يتسم الشاب اليمني بالنضال والمكابدة وتحمل الصعاب والمشقات، ذلك بمجرد تخرجه من الجامعة ليبدأ بعدها رحلة العناء والهوان في طريق مجهول، ومتاهة شائكة، ولا يفلح بالأخير سوى بانضمامه إلى نادي «البطالة!!». وبات حتى الدخول في هذا النادي بحاجة إلى الوساطة!! باعتباره مزحوماً بكثرة أعضائه من الشباب اليمني العاطل، وبقدراته المشلولة، وعقليته المجمدة، لتصبح كل تلك الثروة البشرية «خارج نطاق الخدمة!!». إن الشاب اليمني خصوصاً المثقف والواعي !! لا يجد أمامه إلا أن يظل يتحسر على أمله المفقود، وما وصلت إليه فوضى الإدارة !! وبمعظم المجالات.. فقد يكون لذلك الشاب اليمني لديه أهداف محددة يصبو لتحقيقها منذ تخرجه، كأن يأمل الحصول على وظيفة حكومية ليظل يترنح بين أروقة معظم جهات الدولة باحثاً عن جزء من حقوقه، وهي الوظيفة العامة، لكنه وعلى مداخل معظم الدوائر الحكومية التي يشرع الشاب اليمني في التقدم للتوظيف لديها.. يصطدم بتلك اللوحة المعلقة في المدخل الرئيسي لتلك الجهات، والتي تحمل عبارة تحطم كل طموح، وتزرع اليأس بنفس كل مؤمّل، وتنزع حتى الإخلاص من كل وطني.. حيث يتفننون بنحتها وخطها وتلوينها وتعليقها في أبرز موضع في هذه الدائرة أو تلك !! وهي «لا توجد وظائف شاغرة!!» إما لسبب البطالة المتفشية.. أو لحجز الدرجات الوظيفية لمن يتوفر لديهم فيتامين «الوساطة!!» أو لغيرها من الأسباب والمعايير التي تتناسب مع القائمين على الدائرة الحكومية !!!.. تلك هي اللافتة التي أصبحت تمثل كابوس العصر للشباب اليمني. على اعتبار أن الشاب اليمني لابد أن ينال جرعته من مرارة البطالة، فلا يجد ما يشغله غير أن يظل يمعن النظر ويركز على كثير من المشاهد المضحكة والمبكية معاً!! هذا إن كان عاقلاً ومتحكماً بهواه ولم ينحرف!! ليبقى يتأمل وبحسرة في كثير من المشاهد فهناك عدة مشاهد تعتبر مضحكة بذاتها ومبكية بمعناها، كونها تعكس الانفلات والفوضى التي باتت تتحكم بمعظم مجريات الأمور العامة وحتى بعض الخاصة!! يقول الرسول «صلى الله عليه وسلم» بحديث ما معناه «لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين» وبلادنا لدغت من عصابة التمرد الحوثية أربع مرات!!.. واليمنيون لايزالون مصممين على تطبيق صفتي رقة الأفئدة وألين القلوب، وفي غير موضعها الصحيح مع تلك الشرذمة الشاقة لعصا الجماعة؟! وتم تفضيل السلم على القوة مع من يستحق الاستئصال نهائياً!!! في عام 1970م كانت العاصمة العمانية «مسقط» تفتقر كلياً للكهرباء ويستخدمون المصباح التقليدي، بينما صنعاء آنذاك تنعم بالكهرباء العمومية بفضل مرور ثماني سنوات من عمر ثورة سبتمبر !! فكيف أصبحت مسقط اليوم ؟! وكيف ظلت صنعاء؟!! من عام دراسي إلى آخر.. بعض المدارس توزع الكتب الدراسية وبمقدار «نسخة واحدة لكل طالبين!!» بحجة العجز في كميات المطبوعات.. بينما ارصفة شارع علي عبدالمغني بالعاصمة صنعاء مكتظة ببسطات تبيع الكتب المدرسية الجديدة وبأزهد الأثمان!!! عند صرف قطعة أرض من املاك الدولة.. اعتاد المواطنون على أن يتم البسط على الأرض أولاً ثم يتم التفرغ لمعاملة الإجراءات وليس العكس «كما يفترض!!». ظهرت في الآونة الأخيرة كتابات صحفية وبانتقادات هدامة.. حيث لا تتحدث في شئون جميع المحافظات في الوطن، وإنما تتحدث بلهجة ً«شمال وجنوب!!» عند وقوع حادث سير بسيط بين سيارتين، يفضل الطرفان المتضرران حل المسألة ودياً، بدلاً من تدخل رجل المرور، فلم تعد هناك ثقة بالجهات المختصة كونها ستدخل في بحر من الروتين الممل والبيروقراطية الإدارية المعتادة. تلك المقتطفات هي بعض مما نعاني منه بسبب ما آل إليه الوضع العام .. حقاً إنها مشاهد مزرية.. ومن يتمعن بها خصوصاً من كان وطنياً!! لا يجد أمامه ولا يملك قدرة على القيام بأي تصرف تجاه تلك الوقائع السيئة، إلا أن يبقى يتحسر على وطنه إزاء تلك المساوئ فلا يكون بوسعه إلا أن يضحك على رجعية الوضع، ويبكي على تخلف الوطن!! هذه بعض نتائج البطالة التي تدفع من يعانيها من شباب اليمن إلى التفرغ للتأمل والتعمق في الأوضاع!!، وعلى حكومتنا الرشيدة إن كانت تخشى بطالة وفراغ الشباب المتمثل باكتشاف مساوئ الأوضاع أقول: على المعنيين الوفاء بوعود برنامج فخامة الرئيس الذي ركز على القضاء وعلى البطالة وخلق فرص العمل.. ولازلنا نترقب البدء بالشروع في تنفيذ تلك الوعود منذ فوز فخامة الأخ الرئيس وحتى الآن!!!.