تغيرت لغة الأرض في تهامة، تحديدا من المنعطفات التي تؤدي إلى مدينة زبيد التاريخية، وصولاً إلى مدينة الخوخة الساحلية، أحد الموانئ اليمنية القديمة لتصدير البن.. تتكلم الأرض الممتدة على مساحات واسعة مهملة عن تدهور في الأوضاع الحياتية وانعدام تام لأبسط الخدمات المعيشية لسكان هذا المناطق الساحلية التي يعاني أهلها الحرمان المزمن بدءاً من غياب بنيتها التحتية وانتهاء بالغياب المطلق لأي خطة حقيقية لتنميتها منذ عقود طويلة حيث تعتبر تهامة إحدى أكثر المناطق فقراً وحرماناً في اليمن. تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لسكان أقدم مدن التاريخ الإسلامي في اليمن "زبيد" أثر سلبا على الحالة الصحية للأطفال والنساء، وانتشرت الأمراض في أوساطهم، يترافق ذلك مع انعدام شبه تام للخدمات الصحية، رغم وجود مستشفى زبيد الحكومي في المنطقة، إذ أن هذا المستشفى متوقف. وطالما أقتصرت المعركة السياسية في هذا البلد حول السلطة لا حول الرؤى المستقبلية لبناء الوطن والإنسان فإن الثورة الحقيقية تنتظر من يعلنها، فمن غير المعقول والمقبول أن يعيش الشعب الذي قام بانتفاضة خارج سياق الدولة وخدماتها. الأسبوع الفائت كان لاتحاد المستشفيات اليمنية الخاصة مبادرة تستحق الإشادة والتشجيع حين نظم قافلة طبية خيرية لمدينة زبيد لإجراء بعض العمليات الجراحية، ومعالجة بعض المرضى في هذه المنطقة بفريق طبي ضم 40 شخصا بينهم الطبيب والجراح والإداري والصيدلي والفني، ومن مستشفيات خاصة عدة بينهم المستشفى الألماني الحديث، ومستشفى العلوم والتكنولوجيا، والمستشفى الأهلي الحديث، ومستشفى سيبلاس، ومستشفى القاهرة التخصصي، والمستشفى اليمني الألماني، وبمساهمة بعض الشركات والمصانع التي لا يتسع المجال هنا لذكرها. أمين عام نقابة الأطباء والصيادلة الدكتور عبدالقوي الشميري الذي كان على رأس الفوج الطبي ومسؤول عن الرحلة تحدث عن الوضع الصحي في زبيد قائلاَ "الوضع الصحي في زبيد صعب جدا فلا وجود للوسائل التشخيصية، ولا للأخصائيين مؤكدا أن المنطقة تفتقر للبنية التحتية، فالمريض يضطر للسفر إلى خارج المحافظة إذا كان لدية القدرة، وغالبية المواطنين لا يقدرون على ذلك حد تعبيره. وأوضح الشميري وهو المسئول العلمي لاتحاد المستشفيات اليمنية الخاصة أن استهداف زبيد -تحديدا- كان للمعرفة المسبقة لدى الاتحاد أن هذه المنطقة فقيرة ويعاني سكانها من غياب البنية التحتية وغياب الوسائل التشخيصية الحديثة إضافة إلى غياب الأدوية والكادر الطبي. وقال الشميري إن منطقة زبيد والمناطق المجاورة لها تحتاج إلى أبسط مقومات الخدمات الصحية الأساسية وأن تكون شبه مجانية لأن المجتمع فقير ولا يستطيع تحمل تكاليف العلاج والتشخيص. مشيرا إلى أنه من الضرورة اليوم أن نعيد النظر في رؤيتنا للخدمات الصحية في البلاد من حيث إدراك أن أكثر 70% يعيشون في مناطق نائية صحيا. ولهذا لابد من الإنفاق على الخدمات الصحية وتسهيل توفيرها لسكان المناطق النائية. وبحسب الشميري فالسبيل لتحسين الوضع الصحي للفقراء في اليمن بشكل خاص ولكافة المواطنين بشكل عام في الأرياف والمدن، تستوجب التعاطي مع الوضع الصحي كأحد مؤشرات التنمية البشرية. ويطالب الشميري الحكومة وعلى رأسها وزارة التخطيط بلفتة إلى المناطق الساحلية لتأسيس مشاريع صحية راقية والإنفاق عليها وإدارتها..