شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    استشهاد امرأة وطفلها بقصف مرتزقة العدوان في الحديدة    الحكومة: الحوثيون دمّروا الطائرات عمدًا بعد رفضهم نقلها إلى مطار آمن    مجزرة مروعة.. 25 شهيدًا بقصف مطعم وسوق شعبي بمدينة غزة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    صنعاء تكشف قرب إعادة تشغيل مطار صنعاء    وزير النقل : نعمل على إعادة جاهزية مطار صنعاء وميناء الحديدة    بيان مهم للقوات المسلحة عن عدد من العمليات العسكرية    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الاتحاد الأوروبي يجدد دعوته لرفع الحصار عن قطاع غزة    الصاروخ PL-15 كل ما تريد معرفته عن هدية التنين الصيني لباكستان    صنعاء .. هيئة التأمينات والمعاشات تعلن صرف النصف الأول من معاش فبراير 2021 للمتقاعدين المدنيين    صنعاء .. الصحة تعلن حصيلة جديدة لضحايا استهداف الغارات على ثلاث محافظات    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    الجنوب.. معاناة إنسانية في ظل ازمة اقتصادية وهروب المسئولين    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 7 مايو/آيار2025    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحث زايد جابر يكتب إلى المتسائلين عن "وجه الحوثي"
نشر في الأهالي نت يوم 10 - 12 - 2014

ما فعله الحوثيون مع الشيخ صادق الأحمر، ليس غريبا ولا مفاجئا إلا عند من لم يعرف الحوثيين وممارساتهم، وتاريخ وتراث الأئمة الذي يستندون إليه.
أيها السادة: إن الغدر ونكث العهود دينا عند أئمة الهادوية ودعاة العنصرية في اليمن، مادام أن ذلك يصب في مصلحة استعادة حقهم الالهي المزعوم.
ولأن ذاكرة اليمنيين مثقوبة، دعونا نذكرهم بقطرة من بحر التاريخ الآثم للحوثيين والأئمة من قبلهم.
الحوثي وقتل العائدين من خصومه إلى صعدة
أثناء الحروب الست العبثية التي خاضها الحوثيون مع الدولة، كانوا أثناء وقف الحرب ينتقمون بشدة ممن وقف مع الدولة وأيدها ورفض القتال معهم، ولهذا فقد نزح الكثير منهم قبل توقف الحرب حتى لا ينالهم انتقام الحوثي، بيد أن الحوثيون قد أمنوا النازحين وطلبوا عودتهم دون أن يمسهم أذى، وحين عاد بعضهم، غدر به الحوثيين وقتلوه، من هؤلاء على سبيل المثال الشيخ يحيى قروش، أحد مشايخ مديرية مجز محافظة صعدة، وكان الحوثيون قد قتلوا اثنين من أبناءه، ونهبوا مزارعه وممتلكاته، فخرج من صعدة بعد الحرب الخامسة، وبعد توقف الحرب قامت اللجنة الرئاسية ووسطاء آخرين بأخذ ضمانات وتعهدات من الحوثيين بعدم الاعتداء على معارضيه إذا ما عادوا إلى بيوتهم التي شردوا منها، ومنهم الشيخ قروش الذي يبدو أن محافظ صعدة آنذاك (حسن محمد مناع) كان قد طمأنه بناءاً على وعود قيادة الحوثي، لكن ما إن وصل قروش إلى منزله حتى قام الحوثيون بقتله في 10/4/2009م، وقال محافظ صعدة آنذاك إن "العناصر الاجرامية الخارجة على القانون والمثيرة للفتنة التابعة للحوثي قامت باغتيال الشيخ قروش، بعد أن قامت بقتل اثنين من أبنائه، والاستيلاء على مزارعه الخاصة، وممتلكاته الخاصة"، مضيفا بأن "المجني عليه حاول العودة إلى منزله بعد أن اطمأن على إثر جهود التهدئة التي قامت بها اللجنة الرئاسية المكلفة بتهدئة الأوضاع في غمر، بعد الاعتداءات الأخيرة التي قامت بها العناصر التابعة للحوثي، واستولت خلالها على العديد من المرافق والمنشآت العامة والخاصة ( )".
وهناك آخرون لقوا حتفهم بعد أن عادوا إلى ديارهم مصدقين وعود الحوثي بأنه لن ينتقم من أحد ولن يتعرض لأحد ممن وقف مع الدولة ضد الحوثيين في حروبهم المختلفة. ونقض الاتفاقات والعهود أمر اشتهر به الحوثيين طوال فترة حروبهم، فقد كانوا يوقعون اتفاقات للهدنة وسحب ميليشياتهم وما إن يلتقطوا أنفاسهم ويعيدوا ترتيب أوراقهم حتى يضربوا بالاتفاقيات عرض الحائط ويقومون بالهجوم على معارضيهم وقتلهم غدرا. وكان آخر أعمالهم الغادرة الهجوم على اللواء 310 في عمران وقتل قائده العميد حميد القشيبي، وعشرات الضباط والجنود يوم 8يوليو2014م بعد حصار للمعسكر ولمدينة عمران استمر عدة أشهر. وقد أكدت يومها البيانات الرسمية الصادرة عن اللجنة الأمنية العليا واللجنة الرئاسية صحة رواية الغدر بالقشيبي.
الانتقام من بيت الأحمر
بعد سقوط عمران استمر الحوثي في اتفاقاته ونقضه للعهود وغدره بخصومه، فعل ذلك في يريم مع الشيخ بدير، وفي الرضمة مع الشيخ الدعام، وهكذا فعلوا مع بيت الأحمر بالتعاون مع صالح.
ففي سبيل الانتقام من بيت الأحمر لوقوفهم مع الثورة استخدم الحوثيون هذا الأسلوب الذين يتنافى مع قيم الدين والعرف والأخلاق، ولم يفعله سوى الائمة وآخرهم الإمام أحمد حميد الدين، الذي استخدم الأسلوب ذاته "الغدر والخيانة" مع الأسرة ذاتها "أولاد الأحمر" وللهدف ذاته، وهو الانتقام من بيت الأحمر وخاصة "الشيخ حميد" لوقوفهم مع الشعب ومطالبه بالحرية وحكم نفسه ورفض توريث السلطة، والخلاف فقط في الوسائل المستخدمة وبعض النتائج.
يحكي كتاب ابن الأمير وعصره تفاصيل ما فعله الإمام أحمد بعد أن عاد من رحلة الاستشفاء والترف في روما، مع حسين بن ناصر الأحمر وابنه حميد، فيقول: "أخذ الامام أحمد يصابر الرجلين ويداورهما ويشيع أنه لا يريد بهما إلا الخير، وفي الوقت نفسه يخذل الأنصار من حولهما، ويثير حزازات بين حاشد عفا عليها الزمن. وذلك ليدفع أصحابهما إلى خذلان حسين وابنه، ويستدعي ولده البدر ويسر إليه أن السياسة تقتضي تقريب القبائل وأشار عليه أن يطلب إليه حسين بن الأحمر وولده حميدا، وأن يعطيهما (الوجه) والعهود والمواثيق وأن يستبقيهما عنده في القصر. وقد أحس الرجلان في النهاية بما يدبر لهما، ولكن بعد أن استحال عليهما الخروج من قصر البدر.. وفي ميدان السخنة يستدعي الطاغية أحمد صهره أحمد عباس ويطلب إليه أن يأتيه برأس حميد وتعلق الرأس في واجهة قصر الإمام. ثم يطلب حسينا ليفاجئ برأس ابنه معلقة على واجهة القصر.
أي قسوة هذه. وأي وحشية. وأي تجرد من كل معاني الإنسانية؟.
لتكن المبررات التي استند إليها الطاغية في قتل حميد كما شاء أن تكون. ولكن أي حجة يقف بها أمام الله هذا المتستر وراء مسوح الإمامة عندما يفاجئ والدا برأس ولده على هذه الصورة.
وكان ما توقع. لم يستطع الشيخ أن يتجلد أمام رأس الشهيد، فخذلته قدماه، وأخذ يصيح ولدي ولدي. والوحش المسعور يتشفى ويتلذذ بهذا المنظر، حتى إذا انطفأ بعض حقده، نادى لصهره وأمره أن يذهب بحسين ليقتل في المكان الذي قتل فيه ولده، وأن يؤتى بالرأس ليعلق مقابلا لرأس حميد.
وقد يظن ظان أن هذا العمل الذي قام به أحمد عمل شاذ لا يقره عليه انسان. ولكن انظر إلى صدى الجريمة لدى أفراد الأسرة، اتصل عبد الله بن الحسن تليفونيا بالبدر قائلا:
بشرى. ما هذه البشرى؟ وإذا بعبد الله يزف إليه أخبار الجريمة. وكان المتوقع أن يغضب البدر للعهد الذي قطعه أو للأيمان التي وثقها. أو لقواعد الضيافة التي يحترمها كل عربي. ولكنه نظر إلى جلسائه وقال: الحمد لله، أعدوا العدة لليلة تتقارع فيها الكؤوس.
ولم يكن شيوخ القبائل من أطراف اليمن ليظنوا أن الطاغية ستصل به الدناءة إلى هذه الصورة. فذهبوا إليه يتشفعون ويتوسلون. ولكن الطاغية فاجأهم بأن الأمر قد انتهى". انتهى كلامه.
وقد يكون هناك خلاف حول هذه التفاصيل التي ذكرها مؤلفو كتاب ابن الأمير، إلا أنه لا خلاف حول ارتكاب الإمام أحمد عن طريق الغدر والخيانة لهذه الجريمة التي لم تكن الوحيدة في حياة هذا الامام، فقد كان الغدر طبعه، كان إذا أراد الفتك بإنسان تحت يده مد له في الأمل حتى يتوقع العفو ثم يفاجئه بتوقيع عقابه فيه، حتى أن أخويه عبدالله والعباس بعد ثورة 1955 لم يتحرج من التصرف معهما هذا التصرف.
أرسلا إليه يراجعانه ويطلبان عفوه واطلاق سراحهما من سجن حجة، فكان جوابه: "أنتما لا تبقيان في الحبس غير يوم أو يومين". وبعد يومين جاء إليهما أمر الطاغية لا بالإفراج ولكن بالسيف والنطع.
وجرائمه كثيرة ومع ذلك فقد عده مجد الدين المؤيدي من أئمة الهدى ومصابيح الدجى، الذين ترجم لهم في كتابه التحف شرح الزلف، مبتدءا بالنبي (ص) والامام علي، ومنتهيا بيحيى حميد الدين وابنه أحمد، حيث ختم ترجمته للإمام يحيى قائلا:
سل عنه أخبر به انظر إليه تجد.. ملأ المسامع والأفواه والبصَرِ
وقام من بعده أحمد المقدام والل.. يث الهصور إمام الثأر والأثرِ.
الإمام أحمد حميد الدين. ودعا بعده الإمام الناصر أحمد وحالفه النصر والظفر، وكان ليثاً هصوراً، وبطلاً غيوراً، ومقداماً جسوراً، وعالماً بارعاً، وخطيباً مصقعاً، ترتجف القلوب لهيبته، وترتعد الأبطال لصولته، ولم يزل لسيفه شاهراً، ولأعدائه قاهراً حتى توفي في شهر ربيع الثاني سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وألف، ولا يسع المقام الخوض فيما جرى في أرض اليمن من عظائم الفتن، وفوادح المحن، كما قال السيد صارم الدين بعد البيت السابق - وذا زمانك...إلخ -:
وقد جرت فتن فيه مروعة.. قضت على أنفَس الأرواح والذخر
وأقول:
فالله يحمي حمى الإسلام نسأله.. لطفاً وَكَفاً لأيدي البغي والبطر".
على خطى الأئمة
إن مجدالدين المؤيدي لا يرى فيما ارتكبه الامام أحمد ما ينقص من قدره، بل على العكس فهو لم يخرج قيد أنملة عن أفعال الائمة الكبار من قبله، والذين كانوا يمنحون الأمان لمعارضيهم ثم يغدروا بهم ويقتلوهم.
فما قام به الحوثي، وقبله الامام أحمد حميدالدين، له شواهد وأدلة تمتلئ بها سير الائمة وفتاواهم، فقد ذكر عيسى بن لطف الله، أن جده الامام المطهر بن شرف الدين في سنة 958ه حاصر هو ومن معه من جنوده حصن الطويلة الذي استولى عليه الشريف صلاح بن أحمد، وجماعة من قرية قريبة من الطويلة يقال لها (مرايض)، وآخرون من قرى قريبة من (لاعة)، وتحصنوا فيه، وبحسب رواية الحفيد فقد طلب الشريف وأصحابه الخروج من الحصن، والنزول على حكم المطهر، فلما مثلوا بين يديه لامهم وعاتبهم، ثم أمر بأصحاب الشريف وأعوانه كلهم، فربطت أرجلهم إلى الجمال، فسحبتهم على وجوههم حتى تمزقت وتناثرت أجسامهم في الطرقات، وأمر باركاب قائدهم الشريف صلاح على بغلة، فامتنع بعد أن رأى ما حل بأصحابه، واستنكف أن يركب، وأصحابه يسحبون على وجوههم، فأمر المطهر حينذاك بضرب عنقه، كما أمر أن لا يقبر ولا يدفن، وأن يظل في العراء حيث قتل.
وواضح أن الشريف وأصحابه كانوا قد سلموا أنفسهم وارتضوا بحكم المطهر، ما يعني أنهم قد تابوا أو أنه كان قد أمنهم، ولكنه مع ذلك قتلهم، وهذا جائز عند أئمة الهادوية، فمن حق إمام الهدى أن لا يقبل توبة من يقاتله بل من حقه أن يقتلهم وهم آمنون أو أن يستدرجهم ويأمنهم ثم يقتلهم، وقد فعل الامام عبد الله بن حمزة ذلك كله مع المطرفية ومع غيرهم، وعندما سئل عن ذلك أفتى بجوازه واستشهد بأفعال الائمة من قبله، وخاصة الامام الهادي، وقد ظل الائمة يعملون بهذه الفتاوى الجائرة حتى آخر الائمة أحمد حميد الدين، ثم سار على نهجهم عبدالملك الحوثي لكي يثبت أنه أصبح إماما على نهج من سبقوه.
ولهذا لا نجد أحدا من علماء الهادوية المعاصرين يدين ما يقوم به الحوثيين من تفجير منازل خصومهم، بل على العكس هناك رضى وتبرير لما يقومون به.
فحين سئل المرتضى المحطوري عن تفجير الحوثيين لمنازل خصومهم، قال: "إنها من باب وترهبون به عدو الله وعدوكم"، وأضاف: عندما فجروا بيوت أولاد الشيخ نزلوهم من فوق الحمار!!.
التأصيل الشرعي للغدر بالمخالفين عند أئمة الهادوية
إن الأحكام المتعلقة بنظام الأمان في الاسلام مما تمتلئ به كتب المذاهب الاسلامية كافة بما في ذلك المذهب الهادوي. ففي شرح الأزهار نقرأ أن صيغة الأمان تتم: "ولو بإشارة، فاذا قال المسلم للمشرك: تعال إلينا فأنه يكون أمانا للمدعو، كما لو قال: أمنتك أو أنت آمن أو في أمان أو لا خوف عليك"(..)، لكن أئمة الهادوية للأسف لا يرون أن ما ينطبق على المشركين ينطبق على اليمنيين المسلمين الذين يخالفونهم في المذهب أو يرفضون إمامتهم، فمن خالفهم وقاتل الإمام أو حرض عليه جاز للإمام أن يمنحه الأمان استدراجا ليقتله أو يحبسه، وهذا ما فعله الحوثي مستندا إلى أفعال وفتاوى الائمة من قبله، إذ كان الائمة بعد أن يقوموا بتلك الجرائم يشرعنون لها في مؤلفاتهم وفتاواهم الشرعية.
ففي فتاوى الإمام عبد الله بن حمزة، التي حققها ونشرها عبد السلام الوجيه، لتكون قدوة ومنارا لأهل الحق نقرأ على سبيل المثال لا الحصر عن:
[قتل الأبرهي والنقيب ويحيى بن أحمد]. وسألت: ما الحجة على جواز قتل جماعة وهم آمنون معاشرون كالأبرهي، والنقيب، وكذلك قتل يحيى بن أحمد؟
الجواب في ذلك: إن من أظهر فساده، واتضح لصاحب الأمر عناده، جاز قتله، وتنكيله، وتذليله، وقد قال الله تعالى: (لَئِن لَم يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ وَالمُرجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغرِيَنكَ بِهِم ثُم لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً، مَلعُونِينَ أَينَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتلُوا تَقتِيلاً). [الأحزاب:60،61]، ووجه الاستدلال بهذه الآية أن الله تعالى أشعر نبيه بأن من ذكرهم إن لم ينتهوا عما كانوا عليه من الفساد أغراه بهم، والإغراء أغلظ حكما من (الأمر) يعرف ذلك أهل العلم، وقضى بقتلهم وهو لا يقضي إلا بالحق بأخذهم وقتلهم، (وكثره) وعظمه بلفظ التفعيل يعرف ذلك أهل اللسان. والمعلوم ممن عرف أحوال الأبرهي والنقيب أن فسادهما كان من أعظم الفساد، وعنادهما من أشد العناد. تولى النقيب وأراد توطيد دولة الغُز في بلاد الطرف بكل مرام، ولما ظهرت دولة الحق خضع لها بعض خضوع، وهو في نهاية المكر، واستشعار الغدر. وأما الأبرهي فلا يجهل أحد من أهل المعرفة فساده وعناده وما كان منه في تلمص وصعدة من الشقاق فأحاطت به ذنوبه وأهلكه حوبه، والهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام هو القدوة لأهل الإسلام، فالمعلوم في سيرته عليه السلام أنه لما تمكن في صنعاء وظهرت يده وبلغه مكر آل يعفر وآل طريف والفجائم فلم يتمكن منهم إلا بأن دعاهم إلى العطاء، فلما استقر بهم القرار، في بحبوحة الدار، أمر بقبضهم فكبلوا في الحديد، وغللوا إلى الحبس الشديد، فشحن بهم سجون صنعاء، وسجن ظهر، وسجن شبام، وأخذ دوابهم، وسلاحهم، وقاطبة من أموالهم فرقه في المسلمين؛ هذا وهم في نهاية الأمن والتقربة، فجاز له ذلك لما علم خبثهم وشرارتهم، وما المذكوران بأفضل من أولئك، ولا أقرب إلى الحق وهو عليه السلام قدوة لأهل الإسلام.
وحتى لو أعلن التوبة فللامام أن يقبلها أو يرفضها، وقد قتل عبدالله بن حمزة من أعلن توبته من المطرفية وحين سئل عن ذلك أجاب: "وأما من أظهر البراءة منهم واعتقاد الإمامة بعد القدرة عليه؛ فإن غلب في الظن أن إظهار ذلك تديناً وخوفاً لله تعالى وطاعة قبل منه، وخلي سبيله؛ وإن غلب في الظن أنه منه تفادٍ من القتل والسبا، لم يقبل منه؛ لأن المعلوم وجوب قتله، واستباحة ماله وآله، ولا يجوز الخروج عن ذلك إلا بأمر شرعي، وأقل ما نفذت به الأحكام الشرعية في الشرع الشريف ما يوجب غالب الظن، فإذا غلب في ظن الإمام أو الوالي صدقه حمله على الصدق، فإن لم يغلب في ظنه تصديقه لم يجز له أن يصدقه؛ لأن تصديق من لا يغلب على الظن صدقه قبيح، فكيف يكون القبيح واجباً، ويجوز فعله فلا يكون لإظهار ما أظهر حكم، وقد قال الله تعالى: (إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشهَدُ إِنكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعلَمُ إِنكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشهَدُ إِن المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) [المنافقون:1]، فكذبهم في أمر ظاهر حق وصدق، لما كان باطنهم في ذلك خلاف ظاهرهم فكذلك الفرقة المطرفية، الكافرة الشقية، الضالة الغوية، تظهر -وقد ظهر ذلك للمسلمين- إيماناً وتبطن كفراً، وقد اتبعت في ذلك واحدة بأخرى، وكررت النكث شفعاً ووتراً، وذلك معلوم لمن عرف أحوالهم، فكم بايعوا، وكم نكثوا، وكم أظهروا التوبة نفاقا، ثم ارتدوا ظاهر الأجل بسبب ظهورهم، ولقد نافقنا أهل (عوشة) من عشاش كفرهم يقال لها: (إلتو) ست عشر سنة، فلما ظهر شقيهم المسمى بالمشرقي تجمعوا".
واستدل على ذلك بما فعله الهادي، فقال: "والهادي عليه السلام لما دخل وادي أملح في بلاد وايلة جعل يتنقل في قراهم ودورهم، يقطع أعنابهم ونخيلهم، ويخرب منازلهم -وهم يجأرون إليه بالتوبة وقبول الأمان- فلم يقبل منهم لما يعلم من خبث الخلق وشرارتهم، وهذا موجود في سيرته عليه السلام معروف عند من يعرف أحواله وأقواله، ولم يقبل توبتهم لما يعلم من خبثهم وشراراتهم؛ هكذا ذكره مصنف سيرته عليه السلام".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.