تناقض حوثي مفضوح حول مصير قحطان    لم يتم العثور عليه حتى الآن.. أنباء عن سماع دوي انفجار ودخان في موقع حادث مروحية الرئيس الإيراني وتركيا تتدخل    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    بعد قلق وتريث .. اول ردود الحوثيين على حادثة سقوط طائرة الرئيس الإيراني ورفاقه    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    الوزير الزعوري يتفقد سير العمل بمشروع إعادة تأهيل شوارع ومداخل مستشفى المعاقين ومركز العلاج الطبيعي عدن    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    - البرلماني حاشد يتحدث عن قطع جوازه في نصف ساعة وحرارة استقبال النائب العزي وسيارة الوزير هشام    قيادات الدولة تُعزي رئيس برلمانية الإصلاح النائب عبدالرزاق الهجري في وفاة والده    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وفاة وإصابة عشرة أشخاص من أسرة واحدة بحادث مروري بمأرب    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياسر العواضي يحكي تفاصل ساعة انفجار جامع النهدين .. سحبت جنبيتي من غمدها ورفعتها في يدي وهممت بقطع رجلي لكن الرائد ميعاد منعني من ذلك

كان يوماً بائساً من أوله. الجمعة 3/6/2011 ، كنت في طريقي للصلاة في جامع الحسين بن علي بجوار منزلي في الصافية، وتذكرت أننا كنا في مقيل مع فخامة الرئيس/علي عبدالله صالح وذلك يوم الخميس الموافق 2/6/2011 ، وقد جاءت وساطة لكي يتوقف القتال مع أولاد الأحمر، وكان قد أشترط الرئيس أن يوقع أولاد الأحمر صادق وحميد وهاشم إلتزام بإخلاء المؤسسات الحكومية وعدم مهاجمتها والاستيلاء عليها مرة أخرى، وكان أحد الوسطاء أخبرني بأنهم لم يستطيعوا لقاء حميد، ويريدونني أن أساعدهم لإقناع الرئيس بالاكتفاء بتوقيع حمير بدلاً عن حميد، وكلنا كنا نسعى لتوقيف تلك الفتنة، وعندها قلت للسائق توجه بنا إلى دار الرئاسة، وكان الوقت
متأخر قليلاً عن الوقت المعتاد لذهابي للصلاة، ووصلت إلى دار الرئاسة بدون موعد مسبق، واستقبلني الضابط الشهيد القاسمي رحمة الله عليه وذهبت أنا وهو مشياً على الأقدام من مكتب الأمن بدار الرئاسة إلى المسجد ورأيت حول المسجد مجموعة من ضباط وأفراد الحراسة يقفون بصمت وثبات، كأن على رؤوسهم الطير وكان أشبه بمشهد درامي صامت, لأنهم كانوا هكذا كل جمعة يستعدون، ويصابون بالتوتر لأن الرئيس يتحرك بعد الصلاة إلى ميدان السبعين ويكون الحرس مستنفرين ومتوترين من شدة التركيز على حراسته في السبعين خصوصاً والأزمة تتفاقم، والقتال في صنعاء كان في ذروته.إضافة إلى أنهم صامتون للاستماع لخطبة الجمعة.
كان وقت وصولي متأخر قليلاً، كانت الخطبة الأولى في منتصفها حيث أغلق الباب المخصص لدخول الرئيس والذي أعتدنا الدخول منه لأنه في العادة يتم إغلاقه بعد دخول الرئيس وكنت حتى تلك الساعة لم أفطر لأني صحيت من النوم متأخراً، عندها توجهت إلى صرح المسجد ودخلت من الباب الرئيسي وجلست في الصف السادس وبحسب ما أتذكر كان إلى جواري العميد/طارق محمد قائد الحرس الخاص وابنه عفاش وآخرين من أبناءهم لم أعرفهم، وعندما انتهت الخطبة الأولى وبدأت الخطبة الثانية أشار علي بعض الزملاء بالتقدم إلى جوارهم في الصف الأول وفعلت، وبدأت الخطبة الثانية للشيخ علي المطري الذي عادةً تطول خُطبه وكنا منتظرين أن يختصر قليلاً حتى نتابع بعضاً من الخطبة والصلاة في ميدان السبعين كما يحدث أسبوعياً، وكان الدكتور/رشاد العليمي قد همس لي بين الخطبتين بأن الرئيس لن يذهب إلى السبعين وأن الذي سوف يذهب ويلقي الخطاب الجماهيري هناك هو رئيس الحكومة الدكتور/علي مجور، وقد أطمأنت قليلاً عندما فهمت ذلك من الدكتور العليمي.
لأننا كنا منذ أسبوعين ننصح الرئيس أنا ومجور والراعي والعليمي وبن دغر وآخرين بأن لا يذهب إلى السبعين، فقد كانت لدينا شكوك في أن منصة السبعين ربما تُستهدف بصاروخ أو قذيفة من أي منطقة أو عمارة مجاورة وخصوصاً والأزمة كانت ماتزال في ذروتها.
واستمرينا في السماع للخطبة التي لم تنته إلا الساعة الواحدة ظهراً تقريبا، وكان ملفتاً للنظر أن إمام المسجد نهض من مكانه استعدادا لإقامة الصلاة فيما كان الخطيب مايزال على المنبر ولم ينهي خطبته بالدعاء بعد، وهذا ليس ماتعودنا عليه فالمؤذن لا ينهض للإقامة إلا بعد أن ينهي الخطيب الخطبة تماماً، لكني عندما رأيت الأمام يرفع الميكرفون استعدادا لإقامة الصلاة اعتقدت أن المسألة متعلقة بتأخير الخطبة وربما أمره الرئيس أو غيره بأن يقوم حتى يستعجل الخطيب خطبته، وفعلاً أنهى الخطيب الخطبة وأٌقيمت الصلاة ووقفنا لها وكان الرئيس أمام المحراب تماماً في مكانه الدائم للصلاة وكان إلى جواره من اليسار يحيى الراعي الذي أستبدل مكانه بمكان المرحوم الشهيد/ عبدالعزيز عبدالغني ليصبح الأستاذ عبدالعزيز على يسار الرئيس مباشرة ومن ثم بالتوالي يحيى الراعي - رشاد العليمي - أنا - عبده بورجي - أحمد عبدالرحمن الأكوع، وكان على يمين الرئيس بالتتابع د/ مجور – صادق أبورأس – نعمان دويد ولا أتذكر مواقع الآخرين بعدهم.
وأنهى المؤذن إقامة الصلاة. وكان مايزال صغير السن عمره مادون الثلاثين عام، وكبر الشيخ علي المطري تكبيرة الإحرام وقرأ سورة الفاتحة ومن بعدها سورة النصر وبعد أن كبر للركوع كان هناك من قد ركع بسرعة وأنا منهم وآخرين في طريقهم للركوع .في تلك اللحظة حصل الانفجار الإرهابي الغادر والجبان، وكنت أنا أمام تلك الفتحة تماماً التي أحدثها الانفجار في جدار المسجد الأمامي، فسمعت في أذني لحظتها صوت يشبه صوت الجرس (صن) أو تلك الأصوات التي تصدر عند اصطدام حديد بحديد أو معدن بحجر. من ثم صوت أخر أضخم (طن) الذي يصدر عن الإنفجارات، في تلك اللحظة غمرني شعور بالسعادة رغم أني لا أحب الموت لكن سعادتي كانت تلك اللحظة من أني سوف أموت وأنا أصلي لله، وعندها كنت مؤمناً بأن ساعة الموت قد حانت فأسرعت للسجود لكي أموت وأنا ساجد، ولحظتها لم يكن في مخيلتي سوى صور تتزاحم للجنة ومروجها الخضراء والابتسامة ولوالدتي وأخواني وأبني رامي وبقية أولادي الصغار، وكانت تمر تلك الصور بسرعة، ولكني كنت متأكداً بأن الابتسامة لم تفارق محياي في تلك اللحظات وبعد ما يقرب من خمس إلى عشر ثواني لا أستطيع أن أحصيها بالضبط كنت مازلت أشعر ببعض أعضاء جسمي تتحرك ولم أشعر بسكرات الموت التي كانت مرسومة في مخيلتي فحاولت أن أقف ولم أكن أعرف أن رجلي اليمنى قد انكسرت.
فما أن حاولت الوقوف حتى وقعت على الأرض على جنبي الأيمن وإذا بي أشاهد دخان أسود ونار ملتهبة في شكل دائرة فوق رأسي بارتفاع حوالي متر يزيد أو ينقص قليلاً، ولكن ما أتذكره جيداً فقد كان لهب أحمر على شكل دائرة وفي الوسط كان لونه أقرب إلى الأزرق وله صوت شبيه بفحيح الأفاعي العملاقة التي نشاهدها في الأفلام، كأن فوقنا في تلك اللحظة وحش من الأشباح حيث كان الرماد والدخان والسواد والصراخ هي الأشياء الموجودة حينها التي لا أستطيع أن أقدر بشكل دقيق كم استمرت على ذلك الحال، إلا أني كنت مازلت بوعيي ولم أفقده حتى لحظة واحدة, رأيت ضوء آتي من الباب الرئاسي للمسجد والذي كان على يساري وكنت ألامس قطع أخشاب متناثرة على الأرض وهي من أخشاب الديكور للجزء الأمامي للمسجد التي تناثرت نتيجة الانفجار، وأعتقد أنها ربما كانت سبب الكسور التي أصبت بها أنا وبعض الآخرين، عندها التقطت واحدة من تلك الأخشاب وتوكأت عليها ووقفت واتجهت صوب الضوء الأتي من الباب أمشي بصعوبة جداً ماراً بعدد من الجثث أموات وأحياء أسمع أصواتهم ولا أراهم وهم يصرخون لإسعافهم وأنا لا أستطيع أن أعمل لهم شي, فشدة الألم التي أعانيها جراء الكسور التي في رجلي اليمنى واحتكاك عظامها المفتتة ببعضها وكسر آخر في يدي اليمني وطبلة أذني التي انفجرت والدم الذي يتصبب على أنفي وعيني ومن جبيني نتيجة تعرضه لضربات من شظايا الانفجار والحروق التي كانت في رأسي، كل هذا كان قد جعلني عاجزاً عن القيام بأي عمل سوى الخروج من المسجد، الذي تحول إلى خرابه معتمة، إلى النور الذي كان بخارجه، وفعلاً كنت أول من خرج من باب المسجد ونزلت أربع أو خمس درجات من هذا الباب أتعكز على تلك العصا من خشب الديكور، وجلست على رصيف من الأسمنت بالقرب من الباب الذي خرجت منه وكنت أنادي بأعلى صوتي لمن يأتي يسعفنا ولكن لا يوجد أحد لحظتها.
خرج بعدي بقليل الأستاذ/عبدالعزيز عبدالغني وبدا جسمه محترق بالكامل. جلس إلى جواري ننتظر ما تفعله بنا الأقدار ودخل بعدها الأستاذ عبدالعزيز في حالة من اللاوعي لكنه كان جالس جلسته المعتادة دون أن يصدر منه أي صوت وكأنه في إحدى اجتماعاته التي يجلس فيها بشكل مؤدب ومحترم وبدلته الأنيقة ممزقه، أما أنا فقد كنت أتألم آلماً شديداً من كسوري وجراحي ورأيت العظم المكسور في رجلي قد مزق الجلد وخرج منه وتلمسته بيدي التي كانت تمر في فراغ بين العظام ومن شدة الألم اعتقدت أن الخلاص في تلك اللحظة هو قطعها. وفي تلك الأثناء وأنا أكابد آلامي وجراحي خرج الدكتور/ علي مجور وكان هو الشخص الثالث الذي خرج من المسجد كان منظر جسمه متُفحم تماماً وملابسه قد تمزقت من أماكن الخياط وكان ذلك حال ملابس الجميع وكأن هناك مقص قد قام بقصها بإحكام من أماكن الخياط، والغريب أنها لم تكن محترقة في حين لم تسلم الأجساد من الحريق، وبعده مباشرة رأيت الدكتور/رشاد العليمي خرج يزحف على ظهره نتيجة الكسور التي أصابت أطرافه وكان يناديني بأن أسعفه، عندها حرك صوته الشاحب في أعماقي مشاعر من الغيرة والحمية نحوه، قررت وقتها قطع رجلي من تحت الركبة وكنت ألبس جنبيتي وفعلاً سحبتها من غمدها لأقوم بقطع رجلي معتقداً أنني سوف أرتاح من شدة الألم وأعمل شيء قد يساعد المصابين والجرحى الذين كنت أسمع صراخهم وأنينهم، وفي تلك اللحظة سمعت صوت الانفجار الثاني جنوب المسجد من خلفنا تماماً بعد حوالي دقيقتين أو ثلاث من حدوث الانفجار الأول في المسجد سألت عنه فيما بعد فقيل لي بأنه انفجار في الجهة الجنوبية من المسجد عند خزانات الغاز والوقود، فقد كان البديل الثاني في حال فشل البديل الأول، وفعلاً لو انفجرت خزانات الوقود لانتهينا عن بكرة أبينا نحن ومن كان في دار الرئاسة لأن الحجم الكبير لهذه الخزانات كان كفيل بذلك إلا أن سماكة حديدها حال دون انفجارها.
عندما سحبت جنبيتي من غمدها ورفعتها في يدي وهممت بقطع رجلي لم أشعر إلا ويد الرائد/رضوان معياد وهو ضابط في الحرس الرئاسي تمسكني وأعاد جنبيتي في غمدها ومنعني من محاولة قطع رجلي، وفي تلك الأثناء خرج الرئيس/ علي عبدالله صالح وكان هو الشخص الخامس الذي خرج من داخل المسجد محمولاً على أيدي أربعة أشخاص من قوة التدخل السريع ومعه إبن اخيه طارق محمد قائد الحرس الخاص الذي كانت الدماء تسيل على وجهه ويده، وهو ينادي أفراد الخرس الذي مازالوا بخير ويأمرهم بأن يسعفوا مسؤولين الدولة والجرحى ويقولهم (هاتوا السيارات بسرعة تحركوا لإسعاف المسئولين والجرحى)، وللأمانة كان الحرس الخاص وقتها رغم أن بعضهم كانوا مصابين يبذلون جهداً كبيراً لإسعاف الجرحى وكانت حركتهم أشبه بخلية نحل لعملية الإخلاء، وقد استوقفتهم وهم يحملون الرئيس عند أسفل درجة من درج باب المسجد لأطمأن على حالته الذي كانت ملابسه ممزقه وكان يرتدي بدلة بدون كرفته وكان هناك شيء مغروس في عنقه قطعة خشب ودمه ينزف من قريب عظمة الترقوة ولم أركز على بقية جسده، إلا أنه كان مصاب بأضرار بالغة، فسألته هل تسمعني يافندم، فسمعته يقول لطارق (أسعفوا الناس ياطارق ولا تردوا ، بلغ القوات لا تضرب شيء ولا ترد بأي شيء أنا بخير أنا بخير) وكان وكنا نحن أيضاً نظن وقتها أن الهجوم تم علينا بصاروخ، وأخذوه محمولاً ،اثنان من الأشخاص يحملونه من يديه واثنان آخران من رجليه وكأنه على كرسي، ومن ثم أدخلوه في سيارة نوع لكزس لون رصاصي وكانت خلفها سيارة حبة طربال لونها بيج وأخرجوه من هناك.
أما الدكتور/علي مجور فقد جاء ابنه وحراسته وأخذوه في إحدى سيارات الرئاسة، وأنا والشهيد/عبدالعزيز عبدالغني أخذونا في سيارة أخرى من سيارات الرئاسة، ولم أعرف مصير الآخرين وعندما تجاوزنا السور الأول للرئاسة حيث تقف سيارات الضيوف استوقفت السائق وقلت له ناد على مرافقي ياسر العواضي وعبدالعزيز عبدالغني بأن يلحقوا بنا، وفعلاً خرجنا من دار الرئاسة وتبعونا المرافقون ومررنا بالسائلة متجهين إلى مستشفى مجمع الدفاع بالعرضي وسمعنا إطلاق رصاص أثناء مرورنا بالسائلة وأعتقد أنه كان البديل الثالث في خطة التصفية كما أظن .لأنهم أطلقوا النار على موكب الرئيس الذي لم يكن فيه فقد سبقه في السيارة اللكزس، ووصلنا إلى مستشفى مجمع الدفاع بالعرضي.
كان سائقونا ومرافقونا قد سمعوا أصوات الانفجارات ورأوا الدخان وعرفوا أن مصيبة قد حصلت ولكن لم يعرفوا ماهي بالضبط ، وحملني مرافقي الأوفياء على أيديهم وظهورهم وأدخلوني إلى صالة الاستقبال بمستشفى مجمع الدفاع، ووجدت هناك الرئيس فوق كرسي وكان وقتها قد أغمي عليه ومعه حراسته أتذكر منهم طارق ابن أخيه، ولم يكن هناك أي أحد من الأطباء في المستشفى، وكان طارق يتصل بإدارة المستشفى تتابع الأطباء للحضور، فقررت الخروج من هناك والذهاب إلى أي مستشفى آخر، ونصحني طارق بالذهاب إلى مستشفى 48 وسمعته يقول للمرافقين (شلوهم 48 مابش هنا دكاترة)، وكنت أنا قد قررت لحظتها بضرورة أن أخرج من مستشفى العرضي، ثم ألتفت وألقيت نظرة أخيرة على الرئيس وهو مغمي عليه على كرسي بثياب ممزقه ودمائه جارية وجراحة بالغة وتلك الشظية الخشبية مازالت مغروسة في رقبته فشعرت بحسرة بالغة لم أشعر بها من قبل وقلت لمرافقي الذين كانوا مصدومين لما حدث: أخرجوني من هنا فأخرجوني، ولحظتها فكرت في أن الحرب قد تتطور وخصوصاً أني شعرت أن الرئيس قد يموت وان المسافة إلى مستشفى 48 بعيدة وأن المستشفى قد يكون أحد الأهداف فيما لو تطورت الحرب، عندها قلت للسائق خذني إلى المستشفى اليمني الألماني الكائن في جولة المصباحي بمنطقة حده، وفي هذه الأثناء تناولت تلفوني من السيارة واتصلت بوالدتي التي كانت حينها في القرية كي أطمئنها قبل أن يغمى علي ويأتيها الخبر من غيري فيغمى عليها وقلت لها بأنه حصل لي حادث سيارة بسيط وهنالك كسر في رجلي وأني بصحة جيدة.
وفي طريقنا الى المستشفى اليمني الألماني مررنا بميدان السبعين وكان الناس مازالوا يغادرونه بعد أن فقدوا الأمل من حضور رئيسهم المغدور أو بعد أن سمعوا أصوات الإنفجارات، ووصلت إلى المستشفى اليمني الألماني وكان هناك إخواني وعشرات الأشخاص من أصحابي كانوا حولي وكانوا قد وصلوا إلى هناك ولا أعلم من الذي أخبرهم، وقد طلبت من الطبيب أن يخدرني من شدة الألم ويفعل مايريد بعدها تم تخديري وأجُريت لي العملية الأولية من قبل الدكتور/عبدالسلام الجنيد والذي قام بجهد عظيم شهد له الأطباء الأجانب عندما سافرت بعدها إلى خارج اليمن، وقد أخبرني فيما بعد أنه أجرى لي العملية والمستشفى يهتز من أثار القصف العنيف الذي أعقب الحادث على منطقة حده، وأخبرني أنه أجرى لي العملية وكان معه أحدى إخواني بسلاحه داخل غرفة العمليات الذي رفض الاستجابة للأطباء بمغادرة غرفة العمليات . كان المشهد أفظع من أن يوصف. وهذا هو كل ما أستطيع استحضاره من ذلك الحادث المروع في ذلك اليوم المشؤوم، وقد راعيت أن أكون واصفاً لما حدث بشكل متجرد قدر الإمكان وبقدر ما تسعفني به إمكانياتي المتواضعة في الكتابة على ذلك.
اقرأ المزيد من عدن اونلاين | أخبار و تقارير | ياسر العواضي يحكي تفاصل ساعة انفجار جامع النهدين .. ألقيت نظرة على الرئيس وهو مغمي ودمائه جارية وشظية خشبية مغروسة في رقبتهعدن اونلاين | أخبار و تقارير | ياسر العواضي يحكي تفاصل ساعة انفجار جامع النهدين .. ألقيت نظرة على الرئيس وهو مغمي ودمائه جارية وشظية خشبية مغروسة في رقبته http://aden-online.com/news/5590.htm#ixzz1tnAyMPl6


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.