لا يختلف اثنان بأن أداء الحكومة كان غير مرضي تماماً وأظهرت أو أجبرت بالظهور كحكومة فاشلة تماماً وأعتقد جازماً والكثير من المراقبين السياسيين قد يؤيدونني بأن الفشل ليس فشل حكومة وفاق بقدر ما هو فشل لمنظومة الحكم بشكل كامل وليس من المنصف أو المنطق في شيء أن يضع أعمدة النظام السابق وذيولهم كل أنواع العراقيل والمشاكل أمام حكومة الوفاق ثم يتهمونها بالفشل. وفي هذا المقال سنتحدث عن فشل منظومة الحكم ككل وليس فشل الحكومة فقط لأن فشلها يمثل جزئية من كلية كبيرة وهي فشل منظومة الدولة بأكملها، ولا أقصد في هذا المقال سوى تسليط الضوء على السلبيات ومكامن الفشل الذي تعاني منه الدولة المترهلة حتى نتداركها لنبني يمنناً الجديد الذي يتمناه كل يمني غيور على وطنه. الفشل الأول: هو الفشل الأمني وهو واضح للعيان على الرغم من أن وزير الداخلية الجديد هو واحد من أفضل وزراء الداخلية منذ خمسة وثلاثين عاماً وبدون مجاملة له فأنا لا أعرفه ولكن انجازاته واضحة لكل عين منصفة ولكنه ماذا سيفعل وسط أعداد لا يستهان بها من القادة الأمنيين في جميع المحافظات يمثلون الطابور الخامس وولائهم للنظام السابق أكبر بكثير من ولائهم لنظام الحكم الحالي أو لوطنهم فلم نرى ولم نشاهد اعتقالات ولا تحقيقات ولا محاكمات إلا القليل والقليل جداً في حق الذين يخربون أنابيب النفط وأبراج الكهرباء ويقطعون الطرقات ويحاصرون المدن لمنع وصول المشتقات النفطية أو الذين يخفون المشتقات النفطية ويبيعونها في السوق السوداء وهذا فشل لمنظومة الدولة ككل وليس للحكومة فقط. الفشل الثاني: هو الفشل العسكري والمتمثل في الحروب ضد القاعدة والحوثيين ففي الحالة الأولى خاضت الدولة الحرب الأولى في العام 2012 وفشلت فشلاً ذريعاً لأن المقياس هنا هو القضاء علي القاعدة بشكل كامل والقضاء على عملياتها الإرهابية ولم يتم ذلك ولم نراه واقعاً على الأرض بل على العكس تماماً زاد نشاط القاعدة بشكل أكبر من السابق وبنوعية أخطر وهجمات أشرس مما كان عليه قبل 2012 فلقد كان نشاطها محصور في أبين فقط وأنتشر نشاطها الإرهابي ليشمل العديد من المحافظات مثل البيضاء وشبوة وحضرموت وصنعاء وأمانة العاصمة ومأرب وغيرها من المحافظات بل أصبحت تستهدف رأس الدولة شخصياً باعتراف فخامة الرئيس هادي شخصياً في بعض مقابلاته الصحفية. وجاءت الحرب الثانية على القاعدة وصاحبها ضجيج إعلامي منقطع النظير داخلياً وخارجياً واعتقدنا بأن الأمر قد حسم وأصبحت القاعدة تاريخ من الماضي ولكن خفتت أصوات المتحدث العسكري وتلاشت الصور من شاشات القنوات التلفزيونية وقتل بعض القادة المغمورين في القاعدة وظلت عملياتها مستمرة في كل مكان، وكان نشاطها الإرهابي واضحاً في المكلا وسيئون والبيضاء ورداع. أما الحرب على الحوثيين فما زالت تشكل علامة استفهام كبرى حتى أصبح الخارج والداخل يتعجب لموقف وزارة الدفاع الناعم وكذا بعض القادة العسكريين من الحوثي ويشعر هؤلاء بأن هناك جناح في المنظومة العسكرية متعاطف بشكل كبير مع الحوثيين ولولا تهديدهم الفعلي للعاصمة صنعاء من خلال محاولتهم لاحتلال محافظة عمران ومهاجمتهم للنقاط العسكرية ومحاولتهم لاحتلال بعض معسكرات الجيش المحيطة بعمران وقتلهم للعديد من الجنود ما تحركت وزارة الدفاع لدعم اللواء 310 الذي أنيطت إليه مهمة حماية محافظة عمران ويفسر بعض المراقبين السياسيين موقف بعض القادة الكبار في وزارة الدفاع المناصر للحوثيين هو أن هناك ضغوطاً دولية قوية تمارس عليهم وأن هؤلاء القادة أصبحوا بين مطرقة أمريكا وسندان المملكة فهم سيغضبون أمريكا إذا ما هاجموا الحوثيين الابن المدلل للولايات المتحدةالأمريكية وسيغضبون المملكة إذا ما تركوا الحوثيين يعبثون بأمن اليمن والمملكة بل ومنطقة الخليج ككل. وهذا يمثل فشل عسكري واضح لأنه لا توجد سياسة واضحة ومعلنة بشفافية للشعب حتى أصبح عامة الشعب لا يفرقون بين العدو والصديق بسبب السياسة العسكرية الغامضة لوزارة الدفاع. فشل للمنظومة القضائية لعدم قدرة القضاء في ضبط وإحضار أو محاكمة مجرمي المذابح التي تمت أثناء الثورة الشبابية وبعدها مثل جمعة الكرامة ومسجد النهدين والاغتيالات العديدة والتفجيرات العديدة في العاصمة والمحافظات فلماذا يتم تمييع الأمور إلى هذه الدرجة على الرغم من أن هناك أوامر واضحة وصريحة من النائب العام بل هناك أحكام قضائية بالقبض على بعض هؤلاء المتهمين ولكن لم يحدث شيء من هذا بل بعض هؤلاء المتهمين ما زالوا طلقاء بل ويتبوءون مناصب عليا في الدولة.. فلماذا لا تجرى محاكمات غيابية لهم ويتم إصدار أحكام ثم تطالب وزارة الداخلية بالقبض على هؤلاء الأشخاص إذا ما أدينوا؟ فشل اقتصادي كبير وتدهور في احتياطي الدولة من العملات الأجنبية ووصل هذا الفشل إلى درجة أن البواخر تأتي محملة بالمشتقات النفطية وهي راسية حالياً في الموانئ اليمنية والدولة ليس لديها مال لدفع قيمة هذه المشتقات النفطية لهذه البواخر.. فشل في تحصيل الضرائب من التجار والمؤسسات الخاصة.. فشل في تحصيل الجمارك.. فشل في تصدير المنتجات والمحاصيل الزراعية الأخرى.. ولا نستطيع أن نحمل وزير المالية هذا الفشل لأن جزء كبير منه هو منظومة فساد متكاملة متمثلة في التدني الشديد في رواتب موظفي الدولة بشكل عام خاصة هؤلاء الذين يعملون في المؤسسات الإيرادية مما يجعلهم يتقاعسون من جمع أموال الضرائب والجمارك مقابل أموال يدفعها لهم المكلفين أو التجار أو أصحاب المؤسسات.. فزيادة الرواتب وملاحقة المتهربين من الضرائب قرارات سيادية ليس لوزير المالية يد فيها. فشل إعلامي كبير بسبب عدم إظهار منجزات حكومة الوفاق وعدم إبداء أي جهد في محاربة القنوات ووسائل الأعلام الأخرى التي تمثل الثورة المضادة والتي تحرض على الفتنة وعلى العنف وتنشر الأكاذيب وتحرض الشعب بالخروج على الدولة وتشوه صورة مؤسسة الرئاسة ومؤسسات الدولة المختلفة. وأيضاً هنا لا نلوم وزير الأعلام لأن إغلاق هذه القنوات ومحاكمة القائمين عليها هو أيضاً قرار لا يستطيع أن يتخذه سوى رئيس الدولة أو النائب العام بتوجيه من رئاسة الدولة والشيء الغريب أن وكالة سبأ للأنباء، وهي التي تمثل القناة الرسمية للدولة تقوم في بعض الأحيان باتخاذ مواقف معادية للنظام القائم أو تتجاهل فعاليات حكومية تصب في مصلحة حكومة الوفاق وكان هذا واضحاً في تغطيتها لاستجواب الحكومة الأخير في مجلس النواب. فشل رقابي للجهاز المركزي للمحاسبة والرقابة ولجهاز مكافحة الفساد وهذا الفشل ليس ناتج عن ضعف هذه الأجهزة بل لأن الكثير من ملفات الفساد يتم تبريدها وإدخالها إلى ثلاجة التاريخ بأوامر من جهات عليا كما أن المواطن شعر بأن ليس هناك انسجام أو تفاهم بين أعضاء هيئة مكافحة الفساد مما أثر بشكل سلبي على أداء هذه المؤسسة الهامة ولا توجد مؤشرات بأن مؤسسة الرئاسة تريد تفعيل هذه المؤسسات الرقابية والمحاسبية الهامة وكأن لسان حال الدولة يقول اسكتوا عنا وسنسكت عنكم. فشل إداري كبير متمثلاً في عدم رغبة مؤسسة الرئاسة في إبعاد الفاسدين من رموز النظام السابق وإصرار القيادة السياسية أن تلعب بنفس الفريق الفاسد الذي أوصل اليمن إلى محطة الدولة الفاشلة وهم يقومون بدور الثورة المضادة وللأسف الشديد فهم يسيطرون على أكثر من 90% من مفاصل الدولة ويديرونها في الداخل وكذلك يديرون سفاراتها في الخارج والجميع يعلم هذا. السؤال هو إذا كانت منظومة الفساد السابقة ما زالت هي المتحكمة والمسيطرة على مفاصل الدولة فكيف يتوقع الرئيس هادي أن ينجح هو أو أي حكومة سيشكلها مستقبلاً؟