تستفزني العبارات الدبلوماسية التي يتم تداولها هذه الأيام حول الشأن السوري، وبخاصة عبارة عجز مجلس الأمن عن اتخاذ إجراءات حازمة بشأن النظام السوري، لأن مجلسا وفق هذه التركيبة وهذه الشروط لا يمكن أن ينصف مظلوما، أو يعيد حقا؛ هو مجلس تأسس للحفاظ على مصالح الدول المهيمنة التي تنهي بكلمة واحدة تاريخ أمة، وحقوق شعب، تحت شعار كاذب اسمه الأمن؛ هو مجلس أمن للدول المهيمنة التي لا تراعي في مواقفها غير مصالحها دون أي مرجعية خلقية، حتى قرارات هذا المجلس التي تحمل شيئا من التوازن والإنصاف، ترحل إلى أقبية الأممالمتحدة وتندثر عبر الزمن وتصبح حالة تاريخية تراثية. أستغرب كيف تنام شعوب الأرض وأنظمتها على نظام بهذه الصيغة، وتحت هذا المسمى الكاذب، والأكثر غرابة، أن هذه المؤسسة الأممية، تتعاطى في الشأن الإنساني دون مرجعية إنسانية، والجميع يتهافت، لدعمها ودفع المستحقات المالية لها، الشعوب تدفع لأولئك الذين لا يقدمون لها أمنا ولا دعما ولا عدلا، مؤسسة أممية قائمة على الكذب والتسلط والاستئثار بالقرار. نراهم على المنصات هادئين أنيقين معطرين مهفهفين، يتحدثون عن الموت والظلم وكأنهم يتحدثون عن فيلم سينمائي لا عن أطفال يذبحون ومجاز ترتكب، وشعوب بأكملها تعاني من الظلم التاريخي واللجوء والتشرد، أستغرب بصفتي الإنسانية المتواضعة كيف ينام هؤلاء؟ وما لون دمائهم وهوية ضمائرهم؟ هل على السياسي أن يترك الأخلاق في حمام منزله عندما يتعاطى مع الشأن الإنساني، وهل السياسة الناجحة يجب أن تكون بلا أخلاق. لقد آن الأوان أن تقوم كل الشعوب المقهورة لتغيير هذه التركيبة البائسة، فكل ما في هذا الكون طرأ عليه بعض التغيير والتطوير إلا هذه الهيئة الأممية، وبخاصة مجلس أمنها البائس الذي تأسس على معايير تتيح للقوي الهيمنة على مصائر المستضعفين، لقد باتت شعوب الأرض لا تثق بهذه المؤسسة، التي لا يختلف أعضاؤها عن شبيحة الأنظمة الدكتاتورية في العالم، فالشبيح والبلطجي من يقف في خندق الظالم ضد المستضعفين، ووفق هذه المعادلة فإن أمريكا بلطجي يدافع عن إسرائيل ولا يلتفت إلى الحق الفلسطيني، وروسيا شبيح طارىء استمرأ لعبة الظلم في حمايته للنظام السوري، ووفق هذا المنطق السائد منذ عقود فإن مجلس الأمن عليه أن يتغير، وفي الحد الأدني أن يغير اسمه من مجلس أمن إلى مجلس شبيحة.