الحقيقة أن النظام الرأسمالي وبالذات النظام المالي (أو قطاع المال فيه) يعاني من المرض منذ التسعينيات من القرن الماضي.. ورغم التحذيرات آنذاك.. إلا أنها لقيت آذاناً صنجاء (صماء) أما لعدم وعي.. أو للثقة الزائدة في التراكمات الرأسمالية الهائلة.. ولم يفق قادة النظام الرأسمالي إلا على (تسونامي) مالي يضرب الولاياتالمتحدة.. ويمتد منها إلى أوروبا وبقية العالم في أواخر عام 2008م. (التسونامي) المالي أو (الجائحة العالمية المالية) ايقظت المفكر والمهندس الرأسمالي (فوكوياما) ليعيد النظر في فكره الذي نهجته (الولاياتالمتحدة) ويعلن أن نظريته أو أفكاره قد تخللتها الأخطاء ,بل ويقول إن أفكاره خاطئة.. ويجب إعادة النظر في النظام المالي والاقتصادي الرأسمالي لأن الاختلالات داخله.. ويحتاج إلى إصلاحات جادة ,وإعادة هيكلة والعمل على إعادة بناء الاقتصاديات الغربية من وحي مصالح الأمم والشعوب وليس من وحي مصالح الاقليات التي تستحوذ على الاقتصاديات وعوائدها.. رغم أن نسبتها إلى نسبة السكان لاتتجاوز ال4%.. ويضيف (فوكوياما) أن الإجراءات والمعالجات التي اتخذت فهي لاتزيد عن مسكنات وقتية.. تسكن الألم.. لكنها لاتحل المشكلة أي لاتقضي على المرض الذي يظل يتعاظم بهدوء تحت مظلة المسكنات.. مشيراً إلى أن المسكنات كانت عبارة عن دعم بمئات المليارات من الدولارات للحفاظ على المؤسسات والشركات المتهاوية ,وليس لمعالجة مشاكل الأمم والشعوب الاقتصادية والاجتماعية.. والعمل على بناء اقتصاديات وطنية تحل محل الاحتكارات الرأسمالية العملاقة.. التي أدت إلى احتكار الثروة المالية في زاوية ضيقة لتقطع بذك الدورة المالية.. لأن هناك قطاعات من الأمم والشعوب لم تعد تملك المال الحقيقي والقوة الشرائية.. وفي هذا الإطار أكد الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) أن تعافي الاقتصاد العالمي مشكوك فيه.. لأن الاقتصاد العالمي ومايقال عن تعافيه يظل هشاً.. أي أنه لن يصمد على قدميه.. بمعنى أن الانهيارات سوف تتواصل ..وهي متواصلة فعلاً بدليل ماتعانيه اليوم الولاياتالمتحدة من ارتفاع طلبات اشهار الافلاس إلى أعلى مستوى لها خلال الخمس السنوات الماضية.. جنباً إلى جنب مع بلوغ العجز التجاري للولايات المتحدة إلى نحو 40 مليار دولار خلال العشرة الأشهر الماضية. وتعالوا إلى أوروبا (منطقة اليورو) وماتعانيه من ارتفاع مديوناتها.. ومعاناتها من ازمات مالية دفعتها إلى اتخاذ سياسات تقشفية ستنال من الطبقة الدنيا والوسطى لصالح الاقليات الرأسمالية.. وذلك ماسيؤدي إلى تفويض الاستقرار والأمن ويزيد من تدهور الأحوال.