إذا كان فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح حفظه الله سيدخل التاريخ من أضيق أبوابه، في حال أصر على عدم ترشيح نفسه، كما زين له ذلك عتاولة «المشترك» وتمنوا له هذا المصير، فإنه في العشرين من سبتمبر المجيد، قد دخل التاريخ من أوسع أبوابه. أما لماذا؟ وكيف؟!فمثل هذا لايخفى على لبيب وعاقل، إذ أنه بنزوله عند رغبة الجماهير اليمنية العريضة وخوضه المعترك الانتخابي، وحصوله على هذه النتيجة المشرفة التي أذهلت المراقبين والمحللين وقادة الدول قاطبة، لصدقيتها واستيفائها كافة السمات والشروط لديمقراطية الانتخابات الرئاسية، ذات الشأن الخطير والمؤثر في أمن واستقرار الوطن والحفاظ على مكاسبه ومنجزاته، يكون فخامته قد أثبت للملأ أنه المؤسس الحقيقي للديمقراطية في اليمن، والمعلم الرئيسي للديمقراطية الحقة في الوطن العربي وماجاوره. فالمؤسس والمعلم لايسمح لنفسه بالانسحاب، بأي حال من الأحوال، من تجربة غرس جذورها وأرسى مداميكها ولاتزال هي في حاجة ماسة لعطائه وأفكاره ورؤاه حتى تستكمل كافة مقوماتها وتتخلق جينات استمراريتها وتطورها.. وبدوره يعي الرئيس المعلم كل هذه الأساسيات ويشعر بها في قرارة نفسه.. وفي ذات الوقت، يتطلع إلى من يقتدي به، ويستلهم رؤاه وعصارة أفكاره، ويستجلي تجربته في قيادة الجماهير إلى جادة الديمقراطية سلوكاً واخلاقيات، قبل أن تكون مجرد شعارات كما أثبت المعلم لتنابلة الصحافة المعارضة وغواة السلطة، أن الطريق إلى القصر لم يكن في يوم من الأيام مفخخاً، وأن الوصول إلى كرسي الحكم ليس في حاجة إلى امتطاء ظهر دبابة أو مطمح دونه قدح القتال، كما كان يصوره غلاة المعارضة وغواة التقارير الكيدية في صحفهم إلى حد أن ادخلوا في قلوب هذا الشعب الصبور شيئاً من الرعب والتوجس. وقد أثبت وبين كل ذلك فخامته حين قال لهم بكل صدق ووضوح: إن السلطة لن تؤول لأحد إلا عبر التداول السلمي، وإن التداول السلمي للسلطة ليس له من طريق عدا «الصندوق» وقالها: «ألا فليتنافس المتنافسون». إنها لأيام صعبة وعصيبة مررنا بها منذ الاستحقاق الوطني الأخير مروراً بنجاح الانتخابات وصولاً إلى اعتراف تكتل احزاب المعارضة «المشترك» بنتيجته، فمن يستجمع في ذاكرته تفاصيل الساعات والأيام والأسابيع التي مرت بها هذه العملية الانتخابية، وتحديداً منذ يونيو من هذا العام، ويستعيد إلى اذهانه أطيافاً من الكتابات والتصريحات المهولة التي كان يطلقها، على علاتها، مجموعة من غواة الفتنة والمكايدة، وجاراهم في ذلك بعض من عتاولة المعارضة، في صحفهم ومواقعهم وعلى امتداد الشارع السياسي، وأثناء المهرجانات الانتخابية لمرشحي الرئاسية، لن يصدق أن فخامة الأخ الرئيس المعلم سيقود سفينة الانتخابات إلى بر الأمان عبر جبال الجليد العائمة، وذلك المطر الأسود المنهمر من سحب الكيد والاشاعات، وعواصف التهديد المباغتة. وربما لن يصدق أن فخامته سيقول للفرقاء ومن أساءوا إليه أثناء الانتخابات أنه يسامحهم ويتقبل إساءاتهم بصدر رحب، وأنه ليس هناك منتصر أو مهزوم، بل فائز واحد هو الشعب إنها لعسرة اشتدت ثم انفرجت، ولكن ستبقى شواهدها عالقة في الأذهان، إلى ان يغير القوم مابأنفسهم، وإلى أن يقبلوا جميعاً على كلمة سواء، لنآزر معاً جميعنا هذا المعلم لكي يستكمل مشروعه الديمقراطي الوطني الذي قد يطول الأمد، ونصطف صفاً واحداً حزباً حاكماً ومعارضة، في مواجهة تحديات المرحلة القادمة من البناء والتعمير، وتمتين اللحمة الوطنية، وتعزيز وحدتنا اليمنية، ونصطف كذلك من أجل صون السلام الاجتماعي، وأمن واستقرار الوطن، وأن نستقرئ من تجربتنا تلك دروساً وعبراً، قبل ان نقول عفا الله عما سلف. al seari - 13@ hotmail.com