محمد قحطان .. رمزٌ سياسيٌ مُلهم    الوزير الزعوري يتفقد سير العمل بمشروع إعادة تأهيل شوارع ومداخل مستشفى المعاقين ومركز العلاج الطبيعي عدن    ثلاثة أنواع من الحيوانات المفترسة تنتظر الرئيس الإيراني في الغابة التي سقطت مروحيته (صور)    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    قيادات الدولة تُعزي رئيس برلمانية الإصلاح النائب عبدالرزاق الهجري في وفاة والده    تعز.. وقفة احتجاجية لأمهات المختطفين للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهن من سجون المليشيا    - البرلماني حاشد يتحدث عن قطع جوازه في نصف ساعة وحرارة استقبال النائب العزي وسيارة الوزير هشام    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وفاة وإصابة عشرة أشخاص من أسرة واحدة بحادث مروري بمأرب    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دبلوماسية التنمية في السياسة اليمنية الخارجية
نشر في الجمهورية يوم 25 - 04 - 2007


2-2
الحديث عن السياسة الخارجية اليمنية في برنامج فخامة الأخ الرئيس المشير علي عبد الله صالح، هو حديث عن الواقع والمأمول أو الممكن. فهو حديث عن الواقع الذي سطره فخامته منذ تولى مقاليد الحكم في اليمن وعن المنجزات التي تحققت طيلة ذلك العهد الطويل من مسيرة ظافرة بالعطاء والإنجازات على الصعيدين الداخلي والخارجي حتى باتت السياسة الخارجية اليمنية تباهي في إنجازاتها العديد من دول المعمورة؛ وهو حديث عن الممكن والمأمول - بالنظر إلى العدد الكبير للمبادرات ومشروعات التطوير القومي والإقليمي والدولي التي تبنتها السياسة الخارجية اليمنية الذي يبقى هدف صانع السياسة الخارجية اليمنية الوصول إليه أياً كانت المصاعب والتحديات التي تفرضها البيئة الدولية.
من جهة أخرى، مثل انضمام الجمهورية اليمنية إلى عدد من مؤسسات مجلس التعاون الخليجي «الصحة، والتربية، والشؤون الاجتماعية والعمل، وكأس الخليج»، وهو واحد من الأهداف الاستراتيجية للسياسة الخارجية للجمهورية اليمنية، نجاحاً متميزاً لهذه السياسة، ودلل على صوابية النهج السلمي الذي سارت عليه، والمعالجات الحكيمة لمختلف قضايا النزاع مع كل دول الجوار وخاصة ماذكرناه أعلاه حول قضايا الحدود، وهو ما دفع العديد من قادة مجلس التعاون الخليجي، في قمة مسقط 2001م، إلى إعلان قبول انضمام الجمهورية اليمنية للعديد من مؤسسات المجلس، تمهيداً للضم الكامل إلى باقي مؤسسات هذا التجمع العربي الإقليمي. وهذا الأمر لم يكن من اليسير تحقيقه لولا التطورات السياسية التي حدثت داخل النظام السياسي اليمني، واطمئنان الجيران إلى صدق النوايا التي عبرت عنها القيادة اليمنية، والنهج المعتدل الذي نهجته السياسة الخارجية اليمنية.
وفي هذا الإطار فقد أقرت قمتي أبوظبي، والرياض ضرورة تأهيل الاقتصاد اليمني حتى يتمكن من اللحاق بمستويات النمو الاقتصادي التي حققتها الاقتصادات الخليجية تمهيداً لضم اليمن إلى عضوية المجلس. وقد تطورت تلك الفكرة إلى عقد مؤتمر للمانحين جمع بين اليمن وشركائه في التنمية، وذلك من خلال اللقاءات المتعددة التي جمعت اليمن بدول مجلس التعاون الخليجي «وآخرها الاجتماع بين وزراء خارجية ومالية الجانبين الذي عقد في العاصمة صنعاء في شهر نوفمبر 2006م»، ولذا فقد كان حجم الدعم الخليجي الكبير لخطة التنمية الخمسية الثالثة اليمنية، والمقدر بنحو « 2.3 مليارين وثلاثمائة مليون» بمثابة تأكيد على صدق التوجه لدعم التنمية في اليمن من لدن دول الخليج العربي، كما عقد مؤتمر بين الجانبين الخليجي واليمني في شهر فبراير خصص «لاستطلاع فرص الاستثمار في اليمن»، وتقدير حجم المساهمة الخليجية في ميدان الاستثمار باليمن. ويجدر القول إن ما يجمع تلك الدول الخليجية مع اليمن يتجاوز ما هو متعارف عليه في العلاقات الدولية، ويجعلها أكثر قوة انطلاقاً من وحدة التاريخ والمنشأ والأصل غير القابل للانفصال.
ويمكن القول إن المنطلق نحو التعاون والتكامل بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي ينبع من جملة من المرتكزات أهمها:
1- أن العصر هو عصر التجمعات والتكتلات الاقتصادية ومن ثم السياسية الأكبر، وبالتالي سواءً أرادت القوى المسيطرة سياسياً أم لم ترد فسوف يفرض عليها هذا النوع من التقارب تاريخياً.
2- أنه لابد من مجتمع قوي في منطقة الجزيرة والخليج يحمي الثروة المتدفقة، وهو الأمر الذي يفرض التعاون بين دول الإقليم، ليس من منطلق عاطفي وإنما من منطلق استراتيجي.
3- أن كل قطر في الجزيرة والخليج لديه ما يعطي إيجابياً من أجل التعاون والتكامل في كافة الاتجاهات السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والثقافية.
وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى أن جغرافية الجمهورية اليمنية السياسية قد أهلتها، من الناحيتين الطبيعية والبشرية لأن تلعب دوراً مركزياً في تعزيز قدرات دول المجلس الخليجي على مختلف الأصعدة، وذلك بسبب توفر العديد من الامتيازات، أهمها:
- الموقع الجغرافي المتميز؛ إذ يمثل اليمن العمق الاستراتيجي والأمني لدول الخليج العربي.
- تنوع الموارد الطبيعية، الزراعة، والثروة السمكية، المعادن، النفط، إلى جانب المناخ السياحي.
- ميزة حجمها السكاني الكبير، وهو عامل قوة مهم: اقتصادياً؛ إذ يعالج وضع العمالة الأجنبية الموجودة في دول الخليج، كما أنه قد يمثل مجتمعاً وسوقاً استهلاكية كبيرة للسلع والخدمات الخليجية. وقد يكون عامل قوة أمنياً؛ إذ يعزز من القدرات العسكرية والسكانية للمنطقة.
ثالثاً: مواصلة الجهود الدولية مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل للحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وتعزيز دور اليمن في خدمة الأمن والاستقرار والسلام الإقليمي والدولي.
لايختلف اثنان حول أن الاستقرار السياسي والاجتماعي يعد واحداً من أهم المقومات الأساسية للتنمية الاقتصادية التي تعد - كما سلف القول- من أبرز مهام المرحلة القادمة للسياسة الخارجية اليمنية، واختلاله دليل على اختلال مسيرة التنمية؛ حيث تشير الكثير من الدراسات التطبيقية- التي أجريت على العديد من اقتصادات العالم- إلى أن واحداً من أهم أسباب التخلف في كثير من الدول النامية يعزى إلى تنامي حالات الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي تسود فيها.
فبعد الأحداث التي شهدها النظام الدولي في 11 سبتمبر، والتي عززت من سطوة الولايات المتحدة الأمريكية على النظام الدولي، وتزايد نشاط جماعات الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي، بات نشاط السياسة الخارجية اليمنية في المحيط الدولي والإقليمي يتسم بالدقة والحذر في ظل حرص الدولة اليمنية على تحقيق المصالح الوطنية والحفاظ عليها دون الإخلال بالثوابت والمبادئ التي تقوم عليها سياستها الخارجية.
وفي هذا الإطار تميز الموقف اليمني من قضايا الإرهاب والجريمة المنظمة بالثبات المبدئي الذي لايعني الجمود ويرفض المساومة أو الانجرار وراء المصالح الآنية والمكاسب السهلة؛ حيث أكد الرفض الكامل كل أشكال الإرهاب وصوره أياً كان مرتكبه أو مصدره، كما ساندت بلادنا كل الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب بكل أنواعه: الفردي والجماعي، وإرهاب الدولة. ومن جهة ثانية، حرصت الجمهورية اليمنية على ضرورة أن تتكامل الجهود الدولية من أجل استئصال وإزالة الأسباب والمناخات المشجعة له وأهمية إشاعة العدل والقضاء على بؤر التوتروالصراعات الإقليمية، كما أكدت ضرورة التمييز بين الإرهاب وبين حق الشعوب في تقرير المصير والنضال المشروع من أجل الحرية والاستقلال.. وفي مسار مماثل حرصت الجمهورية اليمنية على بذل العديد من المساعي في المحيط الدولي من أجل تعزيز الحوار بين الحضارات الإنسانية وإشاعة قيم التسامح والإخاء والتعاون بين كافة الشعوب والأمم. وقد مثل تكريم فخامة الرئيس اليمني الأخ المشير علي عبدالله صالح (بوسام مجد روسيا القديم- روسيا، ووسام منتدى الأديان الثلاثة- بريطانيا) باعتباره رجل حوار وتصالح وتسامح، تكريماً للنهج السلمي الذي سارت عليه السياسة الخارجية للقيادة السياسية اليمنية، في معالجتها للعديد من القضايا المتعلقة بالعنف الداخلي ومكافحة الإرهاب السياسي اللذين باتا يهددان المعمورة بأكملها، ولعل المبادرات السياسية اليمنية المتمثلة في فتح قنوات الحوار مع كافة القوى، التي كانت تهدد أمن واستقرار الدولة وسلامة المواطن اليمني، قد أثبتت صوابية المنهج وسلامة المنطلق، وقد جاء تبني هذه الطريقة في مكافحة الإرهاب في أكثر من منتدى عالمي وأكثر من مؤتمر لمكافحة الإرهاب حول العالم بدءاً من مؤتمر الرياض، ومروراً بالعديد من المؤتمرات الدولية وصولاً إلى مؤتمر مدريد وغيره.
أقول إن كل هذه المؤتمرات قد أبانت عن نجاحاتٍ متتالية للسياسة الخارجية اليمنية، هذه النجاحات التي هي انعكاساً طبيعي لنجاحاتٍ مماثلة على الصعيد الداخلي، إذ السياسة الخارجية ماهي إلا انعكاس للسياسة الداخلية، بل هي بمثابة المرآة العاكسة لتلك السياسة، ومسلسل النجاحات السياسية والإصلاحات التي تحققت، أو التي يعتزم تحقيقها داخل اليمن لم يعد يخفى على أحد من المتتبعين للشأن السياسي اليمني.
عليه وجب التنويه بأن السياسة الخارجية اليمنية قد أثبتت قدرتها على السير بثباتٍ ورؤية واضحة داخل المجتمع الدولي، وحافظت على مصالح الوطن الاقتصادية التي لها الأولوية والأسبقية الدائمة في مختلف التحركات الخارجية، وبعبارة أخرى، فقد ظلت مصالح الجمهورية اليمنية الاقتصادية والسياسية وأمنها القومي من مدركات السياسة الخارجية اليمنية، وستبقى تحتل مكانة هامة ضمن أولويات صانع السياسة الخارجية اليمنية.
ويمكن تلخيص الدور والموقف اليمني في هذا الإطار في النقاط التالية:
1- التمييز بين الإرهاب وبين حق الشعوب في تقرير المصير والنضال المشروع.
2- الرفض الكامل لكافة أشكال الإرهاب وصوره أياً كان مرتكبه أو مصدره.
3- مساندة كافة الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
4- الحرص على ضرورة أن تتكامل الجهود الدولية من أجل استئصال وإزالة الأسباب و المناخات المشجعة له.
5- العمل من أجل تعزيز الحوار بين الحضارات الإنسانية وإشاعة قيم التسامح والإخاء والتعاون بين كافة الشعوب والأمم .
6- تبني أسلوب الحوار مع القوى التي تهدد أمن واستقرار الدولة وسلامة المواطن اليمني. وقد تم تبني هذه الطريقة في مكافحة الإرهاب في أكثر من منتدى عالمي.
7- رفضه لسباق التسلح، وخاصة تكديس الأسلحة النووية في المنطقة والعالم، مع قبوله الاستخدام السلمي للطاقة النووية في الإغراض المدنية السلمية.
رابعاًً: تعزيز دور بلادنا في منظمة الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية المعنية بالمسائل الإنسانية وحقوق الإنسان وحماية الحريات العامة.
حقوق الإنسان ليست تعبيراً مجرداً من الدلالة التي تكسبه أهميةً وخطورةً، بل أنه تعبيرٌ كلي ذو دلالةٍ عامة يكتسب أهميته وخطورته من تكريم الله تعالى للإنسان وتفضيله على كثير ممن خلق , إلى جانب استخلافه في الأرض قال تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة) [ سورة البقرة: 30] وقال سبحانه: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البرِ والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) ) سورة الإسراء: 70(.
والملاحظ أن قضية حقوق الإنسان باتت تمثل إحدى القضايا
التي تحتل مرتبة متقدمة في سلم أولويات المجتمع الدولي خلال العقود الأخيرة الماضية، وقد تفاوت حجم التقدم الذي أحرزه المجتمع الدولي ومنظماته المعنية بمراقبة وضعية حقوق الإنسان عبر العالم، ويمكن القول بأن قضية حقوق الإنسان تعتبر بمثابة المقياس الطبيعي لحرارة العلاقات الدولية وهي بمثابة سلاح ذي حدين، فهي تعبر عن الاهتمام الدولي الحقيقي بهذه القضية ورغبة المجتمع الدولي في حمايتها من أي مساسٍ أو تعدي، وفي نفس الوقت تعتبر بمثابة وسيلة للضغط على العديد من الدول عبر العالم، وكثيراً ما رفع ملف حقوق الإنسان وانتهاكاتها في وجه العديد من الدول وجرى التلويح بعقوبات على تلك الدول في حال عدم التزامها بحفظ حقوق مواطنيها، ليس من قبل المنظمات الدولية فحسب، ولكن أيضاً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي يصدر عن وزارة خارجيتها تقريراً سنوياً يرصد وضعية حقوق الإنسان في العالم.
وفي الجمهورية اليمنية تحقق تطور ملحوظ، ولو من الناحية القانونية، في ميدان حقوق الإنسان، مقارنة بالممارسة التي طبعت فترة حكم شطري اليمن، حيث أصبحت طرفاً في معظم المعاهدات الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان، وعددها (56) معاهدة تقريباً تشمل: (الاتفاقيات، العهود، الصكوك، الإعلانات) وأدرجت في تشريعاتها عدداً من معايير حقوق الإنسان المعترف بها دولياً، وتوضح تقارير منظمة العفو الدولية Amnesty أن انتهاكات حقوق الإنسان في بلادنا قد عرفت انحساراً، وتقلصاً ملحوظاً، خلال الفترة الممتدة بين توحيد اليمن 1990م - 1994م، وهو التطور الذي يرجع إلى التوجه الديمقراطي لدولة الوحدة اليمنية واعترافها بالتعددية الحزبية والسياسية، وبحقوق الإنسان، كما أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية أشاد بمستوى احترام حقوق الإنسان في اليمن وبمستوى الأداء الديمقراطي للنظام السياسي اليمني عقب الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة، وهو الأمر الذي لا يحدث إلا نادراً.
وتجدر الإشارة إلى أن اليمن وقعت معظم الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وبخاصة تلك المتعلقة بالحقوق السياسية، إذ وقعت على حوالي %70 من إجمالي تلك الاتفاقيات.
وقد كفل دستور الجمهورية اليمنية والقوانين النافذة مساواة المرأة بالرجل في جميع مناحي الحياة، من المشاركة في الانتخابات بمختلف مجالاتها- تصويتاً وترشيحاً- إلى الأعمال الفنية كقيادة الطائرات.. إلى الأعمال التي يرى البعض حكرها على الرجال .. كالسلك العسكري والشرطة وغيرها.
وهي الأمور التي لوحظت من خلال إشادة العديد من التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية، وعن وزارة الخارجية الأمريكية بالتحول النوعي والحريات التي شهدتها وتشهدها اليمن في ظل دولة الوحدة اليمنية المباركة، وبخاصة في إطار تمكين المرأة من تولي مناصب سياسية عليا ومشاركتها السياسية، إلا أن تلك المشاركة الواسعة للمرأة لا تعني أنها قد حصلت على كامل حقوقها تامة فالأمر يتطلب نضالاً شاقاً وطويلاً من أجل تغيير منظومة المفاهيم والقيم والسلوكيات المجتمعية التقليدية المتوارثة والدخيلة على ديننا الحنيف لكي يتقبل ويمد يده لإعطاء المرأة حقوقها دون الإخلال بالتعاليم والشرائع السماوية التي رتبت حقوقاً هي الأفضل بين سائر الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.
وكتعبير من الجمهورية اليمنية على الاهتمام بحقوق الإنسان وحرياته وحرصها على المرأة في ظل الوحدة اليمنية المباركة لم يعد نشاط المرأة ينحصر في المجال الوطني والإقليمي وخاصة بعد تولي المرأة وزارتين في التشكيل الوزاري لعام 2006م، بل صار لها حضورها الدولي وحصلت على العديد من المناصب الدولية والعربية، ولعل الأستاذتين/ أمة العليم السوسوة التي صارت أميناً عاماً مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة، والأستاذة السفيرة/ رمزية الإرياني الأمين العام للاتحاد النسائي العربي- رئيسة اتحاد نساء اليمن أبرز الأمثلة على المكانة التي باتت تحتلها المرأة اليمنية على الصعيدين العربي والدولي.. وهكذا يكون اليمن الذي استعاد عافيته بانجازه الوحدوي الكبير بإعلان قيام الجمهورية اليمنية في ال 22 مايو 1990م قد استعاد الحياة إلى نصفه الذي كان مشلولاً عبر اعترافه بحق المرأة في المشاركة والإسهام في بناء المجتمع اليمني على مختلف الأصعدة، وتكون حفيدات الملكتين: بلقيس، والسيدة بنت أحمد قد أعدن مجداً تفتخر به حضارة اليمن أو حضارة الجنوب كحضارة عرفت المساواة .. وسبقت إلى ما تبنيناه في عالم اليوم.
خامساً: تقوية العلاقات والتعاون مع دول منطقة القرن الأفريقي وتعزيز الشراكة السياسية والاقتصادية والتجارية والأمنية معها.
تأتي الدول الأفريقية ضمن أولويات السياسة الخارجية اليمنية، وتنظر لعلاقاتها بالدول الواقعة في منطقة القرن الأفريقي (إثيوبيا، جيبوتي، الصومال، إريتريا) من منظور جيو- استراتيجي لايقل أهمية عن علاقتها بدول مجلس التعاون الخليجي، للعديد من الاعتبارات السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها، وأهمها:
1- وجود حدود بحرية تمتد على طول البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، والتي تلعب أهمية استراتيجية في مجال حماية الأمن اليمني والإقليمي.
2- الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع شعب اليمن مع تلك المجتمعات، ووجود جاليات يمنية كبيرة ترتبط باليمن ارتباطاً وثيقاً.
3- المصالح الاقتصادية الكبيرة التي تجمع الطرفين؛ حيث تشكل دول المنطقة سوقاً للمنتجات اليمنية وخاصة الصناعية والمشتقات النفطية.
4- عدم الاستقرار والصراعات المتعددة التي تعيشها العديد من دول المنطقة وما يترتب على ذلك من انعكاسات سلبية على اليمن، أمنية واقتصادية واجتماعية من خلال تدفق المهاجرين غير الشرعيين، واللاجئين من هذه الدول إلى اليمن ومخاطر ذلك على الأمن والاستقرار الإقليميين وعلى حركة الملاحة عبر البحر الأحمر.
هذه العوامل وغيرها تستدعي من صانع السياسة الخارجية اليمنية القيام بدورٍ خارجي فاعل مع دول المنطقة الأفريقية لحل العديد من النزاعات السياسية التي تعيشها العديد من الأطراف، وأهمية توسيع إطار دول تجمع صنعاء للتعاون وإبراز دوره إقليمياً لخدمة السلام والتنمية في المنطقة عن طريق:
1- توسيع دائرة التحرك والتنسيق السياسي والأمني مع دول القرن الأفريقي لتشمل تنزانيا وكينيا، وجزر القمر.
2- العمل على إنشاء تجمع اقتصادي مع هذه الدول بحيث تعطى الأولوية لدخول المنتجات اليمنية إلى أسواقها وخصوصاً أن هناك دولاً تسعى لمنافسة المنتجات اليمنية في أسواق هذه الدول.
3- إيلاء عناية أكبر للجاليات اليمنية في هذه الدول، والاهتمام بقضاياها ومشاكلها.
ما العمل؟ عناصر من أجل تعزيز الدور الخارجي لليمن
النجاحات التي تحققت للسياسة الخارجية اليمنية كثيرة بالفعل، وهي تحتاج إلى تدعيم بما يضمن استمرار تلك النجاحات ويزيد من مساحة النشاط الدبلوماسي اليمني، وهذه بعض المقترحات التي قد تعين على تحقيق ذلك الهدف:
1- الاهتمام باختيار ممثلي الجمهورية اليمنية في ممثلياتنا بالخارج من ذوي الكفاءة والاختصاص، وربط بقائهم في تلك المناصب بضرورة التعريف باليمن، وربط علاقات متميزة مع تلك البلدان، مع الاهتمام بوجه خاص بتحسين صورتها وتوضيح مناخات الاستثمار قصد جذب الاستثمارات الأجنبية إلى بلادنا.
2- حشد الإمكانيات الاقتصادية والاستثمارات العربية والأجنبية للإسراع في تأهيل الاقتصاد اليمني، وبما يكفل الانضمام الكامل إلى مجلس التعاون الخليجي.
3- تنسيق المواقف والمبادرات اليمنية مع دول الجوار الجغرافي، بما يضمن الدعم والتنفيذ لتلك المبادرات عربياً وإقليمياً.
4- العمل على تنسيق علاقات اليمن بدول المنطقة لوضع خطة أمنية عربية تشترك فيها كافة الدول العربية المعنية، وتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي نادى بتطبيقها فخامة رئيس الجمهورية في قمة الرياض.
5- وضع خطة اقتصادية لاستغلال البحر الأحمر وتنميته اقتصادياً، بالتعاون مع دول المنطقة سواء الثنائي، أم الجماعي، وتنظيم استغلال المياه الدولية.
6- تبني فكرة إنشاء مرصد وطني يهتم برصد وضعية حقوق الإنسان في المجتمع اليمني، وتنسيق المواقف مع الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان لتفعيل مثل هذا المرصد.
7- تبني خيار عقد مؤتمر دولي في العاصمة صنعاء خاص بمكافحة الإرهاب، يدرس مسبباته، ويحدد سبل مواجهته، والعمل مع الأطراف الدولية على تحديد تعريف موحد لطائفة الأعمال الإرهابية.
مصادر الورقة:
1- البرنامج الانتخابي للأخ علي عبد الله صالح، مرشح المؤتمر الشعبي العام للانتخابات الرئاسية 2006م.
2- الأصبحي، أحمد محمد، علي عبد الله صالح .. 25 عاماً من سيرة زعيم وقائد مسيرة (1978 - 2003)، سفارة الجمهورية اليمنية، الملحقية الثقافية، عمان، الأردن، (ت، ن بدون).
3- الأغبري، أكرم، (1998م): اليمن ومجلس التعاون الخليجي: الأبعاد الإستراتيجية- مقاربة تحليلية، الثوابت، العدد الثالث عشر، يوليو- سبتمبر.
4- الجمهورية اليمنية، المؤتمر الشعبي العام، وثائق وأدبيات المؤتمر الشعبي العام، الدورة الأولى 4- 7 يوليو 1999م، والدورة الثانية 24- 26 أغسطس 2005م.
5- الجمهورية اليمنية، المؤتمر الشعبي العام، اللجنة الدائمة، تقرير اللجنة الدائمة المقدم إلى الدورة الأولى للمؤتمر العام السابع، عدن، ديسمبر 2005م.
6- الصوفي، عبد الجليل، (2006م)، إمكانات اليمن (الطبيعية والبشرية) المؤهلة للانضمام، اقتصاد وأسواق، العدد (41)، نوفمبر.
7- المركز العام للدراسات والبحوث والإصدار، (2001م)، التقرير الاستراتيجي السنوي: اليمن 2001، سلسلة تقارير وبحوث ودراسات، صنعاء.
8- الهيصمي، خديجة أحمد، الجغرافيا كمحدد للسياسة الخارجية اليمنية في الفترة 1970- 1990، الثوابت، العدد العاشر (يوليو- سبتمبر 1997م).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.