قد تقف بعض العادات في بعض الأحيان حجر عثرة أمام ممارسات صحية حديثة أثبت العلم أنها الأصوب مما يضعها في تضاد مع ما عرفه الناس وألفوه من عادات صحية أو غذائية خاطئة، وقليلون هم الذين يثقون منذ الوهلة الأولى في قوة الحجة العلمية أمام الخرافة ولو تجذرت في نفوس القوم. ومما ساد لدى الناس تقديم بعض الأغذية الخفيفة والسوائل للأطفال الذين يولدون حديثاً وبخاصة خلال الثلاثة أيام الأولى التي تسبق إدرار الحليب في ثدي الأم، في اعتقاد أن الطفل سوف يموت عطشاً أو أن غياب هذا الأمر سيؤثر على سلامة النطق لديه مستقبلاً وغيرها من "الأساطير" التي احتلت مكانة عميقة لدى الأسرة اليمنية إلى الدرجة التي أضرت بنمو أطفالنا ونيلهم حقهم في الرضاعة الطبيعية الخالصة. والرضاعة الطبيعية الخالصة تعني "إرضاع الطفل من الثدي حتى يبلغ الستة الأشهر الأولى من العمر دون ماء أو محاليل سكرية أو أي غذاء تكميلي"، وكم سيدهشنا أن نعلم عظمة الإعجاز الرباني الذي أودعه الخالق العظيم في حليب الأم، فهي ممارسة صائبة تستحق أكثر من مجرد الاهتمام وهي بحاجة إلى عناية وفهم كبيرين لدورها المؤثر في نمو الرضيع نمواً سليماً وصحيحاً، كما أنها تحتاج أيضاً إلى أن تصبح سلوكاً ثابتاً لدى كل الأمهات الحريصات على حاضر أطفالهن ومستقبلهم. ولا شك أن تلك العادات الغذائية الموروثة الخاصة بالطفل والخاطئة قد تقف حجر عثرة أمام انتشار عادة الرضاعة الطبيعية الخالصة خلال الستة الأشهر الأولى من عمر الطفل، غير أن لا شيء يصمد أمام الإصرار على إبراز مدى غنى الرضاعة الطبيعية الخالصة بكل مقومات الحياة والنمو في تحد واضح لأي بديل صناعي مهما كان نوعه، وإن أي غذاء آخر لا يصمد بأي شكل من الأشكال أمام مكونات الرضاعة الطبيعية التي أوجدها الخالق جل وعلا - فضلاً منه ومنّةً- في معجزة انحنى أمامها إجلالاً كل أطباء العالم وعلمائه. لقد أوصلنا العلم بيقين إلى الاعتقاد الجازم أن الرضاعة الطبيعية الخالصة باتت ضرورة قصوى من أجل نماء الطفل وسلامته وليست ترفاً يمكن الاستغناء عنه أو تبديله بأي غذاء آخر مهما كانت مواصفاته خلال الستة الأشهر الأولى من عمر الطفل، وبعدها يمكن للأم أن تقدم إضافة إلى لبنها غذاء تكميلياً لأن جسمه لم يعد يكتفي بحليب الأم فقط في هذه السن. لا بد أن تصبح الرضاعة الطبيعية الخالصة في الستة الأشهر الأولى همّ الجميع من أولياء غيورين على سلامة أبنائهم ومربين، وأن تكون ثقافة نافعة نروج لها ونوعي بها ونوضح منافعها التي يكتشف العلم جديدها كل يوم، وفي سعي إلى تعميق دائم لها كممارسة غذائية لازمة وسلوك حميد لا بد منه.