تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    حالة وفاة واحدة.. اليمن يتجاوز المنخفض الجوي بأقل الخسائر وسط توجيهات ومتابعات حثيثة للرئيس العليمي    الاحتلال يواصل جرائمه بحق سكان غزة وحصيلة الشهداء تتجاوز 34 ألفاً    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    خطوات هامة نحو تغيير المعادلة في سهل وساحل تهامة في سبيل الاستقلال!!    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    برشلونة يسعى للحفاظ على فيليكس    مصادر تفجر مفاجأة بشأن الهجوم الإسرائيلي على أصفهان: لم يكن بمسيرات أو صواريخ أرض جو!    أول تعليق إماراتي بعد القصف الإسرائيلي على إيران    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    الرد الاسرائيلي على ايران..."كذبة بكذبة"    الجنوب يفكّك مخططا تجسسيا حوثيا.. ضربة جديدة للمليشيات    اشتباكات قبلية عنيفة عقب جريمة بشعة ارتكبها مواطن بحق عدد من أقاربه جنوبي اليمن    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    السعودية تطور منتخب الناشئات بالخبرة الأوروبية    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة الثامنة)    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناهج المدرسية.. ناقوس خطر لتلقين التخلف في اليمن
نشر في أخبار اليوم يوم 17 - 04 - 2014

إن برامج وزارة التربية والتعليم لهذا العام- وضمن أولوياتها- هو تدريب 80 ألف معلم ومعلمة ممن يعول عليهم صناعة الإنسان الذي هو أداة التغيير و البناء والنهوض والازدهار على المنهج المطور الجديد في اللغة العربية والعلوم والرياضيات، وكذا تعزيز مهارات الحياة لدى أبناءنا الطلاب والطالبات ليكون بحق قادرين على مستوى التنافس والمنافسة على مستوى الوطن العربي والعالم .
وكما أعترف بذلك وزير التربية و التعليم أ.د/عبد الرزاق الأشول أن هناك تدمير ممنهج للتعليم العام في البلاد، ما تنعكس سلباً على المخرجات، و تؤثر في سوق العمل و مستقبل الوطن.
وأن126 ألف معلم يعملون في حقل التعليم ولا يحملون شهادات جامعية، وأن 98 % من المدارس دون معامل مدرسية لمختلف العلوم.. وهناك 16 ألف مدرسة تحتاج إلى ترميم و 300 ألف طالب وطالبة يدرسون في العراء ولا يمتلكون مبنى مدرسياً..
فإذا كان التعليم يمثل حجر الأساس في تقدم ونهضة الشعوب والأمم، ويشهد التاريخ، قديمه وحديثة، على أهمية التعليم ومحوريته في بناء الإنسان، و تحقيق التنمية، والتقدم والنهضة الحقيقية .
إلا أن التعليم في اليمن لازال يعيش واقع يشوبه الكثير من البؤس والركود رغم التطورات الحاصلة من حوله على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي ، ومع ذلك ظل باقياً على جموده وتخلفه ، وكأنه لا يتأثر ولا يؤثر .. وأصبح يعاني من إعتلالات عديدة مزمنة باتت تستدعي البحث عن حلول جذرية لإصلاحه وتطويره.
وبمجرد المرور العابر على مفردات المنهج الدراسي يمكنك الجزم كما يقول- محمد وعبد الولي وكذلك أبا فاطمة الوشاح بأنها حشو وتوليف من سياسات أخرى عقيمة منقولة وغير منقحة، وهنا تبرز شكاوى الدارسين حيث أكدت الطالبة- سارة الحرازي والتي تدرس في المرحلة الثانوية بالعاصمة صنعاء بأن المنهج تكتنفه الصعوبة نوعاً ما، وذلك لعدم وجود المعلم الكفء، مما خلق لديها مشكلة أثناء المذاكرة نظراً لأنه يفوق قدرة الطالب على الاستيعاب، بالرغم من مطالباتهم بإيجاد معلمون متميزون لكن بقيت هذه المشكلة دون حل حد قولها.."هموم الناس" ناقشت المشكلة وخرجت بالتالي:-
المناهج المدرسية.. ناقوس خطر لتلقين التخلف في اليمن
قضية مناهج التعليم لا تزال صداعاً مزمناً يدك رؤوس المجتمعات في العالم العربي ومنها اليمن، لما لها من دور بارز في تشكيل الأجيال المناط بها الإمساك بدفة القيادة في شتى المجالات .
ومنذ سنوات، وهناك جدلٍ محتدم عن أخطاء كارثية ارتكبها وضعوا هذه المناهج والتي ينقصها التنقيح والصياغة المتطلبتين لجيل متعلّم ممسك بدفة المعرفة من ناصيتها و تعدو كونها مجرد «حشو» لا يسمن ولا يغني من جهل، أمرٌ يهبط بمستوى الإدراك وتغيّب القيم، وتواضع معرفة تختبئ خلف الشهادات العلمية المتحصلة ما يبرز إلى حيز العلن ظاهرة جد خطيرة تتمثّل في «الشهادات الأكاديمية» التي لا يعرف متحصلها من العلم إلّا النذر اليسير.
ولم يلحظ المتعلم من الناس ك, هيثم سلام, وصادق الصوفي, وفؤاد القدمي, خطوات ملموسة نحو تطوير مناهج التعليم لمواكبة التقدّم في الأساليب والطرق وأحياناً أخرى تصطدم المجتمعات بعقبات جسيمه على رأسها ضعف مستوى المعلمين بما لا يمكنهم من العمل وفق المناهج المعدة لتخليص عقول طلابنا من ظلام التلقين إلى نور إعمال العقل بالتحليل والابتكار، والاعتماد على التكثيف في البرامج العملية أكثر من النظري لاسيّما في العلوم التطبيقية و مناهج الحاسوب وغيره من المواد العلمية التي يتطلّب تلقيها معامل مجهّزة ومختبرات تكاد تكون غائبة عن المدارس اليمنية في مراكز المحافظات فما بالك بأرياف الوطن، وإن وجدت معامل لا تتوفر تجهيزاتها ومستلزماتها التشغيلية، ولم يتم مراعاة مواصفاتها الفنية عند بنائها ولا يستفاد منها
كارثة
سليمان طالب ثانوية يرى أن المنظومة التربوية يساورها جدلٌ متنام وانتقادات من كل اتجاه تتناوش مناهج التعليم في اليمن، فيما يرى خبراء تربية أنّ ما يدرّس الآن لتلاميذ المدارس لا يعدو كونه «حشو مشتت ونقاط غامضة» ، ما انعكس سلباً على مستوى الإدراك والفهم لدى خريجي المدارس وغيّب القيم والأهداف التي من أجلها يتم وضع المناهج.
أمنيات
سارة وهناء ومحمد ورامي وكثير ممن هم في صفوف الدراسة الثانوية أو الإعدادية يؤكدون في حديثهم ل"هموم الناس" بأن هناك قصور كبير جداً في المنهج الدراسي ، ويتمنون من وزارة التربية والتعليم مزيداً من الاهتمام وخصوصاً فيما يخص مرحلتي الشهادة الإعدادية و الثانوية .
داعين في الوقت نفسه إلى الإسراع في حل مشكلة المدرسين فيما يتعلق بالمواد العلمية "الفيزياء ،والرياضيات، والكيمياء، والأحياء "، والذي تفتقر لهم معظم مدارس الجمهورية.
ويتفقون مع عدداً من أولياء أمور الطلبة كعبدالله, وعبد الولي, في وجهة نظرهم, أن المشكلة التي يواجهونها هو المنهج الدراسي نفسه، وطريقة إيصال المعلومة إلى ذهن الطالب، مع أنهم قادرين أن يحفظوه مع نهاية السنة، لكن المشكلة الحقيقية في المنهج تكمن في عملية الاستطالة في الشرح والحشو الزائد والتكرار لمواضيع ليس له معنى، ولا تلبي رغباتهم ولا تحاكي واقع معاش.
ومع غياب التنقيح في المنهج للمعلومات المهمة بحسب أرائهم فإنهم يضطر إلى أن يقوموا بعملية التلخيص للدروس والبحث عنها بإمكانياتهم الخاصة، حتى يتمكنوا من استيعاب المواضيع التي يتوقعون أن تأتي في الامتحانات النهائية، لكنها تظل مشكلة لدى طلاب كثيرين يتوزعون على مناطق الأرياف باليمن لم تتوفر لديهم الوسائل والإمكانيات للبحث عن المعلومة في ظل غياب الخدمات والتقنية في مناطقهم.
المواكبة
فقضية التعليم لم تعد، في ظل ثورة المعلومات والاتصالات، قضية تربوية فحسب، بل أضحت أيضاً توجهاً استراتيجياً تفرضه مسئولية الدولة تجاه مجتمعها وأمنه القومي، وتستلزمه مطالب الحياة المعاصرة، وتستوجبه تحديات عصر العولمة وتفجر المعرفة.
خصوصاً مع اعتماد التعليم في بلادنا على طريقة وأسلوب واحد وهو التلقين بدون الأخذ بالأساليب والطرق الأخرى وهذا ما تحدثت به الطلاب الذين استطلعت أرائهم"هموم الناس" الذين قالوا " نحن نعاني من الأسلوب النظري في التعليم وطريقة التلقين التي نتلقاها من المعلمين تعتبر عائقاً في استيعاب الدروس من منهج كثرت حوله الانتقادات وزادة فيه الأخطاء والتكرارات .
كما أشار خبراء ومختصين تربويين بأن " بأن غياب الأسلوب التجريبي والتطبيقي جعل من مخرجات التعليم في اليمن ضعيفة مقارنة بالدول الأخرى متدني جداً التي تعتمد في عملياتها التعليمية على الطريقة التطبيقية للمواضيع الدراسية التي لا يمكن استيعابها إلا بعملية التطبيق العملي.
وانتقدوا السياسة التعليمية الحالية التي تنتهجها الوزارة والتي هي مطالبة بإعادة تقييمها كونها هي المعنية بتغيير قواعد العملية التربوية والتعليمية وتطويرها إلى الأفضل.
غياب البرامج
وفي سياق متصل ذكر المستطلعون إلى أن الطالب اليمني يفتقر إلى أبسط وسائل الترفيه و عدم وجود برامج تساعد على توسيع مداركهم كطلاب لرفد عقولهم بمدخلات جديدة، ما يشكل عائقاً لدى الطالب في أن يعيش بيئة تعليمية نوعية .
إلى ذلك فهناك مشكلة أخرى يعاني منها الطالب أو الطالبة باليمن وهي "عدم توفير الكتب المدرسية في أول العام الدراسي فيما هناك مدارس لم تصلها بعض الكتب حتى الأن حتى يتمكنوا من متابعة الدروس التي يتلقونها بالمدرسة أولاً بأول هذا من ناحية وحتى يتمكنوا من المشاركة الفعالة داخل قاعة التدريس مع المدرسين، خصوصاً وهناك غالبية عظماء من كوادر التدريس يفتقرون للتأهيل على المنهج الذي تدعي وزارة التربية تطويره .
ودعا الطلاب الذين شارفوا على الانتهاء من العام الدراسي الجاري وزارة التربية إلى الأخذ بالاعتبار عند وضع المنهج مدى مقدرة الطالب على الفهم والاستيعاب، فمثلاً هناك مصطلحات كبيرة صعبة الفهم، مما يضيف إليهم أعباء إضافية في البحث عن معنى تلك المصطلحات وما المراد منها .
هم واحد
يظل المنهج المدرسي هو حجر الزاوية في ملامح كل عام دراسي جديد من الناحية العملية إذ يشعر الطالب لحظة استلام المنهج الدراسي أنه بدأ بالفعل عامه الدراسي، وأمام الالتزام والمثابرة والاجتهاد في التحصيل العلمي، يضل مضمون المنهج وكذا النواقص وعدم اكتماله مشكلة أخرى، وما أن يشارف العام الدراسي على الاختتام تجد وزارة التربية تطل على أبنائها الطلاب سنوياً بتعميم لحذف بعض المواضيع من المنهج الدراسي وكأنه عرفاً أعتاد عليه وتوارثه مسئولي التربية لا يمكن الخروج عنه أو تغيره.
مشكلة تبدو معقدة الأسباب فمعظم أولياء الأمور، بمن فيهم مجالس الآباء لا يدركون ما يجري، وماذا يفعل أبناؤهم؟ وماذا يدرسون؟ رغم الصعوبة التي يواجهونها في توفير رسوم العام الدراسي خصوصاً تلك الأسر المعدمة إلا ما ندر، فتجد هذا منهمك في أعماله المعيشة.. ولا يعرف البعض منهم كيف يفك (طلامس) منهج أبنائهم الطلاب أو ماهي معاناتهم، لتبرز هنا فجوة وهوة عميقة حسب عبد الولي الرجوي ولا هم لبعضهم سوى منهج مدرسي مكتمل، أو أن ولي الأمر هذا سيلجأ للشارع لابتياع منهجاً دراسي ممن يعرضونه طوال العام على أرصفة المدن اليمنية، والتي تصل لهؤلاء الباعة قبل بداء العام الدراسي وبطباعاته الجديدة قبل وصولها لمكاتب التربية بالمحافظات.
تدارك
قطاع المناهج والتوجيه بوزارة التربية وقف الأسبوع الماضي في حلقة نقاشية على نتائج المراجعة والمسح للكتب الدراسية للتخلص من مفاهيم ومضامين لا تنسجم مع المرحلة وإعادة صياغة المناهج الدراسية الحالية حتى تعود للتعليم في اليمن عافيته.
الأمر الذي جعل وزارة التربية تبحث عن تدارك الخطأ الكارثي الذي وقعت فيه، بقراراً وزارياً صدر في نهاية يناير المنصرم لتشكيل لجان وفرق مسح ومراجعة للكتب الدراسية لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، في ضوء النقاط العشرين والإحدى عشرة وتوجيهات رئاسة الجمهورية.
حيث نصت النقطة السابعة والثانية عشر من النقاط العشرين لفنية الحوار وكذالك الإحدى عشر نقطة التي أقرها فريق القضية الجنوبية بالمؤتمر لبناء الثقة وخلق بيئة ملائمة للحوار، على إلغاء ثقافة تمجيد الحروب الأهلية والدعوة إلى الثأر والانتقام السياسي في مناهج التعليم، ومنابر الإعلام والثقافة، وإزالة مظاهر الغبن والانتقاص والإقصاء الموجهة ضد التراث الثقافي والفني والاجتماعي للمناطق الجنوبية والتي تعرضت للطمس والإلغاء، وعلى وجه الخصوص بعد حرب صيف94.
ووقف التحريض الطائفي والمذهبي والمناطقي وإلغاء ثقافة تمجيد الحروب الأهلية تحت مبررات مذهبية وطائفية في وسائل الإعلام والمساجد ومناهج التعليم والاعتراف بالتعددية المذهبية.
تعديلات
ووفقاً لنتائج فرق المسح جاءت مادة اللغة العربية من حيث التعديلات في المرتبة الأولى وتضمنت (42) تعديلاً، توزعت وفق المفاهيم كالأتي: الغبن (32) تعديلاً، التحريض المناطقي (5) تعديلات، والانتقام السياسي (3) تعديلات، والتحريض المذهبي (2) تعديلين.
فيما جاءت مادة التاريخ والمواد الفلسفية في المرتبة الثانية حيث تضمنت (32) تعديلاً، وتوزعت وفق المفاهيم كالآتي: الانتقام السياسي (14) تعديلاً، والغبن (4) تعديلات، وتمجيد الحروب الأهلية (4) تعديلات، والتحريض المناطقي (1) تعديل واحد فقط.
وفي المرتبة الثالث مادة التربية الوطنية تضمنت (19) تعديلاً، وتوزعت وفق المفاهيم كالآتي: تمجيد الحروب الأهلية (12) تعديلاً، الانتقام السياسي (5) تعديلات، والتحريض المناطقي (2) تعديلين.
وفي المرتبة الرابعة مادة الرياضيات تضمنت (13) تعديلاً، جميعاً تندرج تحت مفهوم الغبن.
لتأتي مادة الجغرافيا في المرتبة الأخيرة بتضمنها (4) تعديلات، توزعت بين مفهوم الغبن (3) تعديلات، والتحريض المناطقي (1) تعديلاً واحد فقط، ولاحظ الفريق المكلف بالمسح خلو مادتي القرآن الكريم والتربية الإسلامية من أي تعديل.
ملاحظات
فيما بلغت التعديلات ذات الصلة بالمضامين والمفاهيم الواردة بشكل صريح في النقاط (32) وهو ما يمثل نسبة 31% من إجمالي المفهومات والمضامين الواردة من إجمالي (103)، وجاءت مادة التاريخ والمواد الفلسفية في المرتبة الأولى، بعدد (18) بنسبة 17% تعديلاً لمفاهيم ومضامين صريحة، وفي المرتبة الثانية مادة التربية الوطنية (10) بنسبة 10% تعديلات، وفي المرتبة الثالثة مادة الجغرافيا (4) بنسبة 4% تعديلات، وخلو بقية المواد من المفاهيم والمضامين التي وردت بشكل صريح.
أما التعديلات ذات الصلة بالمضامين والمفاهيم الواردة بشكل ضمني قد بلغت (71) تعديلاً من إجمالي (103) ما يمثل 69% من إجمالي المفهومات والمضامين الواردة، وجاءت في المرتبة الأولى مادة اللغة العربية (42) بنسبة 41% تعديلاً، تليها مادة الرياضيات (13) بنسبة 13% تعديلاً، ثم التربية الوطنية (9) بنسبة 9% تعديلات، ومادة التاريخ والمواد الفلسفية (5) بنسبة 5% تعديلات، وأخيراً العلوم (2) بنسبة 2% تعديلين، وخلو الجغرافيا والقرآن الكريم والتربية الإسلامية من التعديلات الضمنية.
على مستوى المواد
ووفقاً للنتائج جاء في المرتبة الأولى: مفهوم الغبن بإجمالي (54) بنسبة 52% من الإجمالي العام للتعديلات، منها (4) صريح، و(50) ضمني.
وفي المرتبة الثانية: التعديلات ذات الصلة بمفهوم الانتقام السياسي، حيث بلغت (22) نسبة 21% من الإجمالي العام للتعديلات، منها (17) صريح، و(5) ضمني.
وفي المرتبة الثالثة: التعديلات ذات الصلة بمفهوم تمجيد الحروب، فقد بلغت (16) نسبة 16% من الإجمالي العام للتعديلات، منها (9) صريح، و(7) ضمني.
وفي المرتبة الرابعة: بلغت التعديلات ذات الصلة بمفهوم التحريض المناطقي (9) نسبة 9% من الإجمالي العام للتعديلات، منها (2) صريح، و(7) ضمني.
وفي المرتبة الأخيرة: بلغت التعديلات ذات الصلة بمفهوم التحريض المذهبي (2) نسبة 2% من الإجمالي العام للتعديلات فقط ضمنية، ولوحظ خلو جميع المواد من المضامين ذات الصلة بالتحريض الطائفي، لتخرج فرق المسح بعدد من التوصيات لإحداث توازن يشمل مختلف المناطق اليمنية.
تأثر
التربوي محمد سليمان يقول: «المناهج التعليمية في اليمن تأثرت بشكل واضح بالأشقاء الخليجيين، رغم إثبات البحوث وكل الدراسات وآراء الخبراء عدم جدوى هذه الخطوة.
ويشير سليمان إلى أنّ «المناهج الحالية بها مشاكل كثيرة جداً أبرزها إعدادها بطريقة غير علمية ولم تصغ صياغة تربوية ، ولم توضع وفق دراسات واقعية متخصصة لتطويرها ».
عيوب
من جهته تضيف التربوية روضه ردمان أنّ «أبرز عيوب المناهج التعليمية الحالية تسبّبت في ضياع الرسائل التعليمية وسط هذا الكم الهائل من المعانات التي يعانيها الواقع التربوي في البلد، وأسهمت تلك المناهج بشكل كبير في تردي المستويات الدراسية للتلاميذ »، بالإضافة إلى عدم وجود معلمين مدرّبين على المناهج لتطويرها، ودراسة أوضاع الطلاب ومعاناتهم من هذه المناهج .
فيما يلفت الموجه نعمان دماج إلى أنّ « هناك مواد دراسية في المنهج المطبّق الآن تحتاج للمراجعة خاصة وأنّه لا يوجد لدينا معلمين وكادر يغطي كل مدارس الجمهورية، وكلنا نعرف أنه تمّ فرضه دون تدريب وتأهيل للمعلمين خصوصاً وهناك مدرسين يدرسون مواد في مدارسهم غير تخصصاتهم لعدم وجود كادر كافي في تلك المدارس ».
نظري
وأرجع يحي طالب جامعي تدني ضعف مستويات التلاميذ والطلاب إلى التكثيف في المواد العلمية وتدريسها نظرياً، دون وجود معامل مؤهّلة بالمدارس، مشيراً إلى أنّ «تغيير مناهج تدريس اللغة الانجليزية وتقليصها إضافة إلى تدريسها بواسطة معلمين غير مختصين وعديمي الكفاءة السبب الرئيسي وراء تدهور مستويات اللغة».
ويطالب يحي بضرورة إعادة صياغة مناهج دراسية متطوّرة بواسطة خبراء تربويين وخبراء مناهج متخصصين، ومراكز تطوير حقيقية، وإخضاع المعلمين للتدريب عليها، بغية إخراج المناهج الدراسية من حالة التدهور، حتى تؤدي دوره المطلوب كاملاً.
بعيدين
خبراء تربويون اعتبروا أن مناهج التعليم سواء في المدارس أو الجامعات ملفاً يجب النظر إليه بعين الاهتمام والتطوير المستمر تبعاً للتطوّرات الجارية في العالم المعاصر، ساردين الكثير من النقاط التي يطالبون خلالها بالتطوير في الشكل والمضمون مجتمعين.
وبينما يدور حديث هؤلاء الخبراء عن عمليات التطوير ليس غريباً أن تستمع إلى ما يشبه الإجماع في الأوساط التعليمية عن انتشار ظاهرة «الغش لحمل الشهائد» والتي لا يكاد يفقه حامليها إلّا النذر اليسير.
ويقول الخبراء: «لدينا حاملي الشهادة وليس حاملي علم، ومعلمون وضعوا نصب أعينهم الامتحان الأكاديمي وليس العلم الذي يفترض أن يقدموه».
تكنولوجيا
ولعل ما يلفت الانتباه انزياح الكثيرين في الحوار نحو شكل المناهج التعليمية وطرق تدريسها باستخدام التكنولوجيا المعاصرة، رغم وجود العديد من العقبات التي يفترض أن يتم التعامل معها قبل الانتقال إلى الحديث عن «وسائل العرض الحديثة» في المدرس.
وفي النقاش الدائر بشأن جدوى المناهج التعليمية التي يجري تطويرها على الدوام يقف البعض قائلاً: «صحيح أنّ الكثير من الناس تعيب على المناهج الجديدة سبب واحد وهي أنّها جديدة أي أنّهم لم يعتادوا عليها بعد، لكن في المقابل هناك أيضاً عقبة حقيقة أخرى وهي المعلم نفسه، الذي لا يكاد يخرج من الجامعة وهو يمتلك الحد المطلوب منه من العلم تخصص به ولا يواكب التطور ».
مضمون
ويرى احد المعلمين أنّ «أحد أهم أسباب ضعف مخرجات التعليم وضعف الطلبة هو مضمون المنهاج، رغم أنّنا نسمع الكثير من الحديث والخطب والتصريحات التي تحاول تجميل الواقع».
ويعلق بالقول: «نسمع عن نشاطات تربوية رسمية وأهلية واحتفالات وغيرها، حتى بتنا نشك بأنّنا لا نعيش في البلد الذي يتحدثون عنه».
و يصف ما يدرسه للطلاب بأنّه ليس منهجاً، وأنّ «الكثير من التعديلات التي تجرى على هذه الكتب شكلية وليست جوهرية»، تعمل على تجهيل الطالب.
فولي أمر طالب يقول: «ابني أنهى الصف السادس وسيرفع للسابع ومعظم كتبه لم يفتح بعد».
ضعف كوادر
تشير الأبحاث والدراسات إلى أنّ المناهج التعليمية في بلادنا مثلها مثل بقية البلدان العربية يغلب عليها التلقين والاستظهار بدلاً من التحليل والابتكار، والميل إلى النقل بدلاً من العقل، وتضع الطالب أمام مسلمات لا تفسح له مجالاً للتفكير ولا فسحة للنقاش والنقد والتحليل والاستنتاج، لاسيّما في المواد الأدبية والاجتماعية.
وهذا يغذي التعصّب والانحياز إلى أفكار ترسّخ قناعات غير قابلة للحلحلة، علاوة على أنّ المواد العلمية متخلفة عن التحوّلات والتجديد المتسارع في مجال العلوم واستخدام التكنولوجيا.
تطوير
ويشير مستشار سابق لوزارة التربية والتعليم د. حميد اللهبي إلى إدخال تحسينات وتطوير على المناهج التعليمية خلال العقدين الماضيين من أجل مواكبة التقدّم في أساليب وطرق التعليم، لافتاً إلى أنّ «الإشكال يكمن في أنّ «مستوى المدرسين والمعلمين لم تتطوّر بالقدر الذي يمكّنهم من الاشتغال وفق المناهج المطوّرة الحالية».
ويمضي اللهبي إلى القول: «مع مطلع الثمانينات بدأت وزارة التربية والتعليم تركّز على التوسّع في إعداد المعلمين والمدرسين من خلال معاهد المعلمين وكليات التربية بهدف إحلال المعلم اليمني محل المعلمين المعارين من الدول العربية، غير أنّ ذلك التوسّع كان كمياً وليس نوعياً، إذ إنّ الذين التحقوا في تلك المؤسسات كانوا من الطلاب الذين لم تقبلهم الكليات الأخرى.
ومن الحاصلين على معدّلات متواضعة، فيما ذوو المعدّلات العالية التحقوا بتخصصات أخرى، وعندما بدأت التربية تستشعر تخلف المناهج التعليمية علمت على تطويرها بالقدر الذي يجعلها إلى حد ما تواكب المتغيرات والتحوّلات التي شهدتها طرق وأساليب التعليم الحديثة، غير أنّ مستوى المدرسين بقي على حاله، ولم يتم تأهيلهم بالقدر الذي يمكنهم من استيعاب الطرق الحديثة في التعليم».
ووضعت دليل للمعلم في كل مادة، إلّا أنّ نسبة كبيرة من المدرسين لم يكن لديهم القدرات ولا الثقافة التعليمية التي تمكّنه من الإحاطة بالمناهج الحديثة، كما أنّهم باستثناء القلة لم يواصلوا قراءتهم ومطلعاتهم من خارج المنهج المقرّر الأمر الذي جعلهم يعيشون في جمود».
لا تناسب
وفي السنوات الأخيرة وأمام الإحساس بالمشكلة اتجهت الوزارة والمكاتب والمراكز التعليمية في المحافظات إلى تنظيم دورات تأهيلية وتدريبية للمعلمين، غير أنّ ذلك الاستدراك كما يراه أستاذ التعليم الثانوي طاهر ولم يحقّق المردود المأمول الذي استهدفته البرامج والخطط المصممة لتجاوز مأزق عدم قدرة مواكبة المعلمين لتطوير المناهج الدراسية لعدة أسباب.
وهي: أن عدد فعاليات التدريب والتأهيل على التعاطي مع المناهج الجديدة لا تتناسب مع الكم الهائل للمعلمين الذين يقدرون بحوالي 240 ألف معلم ومعلمة، نصفهم غير مؤهلين وفقاً للمجلس الأعلى للتعليم في آخر التقارير الصادرة في العام 2011.
ويبيّن طاهر إلى أنّ هذا الكم يحتاج إلى آلاف الفعاليات المخصّصة لتأهيل المعلمين وهو ما لم يحدث، لافتاً إلى أنّ «الفعاليات الموزّعة على شكل دورات وورش عمل ومؤتمرات وحلقات نقاش من واقع التجربة غالباً ما تكون مدتها الزمنية قصيرة وبرامجها غير مكثفة ولذلك يخرج المتدربون بحصيلة لا تمكنهم من اكتساب مهارات وقدرات جديدة».
مراجعة
وخلص خبراء إلى أنّ مناهج التعليم مثلما تتطلب مراجعة دائمة ومستمرة لا يمكن أن تفضي إلى أي تطور حقيقي في الدرس التعليمي ما لم يكن المدرس قادر على التعاطي المتجدّد مع المناهج المطورة وهو ما يقتضي وضع إستراتيجية شاملة لا تقتصر فقط على المناهج وحدها، بل تمتد إلى المؤسسة التعليمية ككل وإعادة تأهيلها على كافة المستويات.
مرضى
أبو بكر مهتم يقول: على كل من يقرأ أن يفكر في كيفية كتابة جمل تحوي على علاقة افتراضية، و اعتراضية، وسببية، و استفهامية و عددية، أو علاقة خبرية، وجوابية الخ .
لا تندهشوا ، أرد أبو بكر فقط حد قوله أن يقدم لنا نموذجاً للجنون الذي يُدرّس في مناهجنا في المراحل الدراسية الأولى.
في منهج اللغة العربية للصف الخامس حسب قوله نفاجأ به خالياً من أمثلة أو شروحات لهذه المسميات التي تقدم ضمن تعقيدات أخرى، لتعليم الطالب الجملة العربية، فالعقلية الخطيرة لدى فريق العمل المكلف بإعداد المنهج، وضعت هذه الشروحات في دليل المعلم وقدمت للطالب كتاباً فارغاً من المحتوى سوى من رسومات وأسئلة تصيبه بالكآبة وتترك لديه انطباعاً بأنه غبي وعاجز عن الفهم والأدهى شعوره بأنه يفتقر إلى المؤهلات والدافع لأن يكمل الدراسة.
والطالب المسكين ربما والديه، لا يعرفون في واقع الأمر أن مهووسا حُشر ضمن معدي المناهج فوضع منهجاً أشبه باحجيات يضر الطالب أكثر مما ينفعه.
بدلاً من أن يقاد معد المنهج هذا إلى مصحة نفسية، نراه يتربع على رأس لجنة الإعداد ليقدم منهجاً شديد التعقيد ليس فيه ما يفيد، ملبداً بالعيوب والأخطاء ثم يشعر الواحد من هؤلاء أنه قدم بهذا المنهج خدمة عظيمة للأجيال بل وللإنسانية جمعاً.
وأضاف يكفي الطالب في المرحلة الدراسية المبكرة أن يعرف مثلاً في كتاب اللغة العربية الفرق بين الجملة الإسمية والفعلية وشبه الجملة، والفرق بين الاسم والفعل، والفرق بين الفعل المضارع والماضي والأمر والفاعل والمفعول به، لا أن ترضى هوس مقروء المنهج.
مستقبل
لا زالت كلمات الباحث والتربوي / مقبل نصر غالب مستشار وزارة التربية والتعليم-، تتردد في أذني حين حاضر في إحدى فعاليات مركز منارات قبل ست سنوات حول مناخ العولمة وهو يقول: لقد هيأ النظام التعليمي المناخ المناسب للعولمة بعد أن خلق جيلاً متناقضاً مشتتاً رغم حرصه على الوحدة الفكرية والثقافية التي أصبحت مناهجها أشبه بما تبثه وسائل الإعلام الحكومية يومياً من الإشادة والتمجيد والفخر والدعايات وما يلمسه الجيل من الزيف والتضليل والخداع.
وخلق النظام جيلاً يعطي الأسرة ما تريد لترضى عنه، وإعداد وتصميم المناهج عولمة المعارف والمعلومات عبر شبكات الإنترنت والبريد الإلكتروني تتطلب أن يتعلم الجميع مدى الحياة، وأن تفتح المدارس لتتعامل مع مراكز المعلومات وتدرب الطلاب على التعامل معها وأن يكون التعلم للجميع بعدة وسائل وبرامج مثل تكنولوجيا الاتصالات والتعليم عن بعد إعادة النظر في أزمنة التعليم ومجالاته التي يجب أن تتكامل وتتداخل بحيث يتسنى لكل فرد طوال حياته الإفادة على أحسن وجه من بيئته التربوية، يتسع نطاقها باطراد.
وقال حينها غالب أن هناك أزمة فكر تربوي تتجلى هذه الأزمة في غياب الوعي بقضايا التربية وما من بحوث إلا وتحوم حول المدخلات التعليمية ( مبنى – كتاب – معلم – وسيلة – طالب – امتحان ).
داعياً كل تربوي أن يشغل دماغه في واقعه ومشكلاته، ويفكر كثيراً في مسئوليته أمام أمه تعاني من إحباطات النهوض وتواجه تحديدات لا حصر لها، وإذا لم تكن في مستوى التحدي في نخبتها التربوية فلن تقوم لها قائمة وستظل في حلقة مفرغة تدور على دوامة المدخلات والأنماط والأشكال، والمظاهر إلى ما لا نهاية.
موضحاً صعوبات التطوير التربوي وأشار إلى أن التربية وصلت إلى حالة تشبع بالأفكار والنظريات التربوية، والمقترحات والتوصيات لحل المشكلات وأي جهد في هذا المجال يعد تكراراً مملاً ومخلاً وإضاعة مال ووقت..
إن أي تربوي يستطيع أن يسرد لنا فلسفة التربية غيبياً مما حفظه بالتكرار ويسرد لنا مشكلات المناهج، المعلم، التخطيط التربوي، التقييم التربوي من كثرة ما قرأ وكثرة الندوات والدورات التدريبية والمحاضرات.
وقال حينها لو كنت وزيراً للتربية لأعلنت فتح الباب للمسابقات في تأليف الكتب واللوائح والقوانين، والوظائف التربوية، ونظام للامتحانات يقضي على ظاهرة الغش نهائياً، ونظام للتدريس بدلاً من نظام الحصص يضمن تطوير أساليب التدريس ووسائله.
بلا فائدة
أيام وتعلن وزارة التربية والتعليم بدء امتحانات النقل النهائية للعام الدراسي الجاري، تليها بقية المراحل التعليمية وإسدال الستار حتى عام دراسي آخر. وبالتزامن مع قرب إسدال الستار على العام الدراسي الجاري، ولا تزال هناك بعض الإشكاليات التعليمية وهي كثيرة، وكلنا يدرك أن قضايا التعليم معقدة جداً ولا يمكن حلها بموضوع أو موضوعين، بل تحتاج إلى أكثر من هذا بكثير.
ما خرجنا به من موضوعنا هذا بأن جميع الدراسات العلمية ومعلمون وعدد من المهتمين يؤكدون أن بعض محتويات مناهج التعليم الحالية يشوبه غموض كبير، وتحتاج إلى معلمين متخصصين، وهو ما تفتقر إليه المدارس في مدارسنا بأرجاء الجمهورية، وأن محتوى المناهج بشكل عام -تحديدا الكتب المدرسية- لا تلائم قابليات الطلاب ولا تراعي الفروق الفردية بينهم، وأن تطويرها لم يتم في ضوء خطة علمية ومعايير لتطوير عناصر المنهج (الكتاب المعلم الوسيلة وغيرها)، وأنها لم تعط اهتماماً أكبر للمهارات المرتبطة بشخصية المتعلم، وأن تأليف الكتب يتم دون إقرار وثائق المناهج الدراسية، كما تم تعميم الكتب برغم أنها كانت تجريبية بداية الأمر، لا تنمي روح الإبداع ، وهو ما أكده جميع من التقيناهم، والغالبية أرجعوا السبب إلى الكتب الدراسية والمعلمين وتدني المستوى العلمي والثقافي والمعرفي لبعض أولياء الأمور.
وأكدوا وجود فجوة بين المنهج والكتاب وبين المعلم، متمن تلافيها والاهتمام بها، وبرغم ذلك يرون أن الكتب الدراسية حديثة إلى حد ما، كونه "استنتاجيا"؛ لكنه يتطلب تطوير بقية العناصر وتثقيف أولياء الأمور والطلاب ليتمكنوا من المراجعة لأولادهم حيث لا يستطيعوا حالياً القيام بذلك لعدم توفر أي معلومات إضافية.
وأن محتوى المناهج وإن كانت تواكب إلى حد ما تطور التعليم، إلا أنه يغيب عنها الجانب العملي الذي من أجله وضعت، وأن طلاب اليوم غير قادرين على تنفيذ المنهج، سواء على الواقع العملي أو البحث في مجالات الحياة التي تحكي عنها المناهج، وعدم وجود المعامل جوهر المشكلة.
والمكتبات التي من خلالها يتم البحث العلمي والتطبيق. ففاقد الشيء لا يعطي شيء، سواء كان مدرساً أو طالباً أو إدارة، وفو هذا وذاك هناك كثافة طلابية في مباني معظمها لا تعرف الترميم.
الحذف
مركز "الدراسات والإعلام التربوي" اعتبر إجراءات الحذف لمواضيع من المقررات الدراسية للمنهج المدرسي لطلاب المرحلتين الأساسية والثانوية عمل غير تربوي، ويرسخ لثقافة شرعنة العادات اللا تربوية التي عملت كثيراً على إفقاد العملية التربوية والتعليمية قيمتها.
وأشار إلى أن الحذف لمواضيع من المنهج المدرسي يعد إخلالاً بقيمته وإعلاناً صارخاً بعدم احترام واضعيه، وتأثيراً سلبياً بثقة الطالب بالعملية التعليمية ابتداءً بالمنهج والمعلم والتعليم بشكل عام.
وانتقد رئيس دائرة الإعلام بمركز الدراسات والإعلام التربوي ا/ طاهر الشلفي، بشدة- ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من إصدار تعاميم وزارية بحذف المزيد من المقررات الدراسية كل عام.
وعده الشلفي" إخلالاً بالعملية التعليمية وتراجعاً عن التزامات التربية والتعليم في الارتقاء والتجويد للعملية التربوية والتعليمة في بلادنا، لافتاً إلى أن ذلك قد يكون له تأثيراً سلبياً من خلال فقدان الطالب الثقة بالعملية التعليمة والتساهل في قيمة محتوى المنهج التعليمي واللامبالاة في الجد والاجتهاد والمثابرة.
وأكد أنَّ ما قامت به وزارة التربية والتعليم من استجابة وإرضاء للطلاب بحذف جزء من المقرر المعتمد للتدريس ينسف قيمة التقويم المدرسي وخطة تدريس المقرر لدى المعلمين وسيولد تساهل كبيراً من قبل الجميع.
الختام
وعند مناقشتك لمثل هكذا قضايا تجد بعض القائمين على المؤسسات يتهربون من اللقاءات ومن تجده يرفض الحديث وذلك بحجة عدم حمل رسالة توضح المهمة بحسب توجيهات مدراء فاشلين يعكس واقعهم بلا مبالاة كجهات مسئولة عن النهوض بالوطن والذي نعتقد بأنه لا يهمهم تطوره من عدمه.
أضف إلى ذلك غياب الإشراف والمتابعة والرقابة في معظم الجهات ومؤسسات البلد،لإصلاح الخلل القائم حالياً واللحاق بركب التقدم والتطور الذي يقاس بمدى تقدم التعليم، فمصير الأمم رهن بإبداع مواطنيها، وهو ما ينبغي أن يدركه المعنيون بالجانب التربوي في بلادنا كما فعل الآخرون.
مما لا شك فيه أن الارتقاء بوضع التعليم مسؤولية مشتركة بين ولي الأمر والمدرسة وبقية الجهات، وينبغي أن يدرك ذلك الجميع، خاصة وأن غالبية الطلاب لا يدركون أهمية العملية التعليمية وتجد الكثير منهم عندما تسأله حول ما يتعلق بمستواه الدراسي يرد عليك: "أين سأذهب؟ ماذا ستعمل لي الدراسة؟"، وهو مؤشر خطير أفقد غالبية الطلاب ثقتهم بالمستقبل وأهمية التعليم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.