لايمكن قراءة الأزمة اللبنانية دون اعطاء البعد الخارجي الدور الأبرز في اذكاء الصراع والخلاف اللبناني اللبناني صحيح أن فسيفساء النسيج الاجتماعي اللبناني من التنوع والتباين الطائفي والمذهبي مايجعل منها فتيلاً ملتهباً سريع الاشتعال يمكن إشعاله من أي وقت متى ماكانت أصابع الديناميت الخارجية حاضرة. القرارات التي اتخذتها الحكومة والخاصة بشبكة اتصالات حزب الله وإقالة مدير أمن المطار كانت بمثابة عود الثقاب الذي أشعل فتيل الأزمة التي كانت تتفاعل فوق نار هادئة. أسئلة كثيرة تتبادر حول هذه القرارات فهل هذه القرارات كانت نتاج حسابات داخلية أم وفق رؤية خارجية؟ وهل كانت الحكومة والموالاة تدرك أبعاد هذه القرارات ورد فعل المعارضة على هذه القرارات؟ أم القرارات كانت عبارة عن جس نبض لرد فعل المعارضة واختيار المدى الذي يمكن أن تذهب إليه المعارضة في رد فعلها لاتخاذ مواقف مستقبلية مبنية على ردود فعل المعارضة. التنافس الاقليمي في المنطقة والصراع الأمريكي الايراني «البارد» يضع بعض النقاط التائهة على الحروف، امريكا أرادت من هذه القرارات اختبار قدرة حزب الله على التعامل مع قرارات أمنية قوية تستهدف تعطيلاً كاملاً للأمن الداخلي والذاتي لحزب الله والمعارضة وهو مايعد جزءاً من الحرب المخابراتية بين حزب الله وايران وسوريا من جهة وامريكا وإسرائيل من جهة أخرى. من زاوية أخرى قد تكون القرارات فخاً وضع بإتقان للمقاومة اللبنانية في دفعة لاستخدام القوة المفرطة والتدخل بقوة تؤدي إلى اقتتال داخلي تغذيه النزاعات الطائفية وستنتهي إلى إسقاط الحكومة والشرعية النيابية وبالتالي جر المنطقة إلى صراع اقليمي يفضي إلى تدخل دولي في لبنان وبالتالي القضاء على المقاومة في لبنان وإراحة إسرائيل من الكابوس الذي تسببه لها المقاومة في شمال إسرائيل. رد فعل المقاومة اللبنانية اتسم بالحيطة والحذر واعتمد على مايسمى الضربة الوقائية وهو مايفسره التنسيق بين المقاومة وقادة الجيش في تسليم مقرات الموالاة للجيش ووضع خطوط حمراء أمام تحرك المقاومة مثل عدم التعرض للسرايا الحكومية أو المقرات المركزية للموالاة التي يتواجد فيها القيادات وهو ماجعل الأزمة محدودة في إطار كان الهدف توسيعه بحسابات واشنطن ومحدوداً بحسابات حزب الله والمقاومة اللبنانية وهو مانجحت به المقاومة بامتياز. قرارات الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة تأثرت بنتائج الأحداث على الأرض وسهلت على الوفد الوزاري العربي مهمته فالأحداث كانت نصف نصر للمعارضة ونصف هزيمة للموالاة فتقاربت الرؤى ومعها تراجعت الحكومة عن قراراتها محل المشكلة وعلقت المعارضة العصيان المدني واتفق الجميع على العودة إلى طاولة الحوار بعد أن توقف بسبب تعنت الطرفين والتمترس خلف مواقف سابقة فهل ينطلق الحوار في الدوحة على أساس التوافق على رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة وطنية وفق مرجعية الطائف واعادة النظر في قانون الانتخابات أم أن الأحداث الأخيرة ستلقي بظلالها على الحوار ويدخل سلاح المقاومة كبند أساسي في الحوار وعندها تدخل شياطين الخارج ليبدأ فصل جديد من معاناة اللبنانيين.