هذا العنوان يحيلنا مباشرة إلى مستويين يتناوبان المعنى والمبنى، فنحن هنا بصدد الدلالة التي ترتبط بالنص كما بالفص، فما الفرق بينهما؟ وما المشترك أيضاً؟ وماذا نعني بالنص؟ وماذا نعني بالفص؟ بداية أسجل معلومة أساسية تتعلق باستعارة المفهوم المتعلق بالفص، وهو مفهوم أساسي كرّسه العلامة الشيخ محي الدين بن عربي، وأصل أبعاده الدلالية والذوقية معاً، فالفص يرتبط أساساً بنبات الثوم، لكن المعنى يتجاوز تعريف النبتة إلى تضميناتها الوجودية والشكلانية والعرفانية، وهذه من لطائف المعاني ورقائق الأفكار التي لا تنصاع إلا بنوع تأمل واستكانة، فالمعلوم أن النبتة تشكل كلاً لايتجزأ، وبهذا المعنى تنظيم الفصوص ضمن نسق «مُدوزن» يتمثل في مظهره المعروف بوصفه كلاً واحداً، لكن هذه البنية الكلية للنبتة لا تلغي فرادة كل فص من حيث الحجم والمحتوى أيضاً، فالمعلوم أن الفصوص الداخلية أقل حجماً وتركيزاً في العناصر، والفصوص الخارجية أكبر حجماً وأكثر تركيزاً، والحال فإننا لا نستطيع أن نعتبر فصوص الثوم واحدة من هذه الزاوية بالذات، لكنها بالرغم من ذلك واحدة لأنها تنتمي لنفس العنصر النباتي، وتحمل ذات القيم الغذائية والدوائية، وبالتالي يمكن ملاحظة «الجمع في عين الفرق»، فالنبتة حالة واحدة وبخصوصيات محددة، والفص استمرار لتلك الحالة، ولكن بصور متعددة، ومن هنا جاز القول برؤية «الجمع في عين الفرق» وهذا هو المنهج الذي اتبعناه في المقاربة الفنية الجمالية لتعددية الأنواع الفنية المقرونة بواحديتها المؤكدة، فالنصوص المختلفة تعبير عن جوهر واحد، والجوهر الواحد يتمرأى بوصفه صوراً مسافرة وأنساقاً عابرة ومتواليات تتنامى طوراً وتخبو أحياناً، تتحول وتتغير، تتبادل الأدوار وتتواشج في برازخ محمولاتها الماورائية الأكثر أهمية. [email protected]