لم يقتصر دوره على المشاركة في اعتصامات الشباب منذ لحظة انطلاقها في الحادي عشر من فبراير في محافظة تعز، لكنه ينشط كثيرا في مجال العمل الحقوقي باعتباره محاميا وناشطا حقوقيا. إنه الناشط الشاب المحامي غازي السامعي الذي جهد كثيرا مع ناشطين آخرين ومنظمات حقوقية في توثيق جرائم النظام ضد الثوار بغرض الاستفادة من تلك الوثائق في مقاضاة المتورطين من رموز وأتباع النظام في قتل الثوار سلميا. فيما يلي يعيد الاشتراكي نت نشر حوار أجرته صحيفة المد مع السامعي وهي إحدى الصحف الثورية الصادرة في ساحة التغيير بصنعاء يتحدث السامعي عن العديد من القضايا المتصلة بالثورة السلمية. حاوره: أحمد الزكري - كيف يمكن قراءة ما يحدث في تعز وبالأخص منذ 29 مايو ؟ القراءة الوحيدة لما يحدث هو أن حرباً ضد أبناء هذه المحافظة خُطط لها بعناية وتنفذ بكل صلف وعنجهية ودموية ، حرب ضد قيم المدنية والسلام التي تمتاز به هذه المدينة ومحاولة لتدمير قلب الثورة وإسكات صوت التغيير الذي انطلق عالياً من هذه المدينة. يمكنني القول بان تعز الآن تدفع ثمن حريتها وحرية اليمن التي نادت بها وتتعرض لعقاب جماعي على مختلف الجوانب لكنها تعز التي لا تقهر وكل يوم تولد من جديد. ·- لماذا هذه الحرب الشرسة ضد تعز بالذات التي تميزت بسلميتها؟ تعز لأنها أولا ولادة اليمن ورحمها الخصب ولأنها ثانيا رائدة الثورة وحاملة مشعل التغيير ولأنها ثالثاً كانت نقطة انطلاق هذه الثورة السلمية وأولى المحافظات التي خرجت واعتصمت واستمرت وما تزال ولأنها رابعاً من ينتشر أبناؤها الثوار في كل مديريات ومدن اليمن ولا أظن أن ساحة حرية أو ميدان تغيير في اليمن يخلو من شباب تعز ولا أظن أن أي ساحة لم ترتو من دماء أبناء هذه المحافظة التي تشكل مفصل هاماً في صناعة التحولات ولان تعز الأكثر سلمية وثقافة تشن عليها هذه الحرب الشرسة..الأسباب كثيرة لتلاقي حربا من نظام لا يستطيع التعايش مع السلم. ·- هل أثرت هذه الحرب سلبا على تنامي الثورة في تعز وبالتالي في محافظات أخرى؟ لم تؤثر الحرب على الثورة وتناميها بل إن تعز أثبتت أنها تخرج دوما من بين أكوام الدمار والخراب أكثر ألقا وتوهجاً وتخرج من رحم الموت بحياة جديدة فرغم روائح البارود وأصوات المدافع وطلقات الدبابات وأزيز الرصاص ينتشر أبناء تعز في شوارعها وساحاتها وأزقتها يصنعون بهاء ثورتهم السلمية ويصدحون بمطالب الحياة التي أرادوها وينقشون معالم اليمن الجديد ولعل من شهد المسيرة الحاشدة يوم الأحد 17 يوليو المشؤوم يدرك هذا جيداً ولعل المسيرات اليومية الصباحية والمسائية التي تعيشها تعز تثبت بان تعز ولدت لتحيا بحرية وكرامة وان لا حرب ولا عقاب ولا بلطجة ولا حصار ولا كل مفردات الموت والقمع بقادرة على إطفاء جذوة ثورتها ودون شك فان المحافظات الأخرى مستمرة بزخم رائع أيضا. - استخدم موالون للثورة السلاح لحماية الثوار في تعز..هل يخدم هذا الثورة السلمية؟ هذا الاستخدام جاء بعد محرقة ساحة الحرية وبعد أن أوغلت القوات الحكومية وفرق موتها في ذبح تعز أما قبل هذا التاريخ فلم يكن هناك مسلحون ودعني أشير هنا إلى أن الثورة في تعز بشكل خاص وفي اليمن بشكل عام ستبقى سلمية مثلما بدأت ، فمن يحملون السلاح الآن في تعز ليسو الثوار وإنما مجاميع حملت على عاتقها الدفاع عن الثوار إذا ما تعرضوا للقتل وذلك من باب الدفاع الشرعي المكفول وفقاً للشرع الإسلامي ولكافة القوانين ، وإذا أردت رائي الشخصي فانا ضد المظاهر المسلحة وأتمنى أن تعي بقايا النظام أن أسلوب نشر الفوضى وجر الناس إلى الحروب ليس في مصلحة احد وان على قوات الحرس الجمهوري والقوات العسكرية الأخرى الانسحاب من المدن وبالتالي ستزول كل مظاهر انتشار السلاح الموجودة حالياً. - يرى البعض أن عدم اكتمال انتصار الثورة خلال أكثر من ستة أشهر منذ انطلاقها يعود إلى أسباب عديدة أهمها عدم توحد شباب الثورة ليس فقط في المحافظات ككل بل في كل محافظة..إلى أي مدى يبدو هذا القول صحيحا؟ عدم توحد الشباب في مختلف الساحات ليس السبب الأوحد لعدم انجاز الثورة هناك أسباب أخرى وأظنها أكثر قوة ، وفي اعتقادي أن هناك عدد من العوائق أمام توحد الشاب. - ما هي هذه العوائق ؟ من ذلك اختلاف الرؤى والأفكار في موضوع الحسم فكل إنسان له رأي ، أضف إلى أن تعدد مشارب الفئات الموجودة في الساحة (شباب ، أحزاب ، قبائل ، عسكر ، و..و..إلخ) تجعل الاتفاق حول آلية واحدة أمرا صعبا نوعا ما لكن دعني أؤكد أن هناك اتفاقا تاما بين مختلف الساحات والتكوينات على إسقاط النظام وعلى بناء الدولة المدنية الحديثة..الاختلاف يمكن في التفاصيل فقط ، البقاء في الساحات طول هذه الفترة ليس سلبياً بالمطلق هناك تخلق لوعي ولجيل جديد خلال هذه الفترة وكنا بحاجة إلى عشرات السنين لنصل إليه، وبالنظر إلى التركيبة المجتمعية اليمنية والى 33 عاما من الديكتاتورية وتكريس سياسة الحكم الفردي وتجسيد الوطن في شخص رئيس الدولة وخلق العداء ونشر ثقافة الإلغاء والإقصاء وسياسية "ما أريكم إلا ما أرى" لهذا أقول إن عدم توحد الشباب بشكل كامل كان إحدى إفرازات هذه المرحلة البائسة الممتدة 33عاما. -· متى يمكن تجاوز هذا التشتت؟ أنا على يقين أن الأيام القادمة وأظنها معدودة ستكون كفيلة بان يتم تجاوز هذا الأمر بحيث يتم توحيد كافة التكوينات في كل ساحة واختيار ممثلين عنها ومن ثم الوصول إلى تكوين أيا كان اسمه يُمثل بشكل حقيقي وواقعي مختلف المحافظات كإطار أعلى للثورة اليمنية. - كيف تقرأ الوضع الثوري والأداء السياسي في البلد بشكل عام وفي تعز على وجه الخصوص خلال فترة غياب رأس النظام منذ الإعلان عن إصابته في حادثة بدار الرئاسة؟ لا أخفيك بان انطباعي عن الأداء السياسي اليمني بأنه بائس جدا ومحبط وما جعل الشعب يتحول إلى الفعل الثوري هو فشل الأداء السياسي طيلة السنوات الماضية، وأنا هنا اقصد طرفي المعادلة السياسية في البلد (الحاكم والمعارضة) ومثلت حادثة دار الرئاسية اختباراً حقيقاً للأداء السياسي ورأينا كيف انكشفت سوءة المعارضة والحاكم وكيف ظلوا في مربع الحيرة ودائرة الذهول ولم يحركوا ساكناً وكأن البلد ملك لفرد وعائلة واحدة وبدا هذا الأمر في أوضح صوره في إدارة البلد خلال هذه الفترة. - يتهم بعض الشباب أحزب اللقاء المشترك بالتأثير سلبا على تنامي الثورة بسبب ما يسمونه إفراطها في الأداء السياسي خاصة في تعاطيها مع المبادرة الخليجية..كيف تنظر أنت إلى هذا الاتهام؟ أحزاب اللقاء المشترك هي أحدى مكونات الثورة اليمنية وقد أعلنت صراحةً الانضمام إلى ثورة الشباب ، وتعاطيها مع المبادرة الخليجية جاء من موقعها في المنظومة السياسية والتي تحتم عليها التعاطي سياسياً ، وهنا يجب أن نكون منصفين فواقع الحال يفرض على قادة اللقاء المشترك مثل هذا الأمر لكن ما يُعاب على قادة اللقاء المشترك أو بعضهم هو مراوحتهم لمكانهم وعدم حزم الأمر وحسمه أما بالحوار والتعاطي السياسي خلال فترة محددة وحسب رؤية واضحة أو التزام الصمت وترك المجال للفعل الثوري ليقول كلمته. - أنت احد الشباب الذين نزلوا إلى الشارع وساهموا في ا،طلاق شرارة الثورة إلى جانب نشاطك الحقوقي وعملك في مجال المحاماة..هل قمت مع منظمات أو ناشطين آخرين بتوثيق جرائم النظام ضد الثوار وكيف يمكن الاستفادة من هذا التوثيق إن وجد؟ نعم قمنا بتوثيق كافة جرائم النظام منذ انطلاقة الثورة ولدينا ملف متكامل عن كل تلك الجرائم مدعماً بالأدلة ووفقاً للنظام الجنائي الدولي، وهناك عدد من المنظمات البارزة كان لها دور متميز في هذا الجانب مثل مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان والمرصد اليمني لحقوق الإنسان ومنظمة هود ، وخلال الأشهر الماضية قمت مع عدد من الزملاء في تعز بإنشاء المركز القانوني لمناصرة الثورة ونسعى من خلال هذا المركز لتقديم المساندة القانونية ومتابعة قضايا الجرحى والشهداء ومتابعة قضايا المعتقلين، وتوثيق الجرائم أمر في غاية الأهمية واعتقد أن عدم توثيقها هو جريمة بحد ذاته ونحن نخطط لأن يتم تقديم ملفات لمحاكم دولية بخصوص ما ارتكبه النظام كما نسعى في الوقت ذاته لمعرفة قوانين البلدان التي تتيح ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية ومنتهكي الحقوق لتقديم دعاوى لديهم ، لا يمكن أن تمر كل هذه الجرائم بدون عقاب ولن تسقط بالتقادم كما لن تسقط من ذاكرة الناس كل هذه المجازر وسيلاحق الناس المجرمين بالعقاب المجتمعي حتى يتحقق العقاب القانوني.