سعد بن حبريش.. النار تخلف رمادا    فضيحة الهبوط    "الوطن غاية لا وسيلة".!    السامعي: تعز ليست بحاجة لشعارات مذهبية    عدن .. البنك المركزي يحدد سقف الحوالات الشخصية    السقلدي: تحسن قيمة الريال اليمني فضيخة مدوية للمجلس الرئاسي والحكومات المتعاقبة    جياع حضرموت يحرقون مستودعات هائل سعيد الاحتكارية    من المستفيد من تحسن سعر العملة الوطنية وكيف يجب التعامل مع ذلك    وادي حضرموت يغرق في الظلام وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية    في السريالية الإخوانية الإسرائيلية    مفاجأة مونتريال.. فيكتوريا تقصي كوكو    سمر تختتم مونديال السباحة بذهبية رابعة    أيندهوفن يتوج بلقب السوبر الهولندي    صومالي وقواذف وقوارير المشروبات لإغتصاب السجناء وتعذيبهم في سجون إخوان مأرب    شبوة .. توجيهات بإغلاق فروع شركات تجارية كبرى ومنع دخول بضائعها    العالم مع قيام دولة فلسطينية    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    جحيم المرحلة الرابعة    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    لمناقشة مستوى تنفيذ توصيات المحلس فيما يخص وزارة الدفاع ووزارة الكهرباء..لجنتا الدفاع والأمن والخدمات بمجلس النواب تعقدان اجتماعين مع ممثلي الجانب الحكومي    في خطابه التعبوي المهم قائد الثورة : استبسال المجاهدين في غزة درس لكل الأمة    مساعد مدير عام شرطة محافظة إب ل"26سبتمبر": نجاحات أمنية كبيرة في منع الجريمة ومكافحتها    العلامة مفتاح يحث على تكامل الجهود لاستقرار خدمة الكهرباء    إعلان قضائي    لجنة أراضي وعقارات القوات المسلحة تسلم الهيئة العامة للأراضي سبع مناطق بأمانة العاصمة    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    الرئيس المشاط يعزّي مدير أمن الأمانة اللواء معمر هراش في وفاة والده    من بائعة لحوح في صنعاء إلى أم لطبيب قلب في لندن    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    عدن وتريم.. مدينتان بروح واحدة ومعاناة واحدة    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    الشخصية الرياضية والإجتماعية "علوي بامزاحم" .. رئيسا للعروبة    2228 مستوطناً متطرفاً يقتحمون المسجد الأقصى    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    أبين.. انتشال عشرات الجثث لمهاجرين أفارقة قضوا غرقًا في البحر    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في محافظة الحديدة    مجلس القضاء الأعلى يشيد بدعم الرئيس الزُبيدي والنائب المحرمي للسلطة القضائية    انتشال جثة طفل من خزان مياه في العاصمة صنعاء    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دبلوماسية التنمية في السياسة اليمنية الخارجية
نشر في الجمهورية يوم 25 - 04 - 2007


2-2
الحديث عن السياسة الخارجية اليمنية في برنامج فخامة الأخ الرئيس المشير علي عبد الله صالح، هو حديث عن الواقع والمأمول أو الممكن. فهو حديث عن الواقع الذي سطره فخامته منذ تولى مقاليد الحكم في اليمن وعن المنجزات التي تحققت طيلة ذلك العهد الطويل من مسيرة ظافرة بالعطاء والإنجازات على الصعيدين الداخلي والخارجي حتى باتت السياسة الخارجية اليمنية تباهي في إنجازاتها العديد من دول المعمورة؛ وهو حديث عن الممكن والمأمول - بالنظر إلى العدد الكبير للمبادرات ومشروعات التطوير القومي والإقليمي والدولي التي تبنتها السياسة الخارجية اليمنية الذي يبقى هدف صانع السياسة الخارجية اليمنية الوصول إليه أياً كانت المصاعب والتحديات التي تفرضها البيئة الدولية.
من جهة أخرى، مثل انضمام الجمهورية اليمنية إلى عدد من مؤسسات مجلس التعاون الخليجي «الصحة، والتربية، والشؤون الاجتماعية والعمل، وكأس الخليج»، وهو واحد من الأهداف الاستراتيجية للسياسة الخارجية للجمهورية اليمنية، نجاحاً متميزاً لهذه السياسة، ودلل على صوابية النهج السلمي الذي سارت عليه، والمعالجات الحكيمة لمختلف قضايا النزاع مع كل دول الجوار وخاصة ماذكرناه أعلاه حول قضايا الحدود، وهو ما دفع العديد من قادة مجلس التعاون الخليجي، في قمة مسقط 2001م، إلى إعلان قبول انضمام الجمهورية اليمنية للعديد من مؤسسات المجلس، تمهيداً للضم الكامل إلى باقي مؤسسات هذا التجمع العربي الإقليمي. وهذا الأمر لم يكن من اليسير تحقيقه لولا التطورات السياسية التي حدثت داخل النظام السياسي اليمني، واطمئنان الجيران إلى صدق النوايا التي عبرت عنها القيادة اليمنية، والنهج المعتدل الذي نهجته السياسة الخارجية اليمنية.
وفي هذا الإطار فقد أقرت قمتي أبوظبي، والرياض ضرورة تأهيل الاقتصاد اليمني حتى يتمكن من اللحاق بمستويات النمو الاقتصادي التي حققتها الاقتصادات الخليجية تمهيداً لضم اليمن إلى عضوية المجلس. وقد تطورت تلك الفكرة إلى عقد مؤتمر للمانحين جمع بين اليمن وشركائه في التنمية، وذلك من خلال اللقاءات المتعددة التي جمعت اليمن بدول مجلس التعاون الخليجي «وآخرها الاجتماع بين وزراء خارجية ومالية الجانبين الذي عقد في العاصمة صنعاء في شهر نوفمبر 2006م»، ولذا فقد كان حجم الدعم الخليجي الكبير لخطة التنمية الخمسية الثالثة اليمنية، والمقدر بنحو « 2.3 مليارين وثلاثمائة مليون» بمثابة تأكيد على صدق التوجه لدعم التنمية في اليمن من لدن دول الخليج العربي، كما عقد مؤتمر بين الجانبين الخليجي واليمني في شهر فبراير خصص «لاستطلاع فرص الاستثمار في اليمن»، وتقدير حجم المساهمة الخليجية في ميدان الاستثمار باليمن. ويجدر القول إن ما يجمع تلك الدول الخليجية مع اليمن يتجاوز ما هو متعارف عليه في العلاقات الدولية، ويجعلها أكثر قوة انطلاقاً من وحدة التاريخ والمنشأ والأصل غير القابل للانفصال.
ويمكن القول إن المنطلق نحو التعاون والتكامل بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي ينبع من جملة من المرتكزات أهمها:
1- أن العصر هو عصر التجمعات والتكتلات الاقتصادية ومن ثم السياسية الأكبر، وبالتالي سواءً أرادت القوى المسيطرة سياسياً أم لم ترد فسوف يفرض عليها هذا النوع من التقارب تاريخياً.
2- أنه لابد من مجتمع قوي في منطقة الجزيرة والخليج يحمي الثروة المتدفقة، وهو الأمر الذي يفرض التعاون بين دول الإقليم، ليس من منطلق عاطفي وإنما من منطلق استراتيجي.
3- أن كل قطر في الجزيرة والخليج لديه ما يعطي إيجابياً من أجل التعاون والتكامل في كافة الاتجاهات السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والثقافية.
وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى أن جغرافية الجمهورية اليمنية السياسية قد أهلتها، من الناحيتين الطبيعية والبشرية لأن تلعب دوراً مركزياً في تعزيز قدرات دول المجلس الخليجي على مختلف الأصعدة، وذلك بسبب توفر العديد من الامتيازات، أهمها:
- الموقع الجغرافي المتميز؛ إذ يمثل اليمن العمق الاستراتيجي والأمني لدول الخليج العربي.
- تنوع الموارد الطبيعية، الزراعة، والثروة السمكية، المعادن، النفط، إلى جانب المناخ السياحي.
- ميزة حجمها السكاني الكبير، وهو عامل قوة مهم: اقتصادياً؛ إذ يعالج وضع العمالة الأجنبية الموجودة في دول الخليج، كما أنه قد يمثل مجتمعاً وسوقاً استهلاكية كبيرة للسلع والخدمات الخليجية. وقد يكون عامل قوة أمنياً؛ إذ يعزز من القدرات العسكرية والسكانية للمنطقة.
ثالثاً: مواصلة الجهود الدولية مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل للحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وتعزيز دور اليمن في خدمة الأمن والاستقرار والسلام الإقليمي والدولي.
لايختلف اثنان حول أن الاستقرار السياسي والاجتماعي يعد واحداً من أهم المقومات الأساسية للتنمية الاقتصادية التي تعد - كما سلف القول- من أبرز مهام المرحلة القادمة للسياسة الخارجية اليمنية، واختلاله دليل على اختلال مسيرة التنمية؛ حيث تشير الكثير من الدراسات التطبيقية- التي أجريت على العديد من اقتصادات العالم- إلى أن واحداً من أهم أسباب التخلف في كثير من الدول النامية يعزى إلى تنامي حالات الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي تسود فيها.
فبعد الأحداث التي شهدها النظام الدولي في 11 سبتمبر، والتي عززت من سطوة الولايات المتحدة الأمريكية على النظام الدولي، وتزايد نشاط جماعات الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي، بات نشاط السياسة الخارجية اليمنية في المحيط الدولي والإقليمي يتسم بالدقة والحذر في ظل حرص الدولة اليمنية على تحقيق المصالح الوطنية والحفاظ عليها دون الإخلال بالثوابت والمبادئ التي تقوم عليها سياستها الخارجية.
وفي هذا الإطار تميز الموقف اليمني من قضايا الإرهاب والجريمة المنظمة بالثبات المبدئي الذي لايعني الجمود ويرفض المساومة أو الانجرار وراء المصالح الآنية والمكاسب السهلة؛ حيث أكد الرفض الكامل كل أشكال الإرهاب وصوره أياً كان مرتكبه أو مصدره، كما ساندت بلادنا كل الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب بكل أنواعه: الفردي والجماعي، وإرهاب الدولة. ومن جهة ثانية، حرصت الجمهورية اليمنية على ضرورة أن تتكامل الجهود الدولية من أجل استئصال وإزالة الأسباب والمناخات المشجعة له وأهمية إشاعة العدل والقضاء على بؤر التوتروالصراعات الإقليمية، كما أكدت ضرورة التمييز بين الإرهاب وبين حق الشعوب في تقرير المصير والنضال المشروع من أجل الحرية والاستقلال.. وفي مسار مماثل حرصت الجمهورية اليمنية على بذل العديد من المساعي في المحيط الدولي من أجل تعزيز الحوار بين الحضارات الإنسانية وإشاعة قيم التسامح والإخاء والتعاون بين كافة الشعوب والأمم. وقد مثل تكريم فخامة الرئيس اليمني الأخ المشير علي عبدالله صالح (بوسام مجد روسيا القديم- روسيا، ووسام منتدى الأديان الثلاثة- بريطانيا) باعتباره رجل حوار وتصالح وتسامح، تكريماً للنهج السلمي الذي سارت عليه السياسة الخارجية للقيادة السياسية اليمنية، في معالجتها للعديد من القضايا المتعلقة بالعنف الداخلي ومكافحة الإرهاب السياسي اللذين باتا يهددان المعمورة بأكملها، ولعل المبادرات السياسية اليمنية المتمثلة في فتح قنوات الحوار مع كافة القوى، التي كانت تهدد أمن واستقرار الدولة وسلامة المواطن اليمني، قد أثبتت صوابية المنهج وسلامة المنطلق، وقد جاء تبني هذه الطريقة في مكافحة الإرهاب في أكثر من منتدى عالمي وأكثر من مؤتمر لمكافحة الإرهاب حول العالم بدءاً من مؤتمر الرياض، ومروراً بالعديد من المؤتمرات الدولية وصولاً إلى مؤتمر مدريد وغيره.
أقول إن كل هذه المؤتمرات قد أبانت عن نجاحاتٍ متتالية للسياسة الخارجية اليمنية، هذه النجاحات التي هي انعكاساً طبيعي لنجاحاتٍ مماثلة على الصعيد الداخلي، إذ السياسة الخارجية ماهي إلا انعكاس للسياسة الداخلية، بل هي بمثابة المرآة العاكسة لتلك السياسة، ومسلسل النجاحات السياسية والإصلاحات التي تحققت، أو التي يعتزم تحقيقها داخل اليمن لم يعد يخفى على أحد من المتتبعين للشأن السياسي اليمني.
عليه وجب التنويه بأن السياسة الخارجية اليمنية قد أثبتت قدرتها على السير بثباتٍ ورؤية واضحة داخل المجتمع الدولي، وحافظت على مصالح الوطن الاقتصادية التي لها الأولوية والأسبقية الدائمة في مختلف التحركات الخارجية، وبعبارة أخرى، فقد ظلت مصالح الجمهورية اليمنية الاقتصادية والسياسية وأمنها القومي من مدركات السياسة الخارجية اليمنية، وستبقى تحتل مكانة هامة ضمن أولويات صانع السياسة الخارجية اليمنية.
ويمكن تلخيص الدور والموقف اليمني في هذا الإطار في النقاط التالية:
1- التمييز بين الإرهاب وبين حق الشعوب في تقرير المصير والنضال المشروع.
2- الرفض الكامل لكافة أشكال الإرهاب وصوره أياً كان مرتكبه أو مصدره.
3- مساندة كافة الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
4- الحرص على ضرورة أن تتكامل الجهود الدولية من أجل استئصال وإزالة الأسباب و المناخات المشجعة له.
5- العمل من أجل تعزيز الحوار بين الحضارات الإنسانية وإشاعة قيم التسامح والإخاء والتعاون بين كافة الشعوب والأمم .
6- تبني أسلوب الحوار مع القوى التي تهدد أمن واستقرار الدولة وسلامة المواطن اليمني. وقد تم تبني هذه الطريقة في مكافحة الإرهاب في أكثر من منتدى عالمي.
7- رفضه لسباق التسلح، وخاصة تكديس الأسلحة النووية في المنطقة والعالم، مع قبوله الاستخدام السلمي للطاقة النووية في الإغراض المدنية السلمية.
رابعاًً: تعزيز دور بلادنا في منظمة الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية المعنية بالمسائل الإنسانية وحقوق الإنسان وحماية الحريات العامة.
حقوق الإنسان ليست تعبيراً مجرداً من الدلالة التي تكسبه أهميةً وخطورةً، بل أنه تعبيرٌ كلي ذو دلالةٍ عامة يكتسب أهميته وخطورته من تكريم الله تعالى للإنسان وتفضيله على كثير ممن خلق , إلى جانب استخلافه في الأرض قال تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة) [ سورة البقرة: 30] وقال سبحانه: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البرِ والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) ) سورة الإسراء: 70(.
والملاحظ أن قضية حقوق الإنسان باتت تمثل إحدى القضايا
التي تحتل مرتبة متقدمة في سلم أولويات المجتمع الدولي خلال العقود الأخيرة الماضية، وقد تفاوت حجم التقدم الذي أحرزه المجتمع الدولي ومنظماته المعنية بمراقبة وضعية حقوق الإنسان عبر العالم، ويمكن القول بأن قضية حقوق الإنسان تعتبر بمثابة المقياس الطبيعي لحرارة العلاقات الدولية وهي بمثابة سلاح ذي حدين، فهي تعبر عن الاهتمام الدولي الحقيقي بهذه القضية ورغبة المجتمع الدولي في حمايتها من أي مساسٍ أو تعدي، وفي نفس الوقت تعتبر بمثابة وسيلة للضغط على العديد من الدول عبر العالم، وكثيراً ما رفع ملف حقوق الإنسان وانتهاكاتها في وجه العديد من الدول وجرى التلويح بعقوبات على تلك الدول في حال عدم التزامها بحفظ حقوق مواطنيها، ليس من قبل المنظمات الدولية فحسب، ولكن أيضاً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي يصدر عن وزارة خارجيتها تقريراً سنوياً يرصد وضعية حقوق الإنسان في العالم.
وفي الجمهورية اليمنية تحقق تطور ملحوظ، ولو من الناحية القانونية، في ميدان حقوق الإنسان، مقارنة بالممارسة التي طبعت فترة حكم شطري اليمن، حيث أصبحت طرفاً في معظم المعاهدات الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان، وعددها (56) معاهدة تقريباً تشمل: (الاتفاقيات، العهود، الصكوك، الإعلانات) وأدرجت في تشريعاتها عدداً من معايير حقوق الإنسان المعترف بها دولياً، وتوضح تقارير منظمة العفو الدولية Amnesty أن انتهاكات حقوق الإنسان في بلادنا قد عرفت انحساراً، وتقلصاً ملحوظاً، خلال الفترة الممتدة بين توحيد اليمن 1990م - 1994م، وهو التطور الذي يرجع إلى التوجه الديمقراطي لدولة الوحدة اليمنية واعترافها بالتعددية الحزبية والسياسية، وبحقوق الإنسان، كما أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية أشاد بمستوى احترام حقوق الإنسان في اليمن وبمستوى الأداء الديمقراطي للنظام السياسي اليمني عقب الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة، وهو الأمر الذي لا يحدث إلا نادراً.
وتجدر الإشارة إلى أن اليمن وقعت معظم الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وبخاصة تلك المتعلقة بالحقوق السياسية، إذ وقعت على حوالي %70 من إجمالي تلك الاتفاقيات.
وقد كفل دستور الجمهورية اليمنية والقوانين النافذة مساواة المرأة بالرجل في جميع مناحي الحياة، من المشاركة في الانتخابات بمختلف مجالاتها- تصويتاً وترشيحاً- إلى الأعمال الفنية كقيادة الطائرات.. إلى الأعمال التي يرى البعض حكرها على الرجال .. كالسلك العسكري والشرطة وغيرها.
وهي الأمور التي لوحظت من خلال إشادة العديد من التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية، وعن وزارة الخارجية الأمريكية بالتحول النوعي والحريات التي شهدتها وتشهدها اليمن في ظل دولة الوحدة اليمنية المباركة، وبخاصة في إطار تمكين المرأة من تولي مناصب سياسية عليا ومشاركتها السياسية، إلا أن تلك المشاركة الواسعة للمرأة لا تعني أنها قد حصلت على كامل حقوقها تامة فالأمر يتطلب نضالاً شاقاً وطويلاً من أجل تغيير منظومة المفاهيم والقيم والسلوكيات المجتمعية التقليدية المتوارثة والدخيلة على ديننا الحنيف لكي يتقبل ويمد يده لإعطاء المرأة حقوقها دون الإخلال بالتعاليم والشرائع السماوية التي رتبت حقوقاً هي الأفضل بين سائر الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.
وكتعبير من الجمهورية اليمنية على الاهتمام بحقوق الإنسان وحرياته وحرصها على المرأة في ظل الوحدة اليمنية المباركة لم يعد نشاط المرأة ينحصر في المجال الوطني والإقليمي وخاصة بعد تولي المرأة وزارتين في التشكيل الوزاري لعام 2006م، بل صار لها حضورها الدولي وحصلت على العديد من المناصب الدولية والعربية، ولعل الأستاذتين/ أمة العليم السوسوة التي صارت أميناً عاماً مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة، والأستاذة السفيرة/ رمزية الإرياني الأمين العام للاتحاد النسائي العربي- رئيسة اتحاد نساء اليمن أبرز الأمثلة على المكانة التي باتت تحتلها المرأة اليمنية على الصعيدين العربي والدولي.. وهكذا يكون اليمن الذي استعاد عافيته بانجازه الوحدوي الكبير بإعلان قيام الجمهورية اليمنية في ال 22 مايو 1990م قد استعاد الحياة إلى نصفه الذي كان مشلولاً عبر اعترافه بحق المرأة في المشاركة والإسهام في بناء المجتمع اليمني على مختلف الأصعدة، وتكون حفيدات الملكتين: بلقيس، والسيدة بنت أحمد قد أعدن مجداً تفتخر به حضارة اليمن أو حضارة الجنوب كحضارة عرفت المساواة .. وسبقت إلى ما تبنيناه في عالم اليوم.
خامساً: تقوية العلاقات والتعاون مع دول منطقة القرن الأفريقي وتعزيز الشراكة السياسية والاقتصادية والتجارية والأمنية معها.
تأتي الدول الأفريقية ضمن أولويات السياسة الخارجية اليمنية، وتنظر لعلاقاتها بالدول الواقعة في منطقة القرن الأفريقي (إثيوبيا، جيبوتي، الصومال، إريتريا) من منظور جيو- استراتيجي لايقل أهمية عن علاقتها بدول مجلس التعاون الخليجي، للعديد من الاعتبارات السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها، وأهمها:
1- وجود حدود بحرية تمتد على طول البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، والتي تلعب أهمية استراتيجية في مجال حماية الأمن اليمني والإقليمي.
2- الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع شعب اليمن مع تلك المجتمعات، ووجود جاليات يمنية كبيرة ترتبط باليمن ارتباطاً وثيقاً.
3- المصالح الاقتصادية الكبيرة التي تجمع الطرفين؛ حيث تشكل دول المنطقة سوقاً للمنتجات اليمنية وخاصة الصناعية والمشتقات النفطية.
4- عدم الاستقرار والصراعات المتعددة التي تعيشها العديد من دول المنطقة وما يترتب على ذلك من انعكاسات سلبية على اليمن، أمنية واقتصادية واجتماعية من خلال تدفق المهاجرين غير الشرعيين، واللاجئين من هذه الدول إلى اليمن ومخاطر ذلك على الأمن والاستقرار الإقليميين وعلى حركة الملاحة عبر البحر الأحمر.
هذه العوامل وغيرها تستدعي من صانع السياسة الخارجية اليمنية القيام بدورٍ خارجي فاعل مع دول المنطقة الأفريقية لحل العديد من النزاعات السياسية التي تعيشها العديد من الأطراف، وأهمية توسيع إطار دول تجمع صنعاء للتعاون وإبراز دوره إقليمياً لخدمة السلام والتنمية في المنطقة عن طريق:
1- توسيع دائرة التحرك والتنسيق السياسي والأمني مع دول القرن الأفريقي لتشمل تنزانيا وكينيا، وجزر القمر.
2- العمل على إنشاء تجمع اقتصادي مع هذه الدول بحيث تعطى الأولوية لدخول المنتجات اليمنية إلى أسواقها وخصوصاً أن هناك دولاً تسعى لمنافسة المنتجات اليمنية في أسواق هذه الدول.
3- إيلاء عناية أكبر للجاليات اليمنية في هذه الدول، والاهتمام بقضاياها ومشاكلها.
ما العمل؟ عناصر من أجل تعزيز الدور الخارجي لليمن
النجاحات التي تحققت للسياسة الخارجية اليمنية كثيرة بالفعل، وهي تحتاج إلى تدعيم بما يضمن استمرار تلك النجاحات ويزيد من مساحة النشاط الدبلوماسي اليمني، وهذه بعض المقترحات التي قد تعين على تحقيق ذلك الهدف:
1- الاهتمام باختيار ممثلي الجمهورية اليمنية في ممثلياتنا بالخارج من ذوي الكفاءة والاختصاص، وربط بقائهم في تلك المناصب بضرورة التعريف باليمن، وربط علاقات متميزة مع تلك البلدان، مع الاهتمام بوجه خاص بتحسين صورتها وتوضيح مناخات الاستثمار قصد جذب الاستثمارات الأجنبية إلى بلادنا.
2- حشد الإمكانيات الاقتصادية والاستثمارات العربية والأجنبية للإسراع في تأهيل الاقتصاد اليمني، وبما يكفل الانضمام الكامل إلى مجلس التعاون الخليجي.
3- تنسيق المواقف والمبادرات اليمنية مع دول الجوار الجغرافي، بما يضمن الدعم والتنفيذ لتلك المبادرات عربياً وإقليمياً.
4- العمل على تنسيق علاقات اليمن بدول المنطقة لوضع خطة أمنية عربية تشترك فيها كافة الدول العربية المعنية، وتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي نادى بتطبيقها فخامة رئيس الجمهورية في قمة الرياض.
5- وضع خطة اقتصادية لاستغلال البحر الأحمر وتنميته اقتصادياً، بالتعاون مع دول المنطقة سواء الثنائي، أم الجماعي، وتنظيم استغلال المياه الدولية.
6- تبني فكرة إنشاء مرصد وطني يهتم برصد وضعية حقوق الإنسان في المجتمع اليمني، وتنسيق المواقف مع الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان لتفعيل مثل هذا المرصد.
7- تبني خيار عقد مؤتمر دولي في العاصمة صنعاء خاص بمكافحة الإرهاب، يدرس مسبباته، ويحدد سبل مواجهته، والعمل مع الأطراف الدولية على تحديد تعريف موحد لطائفة الأعمال الإرهابية.
مصادر الورقة:
1- البرنامج الانتخابي للأخ علي عبد الله صالح، مرشح المؤتمر الشعبي العام للانتخابات الرئاسية 2006م.
2- الأصبحي، أحمد محمد، علي عبد الله صالح .. 25 عاماً من سيرة زعيم وقائد مسيرة (1978 - 2003)، سفارة الجمهورية اليمنية، الملحقية الثقافية، عمان، الأردن، (ت، ن بدون).
3- الأغبري، أكرم، (1998م): اليمن ومجلس التعاون الخليجي: الأبعاد الإستراتيجية- مقاربة تحليلية، الثوابت، العدد الثالث عشر، يوليو- سبتمبر.
4- الجمهورية اليمنية، المؤتمر الشعبي العام، وثائق وأدبيات المؤتمر الشعبي العام، الدورة الأولى 4- 7 يوليو 1999م، والدورة الثانية 24- 26 أغسطس 2005م.
5- الجمهورية اليمنية، المؤتمر الشعبي العام، اللجنة الدائمة، تقرير اللجنة الدائمة المقدم إلى الدورة الأولى للمؤتمر العام السابع، عدن، ديسمبر 2005م.
6- الصوفي، عبد الجليل، (2006م)، إمكانات اليمن (الطبيعية والبشرية) المؤهلة للانضمام، اقتصاد وأسواق، العدد (41)، نوفمبر.
7- المركز العام للدراسات والبحوث والإصدار، (2001م)، التقرير الاستراتيجي السنوي: اليمن 2001، سلسلة تقارير وبحوث ودراسات، صنعاء.
8- الهيصمي، خديجة أحمد، الجغرافيا كمحدد للسياسة الخارجية اليمنية في الفترة 1970- 1990، الثوابت، العدد العاشر (يوليو- سبتمبر 1997م).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.