تصريح للدكتور/صالح باصرة يقول : إن وزارة المالية وافقت على صرف المستحقات المالية ل 1171طالباً وطالبة مبتعثاً، ويقول :إنها حالات كانت متعثرة ومتوقفة لدى وزارتي التعليم العالي والمالية قبل التعديل الحكومي الأخير وخلال الأربع سنوات الماضية ! استوقفني هذا التصريح وتساءلت: كيف يمكن لمشكلة طلاب مبتعثين للخارج أن تستغرق أربع سنوات إذا كانت مدة دراسة معظم الجامعات أربع سنوات !؟ وهل ستعدهم الدولة من بين الطلاب الذين رعتهم، وكان لها الفضل في تمكينهم من الدراسة في الخارج!؟ ويا ترى كيف تدبر هؤلاء أمورهم خارج الوطن بغير معونات الدولة التي بعثتهم باسمها!؟ والآن نريد أن نسأل بشكل آخر : إذا كان حل مشكلة احتلال جزر ارخبيل حنيش استغرق ثلاثة أعوام تقريباً وعبر محكمة العدل الدولية في «لاهاي» وإذا كانت مكافحة الإرهاب في اليمن لم تستغرق أكثر من عامين منذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر .. وإذا كانت محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين ثم إعدامة لم تستغرق سوى أقل من عام.. فكيف لمشكلة طلاب مبتعثين للدراسة خارج الوطن تستغرق أربعة أعوام ، وتستهلك عمر تعديل حكومي حدث قبل عامين ونصف تقريباً ، وشارفت القيادة السياسية على الإعلام عن تشكيل حكومي جديد !؟ وأتساءل أيضاً : كيف كانت وزارة التعليم العالي ثم وزارة المالية تعد موازناتها السنوية في ظل وجود نفقات معلقة غير محسومة !؟ وما هي طبيعة المشكلة التي تجعل مستحقات طلاب مبتعثين من الدولة غير مشروعة قبل التعديل الحكومي أو قبل أربع سنوات ثم تجعلها مشروعة في الوقت الحاضر خاصة وأن الأخ وزير التعليم العالي أشار في تصريحاته إلى أن هؤلاء الطلاب لم يستكملوا وثائقهم وعليهم استكمال الوثائق ليتسنى لهم صرف المستحقات !؟ لاشك أننا نثمن عالياً شفافية الدكتور/صالح باصرة وجرأته في الكشف عن المدة الزمنية التي استغرقتها مشكلة هؤلاء الطلاب، ونعتبر ذلك ثقة عالية بالنفس وبنزاهة الضمير.. فهكذا عرفنا الأخ باصرة وهكذا تعلم على يده آلاف الطلاب ، ولكنه في الوقت نفسه فتق في نفوسنا المواجع وأثار شجوننا على بعض مؤسساتنا ووزاراتنا التي قتلتها البيروقراطية، وشل الكثير من أنشطتها عجز وإهمال المسئولين فيها، وتعقيدهم للمشاكل التي باتت هي كل معاناتنا في اليمن. قبل أشهر اعتصم طلابنا المبتعثون إلى الهند ولأكثر من مرة احتجاجاً على عدم استلام مستحقاتهم .. وأعقبهم طلابنا في بريطاينا .. ويوم الخميس الماضي اعتصم الطلاب اليمنيون أمام السفارة اليمنية في القاهرة احتجاجاً على عدم تسليم مستحقاتهم أيضاً .. وبدلاً من أن تتعامل معهم السفارة بشفافية وتمتص نقمتهم وتحاول البحث لهم عن حل من خلال قنواتها الرسمية فوجئنا أن سعادة السفير منح موظفي السفارة إجازة لذلك اليوم وأوصد باب السفارة وترك الأجهزة الأمنية المصرية تتولى حراسة المبنى ! لا أدري كيف ستحسب الحكومة هذا الموقف إذا كنا جميعاً مؤمنين بأن الاعتصام وسيلة ديمقراطية ينص عليها الدستور وحتى من كان يعتصم أمام القصر الجمهوري يجد مسئولاً يتجاوب معه ويحاوره .. ويتفهم مشكلته ويتخذ الإجراءات فيها.. ثم لماذا اعتبر البعض أن مثل هذه الممارسات لطلابنا في القاهرة مسيئة لليمن مع أننا يجب أن نقدر أنهم ما زالوا شباباً صغاراً وتنقصهم التجربة وبعد النظر الذي يفهمه غيرهم ؟ ألم يكن الأولى اعتبار إغلاق أبواب السفارة بوجه المعتصمين هو الأكثر إساءة لسمعة البلد! وهو هروب من المشكلة وليس حلاً لها !؟ نحمد الله أن الدكتور/صالح باصرة تصرف من موقعه في صنعاء عاجلاً وتواصل مع وزير المالية وأصدرا بباناً وعدوا فيه جميع الطلاب في الخارج بتسلم مستحقاتهم بعد أسبوع .. وهو أمر سكن ثورة الطلاب اليمنيين في كل العواصم العربية والأجنبية، وإن شاء الله تفي وزارة التعليم العالي ووزارة المالية بوعودهم! مع أنني مؤمن بأن الدكتور باصرة فك معظم العقد التي كانت تتراكم على بعضها منذ سنوات سابقة ، وأنه قادر على حل بقية الإشكاليات ، إلا أنني أشك جداً أن تقبل وزارة المالية بكل حلوله، وأن تمضي معه بسياسة النَّفَس الطويل ؛ لأن صناع هذه المشاكل والعقد قبل أربعة أعوام وقبل التعديل الحكومي هم أنفسهم ، باقون اليوم في اختصاصاتهم وبنفس سياساتهم وطرقهم في التعامل مع بقية مؤسسات الدولة ، والبعض منهم أعرفه في مركزه منذ عام 1991م وحتى هذه اللحظة .. ورغم تبدل الوزراء ظلوا هم في أماكنهم . ولابد أن نعرف أن أي وزير تتحدد مسئوليته برسم سياسات عامة وخرائط عمل لبقية الحلقات وهي التي ستنفذ ، ويجب أن تقع المسئولية واللوم عليها .. لكن للأسف مازلنا نغير الوزراء وننسى طابور المخضرمين من النواب والوكلاء ومديري العموم الذين ينقلون فيروس التقصير والأخطاء من تشكيل حكومي إلى آخر.