كل متتبع لمجريات التأريخ قديماً وحديثاً يدرك تمام الإدراك أن سنن الكون لا تتغير ولا تتبدل فكم من دولة مُكِّن لها في الأرض واتسع نفوذها ودان لها الكبير والصغير حتى جاءها يوم عاصف فحولها ركاماً وأطلالاً كأن لم تكن دولة بالأمس . وأضحت صفحةً مطوية دوّن التأريخ أحداثها وأبقى لنا محاسنها ومساوئها لمن أراد أن يتذكر أو أراد دروساً ومن تأمل سقوطها وأفول نجمها فسيجد أنها لم تسقط إلا بعد أن فقدت مقومات بقائها وأصيبت بعوامل فنائها مما جعلها في خبر كان تتعاقب وراءها الدول تلو الأخرى بعد هذه المقدمة البسيطة دعونا ننظر إلى مشروع الوحدة اليمنية الذي يعد من أكبر المشاريع التي تحققت للشعب اليمني وإن مشروعاً بهذه الأهمية يستلزم منا أن نحافظ على مقومات بقاءه وأن نعالج العوامل التي تهدد كيانه وتعتري رسوخه وثباته فهل حظيت الوحدة اليمنية بالإهتمام المرضي من قبل ذوي القرار ؟ إن من أهم بقاء الدول أن يمضي العدل على الرعية بالسوية وأن تختفي مظاهر الظلم وهضم الحقوق ونهب الممتلكات وكل ما من شأنه إلحاق الأذى والضرر بالمواطنين البسطاء فالظلم نذير شؤم ودليل هلاك وزوال وعامل فناء لأي مشروع ونحن اليوم نرى بأم أعيننا كيف يعبث ذوو الأذرعة القوية في السلطة بممتلكات الكثير من ابناء الشعب دون رادع أو زاجر ٍ لما تقترفه أيديهم فإذا ما انبرى الضحية للدفاع عن حر ماله قيل له اسكت فقد أسأت وتعديت!! وهذا يدعو للعجب !!! إن أردنا أن نحافظ على الوحدة فلنبادر إلى ترميم ما أفسدته الأيادي الباغية قبل فوات الأوان إن لم يفت بعد ولنحرص على إقامة ما يقيم بقائها ولنجتنب ما يمس كيانها ولنأخذ على يد من يسيء استغلالها قبل أن نكف يد من يُعتدى عليه باسمها فيصوب سهامه نحوها مقومات البقاء وعوامل الفناء كثيرة ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق .