ذكرت مصادر رسمية مصرية ان السعودية تفتح الباب أمام وصول الإخوان للسلطة فى اليمن بينما مصر تعتبر ذلك خطاً أحمر. في حين نفى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وجود أي خلاف مع مصر حول ملفي سورياواليمن، وشدد على أن التنسيق دائم ومستمر بين القاهرةوالرياض حول التطورات في هذين البلدين، مؤكداً حرص المملكة على توثيق العلاقات الثنائية. ونقلت صحيفة الشروق المصرية الأحد قول مصادر مصرية رسمية بإن القاهرة أبلغت الرياض خشيتها من أن ما تصفه مصر ب«المبالغة فى الانفتاح على أذرع جماعة الإخوان المسلمين فى الدول العربية» و«محاولة الاعتماد عليها لإنهاء الأزمة» فى اليمن أو لملمة الوضع فى سوريا سيؤدى حتماً لعواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمى، لأن الإخوان إذا ما وصلوا للحكم فى بلدان عربية بدعم سعودى لن يهدأ لهم بال وسيسعون للسيطرة على جميع العواصم العربية. معلوم ان تدخلات مصر ليست طائفية، بينما مشاركتها في تحالف السعودية بسبب ان باب المندب على رأس قضايا أمنها القومي، إضافة الى الدعم الاقتصادي السعودي لمصر. والواضح ان التحركات الإيرانية في اليمن تقلق مصر، وبالذات مع اتخاذها الشكل المباشر كما أن توسعهم في السيطرة على مدن كالحديدة البحرية ثانية أكبر المدن اليمنية وإبرامهم اتفاقاً مع إيران على فتحه أمام الملاحة الدولية يعد بمثابة تهديد جدي لمصالح مصر، إذ بذلك يصبح لدى إيران منفذاً على البحر الأحمر. إلا أن ثمة اختلاف كبير في وجهات النظر حول المسألتين السورية واليمنية بين السعودية ومصر خصوصاً إثر صراع السيسي مع الاخوان. فالحال ان هناك أكثر من دليل على قلق مصر من تسليح خصومهم السياسيين جماعة الاخوان في اليمن. والشاهد ان الحساسية المصرية من الاخوان سترمي بظلالها على التحالف المصري السعودي تجاه القضية اليمنية. بينما لن تتكيف مصر مع واقع يتغير فى غير صالحها على الإطلاق!. ويمكن القول إن استقبال مصر لقيادات حوثية وإرسال الحوثي لإشارات واضحة بعدم ممانعته إقامة علاقات قوية مع مصر صار يقلق السعودية بالمقابل. وزير الخارجية السعودي، وفي أول زيارة يقوم بها إلى القاهرة منذ تعيينه في منصبه، أشار في مؤتمر صحافي مشترك الأحد مع نظيره المصري سامح شكري، إلى جهود تبذل لاستئناف المفاوضات السياسية في اليمن توصلاً إلى حل للأزمة وفقاً للمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن. واتهم المسؤول السعودي ايران بدعمها الإرهاب في المنطقة، وقال إن «إيران هي الدولة الوحيدة التي تتدخل في شؤون المنطقة»، وأضاف «لن نقف مكتوفي الأيدي أمام تدخلات إيران في المنطقة». ومن جهته، أوضح شكري أن المباحثات مع نظيره السعودي تطرقت إلى الأوضاع في العراق وتفشي الإرهاب، إضافة إلى مسألة دعم المعارضة السورية. وشدد على دعم بلاده للشرعية في اليمن، مؤكداً أن «أي محاولة لفرض نفوذ على الأمة العربية مرفوض»، وقال إن بلاده مستعدة بشكل كامل «لحماية الأمن القومي العربي من أي طرف يزعزع الاستقرار». في السياق قال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمى باِسم رئاسة الجمهورية في مصر، إن وزير الخارجية السعودى الذي قابل السيسي أكد على وحدة المصير وقوة العلاقات بين البلدين وضرورة تعزيز التعاون بينهما، والذى يكتسب أهمية مضاعفته فى المرحلة الراهنة بالنظر إلى التحديات المختلفة، وفى مقدمتها (مكافحة الإرهاب وإرساء الأمن والاستقرار وتحقيق التوازن فى المنطقة) -حسب تعليق الناطق الرسمي لرئاسة مصر. وقال يوسف إن الوزير السعودى أكد على الأهمية الاستراتيجية لمصر، مشيداً بالمواقف المصرية للدفاع عن القضايا العربية. وأضاف المتحدث الرسمى أن الرئيس المصري أشاد من ناحيته بالمواقف السعودية إزاء مصر وشعبها، ومشدداً على ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بين البلدين فى مواجهة التحديات المختلفة مؤكداً حرص مصر على أمن منطقة الخليج العربى الذى يعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، ولا تقبل مصر أى مساس به. يوسف أوضح ان السيسي يرى أنه يتعين تعزيز التكاتف العربى فى المرحلة الراهنة، وان دعم التضامن من شأنه حماية الدول العربية من الأخطار التى تهددها والتصدى لأى محاولات للتدخل فى شؤونها الداخلية. كما تطرق الاجتماع إلى الأوضاع الإقليمية فى المنطقة، لا سيما فى كل من سورياواليمن وليبيا، حيث توافقت الرؤى بين الجانبين حول أهمية التوصل إلى (حلول سياسية للأزمات فى تلك الدول توقف نزيف الدماء وتحافظ على السلامة الإقليمية لتلك الدول ووحدة أراضيها، بالإضافة إلى مؤسساتها الوطنية). كذلك أكد السيسي على أهمية القوة العربية المشتركة، من أجل تحقيق هذه الأهداف والحفاظ على الدول العربية وصون مقدرات شعوبها، مؤكداً أن هذه القوة ليست موجهة ضد أي طرف، وإنما تحمل رسالة واضحة تعكس قدرة العرب على التكاتف والاصطفاف والدفاع عن مصالحهم في مواجهة التحديات. وكان السيسي طرح في القمة العربية مقترحاً بضرورة تشكيل القوة العربية المشتركة، ووافق عليها الرؤساء والقادة العرب في قمتهم الأخيرة في 28 مارس الماضي، لا سيما مع إنفراط عقد الدولة في اليمن. غير ان العديد من الدول -كما يبدو- لديها تخوف من القوة العربية، لا سيما في ظل خلافات فنية وتقنية جرت أثناء مناقشات عسكرية عربية سابقة. والأرجح ان مصر حتى الآن لا ترى في عمليات التحالف سوى أداة لتطويع إرادة الحوثيين السياسية وإلزامهم باحترام الشرعية الدستورية لا أكثر. وحتى في ظل الحديث عن مسارات ملحة لقوات برية تحسم المعركة على الأرض في اليمن، يتخوف المصريون من أن تتكرر تجربة القوات المصرية فى شمال اليمن خلال الستينيات، عندما تعرضت لعملية استنزاف طويلة فى مناطق جبلية وعرة. لذلك -وكما قالت مصادر مطلعة- رأت مصر على انه لا مساحة أمان لقواتها سوى السماح لقوات التدخل السريع المصرية بالإسهام فى حماية مدينة عدن ومنطقة باب المندب إذا تطلب الأمر. ومع ان مصر لا يمكن تستيغ ان يتحول اليمن إلى لقمة سائغة لتنظيم القاعدة الذى يحاول استثمار ظروف الفوضى الراهنة ليمد نفوذه، مثلما هو حاصل في المكلا؛ ترى دوائر مصرية انه لا ينبغي للسعودية أن تتقارب مع تركيا، التي تتعاطف مع الإخوان. وفي ذلك يعلق المحلل السعودي خالد الدخيل: السياسية الأكثر عقلانية أن علاقات السعودية ومصر لا يجب أن تكون مرتهنة لا للموقف من الإخوان، ولا للموقف من تركيا. فإذا كان استقرار مصر هو مصلحة استراتيجية سعودية، وهو كذلك، فإن واجب السعودية أن تتعامل مع قضية «الإخوان» كمسألة محلية مصرية في الأساس، وأن تقاربها من زاوية تأثيرها على استقرار مصر أولاً، ثم تداعيات ذلك إقليمياً، وبالتالي عليها ثانياً. من الزاوية ذاتها، فإن استمرار السعودية في الابتعاد عن تركيا، كما يريد البعض في مصر، لا يخدم التوازنات الإقليمية في هذه المرحلة. الى ذلك يرى نائب رئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية والعربية د. مختار غباشي، أن علاقة مصر والسعودية بينهما خصوصية في العلاقة، وتعتبر رمانة الميزان في المنطقة العربية. وأوضح على قناة On tv، إنه ليس مطلوباً أن يكون هناك اختلاف في وجهات النظر بين مصر والسعودية، خاصة أن الوضع ملتهب للغاية في المنطقة العربية إلى جانب وجود القوة الإقليمية المحيطة بالعالم العربي والتي أصبحت تترقب أي سقطة في خصوصية العلاقة المصرية السعودية بالإشارة ل»تركياوإيران». أما بحسب أحد الذين تحدثوا ل»الشروق» فإن السعودية نفسها ورغم السياسة الأمنية الداخلية الصارمة يمكن أن تجد نفسها فى مواجهة مأزق مرتبط بالإخوان مثل كل دول الخليج العربى - وفى هذا فإننا نتحدث مع الإخوة فى الإمارات لمحاولة إثارة الأمر بهدوء فى إطار مجلس التعاون الخليجى. فى الوقت نفسه، قالت المصادر المصرية الرسمية للصحيفة إنها تلقت رسائل لا لبس فيها عن ارتفاع منسوب عدم الارتياح فى أوساط الفصائل اليمنية المعارضة للتمدد الحوثى بسبب تزايد الدعم السعودى لإخوان اليمن. وكشفت الشروق أن قيادات الفصائل اليمنية أبلغت القاهرة عدم ارتياحها للوصفة السياسية التى يمكن أن تخرج بها الاتصالات السعودية الجارية حالياً مع إخوان اليمن. ونقلت الصحيفة عن قيادات في تلك الفصائل إجماعهم بأنهم لا يمانعون في أن يكون للإخوان نصيب ولكنهم يرون أن السعودية تتجه لمنح الإخوان الغلبة وليس مجرد المشاركة. كما أوضحت الشروق ان السعوديين بدورهم -وبحسب مصادر دبلوماسية عربية وغربية- لا ينوون تغيير استراتيجيتهم وأفكارهم إزاء اليمن إطلاقاً، ويقول سفير أوروبى فى القاهرة «فيما يتعلق باليمن فإننا نعلم بكل وضوح أن الرياض غاضبة مما تراه تقاعساً من القاهرة عن الدعم، وهم في آل سعود لا ينوون الإصغاء للرأي المصري، أما في سوريا فقد يختلف الأمر قليلاً حيث ستسعى الرياض بالتأكيد لضمان دعم مصرى ما، لكنها ستتحرك لصياغة شيء ما وتطلب من القاهرة دعمه ولن تتحرك بالمشاركة مع القاهرة» . ويقول مصدر حكومي مصري: «إننا نبلغ السعوديين أننا نتفهم قلقهم من التمدد الإيراني وإننا نشاركهم بعضاً من هذا القلق لكننا فى الوقت نفسه لا نريد مواجهة قوى دينية بقوى دينية أخرى» . ويقر المصدر الحكومى الرسمى بأن الرياض تتهم القاهرة بمناوأة حراكها لتجميع صياغات سياسية ذات قاعدة إخوانية في كل من اليمنوسوريا، ويقول «إننا لا نستطيع أن ندعم وصول الإخوان للحكم في أي دولة عربية، هذا ملف مغلق بالنسبة لنا». وكان الخبير الاستراتيجي المصري الدكتور، أحمد عز الدين المقرب من النظام في مصر علق على عملية عاصفة الحزم التي تقودها السعودية وقال إن مصر شاركت فيها لتوقيف وعرقلة السعودية وعدم إطلاق العنان لها، على حد تعبيره. وقال عز الدين في مقابلة على قناة القاهرة والناس الخاصة المصرية إن «كل الأسلحة التي وصلت إلى المسلحين في مصر أتت من اليمن، وتحولت اليمن إلى ورشة صناعة الإرهاب في المنطقة». وقال إن مصر تبحث عن حل سلمي في اليمن، كما تهكَّم عز الدين ومقدمة البرنامج الإعلامية المصرية أماني الخياط على التصريحات التي تدعو الحوثيين إلى الانسحاب وتسليم المقرات الحكومية للشرعية وقال: «أين هي الشرعية والجيش اليمني كله ضد الرئيس الهارب هادي ويحارب السعودية حالياً؟». وكان رئيس تحرير صحيفة صوت الأمة المصرية المستقلة عبد الحليم قنديل «ناصري» قال إن دور مصر بالذات هو الذي يرفع الصفة الطائفية المقيتة عن التدخل في اليمن، فمصر تدافع عن مصالحها المباشرة حين تذهب إلى اليمن، وتطور التكامل الوظيفي المستهدف بين فوائض القوة العسكرية المصرية وفوائض المال الخليجي، وتصوب عملية إنقاذ اليمن. وأضاف في تحليل له: ليس لمصر مصلحة ولا هوى في العداء مع أي طرف يمني داخلي، بل تريد استعادة اليمن بكامله لأولوية عروبته وحفظ وحدة ترابه وناسه، واستعادة تجانسه الثقافي الفريد وإعادة بناء مؤسسات الدولة اليمنية الحديثة، وهذا ما أتصور أن تكون السياسة المصرية واضحة قاطعة فيه، منعاً لاختلاط الأوراق، فالقاهرة هي التي وضعت حجر الأساس للجمهورية اليمنية، زمن جمال عبد الناصر، ودورها الجديد هو وصل ما انقطع، ومن دون تدخل ولا تحيز لطرف على حساب آخر في تفاعلات اليمن الداخلية، لا نريد دماراً مضافاً في اليمن، بل نريد فتح الطريق لإعادة بناء دولة اليمنيين وجيشهم الوطني وجمهوريتهم الموحدة. أما الإخواني هشام الحمامي فقد كتب عن الصدمة من التحالف الخليجي المصري في عاصفة الحزم وانعكس ذلك على مقال له في «المصريون» الأسبوعية المستقلة ذات التوجه الإسلامي، لدرجة ميله للحوثيين ما دامت مصر بقيادة السيسي ضدهم وقال: الهجمات الجوية تمثل تصعيداً كبيراً في الصراع الداخلي في اليمن، وتمهد الساحة لمواجهة أوسع بل ومباشرة بشكل أكبر بين الشيعة «إيران وأحزابها المسلحة في المنطقة»، والسنة «السعودية وحلفائها على الجانب الآخر» مضيفاً «أخطأ الخليج خطأ ضخماً بقصة مكافحة الإرهاب، الذي ساهم هو نفسه في ترويج الاسم وتغذيته وإلصاقه بتيارات الوسطية في المنطقة، التي لم تمارسه أبداً، وكانت أهم صمامات الأمان الفكري والحركي ضد انتشاره، بل كانت بعض الحكومات العربية تعتمد عليه في مقاومته، وما زال التيار السياسي الإسلامي أهم صمامات الأمان الحضاري والاجتماعي والسياسي للمنطقة كلها وللأمة كلها، رغم كل ما يمكن أن يقال. نقلا عن "الثوري"