لوحة رقم 8"الفعل ورد الفعل" نقول للمزايدين أن الدولة اليمنية تعتبر متحضرة جدا من حيث وجود القوانين والمؤسسات رغم إتهاماتها بالقبيلة. أنا لا أنفى تأثير القبيلة فى تطبيق القانون الا أن اليمن تبقى دولة ذات دستور وقوانين ومؤسسات على الأقل مقارنة بجيرانها من الدول والتى فيها الشيخ او سمو الامير والملك وحاشيتهم هم الدولة وهم القضاة وهم كل شىء، ومع هذا لا نجد ثورات وإضطربات وقلاقل فى هذه الدول. فهل عدم وجود إضطرابات ودعوات إنفصال فى ما ذكرت من الدول وغيرها يعنى أن هذه الدول خالية من الفساد وليس فيها قوى تؤثر على سلطات الدولة؟ الجواب لا. وهذا لا يعنى أننى أبرر الفساد وأدافع عن المفسدين، لكن هذه الدول فيها دعوات للإصلاح ومحاربة الفساد واليمن كذلك. فالجميع يطالب بمحاربة الفساد والمفسدين، الا أن فى اليمن تدخل دعوات شاذة الى الرجوع عن الوحدة ومعادات الدولة وتعطيل مؤسساتها بل وإتخاذ مسارات لا تمت الى محاربة الفساد البتة. إن بعض السياسيين يبررون هذه القلاقل بأن الشعب فقير ومنهك وأصبح لا يطيق ولا يتحمل الظروف الحالية، ولا أدرى كيف لهذه القلاقل والدعوات الشاذة بالمطالبة بالإنفصال ستحل الفقر وستحارب الفساد. وأسأل هنا المغرر بهم بما أن دول الجوار تعانى من نفس الفساد وربما أسوأ لماذا لا يثيرون القلاقل ويطالبون بالإنفصال؟ والجواب واضح بأن الفساد الموجود حاليا فى اليمن ودول الخليج يمكن معالجته بهدؤ ولا داعى لرد فعل متشنج يؤدى الى ما لا يحمد عقباه. إذا مجرد وجود الفساد لايبرر القلاقل بهذا الشكل والدعوات الى الإنفصال. إن ما أظهر مشاكل اليمن الى السطح ليس الفساد وليس المعارضة ولكن الفقر الذى يعانيه البلد ولهذا تجد دول الخليج مستقرة لعدم وجود الفقر. إذا فدول الخليج دفنت مشكلة الفساد بالغنى فالمواطن راضى بالحال وليست معالجة الفساد تشكل اولوية عنده. أنا هنا لا اريد تغطية المشاكل ودفن الرؤس ولكن لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الإتجاه. ولهذا مجرد فساد هنا او هناك لا يعنى الإلغاء والإساءة الى الدولة بكل مؤسساتها وقوانينها. فأنا ارى أن رد الفعل (المطالبة بالإنفصال) فاق الفعل نفسه (الفساد) بل إن رد الفعل لم يكن عكس إتجاه الفعل كى يلاشيه او يقلل منه على الأقل. فرد الفعل لوجود الفساد هو محاربة الفساد وليس الدعوة الى الإنفصال. لأن الدعوة الى الأنفصال ليست رد فعل لفعل الفساد وإنما هى فعل أخر مختلف فى القوة والإتجاه ولهذا لن تنتهى هذه النزعة الإنفصالية حتى إذا حورب الفساد. إن الذين يقولون وصلنا الى نهاية المطاف ولا حل يجدى هم مغالون وكاذبون لأنهم أصلا لم يسهلوا عمليات الإصلاح ووقفوا فى الإتجاه المعاكس لمحاربة الفساد. إن من يقولون أن الدعوة للإنفصال هى رد فعل للفساد هم بعيدون تماما عن طموحات وتطلعات الشعب اليمنى من أقصاه الى أدناه وهم يجرون اليمن الى أفعال تشغله عن التقدم ومحاربة الفساد والأستقرار. لذلك فالدعوة الى الإنفصال من قبل بعض الأنانيين هى فعل تحتاج الى رد فعل إما مساو له وعكس إتجاهه وهنا سنبقى فى نفس النقطة ولن يحصل أى تزحزح سياسى، وإما رد فعل يفوق هذا الفعل وعكس الإتجاه بحيث يعيد هؤلاء الى الطريق الصحيح وينهى أحلامهم فى الإنفصال. . إن محاربة الفساد واجب قومى تتحمله الدولة ويساهم فيه المواطن ، ولن يكون الا بزرع مبادىء تتبناها الدولة وتتأصل فى المواطن. هذه المبادىء هى: 1- الرشوة حرام، الرشوة عيب، الرشوة مذلة. 2- الإكرامية هى رشوة 3- الوظيفة ليست فرصة للإبتزاز 4- المواطن الشريف 5- الرجولة ليست فى الرشوة 6- مبدأ الثواب والعقاب 7- تقييم المسؤال دوريا وجرد ماله وماعليه قبل الوظيفة وبعدها وتطبيق من أين لك هذا وإقرار الذمة المالية. 8- واجبات الموظف، حقوق الموظف، المسؤلية تكليف لا تشريف. 9- الأداء الضريبى شرف وفخر وليست تعبيرا عن الضعف 10- مفهوم الموطنة، كيفية مشاركتى كمواطن فى بناء الوطن، إحترام وحب العمل مهما كان نوعه لأنه يساهم فى بناء الوطن. إذا فنحن محتاجون الى برنامج طويل للحد من الفساد لأنه يعتمد بشكل أساسى على تغيير الفكر. إن الذين يدعون الدولة للقضاء على الفساد بين عشية وضحاها وفى هذه الظروف هم مجرد مزايدون وهم أفسد المفسدون. هذا لا يعنى تأجيل عملية الإصلاح ومحاربة المفسدين ولكن فالنبدأ وبدون مزايدة. مؤكد أن الدولة لا تقول لك إسرق ومؤكد أن الدولة لا تقل لك كن فاسدا. إذا فمكافحة الفساد لا تكون بالدعوة الى الإنفصال وإثارة الأحقاد والضغائن وإحياء المناطقية والمذهبية والمساومة على وحدة الوطن والإبتزاز السياسى وتشويه صورة الدولة اليمنية والوطن والمواطن. وكما ذكر أخى المحامى عبد الحفيظ الرميمة، ان المشكلة ليست فى وجود قوانين او هيئات فهى كثيرة. ولكنه حتما يوجد مشكلة فى تطبيق هذه القوانين والتنسيق بين هذه الهيئات. اريد من الدولة معالجة التداخل بين صلاحيات هذه الهيئات فاليمن ليست محتاجة الى هيئات بقدر ماهى محتاجة الى تطبيق القانون وتفعيل المؤسسات الموجودة وأهمها القضاء بجميع مؤسساته. والمشكلة أن حكومتنا الرشيدة تعالج أى مشكلة بصناعة مؤسسة جديدة، وكلها تابعة من قريب او بعيد لرئاسة الجمهورية حتى أننا فى يوم من الأيام سنصل أن هناك حكومة تكافح فساد الحكومة. فمثلا فساد فى وزارة الصحة ...إذا لابد من عمل هيئة مكافحة الفساد فى وزارة الصحة تتبع الرئاسة. فساد فى الإدارة التعليمية...على طول تشكيل لجنة لمحاربة الفساد تتبع رئيس الجمهورية، السياسة الداخلية ليست على ما يرام....فالتشكل لجنة للنظر فى مشاكل وزارة الداخلية تتبع رئيس الجمهورية، وهلم جرا، هذا على الرغم من أن هناك جهاز للرقابة والمحاسبة يتبع رئيس الجمهورية. إن تشكيل المؤسسات بهذه الطريقة الغير مدروسة يؤدى الى تضارب عملها والى فساد اكبر من الفساد. نحن محتاجون الى تطبيق القانون ضمن المؤسسات الدستورية الموجودة وليس الى لجان أخرى. لوحة رقم 9 مشكلة الفقر لحل هذه المشكلة أنا لا اطالب بدعم رغيف العيش او المواد الغذائية، لأان الدعم مرفوع من فترة طويلة من جهة وثانيا لأن الشعب تعود وتكيف مع الوضع والأهم من هذا وذاك لأن دولتنا فقيرة، لكن اطالبها بإيجاد فرص عمل. أنا أعرف أنه من الصعب إيجاد فرص عمل لألاف العاطلين دفعة واحدة خاصة فى ظل الركود الإقتصادى العالمى، ولكن يجب على الدولة تبنى مشاريع تنمية المهارات فى جميع المجالات وبأسعار رمزية، الهدف من تنمية المهارات إيجاد مواطن قادر على تخليق عمل. إن تنمية المهارات للطبقة العاملة ذكورا وإناثا أصبح صناعة عالمية، فبعض الدول تقوم ببناء قدرات مواطنيها للمنافسة فى سوق العمل الدولية. لكنى أهدف الى مواطن قادر على العمل فى سوق العمل المحلية. هذه البرامج لتنمية المهارات يجب البدء بها من الان وبهدؤ وحسب الإمكانيات والأولويات. أننى أقترح لهذه البرامج أن تنصب على توفير عدد هائل من العمال للعمل فى المشاريع الأساسية التى تحتاجها اليمن. هذه البرامج تخدم خطة التنمية الشاملة. وبما أن اليمن ارض زراعية اولا وأخيرا، وبما أن مشكلة اليمن أساسا فى المياه وصعوبة إيجادها، فإنى أقترح توجيه جزء كبير من الأموال للإستثمار فى هذا المجال سواء براس مال محلى عام اوخاص او برأس مال خارجى. وأعود وأقول وبما أن إمكانياتنا محدودة فإنى أقترح العمل على توفير أساس الأساسيات للمواطن اليمنى والذى بدوره قادر على صنع المستحيل. ولكن ما هى اساس الأساسيات التى توفر على الدولة المال الكثير ولا تحتاج الى نظام معقد من الإدارة؟ إن إجابة هذا السؤال تكمن فى معرفة المشاكل التى تحول دون العمل والتحرك والسعى وبالتالى تحول دون التنمية: 1- قلة الامطار: تعطل العمل الزراعى بشكل كبير و عدم توفر المياه الزراعية طوال العام يجعل هذه المهنة مكلفة. صحيح أن الدولة قامت منذ فترة خاصة بعد الوحدة بإعادة تأهيل وبناء عدد كبير من السدود والحواجز المائية، الا أن هناك قصور فى الية توزيع المياه بما ينهض بالزراعة البناءة. الزراعة البناءة تشمل الحبوب والخضار والفواكه وكل شىء عدا القات. لذا يجب فرض رسوم مضاعفة أضعاف على رى القات وتخفيض الرسوم لبقية المنتجات بما يناسب التكاليف والتشغيل والصيانة واستمرار المشروع على اكفأ وجه. 2- التناقص الطردى للأرض المزروعة، وذلك إما بالبناء وتوسع القرى والمدن على حساب الأرض الزراعية، او بالتناقص النسبى مقارنة بالزيادة السكانية مما يجعل المواطن يمتلك ارضا تصغر مع المستقبل بحكم الزيادة السكانية وتصبح الارض غير مجدية إقتصاديا. 3- قلة العمال فى هذا المجال وارتفاع تكاليف العامل (الأجير): وذلك بسبب هجرة العمال الى المدن او الى خارج الوطن لتحسين دخولهم. اضافة الى الكسل العام الذى يصيب المجتمع اليمنى بسبب التثقيف الخاطىء بأن العمل فى الارض او الرعى ومتطلباته لا تليق بإبن المدرسة، وإنعدام الحس الوطنى بأهمية الزراعة. فالعامل اصبح ينظر للرعوى (مالك الارض) كانها فرصة لا تعوض فلا يعمل بجد مما يضطر الرعوى تحت وطأة الخسارة أن يتجه الى زراعة القات لان عماله قليل وربحها نسبيا اكثر. 4- إهدار الوقت فى مجالس القات فالعامل فى معظم القرى لا يقوم الى العمل الا الساعة 10 صباحا ويعمل حتى الساعة 2 1 ظهرا ليعود الساعة 2 والنصف ظهرا حتى الخامسة مساء. إضافة الى أن العامل يحتاج بعده عامل أخر من اسرة الرعوى (مالك الارض) يقوم على خدمته من جهة وكذلك ليراقبه فى عمله. 5- غلاء مقومات الحياة التى تفوق دخل الفرد العادى. هذه المشكلات تعيق التطور الزراعى والصناعى فى اليمن وسوف أسرد لكم كيف ولكن بعد أن اقول مايجب على الدولة لمنع هذه المشكلات. الحل السحرى والسريع والغير مكلف بل ومربح للدولة، هو استثمار الدولة فى مجال الخدمات. أنا لا اريد من الدولة خدمة مجانية بل اريدها الاستثمار فى الخدمات التى تعود على الدولة والمواطن بالنفع ويجنب الدولة تفاقم ازمة البطالة وما ينتج عنها من مشكلات. إذا الحل المطلوب هوالإستثمار فى مجالات: المياه + كهرباء + مواد البناء 1- الكهرباء: - لو وجدت الكهربا المستمرة (وليس تلك التى تنقطع مئات المرات يوميا)، لوفرت الدولة أموالا طائلة تهدر فيما ليس منه -بُد، من الوسائل البديلة (شموع ومواطير واستهلاك مشتقات نفطية وتلوث بيئى). - لو وجدت الكهرباء لما حصلت موجات الهجرة الداخلية - لو وجدت الكهرباء لأاستطاع الإنسان نقل الماء بسهولة، لاستطاع الإنسان استخدامها فى الزراعة وتطوير ادائه وحفظ منتجاته - لو وجدت الكهرباء لقامت صناعات ومشاريع وحرف بسيطة خاصة فى الريف مثل الورش بجميع انواعها والخياطة والتطريز والنجارة وأشياء كثيرة، وسيتحول المجتمع الريفى الى مجتمع صناعى منتج يستخدم المنتجات الزراعية كمادة اولية - لو وجدت الكهرباء لحسنت المعيشة فى الارياف وفروا للمواطنين الكهرباء والمواطنون يعرفون الطريق 2- المياه: إقامة السدود وعمل الإرتوازات والعمل بالطرق الحديثة للرى 3- تنزيل أسعار المشتقات النفطية: لأان غلائها يعيق حركة الإنسان وبالتالى الركود فى عملية التنمية، فعندما ترخص المشتقات النفطية ترخص وسائل التنقل وهذا يساعد فى حركة العاطل للبحث عن عمل. ما الفائدة من رفع اسعار المشتقات النفطية، ثم تصرف هذه العائدات على إعالة العاطلين. ما الفائدة من رفع سعر الغاز ليقطع المواطن اطنانا من الاشجار. ما الفائدة من موجات الازمات فى مشتقات النفط وإهدار وقت الانسان والتسبب له فى إنزعاج نفسى تعُيقُه عن البناء والتطور. وأخيرا نجد أن أسعار مواد البناء فى اليمن أكثر بكثير من معظم الدول العربية بل أن سعر الاسمنت ضعفى بلدان العالم. فلو رُخص الاسمنت لاستطاع الانسان أن يسكن ويبنى الحواجز المائية. وبهذا نقضى على مشكلة السكن خاصة فى الإرياف بدلا من هدر الأموال فى الوحدات السكنية بطريقة عبثية ترهق الميزانية وتفيد المتمصلحين. المواطن اليمنى لا يريد صدقة الدولة وعطفها لكنه بحاجة الى تشجيع ,غعطائه الفرص كما اورت أعلاه. كل دول العالم قائمة على الخدمات ودولتنا قائمة على الجباية، ومع هذا نريد من الدولة ممثلة بالحكومة أن لا تتفضل علينا بالخدمات الغير موجودة أصلا، لكن نريدها أن تحسن ما تسميه خدمات وتستثمر هذه الخدمات، وهذا لا يعنى أن افاجأ بان الاسعار زادت الضعف بحجة تحسين الخدمات، وإنما نريد العدل ونريد خدمات جيدة بأسعار كبقية دول العالم المجاورة. الى الأن لا اعرف سبب لإنقطاع الكهرباء والتى فواتيرها أضعاف الدول المجاورة. 4- الطرق: لأانها تسهل حركة المواطنين وفى الحركة البركة، وتقلل الخسارة فى الأرواح والممتلكات، وتقلل الخسارة فى العناية الطبية وتقلل الخسارة لمعاقى هذه الحوادث. وخلاصة هذه اللوحة أقول أن حل مشكلة الفقر ياتى بإستثمار الموارد المتاحة (وليس هبات دول الجوار)، وحل مشكلة البطالة بتسهيل حركة الانسان وتوفير الاساسيات للحركة وليس بزيادة عدد الوظائف الحكومية التى لا تقدم ولا تؤخر، وحل مشكلة الفقر والقبلية كذلك ياتى بتثقيف الإنسان وتمكينه من العيش كإنسان. هل ما كتبت هى من ضمن المعجزات أم من ضمن تكبر فى عين الصغير الصغائر؟