وصلت, أمس الأول, 14 حافلة سعودية إلى منفذ الطوال البري بحرض, وعلى متنها (12,088) مرحلا يمنيا, من المهاجرين غير الشرعيين في الأراضي السعودية. وقال مصدر في الجوازات اليمنية ل"الشارع" إن منفذ الطوال البري استقبل, يوم الخميس الماضي, أكبر عدد من المرحلين: بينهم حالات حرجة تم نقلها إلى مستشفى حرض العام. وشهدت البوابة الرئيسية لمنفذ الطوال ازدحاماً لسيارات الأجرة, وهي تنقل المرحلين إلى مناطقهم بعدما تم إنزالهم على بعد ربع كيلومتر من البوابة. "الشارع" استمعت لقصص بعض المرحلين عند وصولهم إلى البوابة الرئيسة, وكانت قصصاً مؤلمة تمس الكرامة الإنسانية. محمد مريع, من أبناء مديرية عبس, كان يعمل في مستودع "المريع" للأدوية, قفي منطقة الضبية شمال منطقة جيزان. كان محمد بصحبة 3 آخرين وكلهم يعملون في مستودع المريع الشهير, يقول محمد: "لي أكثر من ست سنوات أعمل في المستودع, لم يسألني أحد عن الهوية. لكن قبل ثلاثة أيام وصلت حملة من مكتب الصحة, وعندما عرفت أني مجهول ومعي زملائي الثلاثة لم تسمح لنا حتى بإغلاق المستودع وكذلك لم يسمحوا لنا أن نأخذ فلوس أو الاتصال بصاحب المستودع, وعلى الفور رمونا فوق الطقم ونقلونا إلى سجن جيزان الذي جلسنا فيه ثلاثة أيام". يواصل محمد: "اتضح لي لاحقا أن جارنا, وهو صاحب مستودع أخر, هو من أبلغ الشرطة علينا بعد أن عرض علي العمل معه فرفضت, لأني لو تركت (عمي), صاحب العمل, كان هو بايبلغ علينا". ويقول محمد إن السجن يفتقد للحمامات والفرش والمراوح ولا توجد فيه تغذية. "كنت مع زملائي بدون فلوس, حسابنا لم نستلمه, كان هناك بنجالي في مكان الاحتجاز يبيع ماء وكيك لاغير, من معه فلوس يشرب والذي ما معه يموت". يروي محمد أن رجلاً مسناً كان يسب ويشتم آل سعود؛ احتجاجا على هذه المعاملة, قبل أن يتم نقله إلى مكان آخر مجهول. محمد مريع وزملاؤه, الذين رفضوا الحديث حيث كانت حالاتهم سيئة, قال في ختام حديثه: "أقسم بالله كرهت السعودية ومش راجع الآن إخوتي بايجوا يأخذني وعمي يرسل برواتبي أو قدها في ذمته". مرحل آخر من محافظة الحديدة, ويدعى علي عايش, وهو شاب في مقتبل العمر, يقول: "امتسكت من (مجمع الحارثي) في صامطة بعد أن عملت مع مالكه أربع سنوات, وعندما قمت بمطالبته ببقية راتبي كان يتهرب من الحساب". ويتابع عايش: "كنت قد اتفقت معه على ألف وخمسمائة ريال في الشهر. كان يدفع لي شهر, وشهر يقول انه يبقى دين عليه, كنت واثق فيه, لكن عندما ألحيت عليه بصرف رواتبي المتأخرة, التي تقدر ب33500 ريال سعودي, متأخرات من رواتب أربع سنة كنت أعمل ليل ونهار في المجمع, لم يعترف إلا بعشرة ألف ريال قال سوف يدفعها على مراحل". عايش رفض تقسيط المتأخرات من راتبه, واتهم رب عمله بالظلم, فرد عليه: "لفيناك من القمامة وخليناك تشتغل في محل مكيف يا ناكر المعروف, والآن صوتك علينا؟ أنا باوريك يا ابن الكلب". وبعد يوم واحد فقط, وصلت حملة من الشرطة وألقت القبض على عايش من بين العمال دون غيره. يقول عايش: "فقط كنت أقول لهم؛ معي عنده حساب؛ قال لي الجندي: اطلع مجهول ومعاك حساب, كنت أصرخ وأقول حساب أربع سنين عنده". ويضيف عايش: "كان عمي في المجمع يقول لهم ما اعرفه, والعمال كلهم قالوا انهم ما يعرفوني, طلبت من أحد الجنود الذين يعرفوني, من خلال ارتياده للمجمع يوميا, مائة ريال. ما قصر, أعطاني, ولولاها لمت من القهر والجوع في الاحتجاز". وعن غرفة الاحتجاز, قال عايش إن "الحديث عنها يحتاج ساعات وأنا أريد أرجع". سالته: - وين باترجع؟ - الى المجمع, رد. - إيش تعمل؟ - أنت مجنون.. قسما بالله ما أصل البيت إلا بحسابي؟ - طيب كيف؟ - أروح الى عند واحد مسئول في جيزان يعرف أني أشتغل في المجمع ويعرف أيضا أني مجهول, وأقل شيء يعاقبوه أنه شغل واحد مجهول. والله ما أرجع إلا بحسابي, وش أقول لأهلي؟ كان علي عايش يتحدث بحرقة, ويسب ويشتم رب عمله السعودي, كان يتألم على سنوات عمره في الغربة وتحطم أحلامه بعد أن تخرج من جامعة الحديدة في عام 2009م على حد قوله, وسافر السعودية. ولدى مرحل آخر يدعى فؤاد الغذيفي, عامل بلاط من المحويت, في الأربعين من عمره, حكايته.
يقول ل"الشارع": "أقسم بالله أني أقول الحقيقة. أعمل مجهول في منطقة صبيا وصامطة وبيش, معلم بلاط, أخذ مقاولات بالمتر ومعي عمال, اشتغل وأستلم حسابي بشكل يومي, لكن هذه المرة وقعت ضحية مقاول سعودي مطوع لكن طلع نصاب". يواصل الغذيفي: "اتفقت مع المقاول على عمارة كامل بالمتر وأعطاني 000‚10 ألف ريال سعودي مقدم, على أن أستلم بقية حسابي بعد أن انتهاء 4 أشهر, كنت داخل العمارة التي تتكون من خمسة طوابق, شغل ليل نهار, صرفت للعمال أكثر من المبلغ المقدم, أنهيت العمل في الوقت المحدد وبعد أن طلبت منه أن نتحاسب رفض وقال: عملك مهو زين, لازم أجي بمهندس يشرف على عملك, وافقت, لأني كنت واثقاً من عملي. أحضر المهندس, فقال الأخير: بصراحة هذي ذمة, حاسب المعلم, عمله زين". يتابع الغذيفي: "المقاول اقتنع بكلام المهندس, وطلب مني الانتظار حتى يعود من الرياض ويحاسبني. انتظرت إلى أن وصل بعد عشرة أيام. قلت له أشتي حسابي, قال بكرة يروح الصرافة يسحب لي. اتصل بي الصباح وسألني أين أنت؟ حددت له مكاني, وبينما كنت أنتظر وصوله, وصل بدلا منه طقم الشرطة, وعلى الفور طلبوا هويتي قلت لهم مابش, بس معي فلوس عند المقاول لتركوني استلمها, لكنهم رفضوا, حينها عرفت أنها مؤامرة من المقاول المطوع". ويضيف الغذيفي أنه كان لا يملك غير 200 ريال سعودي في جيبه, لم يسدد للعمال أجورهم, كانوا منتظرين المقاول الذي غدر بهم جميعاً. 4 شبان في ريعان شبابهم, تحدثوا أيضا أنهم كانوا يعملون في "مطعم الراجحي" في سامطة, وكيف أنه جرى ترحيلهم قبل أن يتسلموا أجورهم من المطعم الذي كانوا يعملون فيه.