امين عام الاشتراكي يهنئ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بنجاح مؤتمرهم العام مميز    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    تعز.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في فقيد اليمن الشيخ عبدالمجيد الزنداني    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    فينيسيوس يتوج بجائزة الافضل    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    هبوط المعدن الأصفر بعد موجة جني الأرباح    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    إيفرتون يصعق ليفربول ويوجه ضربة قاتلة لسعيه للفوز بالبريميرليغ    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    الإطاحة بشاب أطلق النار على مسؤول أمني في تعز وقاوم السلطات    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الثالثة خلال ساعات.. عملية عسكرية للحوثيين في البحر الأحمر وتدمير طائرة    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    الوجع كبير.. وزير يمني يكشف سبب تجاهل مليشيا الحوثي وفاة الشيخ الزنداني رغم تعزيتها في رحيل شخصيات أخرى    حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الزنداني يلتقي بمؤسس تنظيم الاخوان حسن البنا في القاهرة وعمره 7 سنوات    حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة تهريب وتزوير الأدوية.. موت بطعم البَلّسم!!
"191" صنفاً من المنتجات الدوائية المزورة في الأسواق اليمنية وهيئة الأدوية تعرض من 40 صنفاً منها..
نشر في أخبار اليوم يوم 02 - 06 - 2014


هموم الناس/فيصل عبد الحميد
باتت ظاهرة تهريب الأدوية من أهم المخاطر التي تهدد حياة الإنسان اليمني كخطر يضاف إلى رصيده المتخم بالفقر المدقع والبطالة والأمية المتفشية، ناهيك عن حروب وصراعات متعددة وفساد مالي وإداري يقودان البلاد بما فيها إلى المجهول.. ويشكل التنامي السريع للظاهرة القاتلة هاجساً مخيفاً للوسط الشعبي اليمني الذي يحمل سخطاً كبيراً تجاه الدور الغائب للجهات المعنية، وقصور القوانين والتشريعات المنظمة للعملية الطبية والصحية التي تكتفي بتجريم الظاهرة دون أن تضع عقوبات رادعة لمرتكبيها.
وأياً كانت الأسباب والدوافع المحرضة لتهريب الأدوية ونتائجها الكارثية التي أضحت تحصد أرواح اليمنيين وتضاعف من معاناتهم إلا أنه أمر لا يجب السكوت عنه ويستدعي تحركاً رسمياً عاجلاً لإيقاف عجلة الموت بكل السبل والإمكانيات..
إحصائيات مخيفة
تشير تقارير حكومية صادرة عن وزارة الصحة إلى أن حجم الأدوية المهربة إلى اليمن تقدر نسبتها بنحو 60 % من حجم الأدوية المعروضة في السوق المحلية وينفق اليمنيون على الأدوية المنتجة محلية والمستوردة من خمسين بلدًا عربيًا وأجنبياً نحو 117 مليون دولار سنوياً تقريباً, حيث يعمل القطاع الخاص على استيراد ما قيمته 101 مليون دولار من هذه الأدوية أي ما نسبته 7,4 % من حجم الاستهلاك للأدوية التي تصل قيمتها إلى 517,5 مليون دولار.
ويوجد في اليمن تقريباً سبعة مصانع لإنتاج الأدوية وتقدر تكلفة الواحد منها ب (مليون ونصف المليون دولار) إلا أن طاقتها الاستيعابية دون مستوى التغطية لاحتياجات السوق المحلية للأدوية.
وقد أظهرت أبحاث ودراسات علمية متخصصة بأن هناك المئات من الأصناف الدوائية تدخل بطرق غير مشروعة إلى اليمن قادمة من عدة دول عربية وأجنبية، وأكدت ذلك مؤخراً الهيئة العليا للأدوية اليمنية في دراسة صادرة عنها جاء فيها أن إجمالي الأصناف الدوائية المهربة التي تصل إلى السوق اليمنية بلغ 176 صنفاً، منها 46 نوعًا مزوراً ومقلداً من الأدوية تدخل اليمن بطرق غير مشروعة سنوياً وتم التعميم بأصنافها وأسمائها من قبل الهيئة على مكاتب الصحة وفروع الهيئة لمصادرتها, في الوقت الذي ترى فيه جمعية حماية المستهلك أن هذا العدد يصل إلى 291 صنفاً، وتحتل السعودية المرتبة الأولى من بين الدول التي يتم تهريب الأدوية منها إلى اليمن بواقع 73 صنفاً، تليها مصر 67 صنفاً، ونقلاً عن صيادلة فإن غالبية الأدوية المزورة التي يعج بها السوق اليمنية تأتي من الهند والصين.
وبحسب إفادات طبية وصيدلانية فإن عدد الصيدليات في اليمن بلغت (4000 صيدلية) منها (1350 صيدلية) بأمانة العاصمة، 20 % منها لصيدلانية فيما البقية تأجير من الباطن بتراخيص صيادلة.
النظام السابق
وفي أخطر تصريح تجاه الظاهرة قال نقيب الأطباء والصيادلة الدكتور عبد القوي الشميري، إن الجهات المعنية خلال فترة حكم النظام السابق لم تكن جادة في محاربة تهريب الأدوية لأن «المهربين»، هم جزء من السلطة- حسب تعبيره.
وأشار إلى أن التهريب ظل يتم من منافذ رئيسية في البلاد كون متنفذين في السلطة هم من يسهلون وصول المواد والعقاقير الطبية المهربة- على حد قوله.
كارثة صحية
فيما أشار الخبير في الشؤون الطبية الدكتور محمد الحاج، والذي يدير مركزاً طبياً خاصاً، إلى أن الأدوية المزورة والمقلدة تشكل تهديداً حقيقياً لصحة المرضى وتنذر بكارثة صحية كون هناك أمراض تحتاج إلى عناية خاصة مثل الذبحة القلبية والسرطان والكبد والفشل الكلوي والتداوي بأدوية لا تحتوي على كميات صحيحة من المواد الطبية الفعالة ما يؤدي إلى فشل المعالجة وتفاقم الحالة لدى المرضى وقد يؤدي إلى الوفاة.
ونوه بأن استخدام المضادات الحيوية المزورة التي تحتوي على تراكيز أقل من التراكيز العلاجية المفروضة، وأيضاً تلك التي تحتوي على سمّية أو شوائب تؤدي غالباً إلى الفشل الكلوي وأمراض الجهاز المناعي والجهاز الهضمي والسرطان وقد تؤدي إلى الوفاة.
غش تجاري
ومن جانبه، يؤكد الدكتور ناجي مسعد وهو صيدلاني، أن معظم الأدوية المهربة تصل إلى اليمن فاسدة وهي إما أن تكون منتهية الصلاحية أصلاً من البلد الذي تمت منه عملية التهريب أو تصبح فاسدة بسبب عمليات الشحن والتخزين خلال إجراءات التهريب التي تتم في ظروف غير سليمة وبأدوات حرارية غير مطابقة للشروط المطلوبة.
ورغم أن الجهات المعنية في الدولة تقوم باستمرار بعمليات ضبط وإتلاف الأدوية المهربة والفاسدة إلا أن كثير من الباحثين يرون أن الكميات التي يجري مصادرتها وإتلافها لا تمثل سوى نسبة بسيطة جداً من كميات الأدوية المهربة والمزورة التي تدخل السوق اليمنية يومياً.
وشدد على أن الأخطر من ذلك والمصيبة الأعظم هو أن الكارثة لا تتوقف عند الأدوية المهربة والمزورة فحسب، وإنما تجري عمليات غش تجاري من قبل مالكي شركات أدوية ومستوردين يمارسون ظاهرياً نشاطهم في تجارة الأدوية وفق اللوائح والأنظمة بالنسبة للإنتاج والاستيراد، وهم لا يندرجون ضمن قائمة المهربين وإنما يقدمون مواد وعقاقير طبية بمواصفات جودة أقل بحثاً عن الربح الأوفر، ودونما مراعاة أي اعتبار لحياة الناس وأرواح البشر.
مخاطر النقل
ولم تقتصر مخاطر الأدوية المهربة على رداءة الكثير منها نتيجة تزويرها أو تقليدها بل إن التخزين والنقل حتى للأدوية الأصلية بشكل غير سليم يلعب دوراً سلبياً على سلامتها وبالتالي تتحول إلى مواد ضارة كلياً.
يقول الدكتور سامي الدبعي من المركز اليمني للدراسات البيئية: إن تهريب الأدوية يستدعي إخلالاً في طرق النقل والتخزين للأدوية حتى وإن كانت أصلية ولنفس الشركة الأم المصنعة لذا فإن سوء التخزين والنقل غير السليم وفي أجواء غير ملائمة يؤدي بالتأكيد إلى مخاطر جسيمة على صحة المريض مثل الوفاة الفورية عند استخدام مثل هذا الدواء أو الإخفاق في علاج الأمراض، أو تفاقم المرض وإطالة فترة المرض وتحمل الأسرة تكاليف كبيرة في الإنفاق على العلاج وكذلك ظهور مضاعفات للمريض وظهور أمراض جديدة، وكذلك حدوث إعاقات مزمنة وما يتبعها من تأثيرات صحية ونفسية على المريض، والتسبب في الإجهاض وحدوث التشوهات الخلقية للمواليد.
الأسباب
ويرى مهتمون أن أسباب تنامي ظاهرة تهريب الأدوية تعود إلى عدم وجود رقابة مشدده وجادة لضبط المخالفين، إضافة إلى عدم وجود تشريعات وقوانين صارمة تجرِّم المزورين والمهربين، ويساعد على ذلك الوضع المالي السيئ لبعض الصيدليات.
آفة عالمية
ولم تعد ظاهرة تهريب الأدوية كهاجس مقلق وآفة صحية واقتصادية حكراً على الدول النامية بل أضحت الدول المصنعة الكبرى هي عرضة أيضاً للتهريب وان كان الأمر اخف بكثير مما تعانيه الدول الفقيرة، وتقدر منظمة التجارة العالمية حجم السوق العالمية الأدوية المهربة بحوالي 200 مليار دولار الأمر الذي يزيد من حدة معاناة الدول الفقيرة، إذ تشكل بعض الأدوية المزيفة في بعض الحالات 50 إلى 70 بالمائة من حجم الأدوية الرائجة منها في أسواق الدول الفقيرة أو دول العالم الثالث وتعد المنطقة العربية مرتعاً لتصنيع وترويج هذه الأدوية، ويقدر إنتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منها حوالي 7 في المائة من الإنتاج العالمي، فيما تحتل الصين والهند صدارة الدول المنتجة.
خطر كبير
اعتبر مستشار الاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية المهندس عبدالرحمن العلفي ظاهرة تهريب الأدوية وتنامي الغش والتزوير للأصناف الدوائية اكبر خطر يهدد الصحة العامة والصناعة الدوائية الوليدة .
وقال الدواء لا يمكن إلا أن يكون دواء يمنح الإنسان الصحة لكن عندما يصبح مصدرا لانتشار الداء ومضاعفة الأمراض فهو كارثة, كل المجتمعات تتأثر بهذه الظاهرة لكن ليس بمستوى ما هو في اليمن.
أسباب أخرى
ويرجع العلفي تنامي ظاهرة التهريب والتزوير للأدوية إلى أسباب محددة تتمثل في قصور التشريعات والقوانين المتعلقة بالأمن الدوائي إذ يرى أن العقوبات ليست بمستوى الجريمة فيما يتعلق بتهريب وتزوير الأدوية، ناهيك أن اعتماد الاستراتيجية الوطنية فيما يتعلق بتأمين الدواء لا تختلف عن استراتيجية تأمين الغذاء وتقنية المعلومات مثلاً وهذا وضع ليس حصيفاً وناجعاً- حد قوله.. يقول: إن هناك جهوداً لا تنكر للهيئة العليا للأدوية وكثير من الجهات لكن هناك خلل تشريعي في مسألة الرقابة على تداول الأصناف الدوائية, ويوضح أن المهمة ربطت بإدارات عامة في وزارتي الصناعة والصحة والمجالس المحلية، ويعتبر ذلك بأنه تشتيت لصلاحية الرقابة الأمر الذي تسبب بنفاذ العشرات من المهربين المستقدمين لأصناف دوائية مقلدة ومزورة أو منتهية الصلاحية نتيجة سوء النقل والتخزين..
ويطالب العلفي اعتماد استراتيجية وطنية لإحلال الأصناف الدوائية المنتجة من المصانع المحلية بدلاً عن المستوردة من الخارج، فهذه السياسة كانت حلماً ولا تزال لاتحاد منتجي الأدوية الممثل للشركات المصنعة للأصناف الدوائية، وللعلم فإن الشركات المنتجة للأدوية في العالم شركات محدودة جداً وهي الشركات الباحثة التي تنتج المادة الفاعلة للأصناف الدوائية فيما بقية الشركات في العالم ما هي إلا شركات مصنعة مثلها مثل الشركات المنتجة للأدوية في بلادنا تماماً, لكن محدودة الاعتماد عليها جعلها غير قادرة على التوسع الرأسي والأفقي في تغطية احتياجات السوق المحلية رغم أنها مؤهلة لأن تكفي ما نسبته 60 - 70 % من احتياجات السوق المحلية للأدوية .
أنواع التهريب
وأوضح العلفي أن تهريب الأدوية نوعان الأول: تهريب لأدوية مزورة ومقلدة ومنتهية الصلاحية، والثاني، تهريب لأدوية أصلية لكن بعيداً عن المنافذ الحكومية المسموح بها وبعيداً عن حقوق الوكلاء الأصليين للأصناف الدوائية المستوردة.. وبين أن غالبية أنظمة تخزين وبيع الأدوية غير لائقة ما يدفع الجميع إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات الدوائية وموقع الصناعات الدوائية الوطنية من الأمن الدوائي والاستراتيجية الوطنية للأمن الدوائي وفق معايير اقتصادية واجتماعية, خاصة أنها توفر فرص عمل للآلاف وتوفر القيمة الفائضة.
تحديات
د. محمد احمد الشقاع- من كليه الصيدلة عدن يقول: الدراسات تؤكد أن نسبة الأدوية التي تدخل الأراضي اليمنية عبر قنوات غير شرعية تصل إلى 60% من جملة الاستيراد الرسمي للأدوية ويبلغ إجمالي الأدوية والأصناف المهربة حسب إحصاءات الهيئة العليا للأدوية 176 صنفاً مهرباً و 46 مزوراً وترصد جمعية حماية المستهلك 192 صنف مزوراً، تم تزويرها في الأسواق اليمنية، وذلك يعود لضعف الضوابط المنظمة للسياسات الدوائية في البلد كما أن نظم الرقابة على الأدوية وتوزيعها ووصفها وصرفها ما زال ضعيفاً ولا تقوم بواجباتها على الوجه الأكمل.
فقرنا يخضعنا للابتزاز
ويرى الشقاع أن الدول الغنية وهي تحاول اعتبار الدول الفقيرة صندوقاً لفضلاتها قد أتخذ دلالاتها في أمثلة شتى إذ لا تسوق الأدوية التي تتم تحريمها في دول المنشأ بل تعداه إلى الأغذية الفاسدة والملوثة ودفن النفايات المشعة في أراضي هذه الدول أو بالقرب من شواطئها.
والدول النامية ومنها بلادنا ما زالت تخضع لابتزاز الشركات العالمية للأدوية حيث أن هناك 10 ألف شركة تنتج الأدوية في العالم لكن 90% من تجارة الأدوية تسيطر عليها 10 شركة مصنعة فقط منها 25 شركة متعددة الجنسية تحتكر بمفردها 60% من مبيعات الأدوية العالمية كما أن 45% من أفقر دول العالم مازالت تعتمد اعتماداً كلياً على استيراد الأدوية حيث لا ينتج العالم الثالث سوى 10%من مجمل الإنتاج العالمي للدواء.
لا تشريعات
وأضاف الشقاع تظل عدم وجود تشريعات دوائية منظمة أكبر التحديات التي تواجهها بلادنا ،فلا توجد حتى الآن تشريعات دوائية جادة مسئولة ولوائح قانونية تنظم عملية توزيع واستيراد ووصف وصوف الدواء كما لا توجد قوانين لاختيار الأدوية وتسجيلها وتسويقها واختبارها سريرا كما لا توجد تدابير لأزمة لمراقبة المستوردين ووقف التهريب وإصدار دستور الأخلاقيات في القطاع الخاص وقانون أساء استعمال العقاقير.
بالإضافة إلى ضعف الصناعة الدوائية الوطنية، فبالرغم من وجود صناعة دوائية وطنية ناشئة لا زالت هذه الصناعة غير قادرة على سد حاجة الاستهلاك المحلي وجدير بالذكر أن متوسط قيمة الإنتاج المحلي السنوي من الأدوية خلال السنوات الخمس الماضية يشكل حوالي 10%من إجمالي الأدوية وهي نسبة ليست في المستوى المطلوب، كما أن الأصناف المحلية في بعض الأحيان غير قادرة على منافسة الأصناف العالمية ذات الشهرة والجودة العالمية في الأسواق.
والمصانع المحلية لا تصنع إلا الأدوية التي لها مردود ربحي سريع ولا تصنع بعض الأدوية المنقذة للحياة كأدوية السل أو السرطان.
استيراد غير ضروري
وأشار الشقاع إلى أن بلادنا تستورد أدوية غير ضرورية ويجني القطاع الخاص أرباحا طائلة في بيع أدوية غير أساسية وغير مفيدة هامشية الفائدة بالغة الضرر يتم الترويج لها بشدة وخلق طلب عليها ويتم تسويقها بشتى الوسائل. وقد بينت عدة دراسات حول سلوكيات وصف الأدوية إن 42% من الأدوية الموصوفة غير ضرورية المصدر 1990 Walker حيث يؤدي استيراد هذه الأدوية من الخارج إلى تفاقم الاختلال في ميزات المدفوعات في اليمن فبتشجيع استيراد الأدوية الجنسية (غير المسجلة الملكية) الزهيدة التكلفة وتحسين ممارسات وصف الأدوية تتحقق نتائج اقتصادية مهمة على الأسرة.
فبلادنا استوردت عام 2013م أدوية ومستلزمات طبية بأكثر من 430 مليون دولار شكلت المستلزمات الطبية نحو 10 % منها ، فيما شكلت الصناعة الدوائية المحلية حولي 10 % .
ونظراً لضعف الرقابة على الأدوية تروج بشدة أدوية مشكوك في فعاليتها وخطرة أحياناً وغير أساسية كالمقويات وخلائط الفيتامينات, حيث يتم تسويق أدوية مسحوبة في الأسواق العالمية محرمة دولياً مما يجعل وطننا الغالي حقل تجارب للسموم الدوائية للشركات التي لا يهمها سواء تحقيق الربح من الإتجار ببضاعتها المسمومة.
وهناك عدد كبير لم يزل يحتل أرفف الصيدليات رغم منعها رسمياً ولا تزال أدوية مثل المادة المسهلة "الفينولفثالين والأدوية المضادة للإسهامات عند الأطفال والسيسابرايد ومركبات الفينول بروبانول امين و الدكستروبوكسفين و الاستمازول والكيتوكينازول" تلقى رواجاً عالياً وتجد طريقها إلى أرفف الصيدليات عبر المهربين.
الخسائر
يدرك المواطن اليمني بالغالب ومثله الحكومة امتلاء السوق المحلية بالأدوية المهربة والمزورة والمقلدة, والقليل من يدركون خطورة ذلك وتأثيره السلبي على الصحة العامة أولاً وعلى الوضع الاقتصادي والبيئي لليمن كدولة.
ولأن صحة المواطن اليمني أصبحت مجرد صفقة تجارية بين الطبيب والصيدلاني فقد يتحول المريض بينهم إلى مستهلك لا قيمة عندهم لحياته أو مماته.
تشير تقارير حكومية صادرة عن وزارة الصحة إلى أن حجم الأدوية المهربة إلى اليمن تقدر نسبتها ب60 % من حجم الأدوية المعروضة في السوق المحلية وينفق اليمنيون على الأدوية المنتجة محلية والمستوردة من خمسين بلداً عربياً وأجنبياً نحو 117 مليون دولار سنوياً تقريباً.. حيث يعمل القطاع الخاص على استيراد ما قيمته 101 مليون دولار من هذه الأدوية أي ما نسبته 4.7 % من حجم الاستهلاك للأدوية التي تصل قيمتها إلى 5.517 مليون دولار.
وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية قادت حملة لمكافحة تزوير الأدوية قديماً إلا أن ظاهرة التزوير في تزايد مستمر عاماً بعد عام وتوقعت بعض الدراسات أن مبيعاتها بلغت أكثر من 85 مليار دولار عام 2013م.
هذه الدراسات توضح بأنه لا يوجد أي دولة آمنة من التزوير الدوائي مع اختلاف نسبة التزوير من دولة إلى أخرى ويعود ذلك لصرامة القوانين والتشريعات والجدية في تطبيقها وجدية العمل الإشرافي والتنظيمي للأسواق الدوائية.
ولأن اليمن وضعت ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم "حسب دراسات دولية" وهذا يعني بالضرورة إغفال القوانين فهي تحتل أعلى قائمة الدول التي يتم تهريب الأدوية المزورة والمقلدة إليها.
وأكدت تقارير طبية أن الأدوية المزورة والمقلدة تشكل تهديداً حقيقياً على صحة المرضى بأمراض تحتاج عناية خاصة مثل الذبحة القلبية والسرطان والكبد والفشل الكلوي وتقول التقارير إن التداوي بأدوية لا تحتوي على كميات صحيحة من المواد الطبية الفعالة يؤدي إلى فشل المعالجة وتفاقم الحالة لدى المرضى وقد يؤدي إلى الوفاة, وتضيف التقارير أن استخدام المضادات الحيوية المزورة التي تحتوي على تراكيز أقل من التراكيز العلاجية المفروضة والتي تحتوي سميةً أو شوائب يؤدي غالباً إلى الفشل الكلوي وأمراض الجهاز المناعي والجهاز الهضمي والسرطان وقد تؤدي أيضاً للوفاة.
وأوضح التقرير الصادر عن إدارة الرقابة والتفتيش الدوائي في الهيئة اليمنية العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بوزارة الصحة أن الجهات المعنية غير جادة في محاربة تهريب الأدوية لأن المهربين هم جزء من السلطة, مشيراً إلى أن التهريب يتم من المنافذ الرئيسية للبلاد وأن متنفذين في السلطة اليمنية هم من يسهلون وصول المواد المهربة وهم أنفسهم التجار الذين يملكون شركات الدواء.
وتؤكد تقارير وإحصائيات حكومية حديثة أن الاقتصاد اليمني يخسر أكثر من خمسة مليارات ريال يمني و26مليون دولار سنويا بسبب الأدوية المهربة.
وكانت منظمة “هيلث” المختصة في مكافحة تهريب وتزوير الأدوية قد حذرت من خطورة انتشار الأدوية المقلدة في اليمن وأشارت المنظمة أن هناك 273 صنفاً دوائياً متداولاً في السوق اليمنية مهربة أو مزورة ومخالفة للمقاييس والمعايير المتبعة دولياً في التصنيع الدوائي في العالم نتيجة استخدام الأدوية المزورة التي يتم صناعتها بعيداً عن الجهات الرقابية المختصة.
كارثة اقتصادية !!
تجتاح الأدوية المهربة والمزورة الأسواق المحلية بشكل لافت، حيث تحولت خلال العامين الماضيين إلى ظاهرة خطيرة تتطلب تدخلاً عاجلاً للجهات المختصة للحد منها وضبط أسواق تجارة الدواء.
وبحسب تقرير رسمي فإن تهريب وتزوير الأدوية أصبحت تشكل كارثة صحية واقتصادية على حياة المواطن وخطراً كبيراً يضر بالأسواق المحلية.
ويرى خبراء أن تحول تهريب الأدوية إلى ظاهرة يؤثر بشكل كبير على المستهلك وصحته ولهذا تجد انتشار العديد من الأمراض نتيجة السلع الضارة والمقلدة والمزورة والمهربة.
مؤكدين أن التقليد مع الأسف الشديد وصل لسلع ترتبط بحياة الناس مثل الأدوية، وهذا سم قاتل على المستهلك وعدم وعيه من جهة وضعف القوة الشرائية من جهة أخرى سبب من أسباب ارتفاع نسق المنافسة غير الشريفة في السوق المحلية.
تداول
وفقا لبيانات رسمية فإن أكثر من 50 نوعاً من الأدوية المهربة والمقلدة يتم تداولها في السوق المحلية ، بالإضافة إلى 200 نوع من الأدوية المزورة تدخل البلاد بطرق غير مشروعة، وحوالي 175 نوعاً مهرباً محددة المصدر.
ويشير التقرير إلى عدم قيام الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بإجراء بعض الاختبارات والتحاليل المتعلقة بالأدوية ذات النشاط الإشعاعي واللقاحات ومشتقات الدم ومواد التجميل ذات الأثر الطبي بالإضافة إلى عدم قيامها باستكمال مشروع المواصفات والكروت الفنية الخاصة بالمخدرات والمؤثرات العقلية المراقبة دولياً الأمر الذي يضعف جانب الرقابة على تلك الأدوية.
موضحاً غياب التنسيق والتكامل بين الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية والجهات المختلفة ذات العلاقة مثل الجمارك والإدارات المختصة بوزارة الصحة والجهات الأمنية ،في عملية ضبط ومكافحة الأدوية المهربة والمزورة والتي تشكل (60%) من حجم الأدوية المعروضة في السوق المحلية .
فوضى
يرى مختصون أن انفتاح الأسواق لا يعني أن تجتاحها الفوضى، مشددين على أن الأسواق في كل أنحاء العالم مفتوحة لكنها مضبوطة بالأدوات الرقابية الرسمية والجميع ملتزم ، لكن الأسواق في بلادنا غير مضبوطة ، وليست كل السلع خاضعة للمواصفات
وطالب التقرير الجهات الحكومية المعنية بالإسراع في إصدار قانون الصيدلة والدواء وتضمينه عقوبات رادعة في حق هؤلاء المهربين إذا كانت هناك نية فعلية في مكافحة ظاهرة الأدوية المهربة والمزورة.
مافيا منظمة
أخذت ظاهرة الأدوية المزورة تستشري في الأسواق اليمنية بشكل يبعث على القلق لدى المستهلك، وأصبح الكثير من المرضى يخشون على صحتهم وسلامتهم من الأدوية التي يستخدمونها نتيجة ما يحدث من تلاعب وتزوير بأصناف مختلفة من الأدوية.
عصابات ومافيا منظمة تقود عملية تزوير واسعة لعشرات الأصناف من الأدوية تحت مسمى علاجات لشركات عالمية مشهورة فيما هي في الحقيقة مجرد اسم يحوي بداخله مواد قد تكون ضارة وليس لها أي صلة بالاسم الحقيقي للدواء ، صيدليات ومخازن تعج بالأدوية المزورة ومعامل ظاهرية ومستترة أحيانا، تنتج اللاصقات وبطاقات البيانات والتصنيع الشبيه بالعبوة الأصلية شكلاً والمختلف نوعاً وتركيباً وفائدة ، والمخالف تماماً لدساتير الأدوية .
العديد من الشكاوى تتلقها الجمعية اليمنية لحماية المستهلك عن أصناف مزورة وعشرات المذكرات الرسمية التي تبعثها الجمعية إلى الجهات الرسمية المختصة وذات العلاقة بهدف تدارك الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع مثل هذه الظاهرة الخطيرة إلا أن الأمر لم يلقى أي تجاوب.
إتلافات
و خلال شهر فبراير الماضي تم إتلاف كميات كبيرة من الأدوية المزورة المختلفة في منفذ حرض محافظة حجة والتي تصل إلى خمسة أطنان من الأدوية تنتمي إلى 191 صنفاً وتصل قيمتها إلى (30.000.000 ) دولار بحسب محاضر الإتلاف الصادرة عن الهيئة العليا للأدوية بالإضافة إلى إتلاف كميات كبيرة أخرى من هذه الأدوية تنتمي إلى 38 صنفاً مختلفاً.. بالإضافة إلى إتلاف 38 صنفاً من الأدوية في محافظة تعز وكذا إتلاف كميات أخرى ترجع إلى 22 صنفاً مختلفاً في محافظة الحديدة.
يذكر انه تم خلال الأعوام الماضي إتلاف كمية من الأدوية المزورة الأخرى تصل الى139.934 طن من الأدوية المزورة والمنتهية خلال عامين فقط في كل من محافظات الحديدة وصنعاء وتعز وأمانة العاصمة والمكلا بحسب المصادر. وتم مؤخراً القبض على سيارات محملة بالأدوية المزورة، بالإضافة إلى وجود كميات كبيرة من الأدوية المزورة محتجزة في مطار صنعاء وجمارك عدن ونيابة لحج ويتم متابعتها من اجل إتلافها.
فعملية تزوير الأدوية يقوم بها أفراد وجماعات منظمة تسندها خلفيات هلامية أو سرابية.. وان كانت ظاهرة تحت ستار ما، والتي تعمل على إعاقة إصدار وتنفيذ اللوائح القانونية في عملية الضبط والمصادرة والإتلاف.
أخطاء دوائية
تتزايد نسبة حدوث الأخطاء الدوائية في مستشفياتنا نتيجة للجهل أو عدم الكفاءة الطبية والتمريضية أو اللامبالاة والإهمال والتقصير، الذي شمل دور الرعاية الصحية في بلادنا وأدى إلى كثير من المآسي والمعاناة الشديدة للمرضي نتيجة لهذه الأخطاء والتي تؤدي أحياناً إلى وفاة المريض، وقبل أن نبدأ باستعراض الأخطاء الطبية لا بد لنا من التسليم بأن هناك مضاعفات لا يمكن تجنبها ولا التنبؤ بحدوثها، تحدث نتيجة للعلاج وتسبب أضراراً قد تكون بليغة بالنسبة للمريض، وقد تؤدي إلى وفاته، كما أن غالبية الأخطاء الطبية التي يقع فيها أصحاب المعاطف البيضاء لا تصل إلى ساحات القضاء، ولا توجد رقابة صارمة على عمل الأطباء والممرضين من قبل الجهات المختصة ..
شركاء في الجريمة
فيما طالب المحامي علي الهناهي من وزارة الصحة «بألا تكون حملات التفتيش على الأدوية موسمية وتكون ضمن خطة عمل متكاملة ترصد لها الميزانيات».
وأشار الهناهي أن هذه الحملات غالبا ما تحدث بعد وقوع الكارثة، وأهاب بالصيادلة وأصحاب المخازن بعدم التعاطي مع مهربي الأدوية حتى لا يكونوا شركاء في الجريمة. وحذر خبراء يمنيون في مجال الصحة العامة من كارثة صحية تهدد اليمنيين جراء تزايد ظاهرة الأدوية المهربة والفاسدة والتي اجتاحت الأسواق اليمنية خلال الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق.
أول مؤتمر طبي للتوعية
ينطلق يومي (11-12) يونيو الجاري , بالعاصمة صنعاء , أول مؤتمر طبي للتوعية بأضرار الأدوية المهربة والمزورة حيث يحمل شعار " دوائي حياتي ,, معاً من اجل دواء آمن " تنظمه لمؤسسة كايزن الطبية للتوعية.
وقال بيان صدر عن المؤسسة إن هذا المؤتمر يأتي في اطار حملاتها التوعوية التي تهدف إلى خلق وعي مجتمعي بأهمية الدواء الآمن وتعزيز وعي أفراد المجتمع في الجانب الصحي.
ويهدف المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه على مستوى الوطن إلى" الإعلان عن تاريخ يتم تحديده من قبل المؤسسة لمحاربة الأدوية المهربة والمزورة " و كذلك "الإعلان عن تأسيس مركز كايزن المتخصص بالتوعية بالأدوية المهربة والمزورة ومحاربتها " و "الضغط على صناع القرار لإصدار قانون الصيدلة و الدواء والعمل على الحد من الظاهرة ".
ويقدم في المؤتمر عدد من أوراق العمل في المجال الصحي والحقوقي والإعلامي والرقابي والقانوني .وكانت المؤسسة نفذت عدد من الندوات التوعوية في عدد من المحافظات ضمن البرنامج الزمني لمشروع دوائي حياتي الذي تنفذه المؤسسة للتوعية بأضرار الأدوية المهربة والمزورة شارك فيها اكثر من خمسمائة مشارك من العاملين في المجال الدوائي والطبي والخبراء في المجال الصحي ونشطاء في المجتمع المدني والأطباء والصيادية وعدد من المسئولين في وزارة الصحة والمكاتب الصحة في تلك المحافظات , وحشد من الباحثين والمهتمين.
أرباح
ينفق اليمنيون ما يربو عن ال(25) مليار ريال سنويا لشراء ما يزيد عن 10 آلاف صنف علمي وتجاري من الأدوية المنتجة محلياً والمستوردة من 50 بلدًا عربيًا وأجنبيا، وتجني أكثر من 500 شركة عاملة في الأدوية أرباحا خيالية سنويا.
حيث تشير إحصاءات آخر مسح ميداني للجهاز المركزي للإحصاء إلى أن قيمة الإنفاق السنوي للأسر على الأدوية بلغ (25) مليار و(555) مليونا و(158) ألف ريال، وأن قيمة الاستهلاك بلغت (25) مليارا و(838) مليون و(80) ألف ريال.. فيما تقول المعلومات إن اليمنيين ينفقون على شراء العلاج أكثر من 300 مليون دولار في ظل تفشي الأمراض المعدية والمزمنة وتزايد أعداد الوفيات من عام لآخر؛ إذ من غير المعقول أن تتزايد الأمراض بموازاة توفر العلاج وتزايد أنواعه ومنتجاته.
تقول المعلومات إن ما يتم إنتاجه محلياً لا يغطي غير 20-25٪ من حجم الاستهلاك المحلي بواقع أكثر من 200 صنف دوائي محلي.. يوجد في السوق أكثر من شركة منتجة للصنف الدوائي الواحد، فيما الجزء الأكبر من الطلب يتم استيراده من الخارج.
وتقدم أكثر من 500 شركة سلعها عبر (3.315) صيدلية موزعة على جميع المحافظات منها: (1.160) في أمانة العاصمة و(633) في عدن و(421) في تعز و(243) في الحديدة.. ويعمل في تلك الصيدليات (994) صيدلياً و(1.420) فني صيدلة.. وتشير الإحصاءات الرسمية للعام 2011م الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن عدد مخازن الأدوية (4.133) مخزنا منها: (1.208) في عدن و(578) في تعز و(542) في الحديدة و(198) في حجة و(196) في المكلا.
وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة ضبطت الرقابة الدوائية بوزارة الصحة أكثر من 1175 منشأة صيدلانية في صنعاء، ومختلف المحافظات، بسبب احتوائها أدوية مزورة، ما يعني أن تلك الأدوية القاتلة تباع عبر منافذ التوزيع بصورة معلنة.
ولا يستبعد مختصون تورط الشركات المرخص لها رسميا -بصورة مباشرة أو غير مباشرة- في تجارة الأدوية المهربة سعيا وراء جني الأرباح تحت ضغط الطلب على العلاج المهرب الذي يغرق السوق ويباع بأسعار منخفضة.. قد يشتري المريض الداء بدل الدواء بل إنه يجد في منافذ البيع علاجا أصليا وآخر "تقليد".
يعد سوق العلاج من أكثر مجالات التجارة ربحية، وتشير المعلومات إلى أن تلك الشركات تجني أرباحا خيالية تصل إلى 300% لبعض السلع.
ومنح قانون ضريبة المبيعات الأدوية البشرية والبيطرية وأجهزة الطب والجراحة والمستلزمات الصحية الخاصة بالأطفال إعفاء مفتوحا من ضريبة المبيعات حرصا على عدم تحميل المواطن أعباء إضافية.
ووفقا لتصريحات رئيس قطاع المشروعات الصناعية بالهيئة العامة للاستثمار محمد الفرزعي فإن حجم الاستثمارات في قطاع الصناعات الدوائية بلغت حتى يناير الجاري حوالي 170 مليون دولار، ووفرت 4500 فرصة من العمالة المباشرة.
ولا تتوفر معلومات دقيقة عن المركز المالي لتلك الشركات وعن حجم أرباحها السنوية، ويمكن توقع تلك الأرباح من حجم السوق الذي يستحوذ على أكثر من (25) مليار ونصف المليار من دخول اليمنيين، الأمر الذي يفسر تزايد عدد الشركات المستثمرة في هذا المجال التي تحولت إلى أشبه بدكاكين وحوانيت متفرقة.. إنها تبيع الموت للمواطن الذي يزداد فقرا وحاجة للعلاج المقدور عليه.
استيراد
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد الشركات المستوردة للأدوية (316) شركة، وأن إجمالي ما استوردته أهم 10 شركات مستوردة للأدوية في اليمن عام 2011 بلغ (25) مليار و(994) مليون و(667) ألف و(438) ريال.
واستحوذت شركة أرض الجنتين على ما نسبته (8.64٪) وبمبلغ (4.133.416.375) ريال، فيما جاءت شركة الفتح للأدوية في المرتبة الثانية مستحوذة على (7.99٪) من الواردات وبمبلغ (3.822.578.207) ريال وفي المرتبة الثالثة جاءت شركة الجبل للأدوية والمستلزمات الطبية بنسبة (5.62٪) وبمبلغ (2.687.646.739) ريال.
وفي المرتبة الرابعة جاءت شركتي ناتكو الأدوية المحدودة (وكيل الشركة الدوائية العالمية استرازينكا) وفارما لصناعة الأدوية والكيماويات المحدودة مستحوذة على نسبة (4.63٪) وبمبلغ (2.214.521.005) ريال تليهما شركة الرأفة للأدوية بنسبة (4.57٪) وبقيمة (2.185.320.881) ريال، وفي المرتبة السادسة جاءت شركة العابد لمستلزمات الأدوية التي استحوذت على (3.45٪) وبقيمة (1.649.933.605) ريال تليها مجموعة المنصوب التجارية بنسبة (3.06٪) وبقيمة (1.466.265.415) ريال.
وجاءت شركة الشرق للتجارة والتوكيلات في المرتبة الثامنة مستحوذة على (2.85٪) من حجم الواردات بقيمة (1.362.290.200) ريال تليها مؤسسة الحارث للأدوية بنسبة (2.75٪) وبقيمة (1.313.622.584) ريال وفي المرتبة العاشرة جاءت شركة الفرقان للخدمات الطبية مستحوذة على (2.13٪) بقيمة (1.021.004.510) ريال.
ووفقا لإحصائيات الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية لعام 2011م فإن تلك الشركات العشر استحوذت على (45،68٪) من إجمالي واردات الأدوية وبقيمة إجمالية (21.856.599.520) ريال.
وتشير ذات الإحصائية إلى أن إجمالي قيمة ما استوردته اليمن خلال 2011م من الأدوية بلغت (25.994.667.438) ريال.
مخلفات
وتكشف تقديرات عن أن مخلفات مخزون الأدوية تزيد عن (70) طنا سنويا مقابل تجاوز مخلفات الرعاية الصحية ال(3.000) طنا كمخلفات صلبة وأكثر من (100) طن مخلفات سائلة. وتتحدث معلومات عن قيام الشركات بإعادة تصريف بعض الأدوية المنتهية أو التي قاربت على الانتهاء في السوق خصوصا في الأرياف أو تقديمها لمراكز الرعاية الصحية أو المراكز الخيرية.
يتحتم على تجار الدواء اعتماد معايير أخلاقية في التصنيع والتوزيع والبيع، ينتظر منها تقديم منح التعليم الطبي وتوزيع المساعدات العلاجية والمساهمة في البنى الصحية.
ووفقا لمصادر طبية فإن الشركات (الأم) المصنعة للأدوية تخصص مركزيا نسبا من التكلفة لتوعية المستهلك بالطرق والوسائل الآمنة لاستخدام المنتج، لكن الوكلاء المحليون يتحايلون على تلك الاعتمادات.
بين عامي 1998 و 2002، بلغ مجموع المساهمات المقدمة من أكبر 10 شركات الأدوية لبرامج ذات الصلة بالصحة في البلدان الأقل نموا 2.2 مليار دولار أمريكي.. لكن من النادر أن يسمع أو يشاهد المواطن مشروعا ما بنته إحدى شركات الأدوية في البلاد.
متسوّلو أدوية الأمراض المزمنة طوابير لأيام طويلة للحصول على جرعة
يقف محمد حمود- أحد مرضى السكري- في طابور طويل يومياّ، من أجل الحصول على جرعة أنسولين من الصيدلية المركزية التابعة لبرنامج دعم المرضى المعوزين بالمستشفى الجمهوري بصنعاء، لكنه يعود إلى منزله خالي اليدين.
حمود تحدث بأنه يعاني من سكر ولعدم حصوله عن الجرعة يتسبب بمضاعفة مرضه لعجزه عن شراء الحقنة من الصيدليات بسعر يفوق أحيانا ال 3500 ريال.
حمود- وهو أحد الآلاف من مرضى السكرى في اليمن والذين يظلون يترددون بشكل دائم على الصيدلية المركزية بحثاّ عن الأنسولين، لكنهم يتهمون القائمين عليه ببيعه وحرمناهم منه، مطالبين وزير الصحة بالتحقيق مع القائمين على الصندوق.
ويضيف عدد من المترددين بأنهم قدموا شكوى لإدارة المستشفى، والتي بررت عدم حصولها على الجرعات من قبل الوزارة، فيما يقول القائم على الصيدلية بأنهم يحصلون على كمية قليلة ويتم صرفها على المرضى، فيما يحرم آخرون، مشيراّ إلى أن العجز في صرف الأدوية يتكرر بشكل دائم، حكايات مأساوية وإنسانية صعبة يرويها معظم المصابين بالأمراض المزمنة أو المستعصية، فالتسمية كفيلة بتجسيد حجم المعاناة بما تحويه من استحالة العلاج وعبء المعالجة، ليصبح البؤس والشقاء والإحباط هو الأقرب إلى نفوس هؤلاء المرضى ممن دفعهم القدر إلى الوقوف على باب الدولة للحصول على ما لم يستقووا على الحصول عليه بدونها..
صورة محزنة.. أعتقد أنها أقل توصيفاً للمئات من المصابين بالاعتلالات المزمنة ومعاناتهم في سبيل الحصول على حقهم من العلاج المجاني الذي رصدته الحكومات المتعاقبة عطفاً على بؤس وفقر مرضى لا طاقة لهم على أسعار الدواء الباهظة..
فلطالما زاد غياب الدواء المتكرر من ألم المرضى ومعاناتهم، ولطالما تسبب سوء إدارة وتوزيع تلك الأدوية بسخط الأهالي في ظل ما يخلفه ذلك السوء من تدهور مباشر في صحة مرضاهم، والمحزن كثيراً هو وجود ضمائر ميتة تسعى- من وراء تلك المعاناة- لاكتساب وتحقيق مصالح خاصة.
أرقام وحقائق
تقديرات قديمة لمنظمة الصحة العالمية هي الوحيدة المتاحة لمعرفة أن أربعمائة ألف شخص مصابون بالسكري في اليمن؛ فيما تشير تقديرات الجمعية الخاصة بهم إلى أن 6 في المائة من السكان يعانون من هذا المرض؛ ما يعني أن عدد المصابين يزيد عن مليون وربع المليون شخصاً، ومع مرور السنين يتوقع أن تزيد الأعداد كثيراً.
وعلى ما يبدو فإن المراكز الحكومية- التي افتتحت لتقديم الخدمات لهؤلاء وحتى الجمعيات والمنظمات الخيرية- قد عجزت عن إيفائهم حقوقهم في ظل الأعداد الكبيرة والمتزايدة نظير إمكانياتهم المحدودة .. ف (أحمد العتمي) والكثير أمثاله يعيشون معاناة حقيقية في انتظار توفير حقن الأنسولين بالمستشفيات الحكومية أو الصيدلية المركزية، ثم تدفعهم الحاجة الماسة أخيراً إلى شرائها من السوق رغم أوضاعهم الاقتصادية السيئة، وطبعاً مرض السكري لا يختلف، وربما كان هيناً مقابل أمراض الفشل الكلوي والأورام وأمراض الدم وغيرها والتي تنقطع أدويتها لفترات طويلة.
اختلالات وتبدد آمال
الجميع يعلم الثمن الباهظ لأدوية الأمراض المزمنة, فضلاً عن أنها ليست في متناول المحتاجين إليها، وهو ما دفع بالجهات الصحية المعنية إلى أخذ تكاليف هذه الأدوية على عاتقها وتأمينها للمرضى الذين تتوافر فيهم شروط معينة، وهذا هو الوجه الجميل في الأمر؛ لكن كيف يتم تنظيم ذلك ؟؟! هنا الخلل.
ربما يقول البعض إن من البديهي أن تسير آليات تنظيم توفير وصرف هذه الأدوية بشكل روتيني بدءاً من معاينة المريض وتشخيصه، يليها إعداد تقارير خاصة تثبت الحالة وترسل إلى المعنيين في الوزارة للتسجيل، وإعداد الملف الذي سيرسل بعد التأكد من صحته واكتماله إلى لجنة عليا تفحص وتدقق وتتخذ القرار المناسب بشأن المريض، حيث تقضي موافقتها تسلم المريض لدوائه من مخازن خاصة وفي مواعيد محددة.
لو سارت الأمور على هذا النحو لكنا بألف خير، ولما وجدنا شاكياً أو باكياً من هؤلاء المرضى الذين ترق لهم أفئدة الصخر، لكن الحاصل أن العديد من المرضى المصابين بأمراض مزمنة في صراع دائم في سبيل الحصول على دوائهم الذي اقترن بقاؤهم في الحياة ببقائه إلى جوارهم.
فأين تكمن المشكلة إذاً؟ لربما أشارت أصابع الاتهام إلى اختلالات تصيب الجانب المالي والإداري لعملية توفير وصرف تلك الأدوية.. نتابع.
آمال المرضى في رأفة المعنيين تبددت مع الساعات الطويلة التي يقضونها في طوابير الصيدلية المركزية الواقعة بحرم مستشفى الجمهوري بصنعاء، يحملون بطاقاتهم وأرواحهم بأيديهم في انتظار الدواء منها كونها النافذة الرسمية الوحيدة المناطة بهذه المهمة، فالواقع أن القادم إليها يصاب بالذهول والحيرة من شكاوى المرضى وأنينهم، والصورة بمجملها تبعث نداء استجداء لساسة وزارة الصحة مفاده “أن رفقاً بمتسولي أدوية الأمراض المستعصية”.
شكاوى وأعذار
موظفون بالصيدلية المركزية يلتمسون الأعذار للمرضى وشكاويهم بسبب عدم توفر الأدوية بانتظام، ويؤكدون “لطالما كنا محط انتقاد المرضى الذين لم يتمكنوا من تسلم أدويتهم كاملة أو تأخرت عنهم، والحقيقة أننا لا ذنب لنا في ذلك”، ويقول آخر «عدم توفر الأدوية سببه اختلالات في استيرادها والكل يعود بصورة أساسية إلى سُوء الإدارة».
وعلى الرغم من طيب حديثهم إلا أن المرضى يشكون أسلوب التعامل الجاف من قبل بعض العاملين تجاه مرضى لم يجدوا بُداً من تحمل جور العتاب والغضب، فضلاً عن أن توصد الأبواب والنوافذ في وجوههم، خصوصاً في ظل غياب فعلي للإدارة المعنية بالأمر، والتي اشتكت منها فعلياً وسائل إعلامية عدة بعد أن فشلت محاولاتها التوصل إلى مدير الصيدلية المركزية للحصول على بعض الإيضاحات.
ولعل أسوأ ما في الأمر أن العلاقة السيئة بين المصابين بالأمراض المزمنة وبين علاجهم المجاني المرصود من قبل وزارة الصحة دفعهم للتوجه نحو أحضان الطب البديل، علهم يجدون فيه ما ينجيهم من معاناتهم، كما هو حال نبته الصبار وتوجه الكثير من العطارين وممتهني الطب البديل نحو استغلالها بعدما أشيع عن فعاليتها في علاج السكري من الدرجة الثانية، غير أن الأطباء يؤكدون أن لا بديل عن حقنة الأنسولين مطلقاً، وهذا يعيدنا إلى نقطة الصفر.
عجز مالي
غالباً ما يجد المختصون في الشأن المالي مخرجاً لهم من خلال المبالغ المرصودة في موازنات الوزارة لتغطية تكاليف أدوية الأمراض المزمنة والتي غالباً ما تكون غير كافية ولا تلبي الحاجات الفعلية لعدد كبير من المواطنين على مدار العام، خاصة في ظل تزايدهم المستمر، وللإيضاح فإن هذه الموازنات غير الكافية تعني أن الكميات اللازمة من الأدوية لا تتوفر باستمرار الأمر الذي يؤدي حتماً إلى انقطاع في تسليم بعضها للمرضى.
والسؤال هنا: ما حال المرضى عند انقطاع الدواء في مستودعات الوزارة (نحن نتحدث عن أمراض مزمنة ترتبط مباشرة بحياة الناس) وما هو مصير المريض الذي لا يستطيع تأمين دوائه بسبب أحواله المادية السيئة؟ إنه أحد خيارين: انتظار دوائه إلى حين تأمينه مع كل تحمل كل التداعيات والسلبيات الطبية والنفسية، أو البدء في رحلة بحث عن من يغيثه بقيمة الدواء ويعتق رقبته من الموت لوجه الله.
فلماذا لا تخصص وزارة الصحة مبالغ معينة وسقفاً معيناً لمثل هذه الحالات التي يتعذر فيها توفر العلاج على أن تكلف جهات معينة بتوفيره لهؤلاء المساكين وبآلية قوية تمنع بيعه والمتاجرة به، مثل ما يفعل في بعض الدول العربية، بحيث يحق للمريض أخذ مبلغ قيمة العلاج من صندوق الوزارة لتوفير علاجه وذلك لمرة واحدة في الشهر وبعدالة تشمل المصابين بمختلف الأمراض المزمنة ومن بينها السرطان، خصوصاً وأن الأدوية باتت فاعلة بما يمكن بعون الله من إطالة عمر المريض وتعطيه نوعية حياة كريمة.
ثغرات إدارية
على الصعيد الإداري لابد من الحديث عن وجوب معالجة بعض الثغرات في أسلوب إدارة مخزون الأدوية، فبحسب بعض الآراء الطبية هناك أصناف من هذه الأدوية مواصفاتها محدودة ومتواضعة لكنها نادراً ما تنقطع، في حين أن أصنافاً أخرى من الأدوية التي تتمتع بمواصفات جيدة تنقطع باستمرار.. إذاً، لا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لحل هذه المشكلة.
فمن البديهي ضبط عملية إعداد الطلبات وإقرارها بحيث يتم اختيار الأدوية منذ البداية نوعاً وكماً بشكل موضوعي وعلمي يتناسب بدقة مع الطلب ولا يترك فسحة لاعتبارات جانبية، مع إيجاد آلية للمعرفة المبكرة بقرب نفاد دواء ما وذلك لحماية المرضى من خطر نفاد أدويتهم في المخزون.
ولا بد من الالتزام الكامل بقوائم الأدوية المعتمدة رسمياً لدى وزارة الصحة والتي تم تبنيها بعد دراسات وأبحاث معمقة، وبعد الرجوع إلى قرارات منظمات دولية وعدم السماح لأي كان، ولأي سبب كان، بخرقها أو تجاوزها أو الالتفاف عليها.
فمن حق كل مواطن، إذا توافرت فيه الشروط المطلوبة أن يحصل على كل الخدمات المؤمنة في وزارة الصحة بما فيها الأدوية المجانية للأمراض المزمنة من غير أن يضطر إلى اللجوء إلى سياسيين أو نافذين أو أن يقف على أبواب بعض المسؤولين من أجل استيفاء أدنى حقوقه.
وأخيراً لابد من شفافية كاملة في كل مراحل العملية الإدارية لدى وزارة الصحة في هذا المجال بدءاً بإجراء الطلبات ومروراً بتخزين الأدوية في المستودعات ووصولاً إلى استهلاك المرضى لها.
فمتى تعي الحكومة وتحمل مسئوليتها بتغطية كل تكاليف تلك الأدوية وتتحلى الوزارة بالشفافية الكاملة والصرف بكل جدية ورصانة في سبيل تقديم خدماتها لهؤلاء المرضى بما يرضي الله ويرضي ضمائرهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.