يتفق الكثيرون من أبناء العرب والمسلمين على أن هذه المصائب الكثيرة والمتتابعة قد استطاعت أن تنال منهم في الصميم، وأن أساسات المسجد الأقصى ليست وحدها المهددة بالهدم والزوال، فالنفسية العربية الإسلامية قد طالها هذا الهدم بمعاول العدوان المادي والمعنوي، والأساس الروحي الوجداني المسلم الذي يتعرض للزوال أكثر خطراً وشأناً من المسجد الأقصى. لقد كان المحترمون من أبناء الأمة يراهنون على أن أحداً ليس بإمكانه أن يحتل العراق ويقتل أهله ويغتصب عرضه، وأن هذا العراق العظيم لا يمكن أن يسقط محتلاً مغتصباً بعد احتلال واغتصاب فلسطين؛ غير أن العراق سقط محتلاً مغتصباً، بل بتواطؤ من بعض الزعامات العربية، كما كان الشأن في فلسطين!!. ولم يستطع المحترمون من أبناء الأمة أن يراهنوا من جديد على الإطاحة بأي مقدس من مقدسات الأمة، لا وطناً ولا حرماً أقصى ولا قدساً، فاليهود الغاصبون هاهم يحتلون فلسطين ويقتلون كل يوم أهلها، وهاهم تحت غطاء الترميم يحاولون هدم الأساسات التي يقوم عليها المسجد الأقصى، ليسقط بعد فترة بشكل تلقائي تحت أي مبرر كالمطر الغزير والرياح العاتية وأي شيء آخر!!. إن هذا الخذلان الكبير الذي طال أمتنا العربية والإسلامية لم يشهد له التاريخ مثيلاً، ويبدو المسلمون كما لو كانوا مسلوبي الإرادة، معطلي الفعل. وقبل ردح من الزمن ليس بالطويل كان العرب زعماء وشعوباً على الأقل ينددون ويشجبون، أما الآن فكأن الأمر لا يعنيهم عندما تنزل بهم نازلة مستعمر أو محتل غاصب.. فما الحل؟!. إن من بين الأسباب كما يظهر هو هذه الهوة العميقة بين الشعوب وحكامها، وهي هوة أفقدت الثقة بين الطرفين، وسهلت للقوى الكبرى ابتزاز الزعماء والحكام إلى درجة الاستبداد والاستعباد، هذا الاستعمار الذي يضرب المثل بشعب العراق الذي استطاع عدوان الاحتلال أن يفصم العرى بين حاكمه ومحكوميه. فهل نستطيع الاعتبار أن المسجد الأقصى أمانة في أعناقنا جميعاً، والزعماء بالدرجة الأساس، وهل يتحد الحكام والمحكومون لمواجهة الأخطار؟!.. لابد أن توجد