علمتنا مدرسة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم أن «الدين معاملة» وان الإيمان إيمان القلوب والنفوس، فكيف لمن ينسب نفسه لهذه المدرسة ان يهدر دم من يشهد أن «لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله» !؟ في هذه الأيام أيام عاشوراء تستلهم الأمة عبرها ودروسها من واقعة أليمة على نفوس المسلمين باختلاف مذاهبهم، ألا وهي واقعة «الطف» التي استشهد فيها الحسين بن علي سبط الرسول صلوات ربي عليهم جميعاً وكم كانت دهشتي عظيمة ان يتوارد لمسامعي سفك دماء تسعة جنود يمنيين في هذه الأيام الحرم، وعلى أيدي من يقول أنه مقلد لمدرسة الحسين بن علي بن أبي طالب ! تمنيت لو ان عبدالملك الحوثي واتباعه يقرأون التاريخ جيداً، ويراجعون سيرة الحسين بن علي ليعرفوا كم أنهم كانوا على ضلالة، وكم هي المسافة التي تفصلهم عن أخلاق آل بيت رسول الله صلى الله عليهم وسلم !؟ كما تمنيت لو أنه قرأ سيرة الزعيم الهندي «غاندي» الذي يتدين ب«البوذية» إلا أنه عندما سمع بالحسين، ثم قرأ عن ثورته استلهم منها دروسه في النضال والتضحية، حتى ان «غاندي» بعدما فجر ثورته وانتصر قال «تعلمت من ثورة الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر» ! إذا كان الزعيم غاندي قد تعلم من تلك المدرسة، فما بالنا نحن لانتعلم منها، ومابال الذين يدَّعون حب الحسين لا يقتدون بخلقه، فلا يبيحون وطناً، ولا يسفكون دماً بغير حق، ولا يغدرون غافلاً عن سلاحه أو وجهة عدوه، فتلك هي ليس من صفات الشهامة، ولا من الرجولة بشيء، ولا تمت للدين بصلة، فياترى بأي حق هدرت دماء الجنود اليمنيين ؟ وأي ذنب ارتكبوه ليستحقوا عليه الموت ؟ الإمام الحسين بن علي لم يخرج للقتال على مال، ولم يرتض منازلة جيش وهو ليس معه سوى بضعة من أهله من أجل ملك ! ولم تقطع السيوف رأسه لانه جاء معتدياً، بل إنه خرج لتقويم دين الله وللثورة على من انتهك قدسية هذا الدين.. ولأن خصمه كان منتهكاً فعلاً لدين الله لم يتردد لحظة في حز رأسه بالسيف، رغم أنه كان يعلم أن الحسين هو سبط الرسول، ابن فاطمة الزهراء ! فهل ديننا منتهك اليوم لنستبيح الدماء ؟ وهل حدث في اليمن ان منع احد من دخول المسجد الذي يرتضيه، أو الصلاة خلف الامام الذي ترغب به نفسه !؟ وهل كان أفراد الجيش الذين قتلوا «غدراَ» منتهكي دين الله ليستحقوا القتل !؟ أليس الأولى بمن يدعي حب آل بيت رسول الله ان يقتدي باخلاقهم ومعاملاتهم مع الناس خاصة ونحن في بلد حتى اليهود فيه يمارسون حريات عباداتهم ! للأسف الشديد أقول إن بعضنا أصبح عبئاً على الوطن، وعلى الدين، وعلى أهل المذهب الذي يعتنقه.. وللأسف الشديد أيضاً ان يأتي البعض بأفعال غير مسؤولة، وفي توقيت يعيش العالم الإسلامي فيه زمناً لاشتعال الفتن المذهبية، وهناك آلاف المزامير الشيطانية التي يستهويها النفخ بسموم الفتنة، وتتربص بإضرام الحرائق في كل البقاع الآمنة، وبين كل الشعوب المسالمة. كنا نعتقد في الماضي أن الفتنة التي انفجرت في صعدة ربما تعود بعض أسبابها إلى نقص الخدمات الحكومية، وضعف البنى التحتية للمحافظة.. لكن منذ ان أصدر رئيس الجمهورية عفوه العام عن المتورطين بأحداث التمرد، واستتب الأمن في المحافظة توجهت أنظار الحكومة إلى صعدة بشكل كانت بعض المحافظات تحسدها عليه، وصدرت توجيهات رئاسية بمضاعفة موازنات المحافظة المالية.. وبين يوم وليلة تحولت صعدة إلى أكبر ورشة عمل تنموي في اليمن.. إذن لماذا هذه الأعمال الإجرامية التي من شأنها دفع الشركات المنفذة إلى ايقاف تنفيذ أعمال المشاريع والخدمات، وحرمان أبناء المحافظة من أمانيهم التي تطلعوا لها ليستمتعوا بحياة كريمة.. هل فكر الحوثي قبل مداهمة الجيش ان كان من سيقتلهم قد شهدوا الشهادتين أم لا !؟ وان كانوا يمنيين أم قادمين من إسرائيل ؟ وان كانت لديهم أطفال وزوجات وأهل يعيلونهم أم أنهم قادمون من العدم ؟ وهل سأل نفسه على أي نص قرآني أو حديث سيهدر دماءهم !؟ لاحول ولا قوة إلا بالله.. فو الله لانجد تفسيراً يبيح لأحد هدر دماء إخوانه المسلمين إلا من كان يطلب الفتنة، ويسعى للفساد في الأرض.. وهؤلاء ليست لهم ملة أو مذهب أو دين.. فالإسلام دين أمن وسلام وبفضله ينعم اليمنيون بمختلف مذاهبهم بالحياة الآمنة.. فاتقوا الله يا دعاة الفتن، وانظروا إلى دماء العراقيين المهدورة على الأرصفة قبل ان تفكروا بشيء يجر أهليكم إلى البلاء.. ويشهد الله ان ما نراه في العراق لانتمناه لألد أعدائنا حتى لو كانوا يهوداً !