- كم من الجرائم ترتكب باسمك أيتها الحرية ... وكم من الأخطاء تكتب باسمك أيتها الإنسانية .. كم من النفوس تهان باسم الرغيف .. وكم من الدموع تذرف باسم الزمن .. كم من الحرمات تنتهك باسمك أيها الحب .. وكم من الانحرافات تسجل باسمك أيها الفقر.. - هكذا نحن وهكذا هي حياتنا ومشوار عمرنا التائه ، جملة من المبررات والأعذار الواهية .. نلقي اللوم على أي شيء وفي كل شيء ونلقي العتاب على غيرنا ونتفنن في الخروج من مأزق الاعتراف بالخطأ بتغيير المسميات وجعل الصواب خطأ والخطأ صواب. ونادرون جداً من يعترفون ويسمون المسميات بأسمائها الحقيقية ..فلماذا لا نعترف بأخطائنا كي نعدل من حجم سلوكياتنا الخاطئة محاولين بذلك رسم مسارات صحيحة لمستقبلنا الآتي دونما الاعتماد على مبررات واهية تخفي بين براثنها بشاعة وحقيقة نفوسنا الهشة والبلهاء؟!.. - فكم من الحريات المسؤولة تنتهك باسم الحرية نفسها .. انحرافات تجرنا إلى مبتدأ الهزيمة والإفلاس من كل مقومات الإنسانية والعطاء فنصبح غير قادرين إلا على الأخطاء حينما نتمسك بمقولة الحرية الشخصية الحمقاء .. فإن لم تصن الحرية مالكها من الزلل فإنها بلاء ونقمة ولا نريدهما .. وأن كانت سلاحاً بيد الأغبياء يخولهم ظلم غيرهم من الأبرياء فسحقاً لها من حرية .. وإن استخدمها الفرد للإضرار بالآخرين والقفز فوق جراحهم وآلامهم فلابد وأن تموت مثل هذه حرية. - في حقيقة الأمر وما يثبته لنا واقعنا الأكثر تعاسة أن بعض العابثين يستخدمون حرياتهم لتحويل غيرهم إلى رفات وأنقاض يبكي بعضه بعضاً ويهيلون فوقهم تراب أنانيتهم وعدم اكتراثهم وكل ذلك ناتج عن استهتار وقله وعي بجسامة ما يفعلونه في حق أنفسهم أولاً ومن ثم من يتعايشون معهم حتى صاروا مومياءات جاحدة عاجزة عن كل شيء إلا التحديق في الفراغ بعيون بلهاء وغبية أيضاً. - قد يكون من المسلمات أن لكل جريمة خيطاً يستدل به عن السبب الرئيس لارتكابها ،، فلو فتشنا بين سطور جرائم بشعة صارت تشاركنا لغة الصباح والمساء لأدركنا بأن الحرية الشخصية تأتي في مقدمة أية جريمة ترتكب. فما الذي يجعل تاجراً غير شاطر يتلاعب بأسعار بلد وبأنين شعب وعلى مزاجه وهواه ومن قرح يقرح !!.. طبعاً بغض النظر عن أسباب اقتصادية وسياسية أو حتى عاطفية، أليست في مقدمة الأسباب حرية شخصية بلهاء جعلتهم يغرسون انيابهم بين دماء الجوعى وينظرون إلى الاتجار بقوت الفقراء بأنه شطارة .. والعبث بدموعهم وصيحات بطونهم فهلوة .. والمشي فوق أناتهم ذكاء!!.. - ما الذي يجعل بعضاً من طالبي العلم في الجامعات يتعدون كل الخطوط الحمراء ويبررون لأنفسهم سلوكيات مبتذلة ، لا يختلف عليها اثنان ، محاولين اقناع المجتمع بأن لهم الحق في تعدي المحظورات وجعل الأبيض رمادي والأسود لا لون له .. أليست الحرية العقيمة؟. ولماذا أيضاً تخرج بعض فتيات الجامعة عن المألوف في شكل ومضمون طالبة العلم وتخون ثقة أهلها وتتخذ من الجامعة ملاذاً تتحرر فيه من القيود ومن صراخ الأم وغفلة الأب وتمارس فيه كل الخطايا .. أليست الحرية الساذجة واللامسؤولة ؟؟ - وما الذي يجعل كل الشعب يقتني كل أنواع الأسلحة ليطرزوا بها أعناق الأطفال الصغار وبين أيديهم يعبثون بها كيفما شاؤوا والنتيجة موت وقتلى ومآسٍ وخراب ديار وأرواح تزهق بسبق الإصرار والترصد وبحرية شخصية مدمرة.. وما الذي يجعل أباً غبياً يركض ويلهث وراء القات ويشتريه بأبهض الأثمان دونما اعتراض بينما يعترض ويحرم أطفاله من حبة بيض ومن شربة دواء ومن كوب حليب ودفء كساء ، أليس الدم البارد وفي المقدمة حرية شحصية وتكييفة قات ؟؟ - لماذا لا تحترم آداب الطريق ويطلق المتسكعون الألفاظ البذيئة وينشرون الغوغاء والهمجية بالسب والضرب واللامبالاة .. ولماذا الجميع لا يحترم القانون ولا إشارات المرور وصارت إشارات الهمجية والعنجهية هي من توجه أصحاب الحريات المنبوذة ؟ لماذا يضرب الرجل زوجته بعنف ووحشية ويعتلي قمة آهاتها المعذبة ويعلن انتصار قوته ورجولته البلهاء على أنقاض ضعفها وانكسارها .. أليست القسوة والحرية المقيتة ؟؟ - ما الذي يجعل المجرم يقتل ويغتصب ويسفك الدماء .. واللص يسرق .. يسلب وينهب ؟ وما الذي يجعل المدمن يضيع وينحرف ولا يقبل النصح أو حتى الرثاء..؟. أليست وكما نعرف مجموعة من المبررات التي يجيدون العزف على سيمفونياتها ولكن بالطبع تأتي في المقدمة حرية شخصية عابثة !! - فإن فتشنا تحت معاطفنا وبين مسامات جلودنا الرثة .. وإن أزحنا حجراً أصماً أو دروباً جرداء سنجد تحتها دماً مسفوكاً .. أو دمعة منكسرة .. سنجد خطوات مترنحة وسحاباً يبكي ظلم الناس بعضهم بعضاً .. وطرقات قد ضاقت حزناً بالبشر .. سنجد ليلاً أسود يخفي بين عتمته أخطاء وانحرافات الحلم وضوء القمر .. وكلنا نلقي اللوم على بعضنا .. ونعاقب أعمارنا وأزماتنا،وشكل الفقر في أيامنا. إنما حريتنا المقيتة هي سبب بلائنا وهمومنا وانحرافاتنا .