يعمل الحوثيون بكل طاقاتهم، لتوسيع سيطرتهم على المناطق المحيطة بالعاصمة صنعاء، وهم الآن يركزون على الشمال للعاصمة مع إثبات وجودهم، جنوبها عبر إقامة حفلاتهم في حزيز. هذه المناطق التي تشمل عمران ومعاقل حاشد إلى أرحب وهمدان وسنحان وبني مطر تمثل حزاما آمنا هي المناطق التي أسقط بها أحمد حميد الدين العاصمة عام 48وهي المناطق التي حوصرت منها العاصمة عام 67م وهي نفسها التي أفشلت الحصار وأسقطت عودة الإمامة وساعدت على التمكين للنظام الجمهوري. إن البلاد على مفترق طرق فإما أن تتحرك أجهزتها الدفاعية والأمنية والقانونية والسياسية لكف الحوثيين عن العدوان، فتنزع سلاحهم أو أن تظل متفرجة، حتى تسقط البلد، في تمزيق لا ينتهي، ولا يمكن معه إعادة ترتيبها، مع وجود إسناد خارجي للحوثيين مقابل مدنيين وقبليين مسلحين أيضا يحاولون الدفاع عن مناطقهم بقدر استطاعتهم.. إن التاريخ يثبت أن اليمن لم تعرف استقرارا منذ حلول الإمامة وأن الحروب من مستلزماتها. إن الإمامة كلما هزمت واندحرت سواء نتيجة لسعي الدولة الإسلامية لإخضاع اليمن لسلطتها مثل الأيوبيين والعثمانيين أو لانتفاضات داخلية كانت الإمامة تلجأ إلى صعدة وتظل كامنة حتى يتهيأ لها فرص فتبدأ بهجوم مرتد، وتنجح في كثير من الأحيان في الاستيلاء على العاصمة، وإن بقيت مناطق خارج سيطرتها، لكنها كانت تجعل صنعاء هدفها الأساس. أما نظرية المؤامرة فتقول إن علي عبدالله صالح من أنصار الإمامة أصلا، وأنه استخدم من قبلها لاختراق النظام الجمهوري والوصول إلى الرئاسة، ومن موقعه بدأ يمهد الطريق لها بطريقة غاية في المكر، وأن يمدها بالسلاح والتأييد وهو رئيس، وهناك الكثير من الشواهد أبرزها أن حروب صعدة لتدريب الحوثيين، وكانت تنتهي باتصال هاتفي بين صالح والحوثي، وتبادلا رسائل الشكر عام 2006م صالح شكر الحوثي لسماحه بالانتخابات الرئاسية والحوثي شكر صالح لموقفه في الحرب على لبنان، وغيرها وهو ما مكن لأتباع الحوثي في ألوية ومعسكرات، بل كان يعين قادة ألوية منهم في صعدة أثناء الحرب وهو اليوم يمدهم بالسلاح ويعتبرهم سيف انتقامه من الشعب والثورة التي أطاحت به. تخطئ السلطة ورئيس الجمهورية ووزير الدفاع –تحديدا- إن نظروا إلى حروب الحوثيين على أنها لإضعاف مراكز قوى قبلية أو سياسية، إن حروب الحوثيين أبعد من ذلك، إنها تستهدف إسقاط العاصمة ولن تكترث لما يقع من فوضى في المحافظات الأخرى. إن القوات المسلحة وفي مقدمتها القوات الخاصة ووحدات مكافحة الإرهاب مطالبة بحماية الدولة والنظام الجمهوري وحماية المواطنين من عدوان جماعة مسلحة تهدف إلى إسقاط النظام بالقوة وإحلال نظام جبري وفوضى عارمة. إن تردد الرئيس الحالي ووزير دفاعه في التعامل مع الحوثيين باعتبارهم متمردين يمكن النظر إليه وفق نظرية المؤامرة، إنه عملية مرتبة من أطراف كثر، خارجية وداخلية لتمزيق البلد، وإعادة التشطير والتجزئة مع الإمامة والسلطنات، وتقول المعطيات أن الرئيس ووزير دفاعه غير مطمئنين للمستقبل ولا يجد أي منهم نفسه في مستقبل مستقر، بل في عدم استقرار قد يمكنهما من قيادة محافظة. غير أن تحذير الرئيس للحوثيين من التمادي وأن الدولة ستعبر عن نفسها، أو أن الدولة ستوقف عدوانهم، يشير إلى الوعي بمخاطر استمرار الحالة، وأن الواجب يقضي أن تقف الدولة ممثلة في قواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية في وجه جماعة مسلحة ظلامية للاستيلاء على السلطة بالقوة وفرض نظام عنصري تسلطي لن يتخلص منه الشعب إلا بعد ألف عام.