تزعمت الولاياتالمتحدة، أو بالأصح انفردت الولاياتالمتحدة بالعالم منذ سقوط التوازن الدولي في بداية تسعينيات القرن الماضي، ومضت تدفع بالشعوب إلى إسقاط الأنظمة الوطنية، في الوقت الذي كانت تتساقط فيه الأنظمة «الراديكالية» في أوروبا الشرقية الواحدة تلو الأخرى تحت ضربات الثورات الجماهيرية توقاً وتشوقاً للديمقراطية التي تروّج وتدعم وتساند من النظام العالمي الجديد بزعامة الولاياتالمتحدة، والمبشرة بعهد عالمي جديد كله خير ورفاهية ورخاء.. ودخل العالم كله في دوامة من الفوضى والجنون والتهافت على إرضاء النظام العالمي الجديد، عدا بعض البلدان ذات الأنظمة الراسخة والمدركة لأبعاد الديمقراطية الغربية.. ديمقراطية الشركات الاحتكارية الدولية الطامعة في احتكار واستغلال العالم وابتزازه والهيمنة والسيطرة عليه، من خلال دعم ومساندة ومؤازرة ديمقراطيات تصل بآليات حكم محلية تدين بالولاء والتبعية والطاعة والخضوع لأطماع الشركات العالمية الاحتكارية، هذه الشركات التي ترفض وتقصف أي ديمقراطيات تنتج أنظمة حكم وطنية تتعارض سياساتها الوطنية مع أطماع الشركات الأجنبية صاحبة الامتياز في النظام العالمي الجديد، وهي التي تسعى على الفور للإطاحة بأي أنظمة وطنية أفرزتها الديمقراطية من خلال الثورات البرتقالية والوردية التي تقوم بها المعارضة بدعم وإسناد وتشجيع من نظام الشركة العالمية، كما حدث في كثير من البلدن الآسيوية وأوروبا الشرقية وبعض بلدان العالم الثالث، حيث تقوم المعارضة بادعاء أن الانتخابات تخللتها الكثير من الانتهاكات والغش والتزوير وتطالب بإسقاط من أفرزتهم الديمقراطية في الانتخابات، وتحرض الشارع للتظاهر والفوضى والشغب والتخريب، وهم يحملون أعلاماً برتقالية ووردية.. ولذا فأنا أسميها الثورات البرتقالية والوردية ضد الديمقراطيات الوطنية لخدمة وتنفيذ مخططات ومؤامرات نظام الشركات الاحتكارية العالمية التي تهيمن وتسيطر وتوجه النظام الغربي في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية وفق سياسات قديمة جديدة تطلعية لاحتكار العالم والهيمنة عليه. إن الثورات البرتقالية والوردية في كثير من بلدان الديمقراطيات الحديثة، أو الناشئة ليست سوى ثورات ضد ديمقراطيات أفرزت أنظمة أو حكومات وطنية، تتعارض أو يتقاطع وجودها مع أطماع الشركات العالمية في احتكار واستغلال وابتزاز العالم وإخضاعه لهيمنتها وسيطرتها.. وتستغل في ذلك أحزاب المعارضة وتضليل الجماهير في مثل هذه الثورات «الوردية والبرتقالية»، وأهم هدف للشركات العالمية من ذلك إثارة الفتن والصدامات والفوضى والتخريب بين النظم الوطنية، ومعارضة مصلحية وشعوب مضللة «الفوضى الخلاقة».