اليوم.. تعالوا «نحكي» عن هذه المطبوعة التي بين أيديكم.. تطالعون فيها وتقرأون وتتفاعلون، أو لا تتفاعلون.. هذه المطبوعة التي نسميها، وتعرفونها ب«الصحيفة»، وتعني مجموعة من الصفحات التي امتلأت بالأخبار والتحقيقات والاستطلاعات والكتابات المتنوعة والرسوم المختلفة، وأُخرجت بطريقة فنية معينة.. ولاشك عزيزي القارئ أنك تنتظرها يومياً، آملا أن تجد ضالتك. على أي حال «الصحيفة» هي وسيلة اتصال، أو طريقة للاتصال بين كاتب وبين قارئ، بين مرسل ومتلقٍ.. أي أنها أيضاً واسطة اتصال، يرجى منها تحقيق أهداف كثيرة قد حددتها سياسة الصحيفة، أو سياسة صاحب الصحيفة، ويعلمها القائمون على الصحيفة «كموظفين» يفترض أن يحققوا أهداف الصحيفة لدى المتلقي «القارئ»، «الشارع العام».. من هذه الأهداف على سبيل المثال وليس الحصر : 1 تكوين رأي عام تجاه قضية معينة «مؤيد، أو معارض، أو محايد». 2 إحداث تغيير أو بشكل أصح تكوين اتجاهات ومعارف ومواقف ومفاهيم محددة لدى القارئ. 3 الترويج لأفكار وسياسات وبرامج ومشاريع تهم صاحب الصحيفة. 4 الترويج والعرض لنشاطات وفعاليات صاحبها. 5 متابعة ونشر ما يهم الناس ويمس حياتهم، ويجذب انتباههم.. إلخ. أكتفي بهذه الأمثلة للإيضاح.. لكن إذا كانت الصحيفة واسطة نقل، فإن اللغة هي وسيلة التوصيل.. بل إن هناك الكثير من وسائل التوصيل، اللغة زائد العلامات.. واللغة نعني بها المفردات المكتوبة، وتعد واحدة من العلامات.. فالعلامات أشمل مثل الإشارات، وكذا الأشكال والرسوم الكاريكاتورية أو التعبيرية، وحتى الألوان والصور الشمسية.. إلخ. لذا فإن تحقيق الأهداف يتطلب استخدام لغة وعلامات واضحة وشفافة بعيدة عن الغموض والتعقيد، أي لغة سهلة ويسيرة تعطي معنى لدى «المتلقي» القارئ يسهل عليه استيعابه.. كون هذا ييسر ويسهل تحقيق الأهداف المراد إيصالها.. فالكاتب أو الصحافي يجب أن يفهم أنه «مرسل» وأن موضوعه أو خبره أو تحقيقه أو مادته الصحافية «رسالة» وأن القارئ هو «المرسل إليه» والذي يراد منه استقبال الرسالة وفهمها، والتأثر بها سلوكاً وممارسة وأخلاقاً ومواقف، وعملاً ونشراً وعلاقات واتجاهات.. و.. و...إلخ، لذا فالصحافي «المرسل» لابد وأن يختار لرسالته «لغة» و«علامات» ذات دلالة قريبة من مسوى القارئ «علماً وثقافة».. والقارئ أو مستقبل «الرسالة» يتنوع في مستواه التعليمي وكذا الثقافي.. الأمر الذي يجعل مهمة الصحافي مهمة معقدة ومركبة لأنه لابد وأن يصل إلى كل القراء وصولاً مؤثراً وتغييرياً ما لم فإن الرسالة «المادة الصحافية» و«اللغة المستخدمة ستفشل ويهملها المستقبل.. بل وسيعزف عن مثل هذه «الصحيفة» إلى حد قد يؤدي إلى موتها ودفنها ونسيانها.. أو على الأقل يهمل ذلك الصحافي الذي لم يحسن اختيار اللغة الدالة «وذات «المدلول» والعلامات «المعبرة » وذات المعنى» للقارئ.