وقد بدأت مدارس الجمهورية الفصل الدراسي الثاني.. طبعاً بعد إجازة نصف العام الدراسي عقب امتحانات الفصل الأول، والتي اقتضت من مكاتب التربية أن تدخل حالة من الطوارئ والنزول الميداني للإشراف المباشر على الإجراءات التي تمت استعداداً للاختبارات وتتابع سير الامتحانات عن قرب وكثب. الكثير من المشرفين الميدانيين شكوا كثيراً في معظم محافظات الجمهورية من مشكلة نقص الكتب لبعض المواد، والعجز في المدرسين ووجود مدارس طلابها يجلسون يؤدون الاختبارات على الأرض.. مثل هذه الشكوى ما كان يفترض أن ترتفع أو تُسمع من قبل المشرفين على الاختبارات.. لأننا على علم ويقين أن الدولة غير مقصرة في هذه الجوانب، وتوفرها بكميات هائلة كل سنة.. فالكتب تطبع وتوزع بالملايين، والمقاعد الدراسية تصنع وتوزع بعشرات الآلاف سنوياً للمحافظات، والمعلمين يتوافدون بالعشرات والمئات.. ومكاتب التربية في المحافظات توزع على المديريات حسب خططها، بل وبالفائض خاصة بالنسبة للمقاعد والمعلمين.. فإذا كانت هذه المتطلبات تصل إلى المديريات ولم تصل إلى المدارس، فالخلل يكمن في المديريات، أو في إهمال إدارات المدارس وعدم متابعتهم لمتطلبات مدارسهم، لأنهم مدراء انتساب، وليسوا منتظمين..! من غير ما يسلم للمديريات أو للمدارس مباشرة من مكاتب التربية في المحافظات بالنسبة للمقاعد، نلاحظ أن هناك مقاعد تصرف بالمئات، بل في حالات تتجاوز الألف مقعد خارج خطط المديريات.. أي عبر أعضاء مجلس النواب، وعبر أعضاء الهيئات الإدارية للمجالس المحلية، وعبر المشائخ في المديريات، وهكذا عبرهم يُحوّل المعلمون القادمون من المحافظات الأخرى بين مديرياتهم إلى حد أن المديريات متخمة في عموم الجمهورية بالمعلمين والمعلمات. إذن، لماذا الشكوى من العجز في المعلمين والكتب والمقاعد؟! أليس في هذا ما يثير العجب؟! عند سؤال المدراء لبعض المدارس في محافظات ومديريات مختلفة كانت الإجابات أنهم يطالبون المديريات «إدارات التربية في المديريات» بمثل هذه المتطلبات فيواجهوا بطلب نفقات النقل من المحافظات إلى المديريات سواء بالنسبة للمقاعد أم الكت..، وحين تسألهم لماذا لا تسهمون في أجور النقل؟ يفيدون أن ما يطالبون به من أجور النقل على المقعد الواحد يصل إلى أكثر من سعره في السوق، ونحن لا نستطيع دفع مثل هذه البالغ. أما العجز في المعلمين والمعلمات.. فيعود أولاً إلى المدارس لأنها لا تعطي المعلمين والمعلمات النصاب من الحصص، وأن كل معلم لا يزيد نصابه في الجدول عن «4» إلى «8» إلى «12» حصة، بينما يوجد أيضاً من خمسة إلى سبعة وثمانية وكلاء في نفس تخصص العجز..! كما تسهم المديريات في العجز من خلال إصدار تكاليف وقرارات في التوجيه، وفي تعيينات إدارية، وفي تعيين في الرقابة والتفتيش، وفي تعيين نواب لمدراء الإدارات والأقسام، وفي تعيين أنشطة، جميعهم من المتخصصين في المواد العلمية، وعلى حساب الميدان، وإلا ماذا يعني تعيين مشرفي أنشطة في إدارات المديريات والمدارس ممن هم متخصصون قرآن، رياضيات، فيزياء، كيمياء وإنجليزي.. إلخ، وهكذا في الرقابة وفي الأخصائيين، ناهيك عن أولئك المفرغين لأعمال حرة أو للاغتراب. نخلص إلى أن هذه المشاكل تتمحور في المديريات وفي المدارس.