قلنا: إن حكمة التاريخ والجغرافيا في العالم العربي تتأبّى على خريطة “ سايكس بيكو” الموروثة، والدليل وحدة المسارات والنماذج السياسية في عموم المنطقة العربية، فحيثما ازدهرت المشاريع القومية تداعت معها بقية البلدان، وهذا مانراه الآن في تيار الاسلام السياسي الموحد “ أيديولوجياً “ في طول وعرض العالم العربي. هذا أمر غير طارىء ولا غريب على التاريخ والجغرافيا العربية، بل تأكيد لحقيقة سابقة على الحالات القطرية، والجغرافيا السياسية المفارقة للهوية الثقافية والدينية والتاريخية، وإذا ما أضفنا إلى كل ذلك إخفاق الآليات الاقتصادية وتردي الأوضاع الحياتية في جُل البلدان العربية يصبح من باب تحصيل الحاصل أن نرى ذلك التواشج التفاعلي بين ما يجري في هذا القطر العربي أو ذاك مع مجمل الأسئلة والتيارات الفكرية والسياسية في عموم الذاكرة العربية. من هنا نستطيع التقاط الإشارة واستيعاب المعاني التي تنطوي عليها سلسلة المظاهر المترافقة مع الحالة العربية الراهنة، فبالإضافة إلى الجدل السياسي غير الخلاق بين فرقاء الحداثة والليبرالية، نجد جدلاً ميدانياً مُتخشباً مع تيار الإسلام السياسي، الأمرالذي يحيل مجمل الصورة إلى متاهة تغيم في المجهول ، وحالة تفارق المعقول، ومن المفجع أن بعض فرقاء الميدان الرسمي والشعبي ليسوا في وارد التقاط الضرورة المطلقة للحوار والتنازلات المتبادلة بحثاً عن مخارج، فالمؤسسة الرسمية مكبلة إلى حد كبير بمرجعيات الماضي الذي تكلّست وفقد صلاحياتها، والمعارضات لا تتورع عن خلط كل الأوراق بحثاً عن مكيدة توقع الخصم مهما كانت النتائج . هذه الصورة المحزنة للتصادمات غير الحميدة تؤشرإلى مخاض صعب وربما كان هذا المخاض الصعب ضرورة موضوعية، لكن الحكمة تقتضي البحث عن مخارج أقل تراجيدية ومأوساية، ولنا في أمر العراق والصومال وأفغانستان خير درس لمن أراد أن يسمع ويرى ويفهم. Omaraziz105@ gmail.com