تمنيت لو أن معالي وزير المالية لم يستهل رده على الدكتور/ عادل الشجاع بالتشكيك بتحصيله العلمي، وبالجامعة التي تعلم فيها، أو أن يعتبر رده (توضيحاً إن كان جاهلاً بما يجري، وتعرية له إن كان يعلم بما يجري).. على الأقل لتزداد ثقتنا بشفافية الصحافة ، ومسئولي الدولة.. ومثلما لم تشفع المقدمة التي استهلت مقال الدكتورالشجاع له من ردود الفعل المستاءة، فإن معالي الدكتور/ سيف العسلي لم يكن موفقاً في سرد إنجازات وزارته لتفسير القضاياالتي انتقدها الدكتور الشجاع، حيث أننا لم نجد إجابة حول هيمنة المسئولين الماليين في المؤسسات إلى درجة تحكمهم باتجاهات القرار وهذه حقيقة كلما دخلنا مؤسسة سمعناها من مديريها وقد سبق للأخ وزير الصحة التذمر منها، وسبق للأخ وزير التعليم العالي أن استغاث بالبنك الدولي وطلب وساطته ! في الحقيقة لست هنا لأدافع عن أحد، أو أرجح رأي طرف على آخر، ولكن لأقف بكل إجلال وتقدير للدكتور/ سيف العسلي على شجاعته في مواجهة الرأي الآخر، وفي تعقيبه السريع على مانشرته صحيفة «الجمهورية».. وهذه للأسف ثقافة يفتقر لها الغالبية العظمى من مسئولينا الحكوميين.. وهي في نفس الوقت شجاعة من الدكتور/ عادل الشجاع في طرح رأيه بوضوح من غير لف أو دوران ، وفي صحيفة رسمية.. وبتقديري أن كلاهما سجلا موقفاً رائعاً للديمقراطية اليمنية، وحريات التعبير والصحافة.. ربما أحسد الدكتور عادل لأنه أحسن اختيار المسؤول الذي يخاطبه، كما لو أنه كان واثقاً من أن الأخ الوزير سيجيب على تساؤلاته.. بينما لم يسبق لأحدنا أن انتقد مؤسسة حكومية ورد عليه مدير المؤسسة، وأوضح له بعض ما لبس عليه ، أو حتى بدر له وقوع الخطأ. وهو أمر ظل يحزّ في نفوسنا ؛ لأننا لاننتقد لأجل التشهير أو الانتقاص من مكانة القائمين على المؤسسة أو الوزارة بقدر ماننظر لواقع الحال على أن الصحافة الشريفة شريك في العملية التنموية ، وعليها لفت الأنظار لمواضع الخلل ، مثلما عليها الإشادة بالإنجاز وحسن الأداء. من وجهة نظري أن كتابة المسؤول الحكومي في صحيفة ما مهما كان توجهها هو تشريف للصحيفة والعمل الصحافي، وتترجم حالة وعي بأن المنبر الصحافي هو منبر ريادي ينبغي أن تتمترس فيه كل الأقلام النبيلة المخلصة من أجل ردم المفاهيم الفاسدة وإحلال الثقافة التنويرية بدلاً عنها.. وكثيراً ماتمنيت وأنا أقرأ بعض مقالات الرأي التي يكتبها الدكتور/ سيف العسلي لو أن وزراء آخرين كتبوا أيضاً لأن في ذلك اقتراب حميمي من الفرد والمجتمع.. مثلما هو اقتراب للفرد من فكر وثقافة هذا المسؤول. المسألة المهمة الأخرى هي أن ترسخ الصحافة الرسمية ثقافة الرأي والرأي الآخر بين الكاتب والمسؤول ، وتتعامل بمسئولية مع وعي القارىء الذي لم يعد يقبل اتجاهاً واحداً من الثقافة ، ويعتبر مثل ذلك امتهاناً لثقافته ووعيه وذوقه.. فليس في قاموس القارىء شيء اسمه (مع) على طول الخط ، أو (ضد) على طول الخط ؛ لأن الكل متفق بأن محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) كان آخر الأنبياء، وكان وحده المعصوم عن الخطأ. بالتأكيد إن انفتاح الصحافة الرسمية اليمنية على الرأي والرأي الآخر هو أمر محسوب للأخ الزميل/ سمير اليوسفي رئيس تحرير الجمهورية الذي يعتبر أول المؤسسين لهذا النهج.. وهو حق نعترف به ونتمنى تعزيزه. وهنا أود لفت أنظار الأخ وزير المالية إلى أنه غني عن التعريف مثلما هو زميلنا الدكتور/ عادل الشجاع غني عن التعريف ، وهو من أكثر الناس صراحة وصدقاً ونشاطاً.. وربما يشعر الأخ الوزير بشيء من الاستياء لأنه يجد نفسه مجتهداً في إصلاح أمور وزارته ، وغارقاً في العمل في نفس الوقت الذي تنتقد وزارته الصحف.. ولكن هكذا هو الحال ياسيدي وهذا هو مانسمعه في المؤسسات التي نراجعها، والكاتب لاحول له ولاقوة غير أن ينقل المشهد بأمانة.. واعتقد أنه لولا ثقته بأن المخاطب سيأخذ رأيه بمحمل الجد لما كتب ماكتب.. وهذا شيء ينبغي أن يعتز به معالي الوزير..