نلاحظ التنين الأصفر يخرج من قمقمه وُجْهَتُه القارة السمراء «أفريقيا».. العملاق الصيني عيناه على أفريقيا منذ فترة ليست قصيرة.. انتهت بمؤتمر أفريقي صيني، وبالتوقيع على عدد من الاتفاقات الاقتصادية والتجارية مع عدد من الدول الافريقية، كما قدمت الصين قروضاً ميسرة بنحو ملياري دولار لدول القارة السوداء.. وفي الأيام الأولى من شهر فبراير بدأت زيارات الرئىس الصيني للقارة السمراء ليشتاط «بوش» غضباً، ويسمي ذلك بالاستعمار الصيني لأفريقيا، ويطلق مشروعاً عسكرياً أمريكياً خلاصته إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في أفريقيا. خلال الأسبوع الأول من شهر فبراير شاهدنا وسمعنا عن زيارة الرئىس «بوتن» رئيس روسيا الاتحادية للشرق الأوسط، ومنها عدد من الأقطار العربية، وبالذات النفطية.. وخلال هذه الزيارة أدلى بتصريحات تعكس نفاذ صبر روسيا عما أحدثته الولاياتالمتحدة من فوضى عالمية.. مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة قد تجاوزت حدودها. مثل هذه التوجهات الروسية نحو الشرق الأوسط، واستعدادها لمساعدة أقطار عربية في إنتاج الطاقة النووية.. لاتعني سوى أن روسيا بدأت تشعر بأهمية وجودها في الشرق الأوسط، وتعود للعب دورها في المنطقة من جديد، وعدم ترك المنطقة والعالم لتنفرد به الولاياتالمتحدة التي أثبتت عدم قدرتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار، بقدر ما كانت وراء الفوضى الشرق أوسطية، والعالمية، وأنها تبحث عن هيمنة وسيطرة على العالم، ولا تريد أي شراكة عالمية. التزامن بين زيارة بوتن للشرق الأوسط وزيارة الرئيس الصيني للقارة الافريقية ليس صدفة.. لا شك أنه توجّه للحد ولإيقاف استمرار الفوضى العالمية، وسد الطريق أمام استمرار انفراد الولاياتالمتحدة بالعالم.. فمع نهاية عام 2006م كان هناك مشروع قرار تقدمت به الولاياتالمتحدة إلى مجلس الأمن لإصدار قرار ضد تايلاند للضغط عليها للقيام بإصلاحات سياسية.. وأمام هذا القرار الذي سعت إليه الولاياتالمتحدة وقف الفيتو الروسي الصيني أمامه، ليبطله، ويوقف استمرار استغلال مجلس الأمن لنشر الفوضى في العالم.. فهل التحرك الروسي الصيني بداية لقيادة جبهة ممانعة ورفض للسياسة الأمريكية ؟ إن فشل الإدارة الامريكية في الهيمنة والسيطرة على العالم، أو قيادته فشلت خلال ما يزيد على العقد والنصف، وتورطت بانتهاج سياسة رعناء غير سديدة، وكلفت الشعب الأمريكي الكثير وما زالت تستنزف الاقتصاد والخزانة الأمريكية، والشباب الأمريكي المجند ما يهول الأمريكان الذين اتسعت معارضتهم لسياسات البيت الأبيض، وعبروا عن ذلك بإسقاطهم للجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ، وتغليب الديمقراطيين عليهم الذين بدأوا يحدون من السياسة الحمقاء والمتهورة، والمجنونة لإدارة «بوش». إن الإدارة الأمريكية اليوم أصبحت تواجه فشلاً ذريعاً أمام ممانعة ومقاومة كوريا الشمالية وإيران والسودان، وممانعة ومقاومة العراقيين، وممانعة سوريا وفنزويلا، والهزيمة النكراء لجيش الاحتلال الصهيوني أمام المقاومة اللبنانية.. كما فشلت في السياسة الداخلية والسياسة العالمية.. الأمر الذي خلق جبهة ممانعة عالمية تسعى الصينوروسيا الآن لقيادة المعارضة والمقاومة العالمية ضد السياسة الأمريكية، وهزيمتها، وإعادة التوازن الدولي خلال السنين القادمة.