من جديد أدعو إلى حوار بين فئة التجار والحكومة، حوار يقوم على طرح الأشياء بكثير من الصدق والاحترام لمسؤولية الطرفين. وعلى فئة التجار أن تعرف أكثر من أي وقت مضى أن الحكومة هي الراعي، وأن عليها أن تتدخل في الوقت المناسب لحماية الرعية من أي مساس بأمنها العام بما في ذلك الأمن الاقتصادي. لقد أكدنا ونؤكد في كل وقت أن موجة من الغلاء في الأسعار تجتاح العالم لأسباب كثيرة، غير أن العقلاء لابد أن يذهبوا إلى أن الغلاء مهما كانت موجته على نحو من الارتفاع والتطاول فإنها لا تبرر أن ترتفع الأسعار على هذا النحو من العدوانية والانتقام، مع إيمان الجميع دولة وتجاراً أن المستهدف هو المواطن. قال صديق في النيابة إنه عندما قدم بعض التجار الجشعين إلى النيابة بتهمة ارتفاع الأسعار؛ فإن هؤلاء الجشعين قالوا: أي أسعار هذه التي ارتفعت، وأين التسعيرة التي خالفناها؟!.. فكانوا على حق، لأنه بالفعل لا وجود لتسعيرة، وخرجوا يظهرون ألسنتهم للدولة والمواطن على السواء.. وهذا ما يعكس قصوراً وإهمالاً ينبغي أن تفطن له الجهات الاختصاصية. يلجأ المواطن إلى الدولة لتنقذه في مثل هذه الظروف بعد ان لم يقدر هذا المواطن مسؤولياته ومنها هذا الكم الهائل من الأفواه التي تنتظر خبزاً وتوابعه وصحة وتعليماً وأشياء أخرى، وربما يحاول أن يتتبع جهود الدولة وانفعالها بمشكلاته في وسائل الإعلام، ومن الصعب ألا يجد المواطن اهتمام الدولة به حتى في وسائل الإعلام. وكنا قد قلنا ولانزال نقول إن الذي يُصلح الثقة ويعمقها بين الحاكم والمحكوم هو مدى اهتمام الأول به.. وتأتي فرص مواتية ليثبت المسؤولون أنهم يشاركون المواطن البسيط اهتماماته؛ وهي اهتمامات خاصة وضرورية تتعلق برغيف الخبز في المقام الأول. المسألة ليست بالغة السوء على هذا النحو، والسؤال هو: ماذا يريد التجار من خلال هذه القسوة وهذا الصلف غير المبرر؛ هل يريدون بهذا الضغط أن يلفتوا انتباه الدولة، فلماذا لا تلتفت الدولة؟!.