للتعبير عن الحزن لما وصلت إليه أوضاع الحرب والمحتربين داخل أوطانهم والمحاصرين من الخارج، يتمنى الإنسان المنسوب إلى هذه الأمة التي كانت في حقبة ما من التاريخ خير أمة ، ثم بادت وإلى هذه اللحظة.. ولا يمكن ان يقال عنها بأنها مازالت لها عروق تنبض لا بالإيمان ولا بالوطنية ولا بالقيم العظيمة التي بفضلها فتح الفاتحون امصار الأرض فاستقبلهم الأعاجم استقبال المحررين بتشديد وكسر الراء الأولى بمجرد سماعهم عن القادة موسى بن نصير وعقبة بن نافع وخالد بن الوليد وكل الذين فتحوا الهند والسند وجنوب وشرق أوروبا وآسيا الوسطى وكأن أبناء تلك البلدان تحرروا من الأجانب وليس من حكامهم القياصرة والملوك المستبدين. هذا الانسان يتمنى لو يصوم عن الكلام الدهر كله ليستجيب الله له فيما نذر بأن يعود للقادة العرب والمسلمين الحاكمين المحاطين بجحافل من الحراس الأشداء والأسلحة الفتاكة والعسس الأكثر عدداً من الجيوش الرسمية الفعلية. ولأولئك الذين اختاروا طريق العنف المتبادل والعداوة التي لم نسمع بها من قبل بين رفقاء السلاح ضد العدو الغاصب أو بين القبائل والعشائر والمذاهب كما نرى اليوم ونسمع في فلسطينوالعراق على وجه الخصوص. أو تصدر تصريحات من بعض الحثالات كذلك الشخص الذي قام بزيارة لاسرائيل وأعطاها صكاً بجزء من الوطن انتقاماً من الرئىس الذي يعارضه وكأن ذلك الجزء يخص هذا الرئيس وعائلته، فهذا الحثالة تقدم عن امثاله الذين عادوا فوق دبابات المحتل بكثير ، فهم كانوا يتحدثون عن وطن واحد ويرفضون ظاهرياً أي غزو وأي احتلال أجنبي ويرفضون الاتصال باسرائيل أو التنسيق معها عبر عناصرها الاستخباراتية بما فيهم حاملو الجنسية الامريكية الذين سبقوهم إلى شمال العراق وأقاموا عدة محطات رصد ومراكز استقبال للعملاء وهم بالآلاف ، ولم يكشف هذه الحقيقة إلا المساعدة التي قدمها الرئىس العراقي الراحل/صدام حسين في أواسط التسعينيات لمسعود البرزاني الذي كان قد أخرجه جلال طالباني من أربيل أثناء القتال الذي جرى بينهما للاستيلاء على كامل مدن شمال العراق مثل السليمانية وكركوك وأربيل ودهوك. إن أحداث غزة قد صدمتا أشد صدمة؛ وذلك لأنها وبكل المقاييس جريمة كبرى تشفّى لها العدو وأعلن أنه سيجهز على سكان غزة بقطع المياه والكهرباء والغذاء والطاقة أي (المحروقات) في نفس الوقت الذي يواصل قتل العناصر والقيادات الفلسطينية الميدانية والإدارية في القطاع وفي الضفة الغربية وليس لديه أي استثناء لأحد من كل الفصائل مادموا كلهم غير مستعدين لإلقاء السلاح مقابل وعود بقيام الدولة الفلسطينية لم تتحقق حتى الآن. فالصوم هو السلاح الصامت الذي يمكن ان يوقظ ضمائر من مات إحساسهم بمعاناة شعبهم كما يقولون دائماً لأن الوساطات لم تفلح أمام أجندة اسرائىل وامريكا وأوروبا العقابية التي تنكرت لما كانت تنادي به قبل عام ونصف وهي الانتخابات التشريعية لأنها جرت بمالا تشتهي سفنهم، وكان الوفاق والاتفاق هو لغة الأخوة المتبادلة عقب انتخابات عام 2006.. فكان هذا الواقع المؤلم والخطير جداً ، لأنه غير مستقر بل متحرك نحو الأسوأ مادام التدخل الخارجي منحازاً ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.