قد لا يكون من حقي كغير يمنية أن أنضم إلى هذه الأمواج اليمنية التي تناشد رئيسها لإعادة ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة، لكنني أتمنى لو أستطيع فعل شيء لبقاء هذا الرجل في الحكم. سأتحدث بعيداً عن الشئون السياسية الداخلية اليمنية كي لا أغضب أحداً من المعارضين.. فهناك الوجه القومي في شخصية الرئيس علي عبدالله صالح الذي يشرفنا في كل قطر عربي الخوض فيه، فهو صاحب مواقف عروبية أصيلة لم يبق لها وجود في غير اليمن. الرئيس علي عبدالله صالح وفي مطلع حكمه كانت إسرائيل تجتاح لبنان وتقف على مشارف بيروت، وبينما القادة العرب محتارون بالعبارات التي يصيغون بها بيان التنديد وقف علي عبدالله صالح ساخراً من هذا الجبن وداعياً إلى إرسال قوات عسكرية عربية للدفاع عن لبنان.. ولم يكن ذلك للمزايدة أمام وسائل الإعلام في القمة العربية الطارئة لأنه بعد ذلك بيومين أرسل المقاتلين اليمنيين، وأصدر قراراً يعتبر فيه الشهداء اليمنيين الذي يسقطون في فلسطين أو لبنان هم من شهداء ثورة السادس والعشرين من سبتمبر. علي عبدالله صالح عندما اجتاح العراقالكويت كان الرئيس الأكثر حكمة الذي بذل كل ما بوسعه من أجل أن لا تخسر الأمة العراق أو الكويت، ولكي لا تجد القوات الأجنبية موطئ قدم على تربة عربية رغم أن موقفه المبدئي هذا كلف اليمن ثمناً باهظاً نظراً لسوء الفهم الذي حدث. وبعد حرب الخليج الثانية كنا كعراقيين قد ضاقت بنا الدنيا جراء الموت المريع والدمار الهائل الذي ارتكبته أيادي الهنود الحمر القادمين من براري واشنطن، لكننا لم نجد في هذا العالم من يفتح لنا بابه غير اثنين هما الموساد الذي كان يبحث عن جواسيس عراقيين، ثم اليمن التي ما زالت تتصرف كأم تحتضن عروبتها الكليمة، وتحنو عليها بالعطف والوداد.. ورغم كل ظروف اليمن وأوضاعها الاقتصادية حظي العراقيون برعاية الرئيس علي عبدالله صالح حتى يومنا هذا وحمل همهم ومعاناتهم إلى كل المحافل الدولية لرفع الحصار الاقتصادي الذي كان يفتك بأهاليهم آنذاك. علي عبدالله صالح هو الرجل الذي ناصر الانتفاضة الفلسطينية ليس بالبيانات وإنما بالدعم المادي المباشر، وكان يحث شعبه جهراً على التبرع لدعم انتفاضة إخوانهم الفلسطينيين دونما اكتراث أو خوف من موقف دولي قد تتخذه الولاياتالمتحدة بحق بلده.. فالعروبة والإسلام يتقدمان عنده على كل اعتبار آخر. كما أن علي عبدالله صالح هو من حمل هموم شعب الصومال منذ أوائل التسعينيات وحتى اليوم، وظلت مساعيه لإحلال السلام في الصومال هي الموقف الدولي الأبرز الذي لازم أي حديث حول الصراع في الصومال.. واليوم في اليمن نحو مليون لاجئ صومالي أو أقل بقليل يقصمون ظهر الاقتصاد الوطني اليمني إلاّ أنه يرى في تقاسم الرغيف اليمني معهم واجباً إنسانياً تمليه عقيدته الإسلامية. علي عبدالله صالح رجل موقف شجاع، فهو لم ترهبه أن الولاياتالمتحدة أدرجت منظمة (حماس) ضمن المنظمات الداعمة للإرهاب، وحولت التعامل معها إلى تهمة، فهو كان يقول في العلن وبوجه الأمريكان أن بلاده وشعبه يدعمون حماس، ويؤيدون حقها الشرعي في مقاومة الاحتلال الصهيوني. وعندما سعت الولاياتالمتحدة لابتزاز سوريا وجرها إلى أزمات سياسية كان علي عبدالله صالح في طليعة المؤازرين لسوريا، والمدافعين عنها، والرافضين لابتزازها بأي شكل من الأشكال، ومن أية جهة كانت.. وكذلك الحال عندما ضرب الإرهاب الرياض أو الأردن أو العراق كان علي عبدالله صالح أول من يمد كفه للأشقاء من أجل التعاون لمكافحة الإرهاب والاقتصاص للضحايا منه. وللأمانة أقول إن علي عبدالله صالح هو الزعيم العربي الوحيد الذي ظل حاضراً هو وشعبه في كل قضية عربية وإسلامية، وبموقف مبدئي لا انحياز فيه لطرف، أو مذهب، أو جغرافيا.. فهو أحرص الناس على نشر السلام والأمن بين الشعوب، والأسبق الى إصلاح ذات البين في كل خصومة بين بلدين. لذلك عندما يتحدث اليمنيون عن علي عبد الله صالح، ومستقبل حكم اليمن ينتابنا قلق كبير من أن تخسر هذه الأمة العربية والإسلامية أحد زعمائها الأخيار الداعمين لقوتها، وعزة شعوبها، وأمنها وسلامها.. نقلق كثيراً لأننا لا نريد أن نخسر إنساناً بكل معاني وقيم الإنسانية النبيلة.. ولو كان الأمر بأيدينا لوقفنا له على كل ناصية لقطع عليه طريق الرحيل من منصب أصبحت كل الأمة لها حق منه.