فيما يبدو أن طريق الحوار الوطني لا تزال غير سالكة بفعل استمرار انعدام الثقة بين الأطراف السياسية ، أثار صدور قرار رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة الاتصال دون اجتماع مسبق مع المعنيين أو أخذ رأي الأحزاب ردود أفعال عديدة، ومن ذلك أن حذر التنظيم الوحدوي الناصري أحد أعضاء تكتل اللقاء المشترك مما وصفه بالاستخفاف بالشراكة الوطنية، مؤكداً وقوفه ضد أية محاولات للنيل من هذا المنجز الوطني واتخاذه مطية يعبر من خلالها البعض لضرب الوفاق الوطني وتجربته الرائدة. واعتبرت الأمانة العامة للتنظيم الناصري في بيان إن الإجراءات التنفيذية التي تمت بما فيها القرارات ذات العلاقة بالحوار الوطني تؤكد أن هناك مؤشرات الاستحواذ وممارسة الإقصاء والتهميش لشركاء النضال الوطني ولا يعبر عن الشراكة الوطنية في هذه المرحلة . وتعاملت المواقع المحسوبة على حزب الإصلاح مع بيان الوحدوي الناصري بأنه رفض لقرار الرئيس عبدربه منصور هادي بتشكيل لجنة الاتصال للحوار الوطني بسبب عدم وجود عضو ينتمي للحزب في اللجنة. وأصدر هادي مطلع الأسبوع قراراً بتشكيل لجنة مكونة من ثمانية أشخاص ينتمي اثنان منهم إلى تكتل أحزاب اللقاء المشترك الذي ينضوي الحزب الناصري فيه وهم أمين عام الإصلاح عبدالوهاب الآنسي وأمين عام الحزب الاشتراكي الدكتور ياسين سعيد نعمان. واثنان من المؤتمر (الدكتور عبدالكريم الارياني وعبدالله أحمد غانم) فيما الأربعة الآخرون هم جعفر باصالح وعبدالقادر علي هلال وحسين عرب ونادية السقاف وراقية حميدان. وعلمت "الوسط" من مصادر خاصة أن اللواء علي محسن الأحمر كان تقدم بعشرة أسماء من العسكريين كممثلين في اللجنة أو على الأقل في لجنة الحوار ،غير ان الرئيس هادي رفضها رفضا قاطعا. وذكرت ذات المصادر أن الإصلاح من خلال عبدالوهاب الآنسي اعترض على تمثيل حسن زيد أمين عام حزب الحق وتم شطبه من قائمة المشترك المقترحة رغم أنه من الموقعين على المبادرة الخليجية. قالت الامانة العامة للتنظيم الوحدوي الناصري إنها «من موقع الشراكة الوطنية والوفاق الوطني تمتلك الحق في رفض قرار تشكيل لجنة الاتصال والتي لا تنسجم وروح الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وتنتقص من حق التنظيم ونضالاته ودوره الوطني والتعبير عن رفضنا بشتى الطرق السلمية». وأكدت في الوقت ذاته وقوف الحزب مع الرئيس هادي وحكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة ودعمه «كافة القرارات الإجرائية خلال المرحلة الماضية رغم مالدينا من ملاحظات حولها حرصاً على الوفاق الوطني كمصلحة وطنية مقدمة على مصالحنا الذاتية». وكان الناطق باسم أحزاب اللقاء المشترك، عبده غالب العديني ، قال إن الرئيس عبدربه منصور هادي يتمتع بحضور وحنكة ويريد أن يكون رئيساّ لكل اليمنيين في هذه المرحلة ، لكن المطبخ السياسي المحيط به ما يزال يفكر بعقلية التقاسم والاقصاء التي اتبعت في العام 90م ، وليس بعقلية 21 فبراير 2012. وأضاف العديني في تصريح لموقع "نيوزيمن " بأن تشكيل لجنة الاتصال بهذه الصورة يجرح مبدأ التوافق الوطني والعمل الجمعي المشترك، ومالم يضمد هذا الجرح فإن العثرات في الطريق قد تكون كارثية مثلماّ كانت في 94م. وعبر العديني عن رفضه لهذه العقلية الاقصائية ، مؤكداّ أن المرحلة الانتقالية لن تحقق أهدافها وغاياتها مالم تجسد مبدأ التوافق الوطني والشراكة الجماعية ونبذ مبدأ التقاسم والإقصاء. وقد تتسع دائرة الرفض إلى بقية الأحزاب المنضوية في إطار تكتل اللقاء المشترك والتي تشكو من الاقصاء. وكان الرئيس عبدربه منصور هادي أبدى أسفه لاستمرار انعدام الثقة بين اطراف التسوية وقال إنه وبمجرد التوقيع على الاتفاقية" كان يجب ان ينعكس إيجابا على إطراف العمل السياسي وبالذات الموقعين على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية من خلال تغيير خطابها التحريضي كلا ضد الاخر وبالبدء بانتهاج سياسة تقوم على احترام حق الاختلاف وتوجيه كل القدرات لترسيخ قيم السلم الاجتماعي". وأضاف لدى حضوره حفل تخرج عدد من دورات الأكاديمية العسكرية «أقولها بأسف ووجع إن الأحزاب لم تستطع بتحالفاتها المختلفة مغادرة الماضي والعبور الى اليمن الجديد الذي ارتضاه وصوت عليه إلا انني ومع ذلك ما زلت متسلحاً بأمل لم افقده من مراجعة الاطراف لسياستها المبنية على الضغينة والأخذ بفضيلة التسامح ومصلحة الوطن وبالذات ونحن نحضّر لانعقاد مؤتمر حوار وطني الذي لا يمكن ان نقنع به احداً من الاطراف الموقعة عليه". ودعا هادي الأطراف الموقعة على المبادرة بوقف حملاتها الإعلامية والتحريض وان تنطلق سياستها الإعلامية من جوهر التوافق التي نصت عليها المبادرة وهي تهدئة الأزمة للسير الموضوعي في الخطوات والحوار القادم. وبالرغم من ذلك فقد استمر التصعيد، حيث واصلت وسائل إعلام المؤتمر هجومها على رئيس حكومة الوفاق الوطني محمد سالم باسندوة واحزاب المشترك وبالمقابل واصل إعلام المشترك التعريض بعائلة صالح ومناصريه.