشاء سلطات جديدة في إطار الإقليم ابتداء بالسلطات البرلمانية والشرطية وغيرها من السلطات أو الأجهزة التي سيتم إنشاؤها بحكم طبيعة النظام الفدرالي وهو ما يتطلب من تلك الأقاليم كلاً على حده ميزانية تشغيلية لتغطية نفقات واحتياجات تلك السلطات والأجهزة التي سيتم إنشاؤها في ظل افتقار حقيقي مالي لتلك الأقاليم التي ربما لا تستطيع تغطية احتياجاتها المالية لتغطية الجوانب الأساسية..
وأضاف, هذا الأمر سيؤثر بالتأكيد على وضع التنمية في تلك الأقاليم والتي ستكون معنية بتأسيس البنى التحتية فيها في العديد من الجوانب الخدمية مثل (بناء المستشفيات والمدارس وبقية الجوانب المتعلقة بالكهرباء والمياه والصرف الصحي وغيرها من الخدمات التي ربما تحتاج في أغلب تلك المديريات إلى إنشاء جديد لانعدامها وإن وجدت فهي تحتاج إلى تأهيل حقيقي وهذا الأمر يتطلب من الأقاليم ميزانيات مالية كبيرة لتأهيل نفسها في جميع الجوانب وهذا تحدي كبير يواجه الأقاليم التي يراد الإعلان عنها..
وأكد "علانه" بأن الشارع اليمني غير مهيأ اليوم لتقبل فكرة النظام الفدرالي وتحويل اليمن من نظام مركزي لم يقم بتأهيل المناطق على مستوى المشاريع وعلى مستوى الإنسان إلى نظام فدرالي يكون فيه بكل شيء.. إضافة إلى أن الفكرة ما تزال إلى الآن مبهمة وغير واضحة وتحتاج إلى فترة زمنية حتى تتحول إلى ثقافة مجتمعية يمكن استيعابها والتعامل معها..
الناشط السياسي/ أحمد مانع قال (الفدرالية تشكل خطراً على النسيج الوطني في ظل الانسداد السياسي والشحن المناطقي والطائفي و قد تكون بداية التطهير العرقي وما حصل في دماج خلال الأيام الماضية يؤكد هذه المخاوف, إضافة إلى المعاناة التي يعانيها أبناء المحافظات الشمالية في المحافظات الجنوبية في ظل علم الجمهورية اليمنية, كيف ستكون في ظل العلم الفدرالي لاشك ستكون أسوأ وأسوأ كما أن تداخل المصالح الإقليمية والدولية في اليمن تجعل من الفدرالية منطقة رخوة قابلة للاختراق من قبل هذه القوى ومن ثم العبث بالسيادة اليمنية تحت مبرر العلاقات الدولية التي بالتأكيد لن تكون ندية ولن تكون متكافئة, ناهيك من أن الموارد الاقتصادية لا تتحمل كيانين شبه مستقلين كما أن مشكلتنا في اليمن ليس مع الدولة المركزية التي لم نعرفها قط ونظن خطأ أن ما كان قائما خلال الفترة الماضية هو دولة في الوقت الذي هو أقرب الى نظام العصابات منها الى الدولة..
الدغيش: مشكلتنا ليست الفدرلة السخيفة بل الفساد المطلق
أكد الباحث/ دغيش الدغيش أن الحوار الوطني لم يناقش القضايا أو مشكلات اليمن الحقيقية والتي يعاني منها اليمنيون وأننا لا نعاني من مشكلة ثقافية بحيث نبحث عن حلول فدرالية لأن الفيدرالية والأقلمة هي حلول لمشكلات ثقافية.
وقال- في حديثه ل"أخبار اليوم"-: نحن نشعر أن لا فرق أو لا خلافات جذرية ثقافية بين بن عدن وبن صنعاء بن صنعاء وبن صعدة بن تعز وبن الحديدة, نحن لا نعاني من مشكلات ثقافية بمعنى لا تواصل ثقافية بين ابن تعز وابن صنعاء وابن عدن وابن صعدة.
وأشار الدغيش إلى أن مشكلتنا الحقيقية هي مشكلات سياسية وتكمن في فساد ووجود قوة تقليدية فاسدة حولت اليمن إلى مجرد مزرعة عائلية وبالتالي كل الحوار الوطني ناقش كل القضايا إلا قضية الوطن ناقش كل المشكلات إلا مشكلتنا الحقيقية التي تكمن في وجود قوى تقليدية فاسدة تستبد باليمنيين في صعدة وفي المهرة وفي أبين وفي إب.
وقال: نحن لم نتعرض للمشكلة الحقيقية, الحوار الوطني كان بمثابة ممحاكات لقانون "سكسونيا" وبالتالي ما حصل في الحوار الوطني تزييف لوعي اليمنيين وتسطيح لقضايا اليمنيين والقضايا اليمنية, إذ أن القضية اليمنية أصلاً تكمن في وجود قوة فساد مطلق يستبد بكل اليمنيين.
وأضاف" إن الحوار الوطني ذهب بعيداً ولم يذهب إلى العمق في قضايانا, مؤكداً" قضيتنا الحقيقية هي الفساد, أنا أكرر ذلك أكثر من مرة, إذ أنه ليست مشكلة اليمنيين في غياب النصوص الدستورية أو القانونية, ليست في شكل الدولة, ليست في الوحدة, لو كانت مشكلة اليمن الوحدة سنبحث عن الدولة الاتحادية ولكن مشكلة اليمن هو الفساد ولكننا لم نناقش الفساد وكيفية القضاء عليه..
والمسألة أخرى هي في تصورهم للأقلمة أو الفيدرالية السخيفة كحل وضع بلد ما حينما تكون هناك مشكلات ثقافية بسبب معتقد أو لغة أو عادات وتقاليد أو مذهب إذاً ذهبوا في أقاليمهم إلى الجمع بين محافظتي الحديدة وحجة وهما يختلفان مذهبياً أصلاً, وكان تصورهم هذا سخيفاً.
وأكد بأن كل من قاموا بعملية التقسيم لليمن سيذهبون إلى الجحيم لأنه إذا لم نستطع أن نواجه قوى الفساد في ظل الدولة البسيطة, فلن نستطع مواجهتها في ظل الدولة المركبة, وأن اعتماد الفيدرالية بعد عقود من تحقيق الوحدة الاندماجية يعيدنا إلى الوراء
اعتبر تقاسم الوظائف إخلالاً بمبدأ المواطنة المتساوية..
الصبري: مخرجات الحوار تتناقض مع بعضها
أكد أمين عام حزب شباب التنمية الديمقراطي/ فؤاد الصبري, بأنه مع مخرجات الحوار الوطني التي تتوافق وطموحات الشعب اليمني.
وقال- في تصريح ل"أخبار اليوم"- بأن المخرجات التي تتضمن تقسيم اليمن وغيرها من القواصم تحمل الكثير من المخاطر على اليمن واليمنيين, وأضاف " لسنا مع الأقاليم على أساس جنوب وشمال في حال عدم التزام المتحاورين بالحفاظ على وحدة اليمن".
كما أبدى الصبري اعتراضه لإحلال أعضاء مؤتمر محل مجلس الشورى أو غيره من المجالس التشريعية.. وقال إن تقسيم اليمن في إطار دولة اتحادية كما أوضحته وأشارت إليه بعض المصادر يقود اليمن إلى تكريس هويتين معتبراً مسألة المحاصصة والتقاسم في الوظائف على أساس المناصفة بين الجنوب والشمال بأنه إخلال بمبدأ العدالة والمواطنة المتساوية والنهج الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة.
ويرى الصبري أن اعتماد التقاسم من جانب وفي نفس الوقت الحديث عن المواطنة المتساوية, يعد تناقضاً في مخرجات الحوار الوطني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.