اطلقت الشرطة التونسية يوم الخميس قنابل الغاز لتفريق محتجين غاضبين هاجموا مقر محافظة الكاف شمالي العاصمة تونس احتجاجا على مقتل سبعة من رجال الامن في اشتباكات مع مسلحين اسلاميين يوم الأربعاء بينما تظاهر تونسيون في عدة مدن للضغط من اجل الاطاحة بالحكومة.
وساد التوتر تونس في حين تستعد المعارضة العلمانية والحكام الإسلاميون لبدء مفاوضات لانهاء الازمة السياسية التي سقطت فيها البلاد قبل ثلاثة شهور بعد اغتيال زعيم معارض. وجرت الاشتباكات في الكاف بعد تشييع الالاف لجنازة أحد رجال الامن الذين قتلوا يوم الأربعاء. وقال مراسل لرويترز بالموقع إن المحتجين هاجموا مقر المحافظة وكسروا نوافذ وابواب المقر بينما اطلقت الشرطة قنابل الغاز لتفريقهم وابعادهم. وفي وقت سابق يوم الخميس أتلف محتجون في الكاف ايضا اثاث ومحتويات مقر حركة النهضة التي تقود الاتئلاف الحاكم في مشهد يعبر عن استمرار التوتر في تونس التي تكافح للخروج من ازمتها السياسية. وقتل ستة من أفراد الشرطة في اشتباكات مسلحة مع متشددين في مدينة سيدي بوزيد جنوبي العاصمة يوم الاربعاء مع قيام الحكومة بحملة على المقاتلين الإسلاميين الذين يستغلون الفوضى السائدة في ليبيا المجاورة للحصول على السلاح والتدريب على القتال. وقتل شرطي آخر في مدينة منزل بورقيبة شمالي العاصمة يوم الأربعاء أيضا في اطلاق نار من مسلحين على نقطة تفتيش. وقالت وسائل إعلام محلية أيضا إن المحتجين أحرقوا مقرا آخر للنهضة بينما اعتقلت الشرطة حوالي 20 سلفيا في استمرار للحملة على الإسلاميين المتشددين بعد يوم دام. وقالت ام سقراط الشارني الذي قتل في اشتباكات "النهضة هي من قتلت ابني.. لن اقبل العزاء الا بعد رحيل النهضة.. انهم يدمرون بلدنا ويقتلون ابناءنا ويريدون أن يحولوا تونس الى سودان." ورفع المحتجون في الكاف شعارات مناوئة للنهضة بينما خرج آلاف المتظاهرين في عدة مدن اخرى من بينها سيدي بوزيد والقصرين والكاف وصفاقس وتونس. وشهد يوم الأربعاء بعضا من أسوأ أحداث العنف منذ الانتفاضة التونسية عام 2011 مما ألقى بظلاله على بدء مفاوضات بين الحكومة التي يهيمن عليها الإسلاميون وبين المعارضة لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد. وفي العاصمة تونس اشتبك طلبة إسلاميون مع معارضين في كلية الاداب بمنوبة بالعصي يوم الخميس مما دفع ادارة الكلية الى ايقاف الدروس. وقتلت قوات الأمن في مطلع الأسبوع عشرة مسلحين متهمين بمهاجمة دوريات للشرطة في منطقة نائية بالقرب من الحدود مع الجزائر وقتل ضابطان. وأثار اغتيال اثنين من رموز المعارضة برصاص مسلحين يشتبه في أنهم من جماعة أنصار الشريعة غضب المعارضة العلمانية التي اتهمت حزب النهضة الحاكم -وهو حزب إسلامي معتدل- بالعجز عن التصدي للمتطرفين. ووافقت حركة النهضة تحت ضغط الاحتجاجات الحاشدة وفي ذهنها اطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي في مصر على تنحي الحكومة وكان من المقرر ان تبدأ يوم الأربعاء محادثات مع المعارضة بشأن انتقال سياسي لكنها تأجلت إلى يوم الجمعة. وأكد رئيس الوزراء علي العريض يوم الأربعاء أن النهضة مستعدة لاستقالة الحكومة لكنه أصر على اكمال كتابة الدستور الجديد للبلاد وتشكيل لجنة انتخابية وتحديد موعد واضح للانتخابات قبل تسليم السلطة. وتهدف محادثات الاسابيع الثلاثة الى اختيار اعضاء الحكومة الانتقالية والاتفاق على لجنة انتخابية جديدة ووضع جدول زمني للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وبعد أسابيع من الجدل حول شروط المحادثات والخوف من ان تتمسك النهضة بالسلطة هدد قادة المعارضة بوقف الحوار ما لم يقدم الحزب الإسلامي بيانا أوضح عن عزمه الاستقالة في غضون ثلاثة أسابيع. وقال حمة الهمامي زعيم تحالف الجبهة الشعبية المعارض انهم يريدون التزاما واضحا قبل البدء في المفاوضات. وانصار الشريعة مجرد جماعة من الجماعات الاسلامية المتشددة في شمال افريقيا لكنها الاكثر تشددا في تونس وكانت الحكومة التونسية التي يقودها إسلاميون معتدلون اعتبرت الحركة قبل شهرين منظمة إرهابية بعد ان حملتها المسؤولية عن قتل اثنين من رموز المعارضة. وبدأت السلطات حملة امنية تقول انها أدت إلى اعتقال أكثر من 300 شخص. ويقود انصار الشريعة في تونس مقاتل سابق للقاعدة في افغانستان متهم بتحريض انصاره على مهاجمة السفارة الامريكية في تونس قبل عام . من جهت اخرى أفادت مراسلت روسيا اليوم في تونس بأن حالة من الاحتقان تسود 6 محافظات هي باجة والكاف وسيدي بوزيد وبنزرت والقصرين ومنوبة بعد احتجاجات حاشدة خرجت صباح الخميس 24 أكتوبر/تشرين الأول، تطالب برحيل الحكومة. وذكرت أن محتجين أحرقوا مقر حركة النهضة في مدينة الكاف بالكامل، خلال مظاهرة مناهضة لتنامي الإرهاب في البلاد، وحمّلوا الحركة المسؤولة عن هذه الظاهرة. وأكدت على مشاركة أعداد كبيرة من المواطنين في المظاهرات، بمن فيهم شباب وطلبة ورجال أمن. وتابع أن محافظة القصرين أيضا تشهد احتجاجات حاشدة وذلك بالتزامن مع تشييع جثامين عناصر من الحرس الوطني قتلوا برصاص مسلحين. من جهته عقد الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي صباح يوم الخميس، اجتماعا بقصر قرطاج للمجلس الأعلى للأمن لمناقشة الوضع الراهن في البلاد وطرق حل الأزمة السياسية القائمة. وحضر الاجتماع رئيس الحكومة علي العريض ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر. وأفادت مراسلتنا بأن رئاسة الجمهورية أعلنت أن هناك قرارات ستصدر عن المجلس الأعلى في وقت لاحق، دون أن تكشف عن مضمونها. وكان المرزوقي قد أعلن في كلمة له مساء الاربعاء 23 أكتوبر/تشرين الأول أن رئيس الحكومة علي العريض أكد له أن مبدأ استقالة الحكومة لا رجعة فيه حال الانتهاء من وضع الدستور الجديد، داعيا "جميع التونسيين وكافة الأطراف السياسية في البلاد الى العمل على ما بقي من المسار السلمي الانتقالي الديمقراطي، والمساهمة في كسر شوكة موجة الارهاب الذي يهدف الى دفع البلاد نحو الفوضى". وتم تأجيل الحوار الوطني في تونس إلى صباح غد الجمعة 25 أكتوبر/تشرين الأول، بعد تعليق أحزاب جبهة الانقاذ المعارضة مشاركتها، بسبب ما اعتبرته "غموضا" في تصريحات رئيس الحكومة علي العريض بشأن القبول بمبدأ استقالة الحكومة.