يتجه في هذه الأيام غالبية أطراف الصراع السياسي والأيدلوجي باليمن إلى إحدى المراحل الخطيرة التي ستخرج اليمن من عنق الزجاجة ومن الوضع المأساوي الراهن على جميع الأصعدة خصوصا الأمنية والاقتصادية وبذالك يتابع الرأي العام اليمني هذا الأمر وكله أملا في الخلاص من هذه الأزمة والتسمية هنا بالمجاز إن القارئ والمتابع للواقع اليمني وخصوصا بشقيه السياسي والاقتصادي وحتى الأمني يجد أن تهامة اليمن تكاد تكون غائبة تماما عن هذه الأحداث وكأنما أريد لهذا الجزء الغالي من الوطن أن يعيش خارج سراديب النسيان وكما هو حاله منذ عدة عقود يقبع في مستنقعات الإهمال وتحديدا منذ قيام الثورة اليمنية السبتمبرية المباركة على الحكم الإمامي في شمال الوطن. توالت الأحداث ومضت الأيام والسنون ولا زال هذا الإقليم يعيش خلف التاريخ السياسي والاقتصادي بل رميً به خلف الزمن. وحينما انطلقت الثورة الشبابية الشعبية مطلع العام المنصرم كان أبناء تهامة من السباقين في إشعال وقودها ونصبت العديد من الساحات في مديريات تهامة وعلى رأسها مدينة الحديدة وبيت الفقيه والتحيتا وخرجت المسيرات والإحتجاجات وأقيمت المهرجانات كل منطقه من المناطق التهامية كزبيد وبيت الفقيه باجل والدريهمي والزهره واللحية وغيرها من بقاع تهامة.ولم تبقى منطقه من مناطق تهامة إلا ولها بصمه ثوريه ساهمت في الإطاحة بالنظام السابق. تهامة لم تساهم في الثورة للمشاركة في الترف الثوري أو حتى البروز السياسي بل كان أهم مدعات خروجها أن أبناء تهامة أنهم عانوا أضعاف الظلم والتنكيل مما عانته بقية الناطق الثائرة باليمن. وأهم معالم الظلم والفجر بحق أبناء هذا الإقليم هي الحملة الشعواء الإجرامية في التهام أراضي القرويين وتشريد السكان الأصليين منها ومما يندى له كل حبين حر ما ورد في تقرير اللجنة البرلمانية التي شكلت بالتحقيق في قضية نهب الأراضي في تهامة أنها أصدرت بيانا أوضحت فيه أن بعض الناهبين من النافذين أغتصب مساحات أرضيه شاسعة مساحاتها تفوق بعض مساحات دولا عربيه بكاملها. في تهامة أيضا أحرقت القرى وشرد سكانها كما فعل بقرية المجاهصه التي أحرقت وطرد سكانها من أجل إشباع شهوة السيطرة والتملك لا حد النافذين. في تهامة أستتب الفقر وإنعدمت البنية التحتية والخدمات الصحية وسيطر البؤس والعوز وانتشرت الأمراض والأوبئة.حتى أهلك الحرث والنسل فقرا وعوزا وحاجة وحال هذا الإقليم لا يخفى على أحد، وتبرز هذه المعالم التراجيدية في جميع معالم الحياة للمواطن التهامي ومن يزر هذا الإقليم يصدم من هول الفاجعة. كان في الثورة الشبابية الشعبية بصيص أمل لمستقبل قادم وموعود يغير هذا الواقع البئييس ليدخله مره أخرى إلى الواقع المأمول والمنتظر وهذا الدافع الذي أشعل شباب تهامة لينخرطوا مبكرا ويساهموا في جميع مظاهر الفعل الثوري منذ انطلاقته أول صفعه تلقاها أبناء هذا الإقليم في يمن الثورة. هو الغياب التام لقضيتهم من على جدول المطالب من أجل الحوار الذي أعلنته اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية في حين تصدر قضيتي صعده والجنوب على سدة هذه المطالب على الرغم أن القضية التهامية لا تقل سوء وبؤسا وإجراما عن هاتين القضيتين الصفعة الأخرى والأعنف هي التناسي والإهمال التام لقضيتهم من على المسودة التحضيرية لطاولة الحوار الوطني الذي يأمل منه خروج اليمن من عنق الزجاجة والانتقال إلى الواقع المنشود. إن الواقع ليشهد إن تهامة أكثر المناطق المقهورة في هذا الوطن وأشدها حرمانا ناهيك عن والظلم والعبثية التي تمارس ضد هذه المنطقة أرضا وإنسانا. وغياب الغياب للقضية التهامية ومن يمثلها من على طاولة الحوار الوطني أو اللجنة التحضيرية لها سوف ينتج ثلاثة مفاهيم لأبناء تهامة من أجل الوصول لرفع الظلم والقهر عنهم أولها: أن النظام الذي أنتجته الثورة الشبابية لم ولن يعترف إلا بمنطق القوه ومن يفرض نفسه على أرض الواقع ويصبح قوة ضاربه يشكل تهديدا للأمن والسلم الداخلي والإقليمي هو من يتم الاستماع لمطالبه وينال حقه كاملا غير منقوص ومن هذه الزاوية تم التعامل مع القضية الجنوبية وجماعة الحوثي التي فرضت نفسها وبقوه على أرض الواقع. ثانيا:الشعور بالإجحاف بحق أبناء هذه المنطقة من قبل صانع القرار باليمن وهذا الشعور يزيد من وطأت الإحساس بالقهر والظلم ونتاج هذا الإحساس سيزيد من الحراك الشعبي المناطقي في تهامة وهو ما سيؤدي إلى تخلق النظرة المناطقيه الضيقة وهو ما سيجلب فوضى وعدم استقرار للوطن المنشود مستقبلا. ثالثا: الشعور بالتقليل من أهمية هذا الجزء الحيوي من أرض الوطن من الناحية الأمنية ودوره في أمن وإستقرار اليمن وهو قد ينتج عنه محاوله لإقلاق السكينة العمة من أجل الضغط على الحكومة بصنعاء بكافة الأساليب من أجل نيل الحقوق المسلوبة. وأيضا الإحساس بالتحجيم للدور الاقتصادي لهذه البقعة وهو ما يدعو إلى مراجعه داخليه للمواطن التهامي لإعادة الحسابات في أمر توزيع الثروات والإتحاه بقوه نحو هذا المنحنى المناطقي في توزيع الثروات والشاهد إن محافظة الحديدة من أكثر المحافظات التي تدر الدخل على الخزينة العامة باليمن وحينها قد يكون الحل القادم هو ما يصور انه الآن مشكله إلا إن الظروف حين ذاك ستفرضه حلا. إن النار التي تشتعل تحت رمال تهامة الحارقة تزداد يوما بعد يوم كما أن الإحساس بالظلم لا يموت وقد علمنا التاريخ أن النيران الصغيرة إذا تركت سيكبر حجمها حتى تصبح جحيما يكتوي بناره الجميع. إن المواطن التهامي في طباعه المجردة من كل أخلاقيات العجرفة والشراسة والوديع في تعامله وطبيعة حياته سيترك كل هذه الأخلاقيات إذا وصل به التفكير والإحساس المؤلم إن حقوقه المنتهكة وأراضيه المنهوبة لن تعود وواقعه البئيس لن يتغير إلا بمنطق فرض القوه حينها لن يملك إلا أن يسلك جميع السبل والطرق لنيل حقه كاملا غير منقوص طبقا لما تفرضه عليه الظروف، وقد عرفنا تاريخيا إن أبنا تهامة ليسو بأقل عنفوان من غيرهم ففيها قبائل الزرانيق والمعازبه وقبائل زبيد وغيرها من البقاع التي شهد لها التاريخ ببسالة أبنائها. نتمنى من صانع القرار السياسي النظرة الجادة لهذه المطالب والنضرة العادلة والمنصفة للواقع اليمني بشكل عام دون مناطقية أو تمييز وعدم رؤية النيران لا يعيني عدم وجودها فكم نيرنا إنبعثت من تحت الرماد فأحرقت الأخضر واليابس