سررت كثيراً بما تضمنه قانون مكافحة الفساد من مواد ونصوص سيكون لها دون أدنى شك كبير الأثر في مكافحته والنيل من مرتكبيه أياً كانوا وأينما وجدوا. بوضوح تام وشفافية عالية جاء القانون ليعزز الإجراءات المعتملة حالياً في إطار الحرب المفروضة على الفساد والمفسدين، وليؤكد في الوقت ذاته صدقية التوجهات التي تضمنها البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ/علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية كخيارات ثابتة ومسارات لا تتوقف لبناء اليمن الجديد والتوجه صوب المستقبل الأفضل. صدر القانون بنصوص ومواد تحتم علينا جميعاً التفاعل معها في إطار الشراكة المجتمعية التي أكد، بل شدد عليها.. وذلك من خلال الكشف عن المواقع الخفية التي يختبئ رموز الفساد وراءها.. إضافة إلى مجمل الأوراق التي كان لها أثر بالغ في سيطرته وطغيانه بشكل أو بآخر على طبيعة الحياة ووجهتها. جاء القانون واضحاً وصريحاً شاملاً كل الخطوات التي سيتم اتخاذها وتطبيقها على الواقع الوطني المعيش بما يكفل مكافحة الفساد وتوعية أفراد المجتمع بمخاطره وتوسيع نطاق المعرفة بوسائل وأساليب الوقاية منه. ومن ضمن هذه الخطوات الهادفة إلى مكافحة الفساد ومحاربته إنشاء هيئة وطنية مستقلة عليا لها شخصية اعتبارية وصلاحيات قانونية تسمى «الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد». هذه الهيئة تحمل عبر موادها ونصوصها التي تضمنها القانون إجراءات تصحيحية كفيلة بتعزيز برنامج الإصلاحات المطبق حالياً، ورفده بمقومات النجاح والانتصار للخيارات الوطنية التي تعمّق في الإنسان قيم الأمانة والشرف، وتجعل الأداء العام محكوماً بمقتضيات النظام والقانون. إن الإعلان عن إنشاء هذه الهيئة ضمن نصوص ومواد القانون يؤكد من جهة على مواجهة الفساد بجدية ومسئولية، وإعلان الحرب على رموزه وطرائقه ومكوناته بشتى السبل والوسائل، ومن جهة ثانية تمتع الهيئة بالاستقلالية والصلاحيات القانونية يتيح أمام أعضائها العمل دون تدخلات، وبالتالي اتخاذ الإجراءات الصارمة بحق من يثبت تورطه بجرائم فساد أكانت مالية أو إدارية أو غيرهما. أمر هذه الهيئة يعني ويهم الشعب جميعاً؛ كون الهدف الرئيسي من إنشائها هو محاربة الفساد ومكافحته، وتحقيق الإدارة الرشيدة والحفاظ على المال العام.. والانتصار لآمال وتطلعات الجماهير في بناء وطن خالٍ من الفساد. والسؤال الحاضر الآن دون غيره: من هم الأعضاء الذين سيتحملون مسؤولية هذه الهيئة وتنفيذ مهامها..؟!. هذا السؤال دون غيره يترقب المواطن الإجابة عليه بصمت مسكون بقلق بالغ، لاسيما أن الفساد صار أمراً لا يمكن التغاضي عن ويلاته وعواقبه. الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد تؤسس لمرحلة جديدة من مراحل الإصلاح المالي والإداري، يتم خلالها ضرب أوكار العبث والاستهتار بمقدرات الوطن. ويقيناً إن أردنا لها النجاح والاستمرارية، وألا تُصاب بالانتكاسة قبل أن تنجز شيئاً؛ بل قبل ان تبدأ عملها يجب أن تسند مسؤولياتها لشخصيات نزيهة تتمتع بمعاني الإخلاص والمصداقية والوفاء للوطن، ومعروفة بين الجماهير بكفاءتها وحرصها على الحفاظ على المال العام. نعم.. ما نتمناه هو ألا توكل المهمة لشخصيات أكانت حكومية أو مدنية عُرف عنها تقاعسها عن خدمة قضايا الوطن والمواطنين، وخيبتها في إدارة شئون الأجهزة والمؤسسات العامة سابقاً.. وتزيّنها كذباً بلباس الشرف والأمانة والحرص على مصالح الوطن والشعب. الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد هي المحك الحقيقي اليوم لمواجهة الفساد بمكوناته وعناصره المختلفة.. وهي الأداة التي سيتم بها الانتصار للوطن قولاً وفعلاً وحقيقة.. وهي الأمل في تصويب وتصحيح مجمل الاختلالات المالية والإدارية السائدة، ووقف العبث والتلاعب بمقدرات الوطن، وإعلاء روح القانون والقضاء على كل الإشكالات التي أسهمت في بروز الفساد وتسيده.. وهي الأمل أيضاً في بناء الدولة المدنية الحديثة.. بناء وطن خال من الفساد.