من تقيحات النزعة التسلطية الاستحواذية مساهمتها في إنتاج جرثومة نزعات انفصالية انشطارية تتجاوز عالمية الدين ورحابة الأممية الانسانية وحضارة اللسان العربي إلى هويات ما قبل التاريخ .وفي حالة انتعاش هذه الهويات سرعان ما تتحول إلى هويات انشطارية تنشطر على نفسها في تكونات عرقية أو جهوية صغيرة شبيهة بشعارات عدن للعدنيين، وغيرها من الشعارات الضيقة التي لا تتوقف عند حد معين عندما تتضخم الذات الأنانية الجشعة وتتمنطق بشعارات: ونشرب إن شربنا النفط صفواً ويشرب غيرنا كدراً وطينا. الأرض لله يرثها عباده الصالحون للتعمير والبناء. الذين لا يفسدون في الأرض بعد إصلاحها، ولا يبخسون الناس أشياءهم بسبب أصولهم العرقية أو الجهوية، ويقيمون الحكم بالقسط، ولا يطففون الموازين كالذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، وغير الصالحين من المفسدين والطواغيت والملتاثين بالنزعات الاحتكارية مصيرهم إلى الزوال كمصير علي عبدالله صالح وزين العابدين وحسني مبارك والقذافي، ومصير أصحاب الجنة حين أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون، يسخر الله عليهم أضعف جنده ليذلهم بأحقر من يحتقرونهم كما أذل طواغيت العرب ب بوعزيزي. الأرض لله يمكن أن يرثها من يستقبل الأفريقي من القارة السمراء ويسمح له بالصعود إلى رئاسة الدولة ولا يرثها الملتاث بلوثة البطنين أو القرشية أو عدن للعدنيين أو نحوها من الشعارات الجهوية والعنصرية. في دولة الاحتلال الصهويني لا يسألون اليهودي اليمني عن أصوله أو يحاسبونه عليها، وفي مقدوره أن يصل إلى رئاسة السلطة، وفي بعض مناطق اليمن والدولة العربية لا يسلم اليمني المسلم من المحاسبة ونظرات الاحتقار، فهل سيكتب الله لنا السيادة في الأرض ونحن لم نغادر ثقافات العرقية الشعوبية والجهوية المتخلفة و مانزال غارقين في هويات ما قبل التاريخ؟. قد تكون أصولك يمنية شمالية أو جنوبية وأنت تحمل الجنسية الأمريكية أو حتى الاسرائيلية أو الفرنسية ولا تشعر أن أحداً ينتقص من مواطنتك أو يحاسبك على أصولك العرقية، كما يعاني بعض اليمنيين في بعض مناطق اليمن أو بعض الدول العربية ، ونعتقد أن الله سيسمح لنا أن نتقدم أو نقود الحضارة البشرية ونحن نحمل هذه العقلية البدائية الملتاثة بالعصبوية الضيقة “ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” “ولن تجد لسنة الله تبديلا” والله رحيم بخلقه ولن يسلط عليهم أمثالنا، بل وعدنا أنه سيسلط علينا غيرنا حين نفرط بحقوق الإنسان ويعدو بعضنا على بعض. النزعة الانفصالية والنزعة الاستحواذية التسلطية نزعتان مرضيتان تتسمان بالعنصرية الجاهلية، ولكن علينا التفريق بين نزعتين: نزعة عرضية تنشأ بسبب مرض أخطر وأشد قباحة، مرض الظلم والرغبة في الاستحواذ على السلطة والثروة، ونزعة أخرى تظهر لدوافع أنانية بهدف الاستحواذ على الثروة والسلطة. فالأولى نزعة مرضية ناتجة عن مرض خارجي، والثانية مرض داخلي ناتجة عن دوافع مرضية داخلية. تكتسب النزعة الانفصالية في الحالة الأولى قاعدة أخلاقية إنسانية عندما تكون هي السبيل الوحيد للهروب من قبضة احتكار السلطة وسوء استخدامها، ولكنها تصبح في حالة عراء أخلاقي عندما تكتشف الشعوب أساليب أخرى لتفكيك قبضة احتكار السلطة وبناء الدولة العادلة، وهناك نزعات انفصالية تحاول أن تهرب من الظلم وقبضة احتكار السلطة والثروة وسوء استخدامها لكنها قد تتحول مع الوقت إلى نزعات انفصالية عنصرية تهدف إلى احتكار السلطة والثروة عندما تستمر هذه النزعات بعد أن تكتشف الشعوب الحرة أساليب نضالية أكثر إنسانية لتفكيك قبضة احتكار السلطة، وفي هذه الحالة تفقد النزعة الانفصالية قاعدتها الأخلاقية والإنسانية وتصبح أشبه بنزعة النخلة الحمقاء في قصيدة إيليا أبو ماضي أو نزعة أصحاب الجنة في القرآن حين أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون.