ظلت تعز تراقب تطورات الوضع حتى انتفضت شتى، إذ خرج أبناء الثقافية بمسيرات حسب رأي المراقبين تعد الأكبر حجماً في تاريخ اليمن, مسيرة مضادة للحوثة شملت كل المكونات السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني والشباب والنساء والأطفال والشيوخ طوعاً لا إكراهاً، مخيرين لا مسيرين، جميعهم يرفض العودة إلى خط الرجعية والخضوع لقوى الظلام البائسة, مسيرة تبني لا تهدم، ترفض المناطقية والحزبية والعنف والاستبداد والتطرف, مرادها التطوير لا الحداثة, تفضل الجوع على المذلةِ التي لطالما تجرعها أجدادهم طيلة عقود سالفة.. ولم تمض سوى أيام قلائل حتى لحقت بتعز؛“صنعاء” عاصمة كل اليمنيين بمسيرة اصطفافية أخرى لا تختلف عن سالفتها في تعز, وتلتها أيضاً بقية المحافظات ك عدن وإب وذمار. الملفت هنا أن ميسرات الجوع لا المذلة, مسيرات الكرامة والعزة والحرية جمعت بعد تناكف واختلاف دام لسنوات أكبر حزبي البلاد “المؤتمر والإصلاح” المحركان الرئيسان للعملية السياسية داخل اليمن. الجميع ضحى في هذا الصدد قال ل«الجمهورية» وكيل محافظة تعز القيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي العام الشيخ - عبدالله أمير - : “خرجنا جميعاً للاصطفاف الوطني ضد قوى الظلام والرجعية, ولربما قد نكون اختلفنا لسنوات مع الأحزاب الأخرى, لكن آن الأوان لكي نوحد الصف دعماً للرئيس والجمهورية”. وحذر - أمير - الإصلاح إذا ما شخصن هذا الاصطفاف أو روج أنه وحده من يقوم بإنقاذ الجمهورية, فالجميع ضحى سابقاً وسيقدم المزيد حفاظاً على هذه الوطن الغالي, مناشداً الحوثي أن يعود إلى لغة الحوار والمنطق كما تقتضيه الحكمة اليمانية، فالحوثي ليس بغير يمني, فغالبية الشعب بات يؤمن أن الحوثي ما جعل من تلك الاحتجاجات والاعتصامات إلا وسيلة لخدمة مآربه الشخصية. سيخسر في النهاية!! في الجهة المقابلة قال الشيخ - عبدالسلام محمد سعد - القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح, وعضو مجلس محلي سابق بتعز, “إن ما نقوم به مع إخواننا في المؤتمر وبقية الأحزاب الأخرى سيسطره التاريخ إلى الأبد”, - مدعياً - أن الحوثي قد مارس ألاعيب شيطانية كادت أن تودي بالوطن إلى قعر الظلمات, ونحن قد عرفنا ذلك سابقاً, وها اليوم عرفه الشعب بأكمله, فإما أن يقبل بحكم الأغلبية وإما أن يعلن الحرب على نفسه, ضد شعبِ عصت عليه قوى التخلف والتبعية. ودعا - عبدالسلام - الحوثي إلى تحكيم العقل والمنطق والاعتبار من الثورات السابقة - سبتمبر وأكتوبر - موقناً - بأن الحوثي سيخسر في النهاية، وأن عليه العودة إلى صعدة للاحتفاظ بما تبقى له من كرامة, فليس عليه أن يحكم على 25 مليوناً. هدفنا واحد لم يقتصر اصطفاف اليمنيين على “مؤتمر وإصلاح” وإنما على كل القوى الحزبية الأخرى والسياسية والثقافية فهذه - بشرى عباس - ناشطة مستقلة, كانت قد شددت على ضرورة وحدة الصف في الشمال والجنوب - موضحةً - “أن الحوثي قد لاقى في البداية تعاطف الكثير لأن قضيته كانت مشروعة في إطار صعدة, فمن كان يُظن أنه حوثي أمس في تعز؛ عاد اليوم إليه رشده وشاهدناه في مسيرة الاصطفاف الوطني, لأن الحوثي بعد استباحته لعمران والآن محاصر لصنعاء, اتضح بأنه لا يريد تحويل اليمن إلا لعراق ثانٍٍ, لا يسترزق منه سوى العصابات والمتآمرين والخونة”. وأضافت: “رغم اختلافنا مع إخواننا أحياناً في الأحزاب السياسية إلا أن هدفنا واحد ومصيرنا واحد كيمنيين في النهاية لن تفرقنا الحزبية ولا المذهبية أو الطائفية ولا المناطقية”. صنعاء غير يرى مراقبون أن صنعاء اليوم تعيش واقع حصار السبعين بعد نصب الحوثيين مخيماتهم بجوار الوزارات والمرافق الحكومية لانتهاز فرصة تسقط الواحدة تلو الأخرى, إلا أن الرئيس - هادي - طمئن الكثير على قوة صنعاء بقوله: “صنعاء اليوم.. ليست صنعاء السبعينيات”. يذكر أن حصار السبعين أو حصار صنعاء هو حصار ضربته القوات الملكية اليمنية على الجمهوريين المتحصنين في العاصمة صنعاء عام 1967م, وقد دام الحصار سبعين يوماً, شهدت فيه معارك داخل العاصمة وعلى المناطق القريبة منها, ورغم تفوق الملكيين في الكم والكيف إلا أن نهاية الحصار أثمر انتصار الجمهوريين. وبحسب إجماع الكثير من رجالات الساسة في البلاد, فإنه لا سبيل لإخراج اليمن من هذه البوتقة سوى التمسك بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني كونها الطريق الأمثل للخروج إلى بر الأمان والجنح إلى السلم والوفاق, وتوقع مراقبون اقتصاديون نهوض اليمن في غضون الخمس السنوات المقبلة إذا ما تجنب المصائب التي تعصف به في هذه الفترة والتي تعد الأصعب في تاريخه. احتفاء فريد وفي استباق للأحداث فإن العيد القادم ال52 لثورة ال26 من سبتمبر سيعمق أكثر من جراح الحوثي, خاصة عندما يحتفل اليمنيون في كافة ربوع الوطن بهذا العيد, مؤكدين تمسكهم بالنظام الجمهوري وبرئيسهم الشرعي وبتنفيذ مخرجات الحوار الوطني, ومحافظين بذلك على مكتسبات 50 عاماً من الثورات والوحدة, هذا وقد احتشد الملايين من اليمنيين في عموم محافظات الجمهورية, لذات الغرض عقب صلاة الجمعة المنقضية, تحت شعار “معاً من أجل اليمن” بدعوة من هيئة رئاسة الاصطفاف الوطني, في رسالة مفادها: “ سنستمر في النضال إلى ما لا نهاية”. وحدة الصف ويبقى كل يوم تمر فيه اليمن, ينكشف فيه غطاءٌ جديدٌ عن الحوثي, ما يزيد من ذلك اتفاق الجمهوريين والتفافهم عليه, فها قد بدأ الوعي والاصطفاف الوطني من تعز ثم صنعاءوعدن وإلى بقية اليمن, حتى يستقر أخيراً في صعدة, ومن يدري لعل الله يريد من هذه الكربة, أن يجمع اليمنيين من جديد بتآلف قلوبهم ووحدة صفهم أرضا وشعباً. | صحيفة الجمهورية