كانت بشارة طيبة سعدنا بها جميعاً أن أعلنت «مكة» اتفاق الفلسطينين ، فأهل فلسطين بحاجة إلى الحياة ومقاومة الموت الذي يفرضه الكيان الاسرائىلي ومن يدعمه ليكون فلسطين وطناً وحيداً للغاصب اليهودي المحتل. غير أننا بنفس الوقت نخاف أن يذهب هذا الاتفاق كسابقيه أدراج الرياح، نخشى أن يكون الكيان الاسرائىلي وحده صاحب القرار، وأن لا يمضي من القرارات أي قرارات إلا برضاه هو. فلقد ظهر «أولمرت» رئىس وزراء هذا الكيان المحتل ليقول إنه يحذر أن ينجرف أبومازن رئىس السلطة الفلسطينية مع «حماس» وكأن أبامازن مجرد موظف بسيط لدى الكيان الاسرائىلي. ولكن فيما يبدو أن هذا الاتفاق الذي باركته المملكة السعودية سوف يكتب له النجاح، فالسعودية يمكن أن تضغط بمالها من ثقل في شبكة العلاقات السعودية الأمريكية لكي ينجح هذا الاتفاق. وعلى العرب بمن فيهم السعودية والجامعة العربية أن يثبتوا للجماهير الفلسطينية المحاصرة بالجوع والخوف والتقتيل أنهم قادرون على أن يقولوا «نعم» و«لا» عندما يتطلب الموقف ذلك. إن هذا الاتفاق بمثابة اختبار للإرادة العربية، والشعوب الآن تنتظر وهي مكبلة بهذه الجبال من الإحباطات والهزائم النفسية المتكررة. ليس معقولاً أن يُحاصر الفلسطينيون هذا الحصار المذل والمخزي ويموتون من الجوع لأنهم اختاروا مسارهم الديمقراطي بشهادة أمريكا فنجحت «حماس» بالسلطة. إن أمريكا وبضغط من الأصوليين «التوراتيين» في الإدارة العليا تريد أن تكون سيدة العالم على حساب أهل هذا العالم سواء بالرضا أم بالقوة، ولابد لهذا العالم أن يقول «لا» في وجه الموت الذي تفرضه أمريكا ضد إرادة الشعوب في الحياة وحقها أن تعيش على أرضها حرة كريمة. «اتفاق مكة» يجب أن تحميه الشعوب الإسلامية؛ لأنه انبثق من أقدس البقاع في الكون، ومن جوار المسجد الحرام والكعبة المشرفة. إن رمز المكان يضعنا جميعاً في تحدٍ ومواجهة، فهل نحن قادرون؟!