أصبحت التعددية السياسية للجمهورية اليمنية ضرورة حيوية؛ لأنها تعبر عن طموحات وحاجيات الفئات الاجتماعية المتباينة والتي تحقق التنافس على تلبية رغبات المواطنين.. وأصبح ضمان تحقق ذلك هو أن تحتكم إلى صناديق الاقتراع التي تمنح الأغلبية لحزب من الأحزاب السياسية وتحرم أخرى منها، حيث تشكل إرادة الأغلبية بذلك تكليفاً بتنفيذ البرنامج الذي وضعته وتعهدت بإنجازه.. هذا ما وصل إليه واقع اليمن السياسي. ولكن نقول للأحزاب ولمن يريد أن يزجّ بالوطن الحبيب إلى هاوية الفتن: إن اليمن الحديث في عهد التعددية قد تجاوز مرحلة الثورات والانقلابات والعصبية القبلية والانقسامية. ونذكّر قياداتها بالماضي القريب، فعندما عاشت اليمن فترات عصيبة بزغت الحاجة إلى طرف محايد لتحكيمه في حل هذه الخلافات، دون أن يكون هذا المحكم متحالفاً مع أي حزب أو قبيلة حتى لا يصير طرفاً في الصراع، حيث يناله مصير من يتحالف معه وتسقط سلطته التحكيمية. فكان رأي مجلس الشعب أن علي عبدالله صالح هو الرئيس والمحكم لحكمته ولحياده لحل الخلافات القائمة بين الأحزاب والقبائل المتنازعة، فتمثل الحكم الإيجابي والذي تمتع معه بالسلطة العقلانية، حيث استسقى مشروعيته من عقيدته الإسلامية التي تنفي عنه انتماءه إلى أية عصبية أو انتصاره لأي مذهب ديني. فكان علي عبدالله صالح زعيماً لأنه احترم قواعد التوحيد، وكان مكسبه ضمان وحدة النسيج اليمني، والتحكم في تدبير الشأن الديني بمراعاة التوازن الدقيق بين الإسلام الناهي عن الفرقة والمذاهب كرأي، حيث تقاطع دوره كرئيس، فكان بذلك مع جميع الفاعلين سواء كانوا علماء أو شيوخ قبائل، أو دعاة تبليغ، أو سلفية مارس السلطة السياسية فعلياً؛ حتى تحققت السلطة الحكومية وإدارتها الساهرة على حسن تدبير الشأن العام دون تفرقة بين هذا وذاك. وفي تعامله مع القبائل لا يمكن بأي حال إغفال أن الأخ الرئيس كان لا يلجأ إلى المواجهة معها في حل الإشكالات إلا بعد استنفاد سبل التفاوض، وبذلك لم تكن وظيفته كما كانت وظيفة الحزب الاشتراكي هي سحق القبائل، وزرع بذور الشقاق والتفرقة كي يسود، بل التزم حكمه في المحافظة على التعايش السلمي بين هذه الأحزاب والقبائل وتمكينها من تماسكها ودفعها نحو النظام الديمقراطي لتنشغل به من داخل النسق العصري ومؤسساته الحديثة. حيث حافظ على آليات الواقع المتجزئة إلى عصرية وتقليدية حتى تمكن من مواجهة التغيير الاجتماعي الحاصل، وهو بذلك شكل استراتيجية توظيف الدين والحزبية والقبلية والتاريخ لخدمة شرعية مؤسسة الدولة، فكان الاستقرار والأمن. ومما تجب الإشارة إليه أن آلية التحكيم التي استعملها علي عبدالله صالح بغية احتواء الصراعات القبلية هي إطفاء نار الحروب والفتن التي كانت تعاني منها مختلف القبائل التي لجأت إلى السلطة؛ يقيناً منها بأنها السبيل الوحيد لضمان استقرارها. من هذه التجربة نصل إلى حقيقة وهي أن أية عملية انتقال ديمقراطي يجب أن تتوقف على إعطاء الأحزاب السياسية مدلولها الحقيقي والعملي باعتبارها أهم الآليات التي لا غنى عنها في أي مجتمع ديمقراطي والتعايش مع الواقع السكاني. وحل الإشكاليات لا يكون إلا بالتفاوض، وليس بإثارة الزوابع والفتن، ونحن نذكّر؛ لأن الذكرى تنفع المؤمنين. الحل ليس بإثارة الزوابع والفتن أ.د.محمد محمد الدرة أصبحت التعددية السياسية للجمهورية اليمنية ضرورة حيوية؛ لأنها تعبر عن طموحات وحاجيات الفئات الاجتماعية المتباينة والتي تحقق التنافس على تلبية رغبات المواطنين.. وأصبح ضمان تحقق ذلك هو أن تحتكم إلى صناديق الاقتراع التي تمنح الأغلبية لحزب من الأحزاب السياسية وتحرم أخرى منها، حيث تشكل إرادة الأغلبية بذلك تكليفاً بتنفيذ البرنامج الذي وضعته وتعهدت بإنجازه.. هذا ما وصل إليه واقع اليمن السياسي. ولكن نقول للأحزاب ولمن يريد أن يزجّ بالوطن الحبيب إلى هاوية الفتن: إن اليمن الحديث في عهد التعددية قد تجاوز مرحلة الثورات والانقلابات والعصبية القبلية والانقسامية. ونذكّر قياداتها بالماضي القريب، فعندما عاشت اليمن فترات عصيبة بزغت الحاجة إلى طرف محايد لتحكيمه في حل هذه الخلافات، دون أن يكون هذا المحكم متحالفاً مع أي حزب أو قبيلة حتى لا يصير طرفاً في الصراع، حيث يناله مصير من يتحالف معه وتسقط سلطته التحكيمية. فكان رأي مجلس الشعب أن علي عبدالله صالح هو الرئيس والمحكم لحكمته ولحياده لحل الخلافات القائمة بين الأحزاب والقبائل المتنازعة، فتمثل الحكم الإيجابي والذي تمتع معه بالسلطة العقلانية، حيث استسقى مشروعيته من عقيدته الإسلامية التي تنفي عنه انتماءه إلى أية عصبية أو انتصاره لأي مذهب ديني. فكان علي عبدالله صالح زعيماً لأنه احترم قواعد التوحيد، وكان مكسبه ضمان وحدة النسيج اليمني، والتحكم في تدبير الشأن الديني بمراعاة التوازن الدقيق بين الإسلام الناهي عن الفرقة والمذاهب كرأي، حيث تقاطع دوره كرئيس، فكان بذلك مع جميع الفاعلين سواء كانوا علماء أو شيوخ قبائل، أو دعاة تبليغ، أو سلفية مارس السلطة السياسية فعلياً؛ حتى تحققت السلطة الحكومية وإدارتها الساهرة على حسن تدبير الشأن العام دون تفرقة بين هذا وذاك. وفي تعامله مع القبائل لا يمكن بأي حال إغفال أن الأخ الرئيس كان لا يلجأ إلى المواجهة معها في حل الإشكالات إلا بعد استنفاد سبل التفاوض، وبذلك لم تكن وظيفته كما كانت وظيفة الحزب الاشتراكي هي سحق القبائل، وزرع بذور الشقاق والتفرقة كي يسود، بل التزم حكمه في المحافظة على التعايش السلمي بين هذه الأحزاب والقبائل وتمكينها من تماسكها ودفعها نحو النظام الديمقراطي لتنشغل به من داخل النسق العصري ومؤسساته الحديثة. حيث حافظ على آليات الواقع المتجزئة إلى عصرية وتقليدية حتى تمكن من مواجهة التغيير الاجتماعي الحاصل، وهو بذلك شكل استراتيجية توظيف الدين والحزبية والقبلية والتاريخ لخدمة شرعية مؤسسة الدولة، فكان الاستقرار والأمن. ومما تجب الإشارة إليه أن آلية التحكيم التي استعملها علي عبدالله صالح بغية احتواء الصراعات القبلية هي إطفاء نار الحروب والفتن التي كانت تعاني منها مختلف القبائل التي لجأت إلى السلطة؛ يقيناً منها بأنها السبيل الوحيد لضمان استقرارها. من هذه التجربة نصل إلى حقيقة وهي أن أية عملية انتقال ديمقراطي يجب أن تتوقف على إعطاء الأحزاب السياسية مدلولها الحقيقي والعملي باعتبارها أهم الآليات التي لا غنى عنها في أي مجتمع ديمقراطي والتعايش مع الواقع السكاني. وحل الإشكاليات لا يكون إلا بالتفاوض، وليس بإثارة الزوابع والفتن، ونحن نذكّر؛ لأن الذكرى تنفع المؤمنين.