النصوص تعبير عن جدلية الخفاء والتجلي.. المرئي واللامرئي.. الظاهر والمستتر.. الواحد والجمع.. البواح والسرائري.. والنصوص فيما تكون كل تلك الثنائيات والتعدديات، تظل أيضاً على ثبات تعبيرها الكلياني عن ماهو جوهري وأصيل. هذا المنطلق المفهومي يجرنا إلى ملاحظة الوصل والفصل بين تلك المستويات، والشاهد أننا فيما ننتزع فص نبتة الثوم انتزاعاً من أصلها، نجد أن هذا الفص وحيد ذاته، حاملاً لخصوصياته وأبعاده، وبالمقابل فإن النبتة الكاملة ليست خارج الانتماء الأشمل، فالنبتة قادمة من تمازج عناصر الطبيعة المختلفة «ماء وهواء ونار ونور وبرد وحر وظل ويبس ورطوبة وكائنات عضوية» وهي بهذا المعنى تمثل ذاتها فيما تتضمن معطيات الطبيعة كلها، وبهذا المعنى أيضاً لا تكون تلك النبتة بذاتها إلا استناداً إلى الذوات الأخرى. إنها تكف عن أن تكون ذاتاً وفرادة إذا لم تتصل بالعناصر الأخرى. إن هذا المفهوم يجعلنا نقرأ الظاهرة الواحدة ضمن إطار أشمل، ودونما إلغاء لخصوصية هذه الظاهرة. تتناوب العناصر المختلفة في الطبيعة جدلية الظهور والغياب، لكأنها فيما تشي بالمرئي تغمز إلى الغائب، وهكذا فإن ورقة خضراء في مهب الريح ليست من حيث الجوهر ورقة فحسب، بل إنها أيضاً كاملة العناصر التي أدت إلى نماء وتبلور وتنامي الشجرة التي سقطت منها تلك الورقة..مانراه ظاهراً يبدو مخاتلاً ضمن هذا المفهوم، وماهو غائب عن أبصارنا وإدراكنا يبدو محيراً متعدد الدلالة. ينطبق هذا الأمر على ظواهر الطبيعة، كما على النص المكتوب والمقروء والمرئي فيما تتسع له العبارة. [email protected]