قبل عقدين من الزمن تم تصنيف اليمن بأنها تمتلك أحدث شبكة اتصالات في المنطقة .. اليوم ورغم ثورة المعلومات، وسياسة الانفتاح تصنف اليمن على أنها صاحبة أغلى انترنت في العالم !! تفاخر وزارة الاتصالات ان سعر الدقيقة في الانترنت حوالي ريال واحد فقط، لكنها تتفادى الحديث عن سعر الدقيقة في بقية أرجاء العالم، ولاتقول إن قيمة الاشتراك الشهري لخط الانترنت المفتوح «24» ساعة بسرعة «256 ك.ب» ب«42» ألف ريال. أما الاشتراك المنزلي لمدة «120» ساعة فبسعر «6» آلاف ريال.. وهي مبالغ باهضة في دولة ترتفع فهيا معدلات الفقر والبطالة.. ! كما أنها مبالغ باهضة في بلد عاش قروناً من الانغلاق، ومورست على شعبه شتى المظالم الإمامية، والتجهيل.. وتراهن قيادته السياسية على ردم تلك المواريث البالية، وتحريره من كل مخلفات الحقب السوداء التي عاشها معزولاً عن العالم. دعونا نضع قيادة وزارة الاتصالات وشركة «يمن نت» أمام حقائق الأرقام عسى ان نجد تفسيراً لديهم لأسباب ارتفاع تكاليف الانترنت.. في العراق المحتل، الذي تجري سيول الدم في شوارعه على مدار الساعة تبلغ قيمة الاشتراك الشهري بالانترنت المفتوح «24» ساعة «100» مائة دولار أي «19.800» ريال يمني بينما في اليمن «42» ألف ريال.. وفي الإمارات سعر الانترنت الشهري المفتوح لاتتعدى «7.500» ريال وإذا كانت السرعة ضعف سرعة انترنت اليمن فالاشتراك «10» آلاف ريال يمني تقريباً.. أما في مصر فالاشتراك الشهري لايتعدى «40» جنيهاً أي أقل من ألفي ريال يمني وبضعف سرعة اليمن . في دول أجنبية مثل الولاياتالمتحدة سعر الاشتراك «100» دولار، وفي كندا يتراوح السعر الشهري بين «56» آلاف ريال يمني تقريباً، وفي ماليزيا لايزيد الاشتراك الشهري عن «4» آلاف ريال يمني.. فيما تبقى نظافة الخدمة، وجودتها وسرعتها المضاعفة، وندرة تعرضها للخلل أموراً لايمكن المقارنة بها إطلاقاً قياساً إلى حالنا في اليمن رغم ان مشتركينا يدفعون «42» ألف ريال شهرياً. يعتقد البعض ان سعر «ريال» للدقيقة الواحدة معقول جداً باعتبار ان الريال لم تعد له أية قيمة في السوق، لكننا نقيس الأمر على احتياجاتنا في عصر ثورة التقنيات والمعلومات التي بات فيها أبناؤنا الطلاب يرتادون الانترنت سواء بدافع الفضول وحب استكشافات العالم وهذا من حقهم أم لاستخلاص مواد بحوث مدرسية وجامعية بما يعني ان كل فرد في الأسرة محتاج للانترنت لوقت معين ، وبالتالي فإن المبلغ الشهري باهض جداً لاتتحمله ميزانية أية أسرة من ذوي الدخل المحدود. الجانب الأهم الذي أريد الوصول إليه من كل هذه المقدمات هو ان القيادة السياسية لها توجه واضح ومعلوم للجميع بالانفتاح وسبق ان اعلن الأخ الرئيس مجانية الانترنت.. فلماذا لاتصب سياسة وزارة الاتصالات في نفس المجرى !؟ اليمن واجهت كثيراً من المشكلات بسبب مخلفات العزلة التاريخية، ومازالت تتطلع إلى كسر عزلة ابن القرية النائية الذي يحمل سلاحه ويبحث عن الثأر.. وتذويب ثقافة الذين يتقطعون الطرق أو يختطفون السياح، ونزع التشدد والتطرف من جماعات متقوقعة على جهلها وتخلفها وعصبياتها .. فكيف السبيل إلى كل ذلك ونحن نفكر بجني ارباح خمسمائة بالمائة من الانترنت الذي لوجعلناه بنفس تكاليف بقية دول العالم لكان وصل حتى إلى جبال «مران» ولانشغل الشباب باستكشاف أسراره وعالمه الخارق بدلاً من الاستماع لتعبئة الحوثي أو غيره. في أكثر من مناسبة والأخ رئيس الجمهورية يؤكد ان الفراغ هو من يقود الشباب إلى كهوف التطرف والإرهاب والمخدرات.. فإذا كانت المؤسسات الشبابية والنوادي تستغرق أعواماً حتى يتم انجازها فإن تخفيض أسعار الانترنت لن يكلف أكثر من قرار.. وبكل صراحة أقولها لقيادة الوزارة ان الأمر لو كان بيدي لجعلت سعر الانترنت بسعر التكلفة ولن ابحث عن ربح.. وأراهن بذلك على تحرير اليمن من كل أشكال التطرف والممارسات الخاطئة وفي غضون عام واحد فقط.. فأكون قد ربحت الشعب بأكمله وهو أعظم من المليارات المحصلة حالياً !!