كم مرة تغير مصير شعب لأن خبراً وصل متأخراً أو أن معلومةً أسيء تحليلها ؟ كم مرة أصيب مشروع قومي بإحباط أو منيت أمال أمة بأكملها بانتكاسة لان بيننا خائناً واحداً على الأقل ؟ ما أكثر هؤلاء الذين يُشترون وما أقل قدرة الكريم على التعلم ؟ هكذا تسال ذات مرة يسري فودي في مقدمة برنامجه سري للغاية - لقناة الجزيرة - لقد كثر المتشدقون هذه الأيام بنقل المعلومة والحقيقة إلى المواطن المشاهد والمواطن القارئ، مع أن اغلب هولاء المدعون في الحقيقة متخصصون في نقل الإشاعة وإفراز سموم الايدولوجيا المقيتة التي يتعصبون لها. لقد أصبح اغلب المنتسبون لمهنة الصحافة والإعلام يفخرون كثيراً باختراع وعمل حملات التشهير والتعزير بمسؤول أو جهة وجماعة ما، تبعاً لهواء الصحفي وتقديم الايدولوجيا التي يتمترس من ورائها تارة وفعل الجميل لصاحب الوسيلة او الداعم لها ومالكها في الغالب. هذا واقع الإعلام في بلادنا الرسمي والأهلي المسموع والمقروء، فنادراً ما نقراء ونسمع ما يهم الناس ويحتاجونه بعيداً عن إثارة الجدال والتعبئة والتحريض التي تتبع السياسات العامة للمؤسسات الصحفية والقائمين عليها . لقد انطلق مؤتمر الحوار الوطن والكل يعد العدة لإبراز عضلاته على حساب حق الإنسان في الحصول على معلومة من مصادر يقدر أن يصدقها ويعتمد عليها، لا مؤشر يبدوا حتى اللحظة بان هناك من هو مهتم بنقل ما سيطرح على طاولة الحوار الذي يأمل عليه هذا الشعب المتلقي والمستقبل فقط بمناقشة أوجاعه وقضاياه ومشاكله. أكثر ما يهم اغلب الوسائل الإعلامية والقائمون عليها فقط العمل بالنكاية مع بعضها والرد والحشو والتسريب وإثارة الشائعات وتدويخ القارئ والمشاهد كما جرى في نشر قوائم المشاركين في المؤتمر من قبل . الجميع يلعب لعبته في محاولة توجيه الرأي العام النخبة والأحزاب الناشطين والناشطات الحقوقيون الصحفيون المشائخ الحكومة الجميع له وسائله وكل يوضفها كيفما أراد له صاحب رأسه ان يفعل ويقول ، لا ما يريده الناس ويحتاجونه. لا عزاء لذلك المواطن البسيط البعيد عن أكشاك الصحافة وشاشات التلفزة ربما في القرى والأرياف وباعتبارها الأكثر كثافة سكانية مقارنة بالمدن، نعم كل حزب يوزع سفرائه في المقائل والأماكن العامة والجميع يجند أدواته فقط للشحن والتفريغ والمواجهة والتصادم، أخر إحصائية لاستخدام الانترنت في اليمن ما بين 1-2 %، النخبة المثقفة هي من تتابع الصحافة في المدن – والإعلام التلفزيوني المحلي بين المؤيد والمعارض الحزبي والرسمي – يتسبب بالصداع للمشاهد البسيط الذي أصبح يدرك حجم المزايدات التي أصبحت تلعبها هذه القنوات وبعدها عن تبنيها لمشاكله الاجتماعية ونقل معاناته بمهنية وحياد بعيداً عن الاستغلال والتو ضيف. إجمالا نتحدث عن مهمة الصحفي في نقل الحقيقة إلى الناس في مثل هكذا ظرف يمر به بلدنا اليمن بعيداً عن عملية الفرز والتصنيف والاستقطاب التي تحدث وبث الحرب النفسية في نفس المواطن الغلبان المشغول بتوفير لقمة عيشه بعيدًا عن هراء السياسة. الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي يتعاملون بالنرجسية وبالعاطفة أكثر من العقل في التركيز على إيجاد الحلول والاتفاق بدلاً من إثارة الخلاف ومهاجمة بعضهم البعض. قادة الرأي وكتاب الأعمدة في الصحافة الالكترونية والمقروءة يجب عليهم ألتجرد من الايدولوجيا الزائدة والكتابة حول القضايا المرحلية التي تهم الناس بعقل المنطق بعيداً عن المماحكة والاستعراض والانشغال بالجدل العد مي . المحرر والمراسل كل ما يجب عليه أن يقوم بصياغة ونقل المعلومة إلى الناس بدون مبالغة أو حشو وتلفيق ولف ودوران. الجميع يجب عليه أن يشارك في التخفيف من اشتعال هذه الحرب النفسية التي توقد فتيلها مطابخ التفريخ والدعاية والتضليل يجب على الجميع تجنب الوقوع في فخ المشاركة ونشر الشائعات والتسريبات الباعثة للقلق والاستفزاز طوال فترة الحوار القادمة.. القضية شائكة ومعقدة.. والمسؤولية تنبطح على رقاب مئات الضمائر المشاركة في الحوار على مئات الأقلام المراقبة.. على الجمييع على الجمييع "