نظم المنتدى العربي لدراسات والتنمية السياسية ندوة حول "مستقبل التعايش السياسي في اليمن في ظل الصراعات المذهبية المسلحة "وذهب كثير من الباحثين إلى أن المشهد اليمني يعيش اليوم حالة صراع سياسي حاد أقحم الدين بصورة مقلقة استدعت الإرث التاريخي الملطخ بكثير من مآسي الحروب السياسية التي يبطنها دافع مذهبي إقصائي. الباحث نبيل البكيري رئيس المنتدى في مبحثه عن "مقدمات الصراعات السياسية بالون الطائفي" ذهب إلى أن حالة التبيان التي عاشها المجتمع العربي أدت إلى إيصالها إلى الصراع الحالي والمشهد اليمني جزء من هذا المشهد العربي العام الملغوم بصراعات سياسية ذات طابع مذهبي طائفي أنتجت كوارث ومآسي يتم استرجاعها اليوم في الصراع السياسي الذي يعم اليمن والمنطقة نتيجة غياب الحوارات الفكرية. وأشار البكيري إلى أن خيبة الأمل تجاه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي اغفل الجوهر الرئيس لبناء الدولة وناقش قضايا سياسية بحتة لم يتطرق إلى الحوار الثقافي الفكري حول بناء الدولة والتعايش السلمي بين أبنائها فكانت مخرجاته عبارة عن مخرجات توافقية سياسية لم تتطرق إلى أدنى المشتركات الثقافية والفكرية والاجتماعية للمجتمع اليمني وما توصل إليه في وثيقة العهد والاتفاق قبل حرب 94م التي سبقها تطور مهم في الفكر السياسي لعلماء الزيدية في عام 90م الذين أصدروا وثيقة فتوى تقبل بالنظام الديمقراطية، كانت أول مقدمة لتأسيس شراكة سياسية لليمن الجديد لكنه لم يتم استثمارها من قبل النظام الحاكم، واليوم نتفاجاء بالوثيقة الفكرية للجماعة الحوثية وظفت الدين لمصالحها السياسية أدت إلى كوارث سياسية واجتماعية وثقافية تضرب المجتمع والدولة وهجرت جزء كبير من أبناء صعده ونقضت تلك الفتوى المتقدمة التي أعلنت قبلوها بالديمقراطية. وأوضح البكيري إلى أننا نعيش تكرار هذه الكوارث نتيجة غياب صوت الفكر والثقافة وعلوا الجانب السياسية على المشهد برمته وغياب دور الدولة التي هي الحاضن والمنتج للتعايش السلمي بين أبنائها أنتج هذا الغياب إلى إيصالنا إلى مرحلة حرجة في وضع المجتمع اليمني وفتح المجال لظهور جماعات مسلحة من داخل الجماعات التي كانت للامس القريب تحرم استخدام السلاح واليوم أصبحت تفتي بجواز بل وبوجوب استخدامه في وجه خصومها، فجماعة الحوثي جلست على طاولة الحوار وهي تحمل السلاح وتخوض حروب حتى اليوم ولم يتم التطرق إلى السلاح الذي في حوزتها . وأكد البكيري إلى أن زيادة احتدام الصراعات السياسي نتيجة ارتباطه وتشابكه بقوى إقليمية ودولية وتقديمه على انه صراع بين السنة والشيعة. الباحث عبد الله الصنعاني ناقش دور السلطة في التعايش السلمي و تأجيج الصراعات حيث قال الصنعاني بان الدولة تلعب دورا فاعلا في ترسيخ قيم التعايش ولكن في تاريخ اليمن شهد غياب الدور الفاعل للدولة والحاكم فقد عملت الدولة على أساس أن وظيفتها هي توزيع الغنائم والثروات التي خلقت حالة إقصاء للأخر، وذلك نتيجة غياب المشروع الوطني لدى السلطة الحاكمة وغياب فكرة دولة المواطنة. وأشار الصنعاني أن سباب غياب فكرة المواطنة راجع إلى أن السلطة وكثير من القوى السياسية لا تريد بناء دولة قائمة على فكرة الدولة المدنية، ولديها نظرة مناطقية ومذهبية قامت السلطة عليها، واستخدمت العلماء في خوض صراعاتها موضحا غياب المشروع الوطني الذي يحتضن الجميع تحت قانون المواطنة المتساوية، وقد عجزت السلطة عن حسم قضايا مهمة كالمواطنة والهوية الوطنية للمجتمع. وقال الصنعاني بان السلطة أسقطت كل الحوامل السياسية ذات المشروع الوطني مما أدى إلى ظهور الحوامل الطائفية ذات التطلعات الفردية، كما أن إشكالية احتكار الحقيقة والفضيلة والسلطة خلفت الكثير من المشكلات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تعصف بالمجتمع. وأوضح الصنعاني إلى أننا نفتقد اليوم لصحيفة مواطنة كصحيفة المدينةالمنورة التي وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم والتي احتضنت سكان المدينة المنور باختلاف معتقداتهم، ودع الصنعاني النخب المثقفة إلى التعايش تحت راية المواطنة والضغط على السلطة أن تنتج خطاب سياسي يدعم المواطنة بين كل طبقات المجتمع. وتتطرق الباحث عبد الله القيسي في مداخلته لدور الثقافي في تأجيج الصراع حيث قال بان المخزن الثقافي للمجتمع هو المحرك الرئيسي للصراعات التي تعصف به، نتيجة استجرار الإحداث التاريخية المأساوية المجودة في تراثنا ، وأشار القيسي إلى أن هناك ازدواجية في فهم التراث المتصل بالحركات الأيدلوجية كما هو بالنسبة لفكر القاعدة والتي لم تجد تعاطف بين أبناء المجتمع اليمني نتيجة الحملة الإعلامية ضدها، بينما نجد الفكرة الحوثية تجد من يبرر لها من قبل النخب السياسية والمثقفة رغم أنها تحمل نفس جوهر فكر القاعدة. من جهته تحدث الباحث فهد سلطان عن التعايش في الفكر الإسلامي حيث أشار إلى أن هناك جمود في مراجعة وتجديد المذاهب الإسلامية والتي انعكس بدورها على التعايش الحالي الملي بالصراعات بين المذاهب الإسلامية ، وقال فهد سلطان بأنه يجب في اللحظات الراهنة على الطوائف أن تقبل ببعضها البعض والعمل على المشتركات المجودة بينها حتى تتخلص من الصراعات الحاصلة بينها. أما الباحث عبد الغني الماوري فقد تناول قضية المواطنة بكونها المحور الأساسي الذي سنستطيع به تجاوز الصراعات الحالية ونضمن تعايش سلميا بين كل أبناء الوطن تحت راية المواطنة وذلك هروبا من الإرث الثقيل لمورثنا الديني الخاطئ الذي يخرج الأمور عن حقيقتها. ومن جانيه أكد الناشط الحقوقي الثائر خالد الإنسي بأننا لا نستطيع ضمان تعايش بين أبناء المجتمع ما لم نبني دولة وطنية تبتعد عن الطائفية والمذهبية والمنطقية التي تخلق الصراع..