حين نتكلم عن الوضع الدولي، ومستقبله.. فنحن في اليمن، وفي الوطن العربي، والعالم الإسلامي، والعالم النامي، والعالم المتقدم، مكونات الوضع الدولي أي أن كل بلد، أو إقليم، أو أمة، جزء لايتجزأ من الوضع الدولي، والحديث عن الوضع الدولي، حديث عن كل العالم، ويكفي أن الأزمة المالية، أو الطوفان المالي بدأ في(وول استريت) في الولاياتالمتحدة لكنه تمدد وتوسع ليشمل كل الولاياتالمتحدة ، وكندا ويتجاوزهما إلى أوروبا، ويصيب العالم كله كالوباء الكاسح الذي خرج عن السيطرة، ولم ينته عام 2008م إلا وكان التسونامي المالي قد ضرب العالم، ومازال الطوفان المالي يربض على صدر العالم حتى اليوم رغم كل محاولات العلاج، والمقاومة، واللقاحات المضادة.. إلا أن الزمن يمضي ليؤكد أن كل المواجهات، والمعالجات، واللقاحات قد فشلت في إيقاف الطوفان ووفرت أسباب التعافي للعالم، وأن كل التطمينات التي يطلقها النظام الغربي في أوروبا والولاياتالمتحدة ليست سوى محاولات يائسة لحماية النظام الغربي من الانهيار وتأخير نهايته، مع العلم أن تأخير انهيار النظام الغربي الرأسمالي حتى الآن ناتج عن ضخامة الجسم الاقتصادي والمالي ممثلاً ب(منطقة اليورو- أوروبا) و(الدولار – الولاياتالمتحدة) لكن مازال الطوفان المالي والاقتصادي ينخر في الجسدين ليضعفهما ويطرحهما ارضاً ب(الضربة القاضية) كما يقال في عالم الملاكمة. وتعالوا معي إلى الوضع في اليونان التي تعاني من كارثة مالية تحاول معالجتها على حساب الشعب الذي خرج في مظاهرات عارمة ضد ذلك وليكتشف أن اليونان تعاني من دين كبير يصل إلى نحو 800مليار يورو وتأتي تحاليل الخبراء لتقول إن عدداً من الدول في منطقة اليورو مرشحة لأزمات مالية حادة منها إسبانيا وبريطانيا، وأخريات من دول غرب أوروبا جنباً إلى جنب مع الجائحة المالية التي ستتعرض لها الولايات المتحد ويؤكد الخبراء أن هذا سيؤدي إلى جائحة اقتصادية مرعبة خاصة وأن المعالجات المستخدمة لاتزيد عن مسكنات، وسطحية بينما الجائحة تسير تحت السطح وتزيد النظام العالمي خلخلة، وإضعافاً، وتثبت أن النظام العالمي القائم على الرأسمالية والحرية الاقتصادية، والسوق، ليس النظام الصالح لإقامة عالم جديد يسوده الأمن والاستقرار. وعليه فالعالم الرأسمالي يجب أن يتخلى عن غطرسته وكبريائه واستفراده بالعالم , ويدعو المجتمع الدولي للبحث في نظام جديد حقيقي، في ظل المنظمة الدولية.. نظام لايقوم على الطبقية، ولا على الفردية.. بل نظام يقوم على العدل والمساواة والحق , نظام يصوغه العالم، ويكون العالم كله شركاء فيه، دون استغلال، أو احتكار، أو ابتزاز، نظام يديره المجتمع الدولي من خلال المنظمة الدولية، ومؤسساتها، طبعاً بعد إصلاح الهيئة الدولية ومؤسساتها وتطهيرها من الفساد، وتحريرها من الهيمنة، والسطو على قراراتها.. فالعالم الجديد يجب أن يقوم على الشراكة والعدل والمساواة والخير والحرية , قبل الوصول إلى الأيام السود.