تحول العيد من فرصة للفرح و الراحة إلى مهمة شاقة ومحفوفة بالمخاطر.. ذلك أن الحرب أصبحت تسير الحياة اليومية لليمنيين وفق شروطها القاسية والظالمة. خلال أيام عيد الأضحى المبارك و كما هي عادة الريف اليمني في استقبال أفواج الأسر والأهالي لقضاء إجازة العيد وسط أجواء أسرية حميمية، لم يتحقق ذلك لأسر كثيرة في أرياف تعز التي تشهد أغلب مناطقها صراع مسلح تخوضه قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ضد مليشيات علي صالح والحوثي الانقلابية التي عمدت لإغلاق الطرق وخطوط النقل الرئيسية في المحافظة. شرايين الحياة المتقطعة في تعز أواخر أغسطس من العام الماضي بدأت معاناة إنسانية طويلة مع الطرق في تعز كلفت الكثير من الأرواح والإمكانيات لدى سكان المدينة وأبناء المحافظة بشكل عام بعد أن حققت كتائب الجيش الوطني والمقاومة الشعبية أول انتصار عسكري لها في تعز بعد أربعة أشهر من اندلاع المواجهات المسلحة في المدينة، قامت المليشيات بفرض حصار خانق على سكان المدينة، حيث أغلقت الخط الرئيسي الرابط بين الحوبان ووسط المدينة في جولة القصر ومنعت حركة سير المركبات والأفراد إلى المدينة عبر طريق الضباب غرب تعز كأخر منفذ. بعد ذلك بشهرين فرضت المليشيات منفذ وحيد أمام كل شي يدخل تعز أو يخرج منها وتحت رقابة شديدة ومهانات كبيرة شهدها العالم أجمع في المكان الذي عرف حينها ب"معبر الدحي" طالوق شريان وعر يبث الحياة. يقول المهندس ناظم العقلاني: أن طريق طالوق كانت هي المنفذ الوحيد الذي يستطيع سكان مدينة تعز الدخول والخروج عبره. و بحسب المهندس ناظم فإن فكرة طالوق أتت لحماية المدينة من الموت جوعا. ثلاثين يوما متقطعة امتدت ل5 اشهر و11 مليون ريال اضافة لمعاناة روح ثورية قهرت الحصار استغرقها العمل في إعادة تأهيل 8 كيلو متر في طالوق لتصبح منفذ أمن للمدينة المحاصرة، حيث بدأ العمل فيها منتصف أكتوبر العام الماضي وافتتحت بعبور اول مركبة دفع رباعي يوم 25 فبراير هذا العام. يضيف العقلاني الذي تخرج عام 2001م من جامعة عدن قسم هندسة جيولوجيا ويعمل منذ 11 عام في شق وتعبيد الطرقات، وأصبح أحد القادة الميدانيين للواء 35 مدرع منذ اندلاع الحرب في تعز منتصف أبريل من العام الماضي بتعز :"بأن المرحلة الصعبة بالنسبة لتعزيز كانت عند اقتحام المليشيات لمركز مديرية المسراخ، حينها تم التوقف في شق طريق طالوق حتى تم دحر المليشيات من المسراخ. يتذكر ناظم:" حين كنا في دار القبة بالمسراخ كنا نشاهد الأضواء التي تعبر طالوق طوال الليل، فكنت أخاطب الأفراد بأنكم تدافعون الآن عن ذلك المنفذ الوحيد للضوء لتعز في طالوق. بين تعز الغربية وتعز الشرقية خط رصاص و مقبرة مفتوحة. أكثر من عام على تقسيم تعز إلى مدينتين وريفين ومعاناة واحدة، ومنذ تقدم المقاومة الشعبية إلى منطقة الكمب والجحملية وحي كلابة شرق تعز تم إغلاق الطريق الرابط بين جولة القصر ووسط المدينة، إضافة لكل المنافذ المجاورة، وحتى اللحظة ومدينة تعز مقسمة نصفين. تقول الناشطة وداد العبسي من سكان حي الزهراء المطل على معسكر القوات الخاصة :"بأن الحي يتعرض يوميا لقذائف الحوثيين و رصاص القناصة، الأمر الذي انعكس في عدد الإصابات المرتفعة في ذلك الحي والذي لا تخلو بيت فيه من شهيد أو جريح. وأما عن العبور من هذه المناطق الى جولة القصر فهي مغامرات لا تسلم من الموت وان سلمت منه فإنها لا تصل سوى لمعتقلات الحوثيين بحسب وداد. من حسنات وثعبات اسفل جبل صبر جنوبا، فالجحملية، والكمب، مرورا بالقصر الجمهوري، و كلابة، فالعرسوم، و وادي جديد حتى شارع الستين شمالا يرتسم الخط الناري الفاصل بين مدينة أضحت مدينتين، وطوال هذا الفاصل لا عبور سوى للرصاص والقذائف فيما وصول المواطنين من إحداهما الى الأخرى أصبح يتطلب مخاطرة و 7 ساعات للوصول لأقرب منطقة في الاتجاه المقابل لا تستغرق في الوضع الطبيعي أكثر من 5 دقائق. يشير المهندس ناظم الذي أصبح مقاتل في صفوف الجيش الوطني :"بأن الطرق أصبحت أدوات حربية استراتيجية تستخدمها مليشيات الحوثي والمخلوع الانقلابية لإجبار الناس على التسليم بها، وبدلا من 1100متر من جولة القصر إلى جولة حوض الأشراف أصبح الأمر يتطلب عشرات الكيلو مترات وهذه معانات كبيرة للناس." منذ أن رسمت النيران حدودها قبل أكثر من عام وتعز مقسمة إلى مدينتين وريفين يمتد الأول والذي تسيطر عليه كتائب الجيش الوطني والمقاومة من الخط الفاصل باتجاه الغرب والجنوب الغربي ليشمل مركز مدينة تعز ومديريات جبل صبر جنوبا إلى مديريات الحجرية في الجنوب الغربي فيما تسيطر مليشيات الحوثي والمخلوع الانقلابية على مناطق الحوبان ومديرية التعزية شمالا إضافة للمناطق الشمالية باتجاه شرعب والشمالية الشرقية باتجاه ماوية و دمنة خدير. وفي مناطق متفرقة من المحافظة لاتزال المدافع تدوي والرصاص يرسم ملامح على الخريطة الجديدة كل يوم. منتصف أغسطس الماضي استطاعت كتائب الجيش الوطني والمقاومة الشعبية فتح طريق الضباب غرب مدينة تعز أغلقت مليشيات الحوثي والمخلوع الانقلابية آخر منفذ للمدينة يمر عبر الستين والربيعي، الأمر الذي خلق معاناة جديدة للمدنيين عنوانها الطرق الطويلة، فقد أصبح العبور من الحوبان إلى وسط مدينة تعز يتطلب المرور بمناطق كثيرة وبعيدة لخصها إعلان ساخر وصف الطريق الجديد الذي حددته المليشيات الإعلان الساخر الذي أطلقه ناشطون في تعز ذكر بأن "خط سير الحوبان تعز كالتالي: مفرق الذكرة، الستين، الربيعي، هجدة، البرح، الوازعية، الكدحة، النشمة، نجد قسيم، الضباب، بيرباشا ،المدينة. وهي مناطق متباعدة. مختتم الإعلان الساخر بتحية الخطوط البرية اليمنية" وفي مناطق كثيرة من المحافظة كحيفان والوازعية والصلو حيث أغلقت المليشيات طرق العبور أمام المواطنين و منعت مرور الجميع بما في ذلك المرضى و الجرحى والمواد الغذائية والطبية الأمر الذي فاقم معاناة أبناء المحافظة الأكثر كثافة سكانية في اليمن دون أي رادع من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية.
قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة @aleshterakiNet